منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#63439
حلل كارل ماركس المجتمع الرأسمالي وتطور المجتمع البشري انطلاقا من المفهوم المادي للتاريخ، ووضع الأسس لما يعرف ب " المادية التاريخية "، التي صارت تشكل الإطار الرئيسي لعلم الاجتماع الماركسي، وتوفر له الأسس النظرية والمنهجية في دراسة الأبنية والعلاقات والتفاعلات الاجتماعية.
يعتبر مفهوم التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية أهم مفهوم في المادية التاريخية في تشخيص وتحليل تطور المجتمع البشري. حيث أن كل تشكيلة اقتصادية اجتماعية هي جهاز اجتماعي خاص يتطور حسب قوانينه الخاصة به. وما يحدد طبيعة وخصائص كل تشكيلة منها، أو كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع البشري، هو " أسلوب الإنتاج " الخاص بها، الذي هو شكل معين ومحدد لنشاط الناس المعيشي ونمط حياتهم، ويتألف من وحدة قوى الإنتاج ( أدوات ووسائل الإنتاج والبشر المنتجين) وعلاقات الإنتاج ( التي تنشأ بين الناس في نشاطهم الإنتاجي). وتدرس المادية التاريخية تطور تاريخ المجتمع البشري على أنه عملية تاريخية طبيعية واحدة مقوننة لتطور الإنسانية، ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أكثر تطورا، لها ميزاتها وخصائصها وقوانينها. وقد مر المجتمع البشري في تطوره بخمس مراحل أو تشكيلات اقتصادية اجتماعية، تنقسم إلى مجموعتين كبيرتين، الأولى هي التشكيلات الطبقية المتناقضة، وهي تشكيلة الرق أو العبودية، والإقطاعية، والرأسمالية. وهذه التشكيلات تقوم على أساس علاقات السيطرة واستغلال الإنسان للإنسان، لأنها قائمة على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. كما أن المشاكل الاجتماعية فيها خلال عملية التطور تحل بالنضال الطبقي المرير، وعن طريق الثورات. والمجموعة الثانية هي التشكيلات اللاطبقية القائمة على علاقات التضامن والمساواة الاجتماعية، وتضم مرحلة المشاعية البدائية والمرحلة الشيوعية التي تعتبر أعلى مراحل تطور المجتمع البشري ([43] ).
اعتبر ماركس أن انتشار الرأسمالية وتوسعها أدى إلى القضاء على الحياة التقليدية للمجتمعات الأوروبية وشجع على التصنيع، وحررت الفلاحين من نظام الإقطاع، وأقامت علاقات إنتاج اجتماعية رأسمالية. حيث أن الرأسمالية حطمت التشكيلات التقليدية الجامدة، وأنشأت نمطا إنتاجيا عصريا وحديثا وأكثر عقلانية. غير أن الرأسمالية أيضا في تطورها تنطوي على جوانب سلبية وسيطرة واستغلال من نمط جديد بسبب الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ([44] ).
وترى الماركسية أن كل تشكيلة اجتماعية اقتصادية طبقية، تسود فيها أيديولوجية الطبقة المسيطرة، ومع تفاقم التناقضات الاجتماعية، تظهر أيديولوجية جديدة تعكس مصالح الطبقات المضطهدة. ومع انقسام المجتمع إلى طبقات تصبح العلاقات السياسية والحقوقية والأخلاقية وغيرها، شكلا للعلاقات الأيديولوجية، ويدخل الناس في هذه العلاقات مع ظهور الوعي الطبقي، حيث أن نضال وتطور نضال الطبقة العاملة السياسي ضد الرأسمالية لا يمكن بدون نظرية ثورية وحزب ثوري للحركة العمالية، أي بدون وعي سياسي للجماهير ([45] ). إن الأيديولوجية كجزء من البناء الفوقي يظهر معها مؤسسات ومنظمات مختلفة كالدولة والمؤسسات القانونية والأحزاب السياسية، والاتحادات المهنية والمنظمات الدينية والمؤسسات الثقافية والعلمية وغيرها. وتعتبر الدولة المؤسسة الرئيسية للبنيان الفوقي في المجتمع الطبقي والتي تحرسه وتحميه. فبمساعدتها تصبح الطبقة المسيطرة على الاقتصاد، مسيطرة في مجال البنيان الفوقي أيضا. والدولة تملك وسائل مادية للسلطة، مثل الجيش والشرطة والسجون، لتتمكن بواسطتها من القيام بوظيفتها وإخضاع المجتمع لمصالح وإرادة الطبقة المسيطرة