منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By يزيد الاحيدب 5
#63192
مفهوم الأمن الإقليمي :
الأمن لغة تعني الأمان وهي ضد الخوف ، تعني أيضا تحقيق الطمأنينة والعهد والحماية والصدق والذمة وكلها ضد الخوف . أما اصطلاحا تعني القدرة على مواجهة الأخطار والتحديات وتأمين الحاجات الأساسية للإنسان ، وهناك تعاريف عدة للأمن نستعرض بعضا من هذه التعاريف ، في دائرة المعارف البريطانية عرف بأنه (حماية الأمه من خطر القهر على يد القوة الخارجية أو دفع العدوان عن دولة معينة والمحافظة على كيانها وضمان استقلالها والعمل على استقرار أحوالها الداخلية ، وقد عرفتها جامعة الدول العربية بأنها قدرة الأمه في الدفاع عن أمنها وحقوقها وصيانة استقلالها وسيادتها أرضها وتنمية القدرات والإمكانات للدولة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية مستندة على القدرة العسكرية والدبلوماسية . وقد عرفه علماء الاجتماع بأنة : قدرة الأمة على حماية قيمها الذاتية من الأخطار الخارجية وبغض النظر عن الشكل الذي تتخذه تلك التهديدات الخارجية ،وأن الأمن لا يعني فقط رغبة الدولة في البقاء بل رغبتها ايضا في العيش بدون التهديدات الخارجية ، وقد عرفه (هنري كيسنجر) بقوله : إنه يعني أية تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى تحقيق حق البقاء (1)
ينصرف هذا المفهوم - بداية – إلى وجود نظام تتوافر فيه المتغيرات الثلاثة اللازمة لنشأة النظم الإقليمية، التي تشمل تعدد الوحدات الإقليمية بحيث تفوق الثلاث وحدات، وجود تفاعلات منتظمة اجتماعيا بين تلك الوحدات تكشف عن أنماط ونماذج سلوكية معينة، وانتمائها إلى منطقة جغرافية واحدة، مع وجود قدر من التجانس والروابط بينها، دون أن يعني ذلك ضرورة توافر هوية قومية مشتركة بينها، مع أن ذلك من عناصر قوة النظم الإقليمية.
وينصرف المفهوم -ثانيا – إلى توافر نظام إقليمي للأمن يرتكز على اتفاق تلك الوحدات على الالتزام بمجموعة من المعايير التي يتم الاتفاق عليها، لتحكم علاقاتها البينية الصراعية والتعاونية . فهذا النظام لا يعني إزالة كل الخلافات بين الوحدات السياسية، وإنما يعني تطوير بيئة تحول دون خروج تلك الخلافات عن نطاق السيطرة، بحيث تأخذ صيغة العلاقات التنافسية ذات النتيجة الصفرية، أي أن إقامة هذا النظام تتطلب توافر مجموعة من الأمور :
-إدراك تلك الوحدات ارتفاع تكلفة تلك الصراعات المفتوحة.
-قبولها فكرة تطوير نظام الأمن بطريقة تسمح بتعبيرها عن رؤاها المختلفة بخصوص القضايا محل الاهتمام بطريقة سلمية. فليس من الواقعية تصور تخلي أي منها، عن رؤاها خاصة في المراحل الأولية لإقامة هذا النظام .
-اتفاقها على مجموعة - معايير تضمن في وثيقة – تحدد كيفية ممارسة العلاقات في المنطقة . وبمرور الوقت ستدرك تلك الوحدات أن الحفاظ على تلك المعايير والالتزام بها أكثر تلاؤما مع مصالحها ، مقارنة بما قد تحصل عليه من مكاسب حال اتخذها خطوات أحادية الجانب تخالف تلك المعايير .
-أن يكون النظام شاملا ، بحيث لا يستبعد - بصورة تعسفية ونهائية – أي فاعل يرغب في الانضمام والالتزام بالمعايير المحددة فقط بسبب اختلاف وجهة نظره بخصوص قضية معينة . فمسألة قبول أي عضو في نظم الأمن الإقليمية تتوقف على مدى استعداده للالتزام أكثر منه على تغيير صفاته وخصائصه .
-إدراك طبيعة عملية بناء نظم الأمن الإقليمية من حيث كونها عملية مفتوحة النهاية ، يكون خلالها النظام قادرا على التكيف والتطور استجابة للاهتمامات والقضايا الجديدة من خلال تطوير آليات ملائمة ، تسهم كذلك في تمكين الوحدات من العيش معا في انسجام نسبي . فالنظام الذي يهدف لتدمير رؤية معينة أو كيان معين يكون اقرب إلى الحلف منه إلى نظام امن إقليمي. (2)
اذا فالأمن الإقليمي هو سياسة مجموعة من الدول التي تنتمي إلى إقليم واحد تسعى لوضع تعاون عسكري معين أو تمنع أي قوة أجنبية أو خارجية عن إقليم من التدخل في مشاكل ذلك الإقليم . ولذلك فأن الأمن الإقليمي يرتبط بمنطقة جغرافية محدد ومجموعة من الدول فهو أكثر اتساعا من نطاق الأمن الوطني واقل اتساعا من نطاق الأمن الجماعي .ويمكن اعتبار الأمن الإقليمي بالبعد الأمني الخاص متعلقا بمجموعة من الدول المجاورة تتشكل باتصالها الجغرافي وتتشابك اقتصادياتها وتجانسها الديموغرافي وتماسكها المباشر مع الخطر (منطقة أمن مشترك) تكون درجة تحسسها للخطر إلى أمن قوي وأكثر وضوحا مما هو عليه الحال بالنسبة لأقطار المجموعة الأكبر التي تنتمي إليها، وإن وجود الأمن الإقليمي ضروري بين الدول المتجاورة لحماية هذه الدول من العدو والتهديدات الخارجية المسلحة، وضمان سلامة أراضيها ووحدتها الإقليمية والحفاظ على ثروتها الطبيعية وحمايتها من النهب والتبديد وضمان حد معقول من الرفاهية الاقتصادية والازدهار الثقافي والعدالة الاجتماعية والاستقلال السياسي وأي شيء يتناقض مع هذه الأهداف وقد أيدت منظمة الأمم المتحدة وجود مناطق أمنية أقل اتساعا من الأمن الجماعي والتي يمكن من خلال هذه الأقاليم الأمنية الحفاظ على الأمن العالمي وجاء هذا في الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة . (3)
وفيما يتعلق باقترابات إقامة نظام الأمن الإقليمي ، يمكن التمييز بين أربعة اقترابات:
يتمثل الأول فيما يعرف باسم الأمن الشامل ويفترض هذا الاقتراب إدراك وحدات النظام الإقليمي مدى الارتباط بين القضايا العسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية لتحقيق الأمن والحفاظ عليه. فالقضايا الاقتصادية والاجتماعية من قبيل النمو الديموغرافي داخل الوحدات مع ندرة الموارد وتنامي المشاعر ببعد النخبة عن التقاليد الثقافية والعقائدية التي تمثل ركائز المجتمع الوطني، تطرح أخطار قد تتطور إلى حد تهديدها للأمن. ولذلك يتعين على نظام الأمن الإقليمي أولا: أن يميز بين مهددات الأمن ، أي القضايا ذات التهديد المحتمل للأمن الإقليمي، وأخطار الأمن. وهي القضايا التي قد تتطور إلى مهددات إذا ما أهملت. وثانيا تطور الآليات اللازمة لمعالجة المهددات بطريقة تعاونية.
وللتعامل مع الأخطار بطريقة تحول دون تطورها لتصبح سببا للصراع بين وحدات النظام.
ويتمثل الاقتراب الثاني في اقتراب الأمن التعاوني، الذي يؤكد التعاون غير الرسمي بين وحدات النظام الإقليمي لتطوير مجموعة من مبادئ ومعايير السلوك والتي يتم التأكد من مدى الالتزام بها من خلال تنظيم الحوار والمناقشات.
وينصرف الاقتراب الثالث الذي يعرف باسم الأمن المنسق إلى تنسيق الوحدات، سياساتها الأمنية من اجل تحقيق أهداف متفق عليها في حين يفترض الاقتراب الرابع ، إقامة ترتيب للأمن الجماعي تحدد الوحدات في إطاره تهديدا معينا ، يتم توجيه مواردها الدفاعية للتعامل معه فيغدوا أي هجوم على أي من الوحدات بمثابة هجوم على جميع الوحدات.
ويتخذ قرار تبني أي من هذه الاقترابات ، في ظل ما تمتاز به النظم الإقليمية من خصوصية سواء من حيث تاريخها، الثقافة السائدة بها، ما لديها من قدرات دفاعية، أو طبيعة احتياجها. فمثلا نزع جنوب شرق اسيا إلى الأخذ باقتراب أقرب إلى التعاوني يقوم على الحوار والنقاش ، في حين نزعت أوروبا للاعتماد على المؤسسات القانونية والتنظيمية من اجل تقليل شدة المنافسة .
وبالنسبة للنظام الإقليمي الخليجي فان الاقتراب الأمثل له هو اقتراب الأمن الجماعي .
ويمكن النظر إلى النظام الإقليمي الخليجي باعتباره نظاما فرعيا عن النظامين الإقليمي العربي والشرق أوسطي، وهو يتألف من ثماني وحدات سياسية متقاربة جغرافيا وذات خبرة تاريخية مشتركة أو متماثلة . وهذه الوحدات هي دول مجلس التعاون الخليجي ، والعراق ، وإيران . (4)







المراجع:
1- سيروان عارب سيان ، الانعكاسات الجغرافية السياسية لمشكلة التبعية الاقتصادية على الأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ، دراسة في جغرافيا السياسة ، (عمان : دار صفاء للنشر ، 2011) الطبعة الأولى ، ص 43.
2- عبدالجليل زيد الرهون ، امن الخليج بعد حرب العراق ، سلسلة دراسات إستراتيجية 1 (الرياض : معهد الدراسات الدبلوماسية ، 2005) ص ص 15-16 .
3- سيروان عارب سيان ، مرجع سبق ذكره ، ص ص 43-44 .
4- عبدالجليل زيد الرهون ، مرجع سبق ذكره ، ص ص 16-17 .

*هذه المشاركة جزئ من بحث قام به العضو بنفسه