منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By عبدالعزيز البداح 704
#68830
مها محمد الشريف

لقد تعهد عمدة نيويورك الجديد «بيل دى بلازيو» بمحوالفوارق الاجتماعية، وفرض ضرائب إضافية على أغنياء مدينة نيويورك من أجل تمويل بناء حضانات للأطفال. وبناء 200 ألف وحدة سكنية للفقراء والطبقات الوسطى، ووصف نفسه بالتقدمي الراغب في طي صفحة العمدة السابق الملياردير «بلومبرغ» الذي ترأس هذا المكان اثني عشر عاما متتالية، والكشف الذي يقدمه الإعلام عن هذه الشخصيات يستحق الاطلاع والقراءة.

ومن البدهي أن نذكر أيضا بعضا من نماذج العمد في العالم، عمدة مدينة « أثرتون» التابعة لولاية كاليفورنيا الذي عمل لصالح بلدته بتفان، ومن أجل المجتمع الذي تحمل مسؤوليته وحقق لهم خدمات متميزة،

و»مانويل تورنار» أيضا عمدة جنيف فكان رجلا بحجم دولة له مساهمات كبيرة على الصعيد السياسي والثقافي، والذي (أسس ما يعرف ب«مناشدة جنيف» التي تدعو إلى احترام حقوق الفقراء)، وإيجاد حل لمساعدتهم ومحاربة الجوع والتجنيد العسكري، وقام بدور كبير في معارض الكتاب ودعم الثقافة .

ومنصب العمدة في أمريكا ودول أوروبا يقوم بدور المحافظ، وهو دور أكبر وأشمل من منصب العمدة في عرفنا المحلي، الذي تقتصر صلاحياته على الأحياء السكنية فقط وأوراق التعريف والخدمات السطحية والبسيطة .

فيبدو التساؤل حثيثا، لماذا لا تتسع دائرة الصلاحية لدى المحافظ، ليقوم بتلك الأدوار التي يؤديها العمدة في العالم، وتبني خطط لتطوير المدن بمباركة مؤسسات الدولة، ومنحه مساحة أكبر لخدمة المجتمع وفعاليات التنمية ذات الدلالة الواضحة ؟

وبالتالي تتوفر خيارات متعددة للمواطن لحياة أفضل، فلو حددنا الأسباب التي بعثرت خطط التنمية، لوجد الكثير أن السبب الرئيسي هو اختلاف الامتيازات وتوزيع لائحة بالمسؤوليات غير المنظمة، وتفاقم سوء الخدمات الصحية والبيئية والاجتماعية والأمنية فضلا عن عدم إمكانية الوصول للمحافظ، ما أفقد هذه الخدمات التوازن والتنسيق بين المحافظ والعمدة والمواطن، ليتصدر العجز في بعض الأحياء، وتتراكم الطلبات وتزداد الحاجة وتصبح الفرص ضمن نطاق محدود.

إذن الجميع بحاجة ماسة لصوت عال ينوب عنهم، وكفاءة وسيادة معرفية، وفتح قنوات تواصل بين العمدة وبين المجالس البلدية، لتستمد الأشياء قيمتها وأهميتها، وتحقق كفاءة عالية، لإتاحة التواصل مع أفراد المجتمع، ثم يترتب على العمدة ضمن صلاحياته المحدودة، تقديم تقرير سنوي للمحافظ عن النقص الذي تعاني منه الأحياء، وهو بدوره مشكورا ينقله إلى كافة مؤسسات الدولة المعنية، بما فيها من مهام إنسانية واجتماعية ورصد حالات العنف الأسري والمدرسي..

وتجديد انتخابات العمد كل عامين، فضلا عن مساءلة كل منهم عن الانجاز الذي حدث في عهده، علما أن هناك عمدا لهم خمسة عشر عاما أو أكثر لا تستطيع أي مستجدات أو ظروف أن تزيحه عن هذا المنصب، ولم يقدم أي شيء يُذكر أسوة بأدوار العمد في العالم .

إننا بحاجة إلى كاميرا خلف الأسوار بمرتبة ساهر التي ترصد حركة ومخالفات المرور والسرعة القصوى، وتبنّي خطط لمساعدة الأسر ومراقبة الخلل والقيام بدور فاعل يحرر المسؤولية من الركود، إن معظمنا لا يعلم عن دور العمدة شيئا سوى رجل خلف مكتب مستأجر على قارعة الطريق.