منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#5807
:cheers:
المضمون الحقيقي للنظام السياسي الأمريكي

يعتبر نظام الحكم الأمريكي هو أقرب النظم للديمقراطية الشكلية منه للديمقراطية الحقيقية وسيأتي تحليلنا لأهم مظاهر تلك الشكلية علي النحو التالي:

يسمح القانون الأمريكي لشركات الضغط السياسي الأمريكية الداخلية ممارسة الضغط السياسي لصالح دول أجنبية على السياسيين الأمريكيين على أن يحدث هذا الضغط فوق السطح وبأساليب مشروعه وعلى أن تسجل شركات الضغط الأمريكية - لدى الحكومة الأمريكية - ما تحصل عليه من أموال أجنبية نظير خدماتها .

ومن ثم تنشط دول أجنبية مختلفة بما في ذلك دول مسلمة وعربية في استئجار خدمات هذه الشركات، وذلك لضمان الضغط على المسئولين الأمريكيين في الإدارة والكونجرس بأسلوب علمي ومنظم، فالشركات الأمريكية تدافع عن قضايا محددة تم استئجارها للحديث عنها، والتي عادة ما تتعلق بقوانين معينة أو حتى ببنود ومسائل محددة داخل تلك القوانين، ومن ثم لا تتطرق الشركات الأمريكية للدفاع عن الدول الأجنبية التي استأجرتها إلا في القضايا التي حددت مسبقا .

تلجأ العديد من بلدان العالم إلى جماعات الضغط السياسي الأمريكية الموالية لها أو المرتبطة بها بروابط عرقية أو دينية أو ثقافية لكي تساعدها في القيام بهذه الوظيفة .

ولذا نسمع عن دور جماعات الضغط الإثنية والدينية مثل اليهود الأمريكيين أو المسلمين الأمريكيين أو العرب الأمريكيين في الدفاع عن صورة أممهم ومصالحها في وسائل الإعلام والسياسية الأمريكية، ويحدث ذلك من خلال نشاط أبناء الجماعات الدينية والإثنية والعرقية الأمريكية المختلفة في ترشيح أنفسهم لتولي مناصب سياسية في مختلف المؤسسات الأمريكية وعلى رأسها الإدارات الأمريكية المختلفة والبيت الأبيض والكونجرس .
وعندما يصل أبناء الأقليات الإثنية والعرقية والدينية المختلفة إلى قمة الهرم السياسي في الولايات المتحدة يكون ذلك إيذانا بقدرتهم على دمج مصالحهم وقيمهم الدينية والثقافية والعرقية المختلفة مع مصالحهم وقيمهم كأمريكيين في مزيج قوى متماسك

- مدي تأثير الرأي العام الأمريكي:

إذا كانت الديمقراطية حكم الشعب وتقريره لشؤونه العامة بنفسه، بعيداً عن اعتقاد الأمريكيين الشائع أن أياً منهم يمكن لو أراد أن يصبح رئيساً للجمهورية، وهو الوهم الفردي الذي يمتص نزعات التغيير الاجتماعية، فإن السؤال المنطقي التالي يصبح:

- كم يملك الشعب الأمريكي من القوة السياسية فعلاً، سواء في تحديد السياسة الداخلية أو الخارجية ؟
- وما هو الثمن الذي يدفعه المرء كي يصبح رئيساً أو حاكماً لولاية أو حتى نائباً في الكونجرس ؟

الحقيقة هي أن سياسات الدولة، كقوانين مجلسي النواب والشيوخ، لا يؤثر فيهما الشعب الأمريكي إلا قليلاً. وبعد مواسم تصويت مبرمجة إعلامياً ومالياً، يشارك فيها من ثلث إلى نصف الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع بالحد الأقصى، حسب نوع الانتخاب، تصبح مراكز صنع القرار ملعب مجموعات الضغط المختلفة

علي الرغم من أن الولايات المتحدة نظامها انتخابي، ولكن الذي يحدد سياساتها مجموعة من مراكز الضغط والمصالح الكبرى على رأسها التكتلات المالية العملاقة والشركات المتعدية الحدود من سيتي بانك إلى شركات النفط والسلاح والتكنولوجيا المتطورة .

وهذه الشركات تمتلك وسائل إعلامية جبارة تشكل من خلالها الرأي العام الأمريكي وفقاً لمصالحها. ومن الأمثلة على هذا، ملكية شركة جنرال الكتريك لشبكة تلفزيونات أن بي سي، وملكية شركة أي تي تي التي تصنع السلاح شبكة تلفزيونات أيه بي سي .

كما أن وسائل الإعلام تخضع لتركيز هائل في الملكية، فالغالبية العظمى من آلاف القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والإذاعات ودور النشر وشركات إنتاج الموسيقى والمسلسلات التلفزيونية والأفلام ودور عرضها عبر أمريكا تمتلكها حفنة شركات، مثل أيه ول تايم ورنر مثلاً، التي ترتبط بدورها بعلاقات مع البنوك والشركات الكبرى الأخرى من خلال مشاريع مشتركة وتحالفات وأعضاء مجالس إدارة مشتركين. وهذه التركيبة هي التي تصنع النهج الإعلامي، كما تصنع النهج السياسي للدولة، لوسائل إعلامية تبدو ظاهرياً عديدة ومستقلة.

مثلاً، من يعش في أمريكا يجد نشرات الأخبار التلفزيونية للقنوات الرئيسية تغطي نفس المواضيع في السياسة الخارجية وبنفس التوجه الإمبريالي المتطرف، ولا يشذ عن القاعدة إلا التلفزيون والراديو الحكوميين الذين يفسحان قدراً أكثر بقليل فقط للأصوات غير التقليدية .

وبحكم أهمية الإعلام وتأثيره الجماهيري، وبحكم الطابع الاحتفالي الفارغ للديمقراطية الأمريكية، يجد المرشح لمنصب النائب أو حاكم الولاية أو الرئيس نفسه مضطراً لجمع مقادير هائلة من المال لتمويل الحملة الانتخابية تصل إلى الملايين، وهو ما يفوق مجموع مخصصاته لو وصل للمنصب أصلاً، فيبقى إذن مديناً للشركات الكبرى ومجموعات الضغط المتبرعة سياسياً، ويذهب للعمل فيها فيما بعد، إذا لم يأتِ منها أصلاً، كما أتى نائب الرئيس ديك تشيني من شركة هالبيرتون النفطية، ورئيس مجلس الأمن القومي كونداليزا رايس من شركة شيفرون النفطية وشركة تشارلز شواب للمضاربة المالية .

- حقيقة دور اللوبي الصهيوني في الحياة السياسية الأمريكية:

دخل اليهود للسيطرة على القرار السياسي الأمريكي حسب البعض: "فالدعم الأمريكي لدولة "إسرائيل" يتناقض مع المصالح القومية الأمريكية، ولا ينبع من اعتبارات أمريكية إستراتيجية أو أخلاقية، بل من تغلغل اللوبي "الإسرائيلي" في أمريكا".

هذا هو جوهر الاستنتاج الخلافي الذي ذهبت إليه ورقة طويلة عن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وضعها البروفسوران " ستيفن والت من جامعة هارفارد، وجون ميرشايمر من جامعة شيكاغو الأمريكيتين"، وأثارت حولها الكثير من الجدال، وغضب أنصار "إسرائيل" في أمريكا، وصل إلى حد إعلان الدكتور ستيفن والت عميد كلية كنيدي للسياسة في جامعة هارفارد استقالته اعتباراً من نهاية العام الدراسي في يونيه 2006. وكان اللوبي اليهودي قد بدأ بشن الحملات الإعلامية ضد كاتبي الورقة ليعود بعدها إلى قرار إغراقها بالتجاهل والنسيان .

وتمثلت أهم أرائهم حول التأكيد علي:

أن الكيان الصهيوني تلقى من المساعدات المالية ما لم تقدمه أمريكا يوماً لغيره خاصة منذ حرب أكتوبر عام1973م، ومنذ الحرب العالمية الثانية، أعطت أمريكا الكيان الصهيوني ما يعادل 140 مليار دولار، مع العلم أن المساعدات الأمريكية الخارجية تقدم عادة على أربع دفعات خلال العام، أما "إسرائيل" فتتلقاها في بداية السنة المالية دفعة واحدة مما يتيح لها أن تودعها في البنوك مقابل فائدة، مما يشكل مصدراً أخر للمساعدة. كما أن الكيان الصهيوني، على عكس غيره من متلقي المساعدات الأمريكية، غير مضطر لتبرير الطريقة التي ينفق فيها المساعدات الأمريكية، فهو يستطيع تحويل 25 بالمائة منها لموازنته الدفاعية تلقائياً، مما يمكنه من إنفاقها على المستعمرات، بالرغم من وجود شرط يمنع إنفاق أموال المساعدات الأمريكية على المستعمرات .

تقاسم أمريكا الكيان الصهيوني أخر منتجاتها العسكرية تطوراً، ولا تتردد بإعطائها معلومات استخبارية لا تقدمها لحلفائها في حلف الناتو، وتسارع لاستخدام حق النقض أو الفيتو في مجلس الأمن الدولي لحمايتها من أية قرارات تنتقدها كما فعلت 32 مرة منذ عام 1982 مثلاً. وفي الحرب كما في المفاوضات السياسية، تلتزم الإدارة الأمريكية عامةً جانب الكيان الصهيوني . وقد اندفعت الإدارة الأمريكية لإغداق المساعدات العسكرية والمالية على "إسرائيل" خلال حرب1973 ، ثم وقفت إلى جانبها تفاوضياً منذ مؤتمر جنيف، مروراً بعملية أوسلو وملحقاتها، حتى يومنا الحاضر.

وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، باتت تعتبر "إسرائيل" شريكاً فيما يسمى "الحرب على الإرهاب" بذريعة أن القوى والدول التي تهدد أمريكا بالإرهاب وأسلحة الدمار الشامل هي نفسها التي تهدد "إسرائيل"، ولكن يرى مؤلفا الورقة "والت وميرشايمر" أن دعم أمريكا للكيان الصهيوني هو أحد أهم الأسباب لتعرض أمريكا للإرهاب، أي أن "إسرائيل" مسئولة إلى حدٍ بعيد عن تعرض أمريكا للإعمال الإرهابية، ناهيك عن أن المنظمات المعادية للكيان الصهيوني ليست معادية بالضرورة لأمريكا عسكرياً .

وهنا يذكر كاتبا الورقة بأن إسرائيل حليف غير موثوق، لا يتورع عن التجسس على أمريكا كما فعل أكثر من مرة، وعن تسريب معداتها الحساسة للصين مثلاً، أما الحجج "الأخلاقية" التي تساق في أمريكا لتبرير دعم "إسرائيل" فواهية أيضاً، فدولة العدو تقدم في أمريكا على أنها حملٌ ضعيف محاط بذئاب ينوون به الشر، ولكن العكس بالضبط هو الصحيح، حيث أن "إسرائيل" تتفوق على جيرانها تقليدياً ونووياً وتكنولوجياً وأمنياً، وقد كان الأمر كذلك منذ حرب 1948 .

و"إسرائيل" تقدم إعلامياً على أنها دولة ديمقراطية في محيطٍ من الديكتاتوريات، بينما هي في الواقع دولة تمارس أبشع أنواع العنصرية ضد العرب فيها. أما أن "إسرائيل" تستحق معاملة خاصة بذريعة الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في الماضي، فيرى الكاتبان أن تأسيس "إسرائيل" أتى كرد تاريخي مناسب على ما تعرض له اليهود في الماضي في "المحرقة" مثلاً، وأنهم يستطيعون أن يشعروا بالأمان الآن في الوطن اليهودي، سوى أن ذلك سبب بعض الجرائم الجديدة ضد طرف ثالث بريء هو الفلسطينيون .

ويؤكد الكاتبان على اعترافهما بحق دولة العدو بالوجود، وتعاطفهما مع اليهود، سوى أنهما يعتقدان أن الحديث عن الخطر على وجود دولة "إسرائيل" مبالغ فيه، وأن الحقيقة اليوم هي أن "إسرائيل" هي التي ترفض الاعتراف بالحقوق الوطنية للفلسطينيين في الضفة وغزة .

المهم، كل ما سبق يدل عند كاتبي الورقة على أن حجج المصلحة الإستراتيجية الأمريكية في "الشرق الأوسط" لا تفسر الدعم الأمريكي للكيان ولا الذرائع الأخلاقية التي يسوقها الإعلام، فلا بد أن التفسير يكمن إذن في دور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وفي قوته وسطوته . وهو ما يقضيان الثلاثة أرباع الباقية من ورقتهما في معالجته، مع حرص شديد على أن يظهرا بمظهر "العداء للسامية".

ولكن لب الورقة أن "إسرائيل" تتحكم بالسياسة الخارجية الأمريكية من خلال مجموعة من المنظمات ومجموعات الضغط المؤثرة على الجهازين التشريعي والتنفيذي من جهة، ومن خلال تحكمها بمفردات الحوار السياسي المتعلق ب"إسرائيل" عبر وسائل الإعلام الرئيسية من جهة أخرى. ولكن أيضاً من خلال تحالفها مع الأصوليين المسيحيين المتصهينين الذين ينعمون بدورهم بوزنٍ وتأثير سياسيين كبيرين في الحياة الأمريكية، وهذا يستدعي الحديث عن الدور الذي تلعبه إيباك في الحياة السياسية الأمريكية .

- أيباك: لجنة العلاقات الأمريكية-"الإسرائيلية" AIPAC .

تعد اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة المعروفة باسم جماعة "إيباك" أشهر جماعات الضغط اليهودية، وواحدة من أقوى خمس جماعات ضغط في واشنطن، وتقول جماعة إيباك عن نفسها في موقعها الالكتروني أن دورها لا يتعدى تقديم المعلومات لصانعي القرار الأمريكيين، وتنفي ممارسة أي نوع من الضغوط على السياسيين الأمريكيين لحملهم على تأييد إسرائيل .

وتعد آيباك من أكبر مراكز النفوذ بالساحة السياسية الأمريكية. وهذا النفوذ ليست محدودة للعاصمة الأمريكية، فقوة المنظمة قائمة على نشاطاها الجاري بأنحاء الولايات المتحدة حيث تتمتع اللجنة بالعديد من المكاتب المحلية خارج مدينة واشنطن. ولا شك أن في إيباك تتمثل كل العناصر التي تجعل من أي منظمة رمزا لقمة التنظيم السياسي الناجح بالولايات المتحدة. وما هي نتيجة هذا التنظيم .

- مدي تأثير ايباك:

توصف إيباك بأنها رأس حربة اللوبي الصهيوني في الكونجرس الأمريكي التي تستطيع من خلال علاقاتها وأموالها أن تعاقب من يعارض "إسرائيل" وأن تكافئ من يؤيدها، وهي من أقوى مجموعات الضغط المنظمة في واشنطن. وهو مجرد مثال أخر على دور اللوبي الصهيوني في الحياة السياسية الأمريكية الذي يؤثر أيضاً بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وعملية التعيين في الوظائف العليا في الدولة، خاصة تلك التي تمت بصلة للمنطقة العربية، والذي يتخلل مراكز الأبحاث والدراسات الرئيسية التي تسهم بصنع القرار في واشنطن، ناهيك عن العالم الأكاديمي في أمريكا برمته. وحسب كاتبي الورقة، باختصار، فإن مجمل العداء الأمريكي للفلسطينيين والعرب والمسلمين، حيث وقع، يحدث بسبب هيمنة اللوبي اليهودي على القرار السياسي في واشنطن، وليس بسبب أي عداء أصيل من لدن الإدارة الأمريكية للفلسطينيين أو العراق أو سوريا أو إيران أو غيرها .

مع كل العواصف السياسية يبقى مؤتمر منظمة آيباك أحد أهم الأنشطة التي تقوم بها أي جماعة ضغط بصورة سنوية على الساحة الأمريكية . وهذا الحدث يعتبر من أكبر التجمعات لكبار شخصيات المجتمع بواشنطن حيث ينضم إلى هذا المؤتمر زعماء الكونغرس، وأهم شخصيات البيت الأبيض.

فقد جاء مؤتمر أهم منظمات اللوبي الإسرائيلي AIPAC آيباك ( اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة) من (الأحد 6 مارس – الثلاثاء 8 مارس) عام 2006 وسط حشد هائل من قضايا جديدة أختلف معها المزاج العام للمؤتمر عما سبقه من مؤتمرات، ففوز منظمة حماس بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية الأخيرة وتطورات الملف النووي الإيراني السريعة، إضافة إلى قرب موعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية ... ناهيك عن انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس بعد عدة شهور وتدهور الأوضاع بالعراق جعل من أجندة مؤتمر هذا العام مليئة بالمناقشات الهامة .

- مؤتمر آيباك 2006:

- مؤتمر 2006 هو الأكبر في تاريخ منظمة أيباك، وهو الأكبر بين مؤتمرات الجماعات المناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة .
- حضر أكثر من نصف أعضاء مجلي الشيوخ المائة وأكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب ال435، وهو أكبر عدد من أعضاء الكونغرس يحضرون نفس الحدث ( فيما عدا الجلسة المشتركة الكونغرس بمجلسيه).
- حضر مؤتمر هذا العام أكثر من 5000 شخص، وذهب 4500 منهم للكونغرس من اجل حشد التأييد لإسرائيل في أخر أيام المؤتمر.
- عشاء المؤتمر هو أكبر عشاء عمل (يجلس فيه الحاضرون) يعقد في العاصمة الأمريكية.
- حضر المؤتمر أكثر من 1100 طالب يمثلون 350 جامعة من الولايات الأمريكية الخمسين.
- أكثر من 120 طالب من أعضاء الاتحادات الطلابية في الجامعات المختلفة حضروا مؤتمر هذا العام.
- حضر المؤتمر أيضا أكثر من 130 طالبا من 41 جامعة مسيحية وجامعات أفريقية أمريكية
- حضر أيضا أكثر من 200 طالب بالمدارس الثانوية من 30 ولاية أمريكية.
- حضر أكثر من 100 طالب من طلاب الدراسات العليا من 55 جامعة يمثلون 27 ولاية أمريكية.
- حضر كذلك 60 أستاذا جامعيا من25 جامعة تمثل 16 ولاية أمريكية.
- شغل المؤتمر جميع غرف 10 فنادق من فنادق العاصمة الأمريكية واشنطن.
- بالنسبة لنصف عدد الحضور هذا هو مؤتمر آيباك الأول الذي يحضرونه.

وذكر موقع تقرير واشنطن انه خلال أيام المؤتمر الثلاثة تحدث أهم السياسيين الأمريكيين وكذلك بعض الطامحين في اعتلاء سدة البيت الأبيض عام 2008 مثل السيناتور جون كاري والسيناتور السابق جون إدواردز وحاكم ولاية فيرجينيا مارك وارنر وهم جميعهم من الحزب الديمقراطي، مقابل نائب الرئيس ديك تشيني، والسيناتور بيل فرست زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ ونوت غينغريتش الزعيم السابق لمجلس النواب والسيناتور سام برونباك والسيناتور جورج ألان من ولاية فيرجينيا من الحزب الجمهوري .

ونعرض هنا لأهم ما ذكره المتحدثون الرئيسيون ماذا قال نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني "عدونا لديه نظام عقائدي – وقد رأينا أمثلة في حكم نظام طالبان – وهم يريدون أن يفرضوا نظاما ديكتاتوريا يعيش فيها الخوف ويعيش فيها كل رجل وإمرة وطفل في خوف ويطيعون بصورة مطلقة هذه الأيديولوجية التي تدعم الكره، وترفض هذه العقيدة السماحة وتنكر حرية الضمير وتطالب النساء بأن يكونوا على هامش المجتمع. الحرب على الإرهاب هي حرب ضد الشر. والنصر في هذه الحرب سيكون نصرا للرجال والنساء من كل الديانات."

وبنظرة سريعة على تاريخ عمل تلك المنظمة - التي وصفتها مجلة "فورتشن" بأنها واحدة من أهم خمس جماعات ضغط في أمريكا كلها - سنصل إلى نتيجة مفادها أن النفوذ الذي تمتلكه إيباك داخل الحياة السياسية الأمريكية لم يكن لأنها مجرد جماعة ضغط صهيونية فاعلة داخل الولايات المتحدة، وإنما لكونها العمود الفقري والقطب المركزي لجميع المنظمات الصهيونية الموجودة في هذا البلد والناشطة في مختلف المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، التي تتحرك وفق الأولويات والأدوار التي تحددها وترسمها إيباك لتحقيق عدة أهداف رئيسية، هي: ضمان تقديم مساعدات مالية أمريكية لإسرائيل تفوق أي مساعدات تقدم لدول أخرى، وتوفير حماية دبلوماسية غير مشروطة لتل أبيب في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، والدفاع عنها ضد التهديدات في الحروب المستقبلية، وإعداد أجيال أمريكية جديدة تؤيدها في المستقبل.

ولم يأت هذا الدور المركزي والمهيمن لـ "إيباك" من فراغ، وإنما نتيجة لتفاعل وتشابك عدة عوامل موضوعية، لعل أبرزها:

oالإمكانات المادية والمعنوية التي يمتلكها التيار الصهيوني داخل المجتمع الأمريكي مقابل غياب أو ضعف التأثير العربي والإسلامي .
oالحرية الممنوحة لجماعات الضغط الأمريكية .
oالمصالح المشتركة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة .
oالبعد الديني المؤثر في تركيبة المجتمع الأمريكي والمتمثل فيما بات يعرف باسم "الصهيونية المسيحية" التي يمثلها بعض الطوائف المسيحية - التي تشكل ثلث سكان الولايات المتحدة - التي ترى في دعم "إسرائيل" وضمان قوتها جزءًا أساسيًا من معتقداتها الدينية .
oامتلاك "إيباك" قدرات وإمكانات لم تتوافر لغيرها من المنظمات الصهيونية الأخرى، فميزانيتها تقدر بمليارات الدولارات، ويتجاوز عدد أعضائها 65 ألف شخص غالبيتهم من العناصر السياسية الفعالة في مختلف الولايات الخمسين في أمريكا، كما ترتبط إدارتها بشبكة واسعة ومعقدة من العلاقات والمصالح مع المئات من أعضاء الكونجرس الأمريكي والإدارة الأمريكية ومجالس المحافظات والشخصيات المحلية والأحزاب والقوى والمنظمات والأفراد والجماعات الأخرى التي يتشكل منها النسيج الاجتماعي الأمريكي، حتى تحولت إلى مركز لصياغة القرارات في كل القضايا التي تخص "إسرائيل" ومنطقة الشرق الأوسط في السياسة الخارجية الأمريكية .

كما تمتلك إيباك شبكة واسعة من لجان العمل السياسية المحلية، التي بلغ عددها حتى عام 2002م أكثر من 126 لجنة في مختلف الولايات الأمريكية، ومهمتها الأساسية تتمثل في تنسيق الجهود لدعم المرشحين المؤيدين لإسرائيل في الانتخابات الفيدرالية، كما تمتلك ما لا يقل عن 50 لجنة عمل سياسي تمنح المرشحين الذين يواجهون تحديات انتخابية في دوائرهم أموالاً تبلغ نحو نصف مليون دولار بما يكفي المرشح لتغطية نفقات أوقات الدعاية الانتخابية التليفزيونية، وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في انتخابات عام 2002م ساعدت إيباك في جمع 6.5 ملايين دولار لمساعدة المرشحين المفضلين لديها من الحزبين الجمهوري والديمقراطي .

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يمتد أيضًا إلى مجالات التنشئة السياسية، حيث تولي إيباك أهمية خاصة بشباب الجامعات بغية إيجاد جيل جديد من الناشطين السياسيين الموالين لإسرائيل والمعادين للعرب والمسلمين، وذلك من خلال الاهتمام بما يكتب في "صحيفة الطلبة"، وتنظيم الدورات التدريبية والتعليمية التي تستهدف هذه الفئة من المجتمع الأمريكي، ومن أبرزها: "برنامج تنمية الزعامة السياسية" الذي بدأ عام 1980م واستقطب أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة، ويتضمن تنظيم العديد من الدورات التدريبية في جامعات وكليات أمريكية تتوزع على خمسين ولاية .

وهناك أيضًا المعسكر الصيفي لطلاب الجامعات والمدارس العليا الذي تنظمه إيباك سنويًا، وتستقطب من خلاله العشرات من الطلاب الذين يتحولون في المستقبل إلى مدافعين عن السياسات الإسرائيلية داخل أمريكا وخارجها بعد أن تم تلقينهم كل المعلومات بشأن "إسرائيل" وصراعها مع العرب من وجهة النظر الإسرائيلية، الأمر الذي جعل من «إسرائيل» قضية أمريكية داخلية تحظى باهتمام ودعم غالبية الشعب الأمريكي.

ولا يتوقف طموح إيباك عند إيصال مرشحيها إلى الكونجرس أو الإدارة الأمريكية، بل يتسع ليشمل أيضًا التحرك داخل مؤسسات الدولة المختلفة لكسب أصدقاء ومؤيدين جدد من خلال شرح وجهة النظر الإسرائيلية وتحسين صورة تل أبيب . تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى قيام إيباك والمؤسسات التابعة لها بتنظيم جولات سنوية لأعضاء الكونجرس وموظفيهم إلى "إسرائيل" بهدف تعزيز العلاقات بين الزعماء السياسيين في كلا البلدين

وفي المقابل، تستخدم إيباك أساليب شتى في تشويه الخصوم والضغط عليهم مستغلة في ذلك سيطرة اللوبي اليهودي على أجهزة الإعلام الأمريكية التي عادة ما تشكل توجهات الرأي العام داخل الولايات المتحدة، ولذا فإنها تكرس جانبًا مهمًا من نشاطها لرصد جميع الآراء والحملات المضادة للاحتلال الإسرائيلي وسياساته والإسراع في الرد عليها، وذلك على ثلاثة محاور رئيسية:

أولها:

أعضاء الكونجرس، وهم أكثر تأثرًا بالضغط الجماهيري والإعلامي الداخلي، ولذا تفضل اللجنة الأمريكية - الإسرائيلية للشؤون العامة أن تمارس ضغوطها على الكونجرس باعتباره أقصر وأسرع الطرائق لاستصدار التشريعات والقوانين المعادية للعرب والمؤيدة لإسرائيل، فهناك قاعدة سياسية متعارف عليها داخل دوائر صنع القرار في واشنطن مفادها: "أن المساندة من جانب اللوبي اليهودي تمثل عنصرًا ضروريًا للنجاح في أي انتخابات رئاسية أو تشريعية، بينما المعارضة العلنية لإسرائيل تساوي الانتحار السياسي"، لهذا تسعى كل إدارة أمريكية إلى خطب ود اللوبي اليهودي وعلى رأسه منظمة إيباك وتنفيذ مطالبه التي هي في الأساس مطالب "إسرائيل"، الأمر الذي يفسر نجاح تل أبيب في فرض أجندتها السياسية على واشنطن وضمان حصولها على مساعدات أمريكية سنوية تقدر بثلاثة مليارات دولار.

ثانيها:

مجال العمل الصحفي، حيث تخصص إيباك العديد من الخبراء والصحفيين وكتاب المقالات لمراجعة المئات من المجلات والصحف والخطب والتقارير اليومية التي ترد من الولايات الخمسين في أمريكا لتحليل الأحداث والاتجاهات والآراء، ومن ثم الرد والتشهير وملاحقة كل من يكتب أمرًا ضد "إسرائيل".

ثالثها:
الجامعات الأمريكية، التي تحظى باهتمام خاص من إيباك ليس بهدف استقطاب كوادر شابة جديدة فحسب وإنما لوأد أي ميول جديدة معادية للسياسات الإسرائيلية قد تنشأ في الأوساط الجامعية، سواء على مستوى المحاضرين أو الطلبة، مستخدمة في ذلك العديد من الوسائل غير المشروعة من قبيل الترهيب أو الترغيب.

وبصفة عامة، أحدث استسلام المسئولين الأمريكيين لإغراءات وتهديدات اللوبي اليهودي تحولاً خطيرًا في طبيعة العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، فبعد أن كانت اللجنة الإسرائيلية - الأمريكية للشؤون العامة «إيباك» بمثابة بوابة "إسرائيل" الرئيسية للنفاذ إلى الولايات المتحدة، باتت اليوم بوابة الأمريكيين الرئيسية للدخول إلى البيت الأبيض أو الكابيتول .

يبدو أن اللجنة الأمريكية - الإسرائيلية للشؤون العامة، والمعروفة اختصارًا ب "الإيباك"، لم تعد مجرد أبرز وأهم أذرع اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة فحسب، بل باتت توصف بأنها " دولة داخل دولة" بعد أن اختطفت النظام السياسي الأمريكي من خلال دفع شخصيات مثل مارتن إنديك، ودينس روس، ودوجلاس فيث، وجوزيف ليبرمان، ونيوت جنجريتش، وغيرهم إلى مواقع صنع القرار داخل الإدارة الأمريكية وداخل الكونجرس بصفة خاصة، حتى باتت هذه المنظمة تمتلك القدرة على التحكم في مجريات الحياة السياسية الأمريكية بما يخدم توجهاتها وأهدافها، رغم كل ما يثار من شكوك واتهامات حول علاقاتها المشبوهة ب"إسرائيل"، التي أكدتها سلسلة من الفضائح، كان آخرها: قضية اعتقال" لاري فرانكلين" المحلل بالبنتاجون الذي نقل معلومات مهمة وخطيرة عن موقف القوات الأمريكية في العراق لإسرائيل عبر مسئولين بمنظمة الإيباك .

ففي مشهد استعراضي للقوة والنفوذ، نجح القائمون على المنظمة المذكورة في حشد أكثر من 5 آلاف مؤيد لإسرائيل يتقدمهم رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون ووزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس والعشرات من أعضاء الكونجرس لحضور المؤتمر السنوي للمنظمة المنعقد في الثالث والعشرين من شهر مايو 2005م وهو أكبر عدد لحضور مؤتمرات تلك المنظمة التي تأسست عام 1951م.

ورغم الأزمة السياسية التي كانت – ولا تزال - تمر بها العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية بسبب عمليات التجسس التي تكتشف من وقت لآخر على الولايات المتحدة من جانب "إسرائيل"، والخلاف بين تل أبيب وواشنطن حول الصفقات العسكرية الإسرائيلية لكل من الصين والهند، فإن المشاركين في المؤتمر تسابقوا على كسب ود «إيباك» واللوبي اليهودي من خلال: إبداء دعمهم المطلق لإسرائيل، والتعهد بضمان تفوقها النوعي في شتى المجالات على كل جيرانها مجتمعين، والعمل على احتواء أعداء "إسرائيل" والسعي الدؤوب لإسقاطهم أو تبديل أيديولوجياتهم واستراتيجياتهم، وكأن لسان حال المؤتمر يقول: إن العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية أكبر من أي اعتبارات أخرى حتى إن كانت المصلحة الوطنية الأمريكية ذاتها.

وضمن هذا السياق، اختار شارون هذا المؤتمر - الذي اعتبرته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية يوم 22/5/2005م أنه "أكبر منتديات اليهود في العاصمة الأمريكية" - ليعلن فيه رؤيته أو السيناريو الكامل الذي سيقوم بتنفيذه في المرحلة القادمة والمتعلق بالجانب الفلسطيني، وهو السيناريو الذي يختلف كليًا مع الطرح الأمريكي ولا يتفق معه سوى فيما يتصل بتطبيق الوعود الأمريكية التي منحها الرئيس بوش لشارون في زيارته خلال العام الماضي 2004م، خاصة أنه يقوم على لاءات عدة، هي: لا للتفاوض حول القدس، لا لتفكيك المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا للانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو عام 1967م. الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام حول هوية تلك المنظمة إيباك التي اختارها شارون ليعلن فيها وبين أعضائها تحديه للمطالب الأمريكية ذاتها .

- تقييم للورقة التي قدمها كل من جون مارشايمر وستيفن والت حول اللوبي اليهودي:

لا بد من التأكيد أن الحديث عن لوبي يهودي في الولايات المتحدة ليس ضرباً من الخيال، وثمة دلائل إحصائية وسياسية لا تعد ولا تحصى على وجود وقوة ذلك اللوبي، تصل كلها إلى نتيجة واحدة هي أن اليهود يتصرفون سياسياً ككتلة منظمة مدركة لذاتها، وأن تواجدهم في المفاصل الحساسة للمجتمع والسياسة والاقتصاد والثقافة في أمريكا يتجاوز نسبتهم من السكان بما لا يقاس. فهم اثنان إلى ثلاثة بالمئة من السكان، ولكنهم أكثر من ذلك بكثير بين أصحاب البليونيرات أو صناع القرار السياسي أو مديري المؤسسات الإعلامية والثقافية الكبرى .

ولكن هنا نجد نقطة الضعف الأولى في تحليل ورقة البرفسوران والت وميرشايمر. فهما يوهمان القارئ أو يتوهمان أن قوة اللوبي اليهودي تنبع من مجموعات الضغط المنظمة التي تمارس تأثيرها في واشنطن على الجهازين التنفيذي والتشريعي هناك، زائد النفوذ اليهودي في المؤسسات الإعلامية والثقافية، وكأنه لا توجد إمبريالية، وأن أمريكا مغلوبٌ على أمرها كمؤسسة حاكمة.

ولكن تبقى مثل هذه النظرة تبسيطية إلى حد السخاف، حتى لو لم ننكر، بل أكدنا، وجود مثل التأثير اليهودي عبر مؤسسات الضغط والإعلام والعالم الأكاديمي. فالأساس في قوة اللوبي اليهودي تبقى القوة الاقتصادية اليهودية التي تشكل مفتاحاً ضرورياً لفهم كل ظاهرة الدور اليهودي في الحياة السياسية الأمريكية .

إذن القوة اليهودية-الصهيونية في أمريكا لا تتلخص فقط في إيباك أو اللوبي الصهيوني في الكونغرس الأمريكي، بل أن هذا اللوبي نفسه ليس سوى أحد الأجزاء الأوضح نسبياً في ظاهرة أكبر بكثير هي ظاهرة القوة اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية

بيد أن القوة اليهودية الصهيونية ليست مقتصرة على وسائل الإعلام والترفيه فحسب. فالمال اليهودي تركز تقليدياً في القطاعات غير المنتج، لا في الصناعات الثقيلة مثل صناعة السيارات مثلاً أو في البناء أو الفولاذ، بل في المصارف والتمويل والأسهم والسندات والعملات الصعبة. وبعد أن فك الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون ارتباط الدولار بالذهب عام 1973، ازدهر رأس المال المضارب، مما دفع بالمصالح اليهودية إلى الأمام قطاعاً بعد قطاع في الاقتصاد المتعولم والمضارب بتسارع كبير في الثمانينات والتسعينات .

فاليوم لا يتمثل النفوذ اليهودي-الصهيوني ببساطة بمجموعة خبراء العلاقات العامة اليهود القادرين على التحدث بلباقة، على ظن البعض، الذين يدعون نواب الكونجرس إلى الغداء ويقدمون لهم رحلات مجانية إلى فلسطين المحتلة. بل أن هذا النفوذ اليوم موجودٌ كما نعلم داخل البيت الأبيض ووزارة الدفاع كما لم يوجد من قبل، وهي الظاهرة التي أفصحت عن نفسها في ظل بيل كلينتون، ولكنها أيضاً الظاهرة التي تفاقمت في ظل الرئيس الحالي بوش الابن. والمسئولون الأمريكيون مثل ريتشارد بيرل وبول ولفوويتز ودوغلاس فيث وغيرهم ليسوا أعضاءً في اللوبي اليهودي، بل هم أعضاء كاملو العضوية في الحلقة الداخلية التي تصنع السياسة في واشنطن، وهم صهاينة إلى درجة أنهم كانوا مستشاري نتنياهو في الوقت نفسه الذي عملوا فيه في الحكومة الأمريكية
بالتالي، لا ننكر العلاقة الخاصة جداً ما بين أمريكا والكيان الصهيوني، ولكن سبب دعم الإمبريالية في أمريكا، وفي أوروبا قبلها، للحركة الصهيونية يعود لتقاطع المصالح بين الطرفين، لا بسبب العلاقات العامة الذكية للوبي الصهيوني، حتى لو افترضنا جدلاً عدم وجود قوة اقتصادية يهودية متميزة في العالم. فأوروبا الاستعمارية رأت من مصلحتها أن تنشاً دولة الكيان الصهيوني في أواسط القرن التاسع عشر لمنع قيام الوحدة العربية، والإمبريالية ما زالت مستمرة بدعم الكيان الصهيوني لنفس السبب: تقاطع المصالح والحاجة الإمبريالية-الصهيونية المشتركة لإبقاء الوطن العربي ضعيفاً ومجزأً.

وشتان ما بين هذا الموقع وموقع العرب والمسلمين الأمريكيين الذين يضرون بالمصالح الإمبريالية في الهيمنة على موارد وجغرافية المنطقة العربية بقدر ما ينجحون في عملهم لتحرير فلسطين وتوحيد الوطن العربي
فأراء والت، ميرشايمر، بقدر ما تحويه من حقائق مهمة حول اللوبي اليهودي الموجود فعلاً ودوره، تتجاهل حقيقة أن ذلك اللوبي يبقى جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة الحاكمة الأمريكية، ويمارس دوره بتلك الصفة، وليس من خارج تلك المؤسسة الحاكمة .

يهتم السياسيون في الولايات المتحدة على نحو مطرد بمصالح الشركات والمصالح التجارية وليس بمصالح الشعوب . ولا تخدم الديمقراطية بالضرورة مصالح الشعب بل تخدم مصالح الذين يدفعون الأموال للسياسيين. والشركات هي التي تدفع الأموال للساسة لأنها تملك الأموال الطائلة وهو أمر يحدث على وجه الخصوص في الولايات المتحدة. وفي كتابه “من الذي ينبغي له إبلاغ الناس خيانة الديمقراطية الأمريكية” وهو كتاب أحدث ضجة كبرى، يقول وليام جرايدر "أن المال بالنسبة لكثير من الناس يفسر كل شيء عن أسباب معاناة الديمقراطية من المتاعب" .

ويتفق آخرون مع جرايدر، ويقول بول هوكن، وهو مستشار بارز في مجال الأعمال"أن المال الآن يوجد البيئة التي تتم فيها صياغة الحجج وسماع الأصوات واتخاذ القرارات. ويحدد المال الجهة التي يستمع إليها الساسة، ويشتري المال الوصول إلى السياسيين”. ووصل تفاقم أزمة الديمقراطية الأمريكية إلى حد وجود أزمة في الثقة العامة في الحكومة الأمريكية. وكشفت الاستطلاعات التي أجريت مؤخراً أن حوالي ثلثي الأمريكيين “يعتقدون جماعات الضغط الذين يحرصون على خدمة مصالح عملائهم .

وعلى سبيل المثال، وخلال عقد الثمانينات وحده من القرن الماضي، تضاعف عدد أعضاء جماعات الضغط المسجلين في واشنطن أربع مرات. وأدى الاتساع الهائل في نفوذ الشركات إلى ظهور شارع “ك” الشهير الذي يوجد فيه كثير من أعضاء جماعات الضغط. وتنفق الشركات في الوقت الحاضر أكثر من 1،5 مليار دولار للتأثير في السياسيين في كل سنة، ويوجد أكثر من 17،000 عضو جماعة ضغط ومسئول علاقات عامة في واشنطن . ونحن نعلم انه عندما تولت إدارة بوش السلطة جلبت معها عدداً غير مسبوق من أعضاء جماعات الضغط والمسئولين التنفيذيين من شركات كبرى. ومن بين أولئك، على سبيل المثال لا الحصر، رئيس موظفي البيت الأبيض اندرو كارد الذي جاء من شركة "جنرال موتورز" وبول أونيل من الخزانة، وكان مسئولا في شركة "الكوا" ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وكان في شركة “بكتل” ودونالد ايفانز وزير التجارة وكان يعمل سابقاً في شركة للنفط والغاز، ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي كانت تعمل أيضاً في الماضي في شركة للنفط والغاز. ويحاول مركز النزاهة العامة وهي منظمة مراقبة في واشنطن اقتفاء آثار نشاط جماعات الضغط. وأصدر المركز مؤخراً نتائج استطلاع مذهل في مجال جماعات الضغط والبيت الأبيض ذاته. وكشف المركز في البداية نطاق نشاط جماعات الضغط حيث وجد المركز أن أكثر من 4600 شركة عملت على التأثير في البيت الأبيض منذ عام 1998.

واقتفى المركز بعد ذلك آثار المال واكتشف أن أكثر من 1300 عضو جماعة ضغط مسجلين تبرعوا بما يزيد على 1،8 مليون دولار للرئيس بوش على مدى السنوات الست الماضية. وكان أكثر من 50 عضواً مسجلاً من أعضاء جماعات الضغط بين كبار “جامعي التبرعات” لحملتي بوش الرئاسيتين .

وعلاوة على ذلك، أن الشركات الأمريكية ليست وحدها التي تؤثر في حكومتها وتضعف ديمقراطيتها بل تفعل الشركات الأجنبية أيضاً ذلك. وقد توصل استطلاع منفصل أجراه مركز النزاهة العامة إلى أن حوالي 650 شركة أجنبية أنفقت أكثر من 600 مليون درهم على نشاط التأثير في أعضاء الكونجرس في واشنطن


تحيااااااااااااااااااااااتي

:sunny: