منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#61241
لقد نص على هذه الوسائل في الفصل السادس من الميثاق وعلى الأخص في المادة 33 منه والتي حددت هذه الوسائل في الوسائل السياسية أو الدبلوماسية والوسائل القضائية، وكذا اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية.

وتبدو وسائل الحل السلمي أو الودي سندها في المادة 312 من الميثاق والتي ألزمت الدول الأعضاء في الجماعة الدولية وليست الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بأن يسووا ما بينهم من منازعات بالوسائل السلمية شريطة ألا يتعارض هذا مع الميثاق أو أن يضر بالسلم والأمن الدوليين أو أن يعرضه للخطر نفس الحكم نصت عليه المادة 33/1 من الميثاق والتي أوجبت على جميع الدول في جميع المنازعات التي من شأنها أن تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر أن يبادروا إلى حله بطريقة المفاوضة والتحقيق والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو أن يختاروا اللجوء إلى التنظيمات والوكالات الإقليمية أو أن يختاروا الحل الذي يناسبهم.

وتكمن وسائل الحل السلمي فيما يلي :

اولا: الوسائل السياسية أو الدبلوماسية

وتعتبر هذه الوسيلة من أحسن الوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية وأيسرها وهي وسيلة تتميز بالاحترام الشديد للسيادة الوطنية للدول الأخرى، وهي من الوسائل الاختيارية ولا تفرض على الدول ولما لها من مزايا فهي وسيلة أو وسائل واجبة الإتباع لجميع الدول كبيرها وصغيرها لكونها مجرد اقتراحات تقدم للدول وغير ملزمة لهم معا يعني الاعتراف للأطراف بحق البحث عن وسيلة أو وسائل أخرى خارج نطاق القانون لحل نزاعهم.

وتتلخص الوسائل السياسية أو الدبلوماسية فهي ما يلي :

‌أ- المفاوضات :

وتعني التحاور والنقاش بين أطراف النزاع وصولا إلى اتفاق بشأن النزاع يجمع بين وجهات النظر المتفرقة أو كما عرفها البعض أنها "ما يتم بين الأطراف مباشرة من الحكم رد بشأن موضوع النزاع مما قد يسفر عن اتفاق بين أصحاب الشأن في حله".

ومن المتفق عليه أن التفاوض قد يقوم به رؤساء الدول المتنازعة أو رؤساء الحكومات أو وزراء الخارجية أو أي أشخاص آخرين يوكل إليهم القيام بهذه المهمة ويتوقف تحديد أشخاص التفاوض على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأطراف، وعلى طبيعة الموضوع محل البحث أو التفاوض وتعد المفاوضات من أقصر وأيسر الطرق السياسية والدبلوماسية لحل المنازعات وذلك لعدم تقيدها بإجراءات شكلية معينة، ولقد نجحت هذه الوسيلة في تسوية العديد من المنازعات. ويلاحظ عند استعمال الأطراف المتنازعة لهذه الوسيلة أن نجاحها يتوقف على مجموعة من العوامل المجتمعة نذكر منها :

1- حسن النية لدى الأطراف المعنية.

2- الجدية في تسوية النزاع والرغبة الأكيدة في الوصول إلى حل النزاع.

3- طبيعة النزاع المراد حله.

4- طبيعة العلاقة بين الأطراف المتنازعة.

5- مراعاة التساوي أو على الأقل وجود نوع من التوازي في مراكز الأطراف المتنازعة لأن هذا التعادل أو التوازي.

أمر يتوقف عليه حل العديد من المنازعات الجوهرية وأخيرا إذا لم تنجح المفاوضات المباشرة في الوصول إلى حل النزاع وجب على الأطراف إفساح الطريق أمام أي دولة أخرى ثالثة وذلك بالسماح لها بالتدخل كوسيط بين الأطراف المتنازعة وهو ما نراه في الوسيلة الثانية على النحو التالي :

‌ب- الوساطة:

تعتمد الوساطة على تدخل دولة من دول الغير فيما بين الأطراف المتنازعة وذلك من أجل التقريب بين وجهات المتنازعين بل له أن يقدم المقترحات لهم لحل هذا النزاع، ورغم دور الوساطة إلا أنها وسيلة غير ملزمة، فالأطراف لها القبول أو الرفض دونما أدنى مسؤولية عليها.

وإن كان هذا الرفض يعد عملا عدائيا في بعض الأحيان والمثل الواضح لرفض الوساطة رفض حكومة المغرب عام 1996 وساطة مصر لحل النزاع الدائر بين مصر والجزائر، وبخصوص رسم الحدود بينهما وبين الجزائر بخصوص رسم الحدود فيما بينها وتفصلها عرض النزاع على منظمة الوحدة الإفريقية وأحيانا تنجح الوساطة في حل النزاع مثال ذلك وساطة الولايات المتحدة الأمريكية أواخر 1989 فيما بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل لحل النزاع الدائر بينهما حول شبه جزيرة سيناء التي كانت محتلة من طرف إسرائيل، والتي انتهت إلى إبرام اتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقية كامب ديفيد 26 سبتمبر 1989 وكذلك وساطة الولايات المتحدة الأمريكية بين فلسطين وإسرائيل لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي منذ 1991 والذي انتهى إلى إبرام اتفاق أسلو واحد وأسلو 2، والذي اعترف بموجبه بالسلطة الفلسطينية وبحقها في إقامة دولة فلسطين على منطقة غزة وأريحا وهذه الوساطة لازالت مستمرة لحد الآن

‌ج- التحقيق :

ويقصد بالتحقيق البحث والتحري واستجلاء الأمر لكشف الغموض الذي يحيط بنزاع، إما بواسطة لجنة مكونة من شخصين أو أكثر بمعرفة كلا الأطراف المتنازعة تسمى باسم لجنة تقصي الحقائق وتكون مهمتها كلها معرفة أسباب النزاع ودوافعه والطرف البادئ بالعدوان واقتراح الحل الأمثل للنزاع لمساعدة الأطراف على حله وتنتهي اللجنة إلى رأي قانوني يسنده الاقتراح المقدم من اللجنة وهو رأي قانوني غير ملزم رغم أنه يتسم بالحياد ويسهل على الأطراف الوصول إلى حل النزاع.

وإلى جانب التحقيق هناك وسيلة تعتمد على التقريب بين وجهات النظر تمهيدا لحل النزاع وهو التوفيق.

‌د- التوفيق :

تعتمد هذه الوسيلة على بحث النزاع ومحاولة فهم ومعرفة دوافعه واقتراح الحل الأمثل له والتقريب بين وجهات نظر الأطراف تمهيدا لحل النزاع وهي وسيلة غالب ما تتم على يد خبراء متخصصين، ويتم تشكيلها بمعرفة الطرفين وتحظى بثقة الأطراف والتي تقوم كما قلنا ببحث النزاع ومعرفة أسبابه واقتراح الحل الأمثل له والتقريب بين وجهات نظر الأطراف تمهيدا لحل النزاع، وهي الوسيلة غالبا ما تتم على يد خبراء متخصصين ويتم تشكيلها بمعرفة الطرفين وتحظى بثقة الأطراف والتي تقوم على بحث النزاع ومعرفة أسبابه واقتراح الحل الأمثل غير ملزم للأطراف بالمرة وهو ما يميز هذه الوسيلة عن غيرها من الوسائل كالتحكيم، ولقد اتبعت هذه الوسائل في ظل عصبة الأمم المتحدة حيث أبرم العديد من المعاهدات في ظلها وذلك بهدف تنظيم التوفيق بوصفه أحد الوسائل الناجحة لحل العديد من المنازعات، ومنذ الحرب العالمية الثانية اكتسب التوفيق أهمية كبرى في حل العديد من المنازعات كالنزاع بين مصر وإسرائيل عام 1989 بشأن قضية طابا ولكن قلت أهمية هذه الوسيلة في الوقت الحاضر لصعوبة تشكيل مثل هذه اللجان.

‌ه- التحكيم الدولي :

ويقصد به حل المنازعات الدولية من خلال أحكام قضائية تصدر ع ن محاكم أو هيئات تحكيم مختارة أي من خلال قضاة يختارهم الخصوم، وتطبق في أحكام هيئات التحكيم القواعد القانونية التي يختارها الخصوم المستمدة من القانون الدولي أو القواعد القانونية الأنسب للنزاع، وبذلك لا يكاد يختلف التحكيم الدولي عن القضاء الدولي لأن كلاهما يستهدف حل النزاع بيسر وسهولة ولكن رغم هذا التماثل والتشابه إلا أن هناك فروقا واضحة بين هاتين الوسيلتين، فالتحكيم يغلب عليه الطابع الرضائي أو الاتفاقي، فهو وسيلة لا يمكن اللجوء إليها إلا من خلال اتفاق أو رضاء الأطراف المتنازعين أيضا أن التحكيم الدولي ذا طابع اختياري فهو يتشكل من قضاة مختارون من قبل الأطراف وهو ليس موجودا في القضاء، فعن طريق اتفاق يبرم فيما بين المتنازعين سلفا يسعى باسم مشارطة التحكيم يقوم الأطراف المتنازعون باختيار المحكمين بين فقهاء القانون والخبراء المتخصصين أيضا، فإن الحكم القضائي الصادر من المحاكم الدولية يتمتع بقوة ملزمة إلا أن حكم التحكيم إن كان يتمتع بقوة الإلزام بالنسبة لأطرافه إلا أنه يتخذ بالقوة لأن تنفيذه يتوقف على إرادة الدول الصادر لمصلحتها، وذلك لعدم وجود السلطة الدولية القائمة على تنفيذ الأحكام القضائية الدولية بالقوة ومع ذلك فالمتتبع للممارسات الدولية يجد أن هناك اتجاها واضحا نحو احترام أحكام محاكم التحكيم وتنفيذها بالقوة، وذلك قياسا على وضع أحكام محكمة العدل الدولية التي عهد الميثاق بتنفيذها بالقوة لمجلس الأمن عملا بأحكام المادة 94 من الميثاق

ومن المستقر عليه أن حل المنازعات الدولية عن طريق التسوية القضائية المتجسدة فيما يصدر عن المحاكم الدولية من أحكام قضائية على سند من القانون، يكفل لها الوجود الدائم الذي من خلاله تتمتع الأحكام القضائية بالثقل أو القوة الذاتية. وبالتالي تعد هذه الأحكام أحكاما نهائية فيما قضت به ولا يجوز الرجوع فيها أو تعديلها إلا من خلال تعديل الاتفاقيات الدولية نفسها وهذا ما يميز هذا القضاء عن هيئات التحكيم التي يغلب عليها طابع التأقيت.

وهذا وللقضاء الدولي تاريخ طويل فقد وجد هذا النوع من القضاء منذ أن وجد التنظيم الدولي فتعد المحكمة الدائمة للعدل الدولي أول محكمة دولية ذات اختصاص عام وشامل بنظر المنازعات التي تثور بين الأطراف، ورغم النص عليها في المادة 14 من عصبة الأمم إلا أنها كانت تعد جهازا مستقلا عن العصبة حتى أن نظامها الأساسي كان بمثابة الوثيقة المنفصلة عن عهد العصبة

وتمارس المحكمة اختصاصا قضائيا عند تصديها للمنازعات التي تثور بين الأطراف وفق نظامها الأساسي، وإلى جانب اختصاصها القضائي ولها وظيفة إفتائية واستشارية، وفق ما يطلب منها من كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن وسائر فروع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وإذا كانت محكمة العدل الدولية هي أداة المنظمة الدولية العالمية القضائية الوحيدة إلا أن هذا لا يمنع من وجود محاكم إقليمية تختص بالفصل في المنازعات الإقليمية، ومن أهمها محكمة عدل الجماعات الأوروبية ومحكمة حقوق الإنسان التابعة لمجلس أوروبا والهيئة القضائية التابعة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول وكذلك الآلية القضائية لفض منازعات منظمة التجارة العالمية.

‌و- اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية :

من المقرر أن دساتير المنظمات الإقليمية تشتمل دوما على نص أو أكثر يقضي بإلزام أعضائها باللجوء إلى التسوية السلمية لمنازعاتها الدولية، مثل النص الذي أوردته منظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة الدول الأمريكية ومنظمة حلف شمال الأطلسي وجامعة الدول العربية.

ومما يذكر هنا أن لهذه الآليات أو التنظيمات الإقليمية دور ملحوظ في حل العديد من المنازعات الدولية دونما أن يؤدى هذا إلى إحداث نوع من التضارب من الاختصاصات وذلك بفضل إتباعها لمبادئ معينة نهجت على السير على منوالها أهمها:

أنه يتعين على الأطراف المتنازعين الأعضاء في تنظيم إقليمي معين أن يلجأوا أولا إلى هذا التنظيم لتسوية مثل هذه المنازعات فليس من المستحسن أن يلجأ هؤلاء الأطراف أولا إلى مجلس الأمن لتسوية نزاعهم بدلا من تنظيماتهم بل أن مجلس الأمن يجد أولا الأطراف إلى اللجوء لهذه التنظيمات أو لا التماس لحل منازعاتهم الدولية قبل اللجوء إليه دونما أن يؤثر هذا في صلاحية مجلس الأمن في فحص أي نزاع أو موقف قد يرى أن استمراره قد يضر بالسلم أو الأمن الدولي حتى لو شرعت منظمة إقليمية في فحص النزاع ولكن يكون هذا من مجلس الأمن بصدر شديد حتى لا يعوق تدخل مساعي المنظمات الإقليمية

ومما يذكر أن هناك العديد من الأمثلة للمنازعات الإقليمية التي كان للتنظيمات الإقليمية مع تدخل مجلس الأمن دور كبير في حلها منها مثلا النزاع العراقي الكويتي عام 1961 عند حصول الكويت على استقلالها ومعارضة العراق لذلك ومحاولة ضمها إليها على أنها جزء من أراضيها، فأصدرت الجامعة العربية آنذاك قرارا بتشكيل قوات طوارئ عربية تمركزت على الحدود بين الدولتين محل القوات الأجنبية وكذلك شكوى لبنان ضد الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 لاتهامها بالتدخل في شؤونها الداخلية والتي عرضت على مجلس الأمن وأجل فيها مناقشاته رغم إدراجها في جدول أعماله وذلك لسماح لجامعة الدول العربية لحل هذا النزاع ولو لا اعتراض لبنان على بحث مجلس الجامعية بالشكوى ما تدخل مجلس الأمن وبحث النزاع وتصدى له.

وهناك العديد من الأمثلة التي تدخل فيها مجلس الأمن بصحبة الجامعة العربية منها النزاع العراقي الكويتي عام 1990 والذي أصدر فيه قرار رقم 660 في 2 من أغسطس.

إلى أنه هناك مجموعة من المنازعات لا يتم حلها بالطرق السلمية أو لا توجد الوسائل سلمية لحلها لذلك كان على واضعي الميثاق أن يبحثوا على وسيلة أكثر فعالية في حل هذه المنازعات لذلك فكر واضعوا الميثاق في وضع وسائل قسرية كفيلة بردع المعتدى ومنع العدوان.