منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#12643
بسم الله الرحمن الرحيم


صورة


لقد بات من المؤكد أن العالم يتغير كل ثانية من الزمن , لدرجة أننا لم نعد نشعر بتلك التغيرات , لا لأنها تغيرات طفيفة وغير محسوسة قد لا نشعر بها في كثير من الأوقات , بل لكونها تغيرات متسارعة ومتقاربة جدا , بحيث لم تعد تشكل لدى الكثيرين منا أي فرق بسبب ذلك التسارع الزمني الرهيب , أو بمعنى آخر افقدتنا تلك التغيرات الإحساس بالفارق في الكيف والكم الزمني بها , أكان ذلك على مستوى الإحساس الداخلي والشخصي للإفراد والشعوب , أو على المستوى القومي للدول , فعلى سبيل المثال على المستوى الشخصي لم يعد الإحساس لدى إنسان القرن الحادي والعشرين هو نفسه الشعور لدى الإنسان الذي شهد الحرب العالمية الأولى والثانية من حيث الألم والمعاناة والشعور الداخلي في الفرق الكمي بإعداد الضحايا من المدنيين والأبرياء , فالملاحظ وحسب العديد من الدراسات النفسية التي قامت بها بعض الجهات المعنية بأن الإنسان قد بدأ يفقد العديد من المشاعر الإنسانية والبشرية بسبب تكرار الأحداث والمأسي عليه بشكل يومي , بحيث لم يعد الاهتمام بتلك التغيرات تشكل له أي فارق في الشعور , وطبعا فإننا هنا لا نجرد الإنسان المدني للقرن الحادي والعشرين من الشعور والإحساس بالألم والعاطفة , بل نؤكد على تراجع بعض المشاعر عما كانت عليه قبل فترة من الزمن , وبروز بعضها الآخر وبشكل ملفت للنظر كاللامبالاة والأنانية , وذلك بسبب العديد من العوامل والتغيرات الديموغرافية والسياسية والاقتصادية ...الخ , والتي أضعفت من مشاعر البعض منا تجاه بعض القضايا الوطنية والدولية , وأسدلت على أبصارنا وعقولنا غشاوة حرمتنا من فهم ما يدور حولنا , وبالتالي إدراك المستقبل بشكله الصحيح .
وبالطبع فإن الدول لا تختلف كثيرا عن ذلك التصور البشري - مع اختلاف التعابير والمفاهيم - من حيث الشعور بالتحولات والتغيرات المحيطة وفقدان الإحساس بها , فالدولة هي كائن " حي " ولكن من نوع آخر, لها روح قد ترقى وتستمر لسنوات وعقود طويلة وربما قرون وذلك بحسب أفكار وتطلعات القائمين عليها , أو قد تموت وتنتهي بتبلد تلك الأفكار وتقوقع تطلعات أصحابها , حيث يكمن غذائها الجسمي والعقلي في نوع وكم الخطط والدراسات السليمة التي تساعدها على النمو والتطوير , وبالتالي فإن أي دولة في العالم لابد لها من تحديث وتغيير في الاستراتيجيات التنموية على مستوى الخطط طويلة المدى أو القصيرة , وذلك لمواجهة ومواكبة التحديات والتغيرات التي قد تحدث في المستقبل وعلى مختلف الجوانب والأصعدة الحياتية.
ومن هذا المنطلق فانه بات لزاما على كل الدول التي تتطلع إلى مستقبل واعد من أن تبدأ بوضع أساس لشكل وماهية ذلك التغيير الذي تتطلع إليه , وتتهيأ لدخول الفراغ الزمني ومفترق الطريق ما بين المستقبل الزاهر , واللحاق ببقية الدول المتقدمة , وطريق البقاء في قاع التخلف والركون أو الانزواء وراء تيارات الخوف من التغيير , وبالطبع فإن ذلك الأساس لن يكون راسخ وقوي دون معرفة التفاصيل الدقيقة لتلك التحولات والتغيرات الدولية , ونشير هنا إلى بعضها وعلى وجه الخصوص إلى التغيرات السياسية التي نعتبرها حجر الزاوية لجل التغيرات الدولية الأخرى بداية من التحولات الاقتصادية بمختلف فروعها , أو الاجتماعية أو الإيديولوجية وخلافه , كونها الأساس الذي تنطلق منه - من وجهة نظرنا - جل التغيرات والتحولات العالمية الأخرى وخصوصا في وقتنا الراهن , وهذا ما نشاهده على صعيد الحياة والواقع اليومي , بحيث باتت السياسة ومتغيراتها واستراتيجياتها وفنونها الشغل الشاغل لمختلف البشر , بداية من الإنسان العادي الذي أصبح يتسمر أمام التلفاز ولساعات طوال على أمل معرفة أخر الأخبار القادمة من الخارج , وذلك بهدف فهم ومعرفة تلك التغيرات والتفاصيل الدقيقة من منظوره الشخصي كفهم ارتفاع الأسعار في الغذاء والدواء وغيرها , مما قد يفيده أو يضره في شئونه الحياتية اليومية , ولوضع بعض الخطط لموازنة مستقبله ومستقبل أبنائه على سبيل المثال , إلى الاقتصادي والمستثمر والتاجر والمزارع الذي لم يعد قادرا على ممارسة حياته اليومية بالشكل الصحيح دون معرفة الإخبار السياسية القادمة من الداخل الإقليمي أو الخارج الدولي , وما يحدث في العالم من تحولات على هذا الصعيد .

صورة

دمتم ... صورة



صورة