منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By رياض الغامدي
#63432
خلاصة فلسفة هيجل للتاريخ أن الارتقاء في الحضارة الإنسانية إنما يحصل بظهور الأضداد وتصادمها ثم تمازجها , وإن كل دور من أدوار التاريخ في حد ذاته , وكل وجود جسد حي , وأن مختلف نظريات الإنسان من سياسية واقتصادية ومدنية وخلقية وعلمية وعقلية ودينية تكون على مرتبة خاصة ويكون بينها التناسب والتلاؤم والتساند في هذا الدور , كأنها وجوه مختلفة لهذا الوجود الحي أو الوحدة العصرية تجري فيها روح هذا الدور كله .

وعندما ينتهي دور كبير من ترقية روحه إلى أرفع ما يستطيع من معارج الكمال , وعندما تنتهي المبادئ والنظريات والأفكار الإنسانية التي تقوم بتسيير هذا الدور إلى الارتقاء إلى آخر حد من حدود طاقتها , يظهر من حضن هذا الدور نفسه بعد أن يترعرع ويتقوّى عدوه طائفة أخرى من الأفكار والميول والنظريات والمبادئ لا تتولد إلا لأن هذا الدور المتداعي يقتضيها بنفسه , ثم يشرع في محاربة الأفكار القديمة .
وتبقى الحرب قائمة بين القديم والجديد إلى مدة من الزمن .
وأخيراً يحصل الامتزاج بينهما بعد الأخذ والرد وتخرج إلى حيز الوجود حضارة عصرية جديدة بامتزاج عناصر قديمة وأخرى جديدة . وهمذا يبدأ دور جديد من أدوار التاريخ


أما كارل ماركس فقد استقى من نظرية هيجل الفلسفية هذه الفكرة العملية الجدلية وفصل عنها تصور الروح أو الفكرة الأمر الذي كان جوهراص لفسفة هيجل , وجعل الأسباب المادية أو المحركات الاقتصادية وحدها هي الأساس لسير التاريخ وتطوره وارتقاءه . وقال إن الأمر الذي له الأهمية الحقيقية في حياة الإنسان إنما هو الاقتصاد وأن النظام الاقتصادي في كل عهد من عهود التاريخ , هو الذي يرسم الصورة الكاملة للمدنية الإنسانية في ذلك العهد . فالقانون الأخلاقي والدين والفلسفة والعلوم والفنون وبالجملة سائر الأفكار والتصورات الإنسانية لا تتشكل إلا بتأثير هذا النظام الاقتصادي .

أما الوجه الذي تظهر عليه العملية الجديلية أثناء التاريخ عند ماركس فهو أن أي طبقة من الناس عندما تضع يدها على إعداد أسباب الحياة وتهيئتها وتوزيعها وتجعل سائر الطبقات الإنسانية محتاجة إليها متسولة أمامها تحت نظام خاص للاقتصاد , يبدأ القلق والاضطراب يرفع رأسه في الطبقات المستضعفة ويجعلها أخيراً تقوم مطالبة بنظام جديد لتوزيع الثروة الاقتصادية وأسباب الحياة وحقوق الملكية يكون أكثر ملاءمة لمصالحها , مما هو – بكلمات أخرى – جواب لدعوى النظام القديم أو عدوه إنما ينشأ ويكبر في حضنه هو , فهناك يبدأ الصراع وينشب النزاع بينهما , والمجموعة الكاملة لقوانين النظام الحاضر ودينه وأخلاقه ونظرياته لا تؤيد في هذا الصراع إلا النظام القائم في هذت تاعهد من ذي قبل . أما الجهة الأخرى , فإن القوى الناشئة الجديدة , التي إنما تقوم بطالبتها في حقيقة الأمر لتغيير النظام الاقتصادي وأسسه تجد نفسها مضطرة إلى أن ترد هذه المجموعات القديمة للتصورات القانونية والدينية والاجتماعية وترتب بدلاً من منها مجموعة أخرى تكون على وفاق مع نظامها الاقتصادي المنشود . فهذا الصراع الطبقي يبقى قائماً على قدم وساق إلى أن يتبجل النظام الاقتصادي آخر الأمر , وإذا حدث هذا , فلا بد للتصورات القانونية والدينية والأخلاقية والفلسفية القديمة أن تخلي مكانها للتصورات الجديدة .