صفحة 1 من 1

العلاقات الدولية الإسلامية في حالة السلم

مرسل: السبت نوفمبر 30, 2013 6:10 pm
بواسطة محمد بني هميم 3332

العلاقات الدولية الاسلامية في حالة السلم :
يحرص الإسلام كل الحرص على الحفاظ على الأمن والامان ، والسلام ، وعلى العهود والمواثيق التي تمت بين دولة الإسلام ، او المسلمين ، وبين غيرهم دولاً وأفراداً ، فجاءت مجموعة من النصوص الصريحة تأمر بالوفاء بالعهود والعقود والمواثيق ، فقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) وقال تعالى : (وأوفوا بالعهد إن العهد كان عنه مسؤولاً ) وجعل الوفاء بالعهود والمواثيق من صفات المؤمنين ، ونقضها من صفات الكفرة والمنافقين فقال تعالى في وصف المؤمنين المصلحين : (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) ، بل إن القرآن الكريم لا يجيز للدولة المسلمة نقض العهد مع دولة غير إسلامية بينها عهود ومواثيق ما دامت لم تنقض عهدها .
وقد تضمنت الآيات العشرون (55 – 75) من سورة الأنفال التي هي من أواخر السور التي نزلت على الرسول الكريم صورة واضحة للعلاقات الخارجية بين الدولة المسلمة وما حولها من الدول والطوائف والمعسكرات ، حيث تقرر إمكان إقامة عهود تعايش بين المعسكرات المختلفة ما أمكن أن تصان هذه العهود من النكث بها مع إعطاء هذه العهود الاحترام الكامل والجدية الحقيقة وذلك من خلال المفاهيم الآتية:
1 ـ وجوب صون العهود والمواثيق من النقض والنكوث حيث سمى الناكثين بشر الدواب ، فقال تعالى :، وان شرّ الدواب هم الذين نقضوا عهودهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2 ـ وأن الدولة المسلمة التي لها عهد مع أناس آخرين إذا خافت من خيانتهم فإنها تنبذ إليهم عهدهم ، وتخبرهم بذلك ، ولا تخونهم ، لأن الله تعالى لا يحب الخائنين ، فالإسلام يريد من العهد الصيانة ، ومن العقد الحفاظ عليه ، ومن المواثيق الالتزام بها ، فإذا وجد المقابل لا يحافظ على عهد ، ولا يفي بعقده بل من طبعه الخيانة والمكر ، فإن المسلمين لا يجوز لهم أن يقابلوا خيانتهم بخيانة ، ونقضهم بنقض ، بل يصارحونه ، ولذلك يرتفع الإسلام بالبشرية إلى آفاق من الشرف والاستقامة ، ويرتقي بهم إلى آفاق الأمن والطمأنينة والاستقرار ، وعدم الخوف من الإغارة والخيانة .
3 ـ ضرورة إعداد القوة حتى لا يطمع الأعداء في الدولة الإسلامية ، وهذه تسمى في الوقت الحاضر نظرية القوة الرادعة .
4 ـ وأنهم إذا جنحوا للسلم فعلى الدولة الإسلامية أن تختار خيار السلام مع التوكل على الله : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم ) .
وقد شدد القرآن الكريم في ضرورة الأخذ بالسلام العادل والجنوح له حتى ولو مع الخوف من الخيانة قال تعالى : (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) .
5 ـ ضرورة توفير الهيبة لهذا الدين ، والإرادة القوية ، والاستعداد الدائم المستمر لحماية الأمة ، وليست للاعتداء لأن الله لا يحب المعتدين .
6 ـ ضرورة التأكيد على مبدأ الموالاة في مقابل موالاة الكافرين بعضهم لبعض ، فلا ينبغي للأمة المسلمة أن تبقى متفرقة ممزقة ، وعدوها متحد يرميها من قوس واحدة ، وأن الفتنة كل الفتنة هي أن لا يستوعب المسلمون قضية الولاء (إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .
7 ـ هؤلاء الذين لا يستطيع أحد ان يطمئن إلى عهدهم وجوارهم وشرورهم ، جزاؤهم تخويفهم ، والضرب على أيديهم بشدة حتى يتركوا هذا الصنيع الفاحش .
8 ـ وجوب قيام العلاقات على الصراحة وحماية العهود والمواثيق ، ونبذ الخيانة ، والميكافيلية ، يقول سيد قطب : ( إن الإسلام يريد للبشرية أن ترتفع ، ويريد للبشرية أن تعف ، فلا تبيح الغدر في سبيل الغلب ، وهو يكافح لأسمى الغايات وأشرف المقاصد ، ولا يسمح للغاية الشريفة أن تستخدم الوسيلة الخسيسة ، إن الإسلام يكره الخيانة ، ويحتقر الخائنين الذين ينقضون العهود ، ومن ثم لا يحب للمسلمين أن يخونوا أمانة العهد في سبيل غاية مهما تكن شريفة ، إن النفس الإنسانية وحدة لا تتجزأ ، ومتى استحلت لنفسها وسيلة خسيسة فلا يمكن أن تظل محافظة على غاية شريفة ، وليس مسلماً كاملاً من يبرر الوسيلة بالغاية ، فهذا المبدأ غريب على الحس الإسلامي والحساسية الإسلامية) .
9 ـ من دلائل حفاظ المسلمين على عهودهم مع غيرهم أن بعض المسلمين الذين لم ينضموا إلى الدولة الإسلامية لو استنصروا بها في الدين فعليها النصرة على شرط ألا يخل هذا بعهد من عهود المسلمين مع المعسكر الآخر حتى ولو كان هذا المعسكر معتدياً على أولئك الأفراد في دينهم وعقيدتهم فقال تعالى : (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلاّ على قوم بينكم وبينهم ميثاق) .



http://www.qaradaghi.com/portal/index.p ... &Itemid=13