منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#65338
الإنسان في حد ذاته قيمة كبرى ، وحقه في الحياة الحرة الكريمة حق أساسي لا يجوز الانتقاص منه، حقوق الإنسان في التشريع الإسلامي مقررة للمواطن في الدولة ، مسلما كان أم غير مسلم فغير المسلم مصون دما ومالا وعرضا ودينا ، وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم.
مبدأ الوحدة الإنسانية في الإسلام هو نقيض العنصرية ، و حرية الاعتقاد والعبادة هي نقيض الطائفية أو العصبية المذهبية والتسامح الديني مبدأ من مبادئ الإسلام.
حقوق الإنسان في الإسلام ذات مفهوم شامل إنساني واجتماعي واقتصادي وسياسي . إن سلامة الإنسان وحقه في الحياة والكرامة والمعتقد وسائر الحريات العامة ، هي من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية – (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ).
والإنسان في الإسلام مخلوق مكلف ، أي مسؤول . ومن هنا فإن حقوقه الفردية لها وظيفة اجتماعية يتوجب صونها .
ومن هنا منشأ حقوق الإنسان في الإسلام ، مما يضمن هذه الحقوق والالتزام بها . ومبدأ التكليف أو المسؤولية أساسه العدل القائم على المساواة ، بحيث لا يعفى من المسؤولية أحد ولو كان نبيا ( فلنسأل الذين أرسل إليهم ولنسأل المرسلين )
والحريات العامة شرعت تحقيقا للمقاصد الأساسية التي لا بد منها لقيام كل مجتمع إنساني وتتصل بها اتصال الوسيلة بالغاية ، فمصادرتها أو التعدي عليها يعد نقضا لتلك المقاصد العليا.
وحقوق الإنسان في التشريع الإسلامي مقررة للمواطن في الدولة ، مسلما كان أم غير مسلم . فغير المسلم مصون دما ومالا وعرضا ودينا ، وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم . واختلاف الألسنة والألوان لا تمس حقوق الإنسان لأن مناط الاستواء في الاعتبار الإنساني هو وحدة الجوهر ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) ، ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ).
لذا فالإسلام يهدم أصل التمييز العنصري بإرسائه مبدأ المساواة بين الشعوب بهذا المعنى الإنساني الشامل، فمبدأ المساواة في الاعتبار الإنساني ، سواء في التشريع الداخلي أو الدولي مبدأ مطلق يستند الى وحدة المنشأ التي تنتفي معها ادعاءات العنصرية ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )، والعدل هو عدل مطلق لا يقتصر على المسلم حتى يكون نسبيا ، أو وقفا على عنصر دون عنصر ، بل ميزانه واحد هو إنسانية الإنسان ( ولقد كرمنا بني آدم ) فلا يحل للدولة في الإسلام أن يحملها العداء على ظلم ، إن في السلم أو الحرب ، في تدابيرها الداخلية أو في سياستها الخارجية ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ) . فتحديد الإسلام لمعنى العدل هو المعنى الشامل المطلق .
أرسى الإسلام مبدأ حرية الدين كي لا يكون الاختلاف عقبة في سبيل تحقيق سياسته في الإصلاح العالمي والعدل الدولي ( لا إكراه في الدين ) واعتقادا منه أن الإكراه لا يؤسس عقيدة بل ينبغي أن تكون العقيدة أثرا للتفكير الحر والاقتناع الذاتي ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) . والاختلاف أمر طبيعي ويجب أن يؤدي الى التكامل لا إلى التقاتل ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله ) والتدافع يعني التنافس الإيجابي ( ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات وجدير بالذكر أن الرسول الكريم تعامل في المدينة مع مجتمع متعدد الديانات والأعراق ، فعامل كلا بحسب مكانته مع ضمان حقه الآدمي الذي كرمه الله به ، استعان بمشرك يدله على طريق الهجرة للمدينة ، ومات ودرعه مرهونة ليهودي ، ومات واليهود في خيبر والنصارى في نجران واليمن يعيشون مع المسلمين .
ومنطق التشريع الدولي في الإسلام تبعا لطبيعته الشمولية والإنسانية ، هو تحقيق الإصلاح والمصلحة العليا للمجتمع البشري دون تمييز تبعا لوحدة الأصل ( وما أرسلناك إلا رحمة للعامين ) ودون استعلاء أو استكبار ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا )،والقرآن يوجه النداءات الإلهية الى الناس كافة لا المؤمنين خاصة بناء على وحدة المنشأ لأن العدل لا يتجزأ .