صفحة 1 من 1

كيف تساعد الاخرين في تغير عاداتهم

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 6:00 pm
بواسطة عبدالله القاسم٣٣٦
بحكم أنني كتبت كتابًا عن كيفية تغيير عاداتك الشخصية، كثيرًا ما كان يُطرح عليَّ في اللقاءات الصحفية سؤال: كيف يمكنني أن أغيِّر عادات شخص آخر؟

لنقل مثلًا إنني أود أن يتوقف شريك حياتي عن طقطقة مفاصل أصابعه، أو أحث ابنتي على التوقف عن الحديث في الهاتف أثناء تناول الطعام، أو أحث شخصًا آخر على ممارسة التمارين الرياضية، فكيف أفعل هذا؟

ليس هذا ما أتناوله في الكتاب الذي يركز في المقام الأول على آلية عمل العادات، وإلى أي مدًى تؤثر في حياتنا اليومية، وكيف تغيِّر عاداتك الشخصية.

في نهاية المطاف تنطبق الأساليب نفسها في كلتا الحالتين، لكن عندما تشتغل على تغيير عادات شخص آخر، عليك أن تفكر بموضوعية في الأمر؛ فهل هو يريد التغيير؟ إن كانت الإجابة بالنفي، فهل بمقدورك إقناعه بالتغيير؟ وكيف ستؤثِّر محاولة تغييره هذه في علاقتك به؟

وعندئذٍ، إذا تمكَّنت من هذا، يمكنك أن تنتقل إلى استخدام كافة الأساليب نفسها التي ربما استخدمتها مع نفسك.

إذنْ إليك ثلاث نصائح تمهيدية لتفكر فيها عندما تحاول أن تغيِّر عادات شخص آخر:


(١) هل هو على استعداد للتغيُّر؟

أهم وأوضح شيء هو أنه لا بد أن يكون الشخص على استعداد لإمكانية التغيير.

يمكن أن يدافع الأفراد باستماته عن عاداتهم؛ فقد استغرقوا سنوات في تكوين هذه العادات حتى صارت جزءًا من هُوِيَّتهم؛ ومن ناحية أخرى، قد يخجلون منها فحسب ويرغبون في محاولة تبريرها.

إذنْ، لعلك ترغب في أن يتوقف شريك حياتك عن طقطقة أصابعه، أو عن قضاء كل وقته في استخدام هاتفه الذكي، لكن هل هو مستعد لاحتمال أن يتخلص من هذا؟

إذا كانت الإجابة ﺑ «لا»، فربما يكون مجرد فتح الموضوع مضيعة للوقت. لكن لنفترض أنك تظن أنه ربما يكون مستعدًّا للتغيُّر؛ فسينقلني هذا بدوره إلى النصيحة التالية:


(٢) لا تصدر الأحكام على الآخرين

أحد الأشياء التي تُدرَّس للمعالجين النفسيين بشأن التعامل مع المرضى هي ألا يصدروا أحكامًا على مرضاهم. وثَمَّةَ سبب وجيه لهذا؛ ليس فقط لأنه لا أحد يحب أن تُصدَر ضده أحكام، لكن لأن هذا يرسخ التوجه الخطأ. والتوجه الخطأ هو: أنا أعرف جيدًا ما هو خير لك وأنا أملي عليك ما تفعله. قليلون هم من يريدون أن يُساقوا كالأنعام.

والتوجه الصحيح هو الذي يضع كليكما على قدم المساواة ويبعث على الدفء ويكون معضدًا؛ فأنت صديق نافع يهتم بما هو خير له، لكنك مع ذلك تقبله كما هو.

وكما يمكنك أن تتصور، يمكن أن يكون هذا موازنة صعبة. لكن بالنسبة لمعظم الناس، مجرد تجنب إصدار الأحكام على الآخرين هو بداية رائعة بحق، فنحن البشر نبدو مولعين بإصدار الأحكام على أي شيء وكل شيء، وهي عادة يصعب الإقلاع عنها.


(٣) رفع درجة وعيه الذاتي

بالإضافة إلى اكتشاف بذور التغيير لدى الشخص وعدم إصدار الأحكام عليه، من الأمور الرئيسية التي يمكن أن تساعد بها شخصًا آخر رفعُ درجة وعيه بذاته.

إحدى الخصائص المحورية التي تتسم بها العادات هي أن الأفراد يقومون بها دون وعي وعلى نحوٍ متكرر في المواقف نفسها. دعنا نذكر قليلًا من العادات الجيدة: غسيل أسناننا بالفرشاة في الحمام، والنظر يمنة ويسرة قبلما نعبر الطريق، وربط حزام الأمان في السيارة قبل الانطلاق.

وعليه، تتمثل إحدى الخطوات الأساسية في تغيير عادة من العادات في تحديد الموقف الذي تحدث فيه. ويمكنك مساعدة الآخرين في تحديد المواقف من خلال أن توضِّح لهم — في لطف — ما يبدو أنه يدفعهم إلى القيام بالعادة. على سبيل المثال: هل هناك مشاعر أو مواقف مادية معينة ترتبط بالعادة؟

إن كان الأمر كذلك، فإنَّ جعْل الآخرين يدركون هذا يمكن أن يساعدهم في تغيير هذه العادة.


العمل معًا

إذنْ، حث الآخرين على التغيير يتعلق في المقام الأول بالكف عن أساليب تغيير العادات، وأن نرى أولًا هل الشخص الآخر مستعد لأنْ يغيِّر من سلوكه؛ فلا يمكنك أن تحث الآخرين على التغيير ما لم يكونوا راغبين في ذلك.

بعدئذٍ يمكنك أن تنتقل إلى تطبيق كل الأساليب التي وصفتها في الكتاب. وقد أَدرجت بعضًا منها في مقالي حول «كيف تتخذ قرارات العام الجديد». يشتمل هذا على أمور مثل اختيار سلوك بديل، وإعداد خطط معينة، والتفكير في أمور من المحتمل أن تكون خادعة، وهكذا.

تعينك هذه النصائح الثلاث على البدء فحسب، وقطعًا لا تغطي كل الأسس. أما عن الأطفال فالأمر يختلف اختلافًا طفيفًا، وعن العادات المتأصلة والمدمرة على نحوٍ أكثر خطورة، فهذه ليست سوى البداية. لكنها مع ذلك نقطة انطلاقة جيدة.

نظريًّا، عندما يعمل فردان معًا من أجل تغيير عادة أحدهما، فإنهما يكونان في موقف أقوى. لا يقتصر الأمر على كونك سندًا له، بل إنك تستطيع أيضًا أن تنظر إلى سلوكه بموضوعية ولفْت انتباهه إلى علاقات الترابط التي لم يكن لِيَعِيَهَا غالبًا أو حتى على الإطلاق في ظروف أخرى.