منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#61208
مبادئ الحكم الإسلامي لا تفرض ذلك ولا تمنعه، وإنما تحتم القيام بالعدل والقسط، وتقوم على الشورى ومناصحة ولاة الأمور، بأي سبيل لا يتعارض مع الشريعة الغراء، قال الشيخ عبد الوهاب خلاف في السياسة الشرعية: قد روعي في الحكومات الدستورية الحاضرة أن يكون رجال القضاء غير رجال التشريع تطبيقًا لمبدأ الفصل بين السلطات، ولكن في وإن لم يجد يستشير الفقهاء والمفتين من الصحابة بالقضاء، فكان رجال القضاء من المجتهدين الذين لهم السلطة التشريعية، وكان قانونهم هو كتاب الله والسنة الصحيحة وما يستقر عليه رأي جماعة التشريع. اهـ.

وإنما لجأ أساطين الديمقراطية لفرض هذا المبدأ لضمان خضوع الدولة والسلطة للقانون، ومواجهة السلطة المطلقة للملوك والكنيسة، في حين لم يحتج الأمر إبان الحكم الإسلامي في عصره الأول لذلك، لوجود الوازع الديني والأخلاقي، وحاكمية الشريعة على الجميع: حكاما ومحكومين، ومع ذلك فقد كانت دولتهم أحق بوصف: دولة القانون، قال الدكتور توفيق السديري في كتابه الإسلام والدستور: هذا المبدأ ـ يعني الفصل بين السلطات ـ يشكل ضمانة لخضوع الدولة للقانون، وهي ضمانة مهمة وفعالة ولكن عدم الأخذ به لا يعني عدم قيام الدولة القانونية، لأن مجرد احترام الهيئات الحاكمة لقواعد اختصاصها وعدم خروجها عن حدود سلطاتها يكفي لاعتبار الدولة خاضعة للقانون. اهـ.

وقال الدكتور عثمان ضميرية في مقاله السلطات العامة في الإسلام: قد جرى الباحثون الغربيون في العصر الحديث على تقسيم السلطات إلى ثلاث، وتبع ذلك الحديثُ عن فصل هذه السلطات، وهذا المبدأ ـ فصل السلطات ـ في مقدمة المبادئ الدستورية الأساسية التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية الغربية، والتفسير الصحيح لهذا المبدأ: هو عدم الجمع بين السلطات في يد شخصية واحدة أو هيئة واحدة أياً كانت، بل ينبغي توزيعها وتقسيمها بين هيئات مختلفة، ضماناً لعدم إساءة استعمالها فتصبح أداة طغيان واستبداد، فهو مبدأ ظهر من أجل محاربة السُّلطة المطلقة للملوك الذين كانوا يجمعون في أيديهم السلطات الثلاث، وهذا المبدأ في القانون الحديث واجه نقداً من وجوهٍ ثلاثة:

أحدها: أن هذا الفصل غير حقيقي، لأن الواقع العملي هو أن السُّلطة التنفيذية تستولي حتماً على السُّلطة التشريعية، فلا يتحقق التوازن بين السلطات.

الثاني: أن هذا الفصل قد يؤدي إلى التعطيل.

الثالث: أنه قد تجتمع السلطات في يد فرد واحد أو هيئة واحدة، ولا يؤدي ذلك إلى الفساد والاستبداد، والمثال على ذلك من قَبْل نظرية مونتسكيو، نجده في الدولة الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين، كما نجده في عصرٍ لاحقٍ لمونتسكيو، وهو خاص بسويسرا، التي لا تأخذ بهذا المبدأ، ومع ذلك فإن الحريات مكفولة فيها إلى حدٍّ يفوق الكثير من البلاد التي أخذت بهذا المبدأ وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تأخذ بهذا المبدأ بصورة متطرفة، وإذا كان مبدأ فصل السلطات، أو توزيعها، له أهمية في القانون الدستوري في الأنظمة الغربية لظروف معينة ودواعٍ استدعت ذلك فإنه ليس في الإسلام ما يوجب ذلك الفصل أو يمنعه، لأن الدولة الإسلامية دولة عقائدية تقوم على الدين والإيمان، وتسعى لتطبيق أحكام الشريعة والالتزام بها في كل مجالات الحياة ـ كما رأينا ـ فكلُّ ما يحقق أهدافها وغايتها في إقامة الحق والعدل ومنع الظلم والطغيان والعدوان: يمكن الأخذ به، ويجوز تنظيمه، لخضوعه للمصلحة العامة التي لا تخالف نصاً شرعياً أو قاعدة عامة.