منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By عبدالله المخلف13
#63537
مقدمة :



الاوضاع السياسية في بلد ما وفي زمن ما هي جزء من الحالة الحضارية لذلك البلد. والحالات الحضارية لا تثبت على حال
الا ان يشاء الله (وتلك الايام نداولها بين الناس) ولا تتقوم بلون او جنس او لغة او منطقة جغرافية كما يعتقد العنصريون
والاقليميون وان تأثرت بذلك .

والحالات الحضارية متعددة في الحياة:

أ ـ الحالة الحضارية البدائية: وهي الحالة التي يعيش فيها الناس منقطعين عن المفاهيم الدينية الالهية او المفاهيم التي تطورت وتغيرت عنها، ويعيشون في أفق حياتي بدائي وفي مناطق جغرافية ضيقة نسبيا كالمجتمعات الوثنية في أفريقيا و اميركا.

ب ـ الحالة الحضارية المتمدنة المنقرضة: وهي التي عاش الناس فيها في حركة حضارية متطورة وتوصلوا الى اوضاع حياتية متقدمة من ناحية فكرية ومدنية كالحالات الحضارية القديمة في مصر والعراق وايران واليونان وغيرها.

جـ ـ الحالة الحضارية القلقة: وهي الحالة التي يعيش فيها الناس بمفاهيم مختلطة تتجاذبهم اتجاهات مختلفة ويكون في المجتمع قابلية للتغيير و الانتقال الى حالة حضارية اخرى كما هي اوضاع الجزيرة قبل الاسلام وحالة بعض المسلمين اليوم.

د ـ الحالة الحضارية المنطلقة: وهي الحالة التي تعقب الحالة الحضارية القلقلة بعد ان تنمو في داخل المجتمع مفاهيم جديدة تستقر ويتغير على اساسها المجتمع و تنطلق الحضارة الجديدة لتنشر نفوذها. كما هي الحالة في الحضارة الاسلامية و الحضارة المادية بقسميها الرأسمالي و الشيوعي في بداية انطلاقتها.

هـ ـ الحالة الحضارية المستقرة: وهي الحالة التي تعقب انطلاق الحضارة كالحضارة في العالم الرأسمالي الغربي و العالم الشيوعي اليوم.

وـ الحالة الحضارية الشائخة: وهي الحالة التي تعقب الاستقرار الحضاري بعد ان يطرأ التفسخ على المجتمع كالحضارة الاسلامية بعد العهد العباسي الاخير.

زـ الحالة الحضارية الراكدة: وهي امتداد للحالة الحضارية الشائخة بعد ان تتجمد المفاهيم الحياتية وتنتهي الحيوية في المجتمع كما هي حال المسلمين في القرنين الاخيرين. ولكن ظهور التحسس عند كثير من المسلمين يجعل المسلمين يعيشون الركود الحضاري و القلق الحضاري.

ان الدعوة للاسلام تقوم بالمحاولة الجادة للتغيير و تتأثر بها المجتمعات الاسلامية الاقرب فالاقرب.

الاوضاع السياسية في عالم اليوم

الاوضاع السياسية في العالم الرأسمالي و الشيوعي تأخذ دور الاستقرار تبعا للحالة الحضارية فيها، فالاهداف السياسية واضحة و السلوك اليها بيَّن ... وفي كلا العالمين افكار وعادات وتقاليد و اعراف سياسية لها معالم و اتجاهات واضحة.

والسياسة التي هي رعاية شؤون الناس في الداخل و الخارج لها اسس و تفاصيل تسير عليها الدولة و يتعامل بها السياسيون بلا تغيرات و تذبذب الا بمقدار ما هو مقبول و متوقع ولكل من الدول الرأسمالية و الشيوعية طريقة خاصة في ذلك مأخوذة من فكرها الاساسي.

اما الاوضاع السياسية في العالم الاسلامي فهي قلقة تبعا لحالته الحضارية القلقة تتجاذبها عوامل التغيير و عناصر الركود و تضغط عليهاالقوى الاستعمارية وتقاوم هذه الضغوط بردات فعل متفاوتة.

من الذي يرسم السياسة الداخلية و الخارجية في بلاد المسلمين؟ هل يتولى ذلك الحكام أنفسهم ؟ أم ممثلو الشعب ؟أم الاختصاصيون من اهل البلاد؟

ان الاطر التشريعية و القانونية السياسية المعمول بها قد وضعها المستعرون انفسهم وروضوا المسلمين على قبولها وتركوا لهم حرية الحركة ضمن هذه الاطرتحت رقابتهم القريبة و علاقتهم المباشرة ، ولذلك فاننا نرى المستعمرين يحاصرون الحاكم الذي يصل الى الحكم خارج دائرة مؤامراتهم كي يضطروه للارتباط او السقوط . ويتآمرون على الحاكم المرتبط الذي يختلف معهم في امور يعتبرونها جوهرية.

ان السياسة الخارجية و الداخلية في العالم الاسلامي هي من رسم الدوائر الاستعمارية الكافرة و تطبيق حكام المسلمين

والا فبماذا نفسر:

أ ـ تدفق اموال المسلمين الى الدول الغربية؟

ان الولايات المتحدة حصلت من اموال الاوبيك على اثني عشر بليون دولار سنة 1974 وعلى عشرة بلايين دولار سنة 1975 ، و السوق المصر في الاوروبي حصل من اموال الاوبيك على 5،22 بليون دولار سنة 1974 و 8 بلايين دولار سنة 1975 ، و السوق المصر في البريطاني حصل من اموال الاوبيك على 5،7 بليون دولار سنة 1974 و4 بليون دولار سنة 1975، وبقية الدول المتقدمة حصلت من اموال الاوبيك على 6 بلايين دولار سنة 1974 و 75، 7 بليون دولار سنة 1975 ، و ان الدول الفقيرة حصلت من اموال الاوبيك على 4 بلايين دولار سنة 1974 و 6 بلايين دولار سنة 1975 تحت اشراف و توجيه الدول الاستعمارية ، وان المؤسسات المصرفية الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي حصلت من اموال الاوبيك على 75، 3 بليون دولار سنة 1974 و25، 4 بليون دولار سنة 1975.

هذا التبذير في اموال المسلمين الهائلة بينما البلاد الاسلامية من اكثر البلاد حاجة الى الاموال لاعمارها.

ب ـ اضطهاد المسلمين في بلادهم:

الدعوة الاسلامية في العراق، والحوزات العلمية في العراق وايران و الحركات الاسلامية في الباكستان و مصر و الصومال و اندونيسيا و المغرب وايران و اضطهاد الفلسطينيين في لبنان وغيره.

تقول مجلة الدعوة المصرية:

(تجري مطاردة كل شاب مؤمن وايداعه في السجن بمجرد اتهامه بانتمائه الى الاسلام و الدعوة اليه مع تعريضه لأقسى انواع التعذيب في احد ملاحق قصر النهاية الرهيب او الامن العام او مديرية مكافحة النشاط الرجعي (؟) في بغداد و الفرات الاوسط او الفروع الاخرى وعلى ايدي اقسى الجلادين المدربين على التعذيب و التنكيل في المانيا الغربية امثال فاضل الزركاني و محمد عباس وعبدالحميد البكاء وعلي الخاقاني وعبدالله وفيق السامرائي و احسان وفيق السامرائي وغيرهم..

وفي سجن الفضيلية ببغداد وحده ما يقرب من 400 معتقل من الشباب الجامعي و الاساتذة و المثقفين وكل تهمتهم الانتماء الى الاسلام فكرة وعقيدة وسلوكا. ولا يألو النظام البعثي جهدا في حمل الشباب على الانتماء لحزب البعث بكافة الطرق والوسائل والا فان مستقبله معرض للضياع وذلك بمنعه من دخول الجامعة او الالتحاق بوظيفة او عمل. ومطاردة العلماء الاسلاميين والدعاة الى الفكر الاسلامي لاتفتر، واعدام خيرة العناصر منهم امر ليس بغريب على الحكام ولعل الشيخ الشهيد عبدالعزيز البدري و الشيخ الشهيد عارف البصري الذين اعدمهما البعث مع مجموعة من كبار علماء بغداد لأكبر دليل و شاهد.

جـ ـ وبماذا نفسر الانقلابات العسكرية المتلاحقة في بنغلادش و العراق وسوريا و الافغان و باكستان؟ وبماذا ظهور قوانين متشابهة في اقاليم واقطار لاتنسيق قانوني و تشريعي بينها.

لا يمكن تفسير هذه القضايا وغيرها في السياسة الخارجية والداخلية في بلادنا الا بأنها مرسومة في الخارج و مطبقة في الداخل من قبل الحكام.

التخلف السياسي

تأمل في اوضاع حضارية في امة ناهضة وقارنها بأوضاعنا الحياتية. هل تجد فرقا بين السياسة الخارجية في بريطانيا و السياسة الخارجية في مصر.

هل تلاحظ الفرق بين الانتاج الصناعي في المانيا و الانتاج الصناعي في العراق؟

هل تجد فرقا بين التطور الزراعي في الدانمرك وسوريا؟

وهل تشاهد الفرق بين الانتاج الحربي في فرنسا وايران؟

الفروق واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار. انها التخلف والامية الصناعية و امية التطوير الزراعي و امية التربية و التعليم والامية العسكرية الخ..

وان اهم مفردات هذا التخلف وهذه الامية التخلف السياسي ونقصد به: (فقدان الفهم السياسي الصحيح في عالمنا الاسلامي على اعتبار ان السياسة رعاية شؤون الامة في الداخل و الخارج. وفقدان الاهداف السياسية الصحيحة. وفقدان العمل السياسي الصحيح).

اسباب التخلف السياسي

التخلف السياسي متعدد الجوانب و الاسباب، ومن اهم اسبابه ما يلي:

1 ـ اختلاط الاشياء والاحداث و الموازين، لغياب القاعدة الموحدة فقد اخذ بعض المتعلمين المسلمين بالفكر الماركسي، و السياسيون بصورة عامة بالفكر الرأسمالي، و الاسلاميون بالفكر الاسلامي، وعامة الناس تتأثر بهذا الميزان و ذاك.

2 ـ عدم المبالاة بالقضايا العامة، و هو شائع بين الناس ، و الفرق بين الفئات المختلفة فرق كمي لانوعي، ولذا فان حمل هموم الامة من الامور النادرة, وما يظهر من اهتمامات لدى الاحزاب و السياسيين انما مرده على العموم الى الاهتمامات الخاصة التي تصبغ بالصبغة العامة خداعا ورياء.

3 ـ غياب الاسس الفكرية و العملية للفهم السياسي، الامر الذي يجعل السياسيين يتخبطون في فهم الاحداث السياسية وتفسيرها، ويجعل الناس يتخبطون في فهم الاحداث وفهم الاخلاص في العمل السياسي، وكأمثلة على ذلك:

أ ـ التفاف المسلمين في تركيا حول اتاتورك و في ايران حول رضا شاه وفي البلاد العربية حول عبدالناصر.

ب ـ تفسيرات السياسيين ورجال الاحزاب لهزيمة العرب امام اليهود عام 1967.ومن اطرف التفسيرات ما جاء به القوميون العرب وهم من اكثر الفئات السياسية اهتماما بالثقافة السياسية فقد فسروا الهزيمة بسبب سيادة الفكر البورجوازي لدى قادة العرب وقد استعرضوا الحركات الثورية المعاصرة فوجدوا ان الحركة الثورية في كوبا وفيتنام قد نجحت، وبما انها ماركسية فان النجاح الثوري منوط باعتناق الفكر الماركسي ولذلك تحولت حركة القوميين العرب الى حركة ماركسية وتسمَّت باسم الجبهة الشعبية و حزب العمل الاشتراكي الخ...

جـ ـ عندما يتحدث الشيوعيون و الماركسيون عن السياسة في البلاد الاسلامية يتحدثون من خلال القوالب الجاهزة في الفكر الماركسي عن الطبقية و الاقطاعية و الرأسمالية ويضعون انفسهم في واد وما يحدث في العالم الاسلامي من احداث سياسية و اقتصادية في واد آخر، وكذلك الاحزاب و السياسيون الآخرون ينظرون الى الحياة السياسية لا بملاحظة الواقع وربط قضاياه بعضها بالبعض الآخر من خلال جذورها وفروعها وانما بمنظار مفاهيم وقوالب منقولة عن الاحزاب الاوروبية و مختلفة كلية عن البيئة السياسية الحضارية للعالم الاسلامي.

ان الفهم السياسي ينبغي ان يبنى على حقائق سياسية موجودة في الواقع و الحقائق السياسية في العالم الاسلامي لا يمكن فصلها عن جذورها.

4 ـ منع العمل السياسي: الا على الحكام ومن يسير في ركابهم مما يجعل مجال التعايش السياسي ونشر الوعي السياسي لا يتم الا في نطاق ضيق او يبقى المجال الاعلامي مفتوحا للاجهزة الاستعمارية و السياسيين و الاحزاب التي تسير في ركابها. ان ابواب التضليل السياسي في عالمنا الاسلامي مفتوحة على مصراعيها و مجال التوعية السياسية مغلق.

5 ـ الاطلاع السطحي: على ما يحدث من احداث و اعمال للسياسيين و الاحزاب وما يكتب عنها وعدم التمحيص و التدقيق فيها ومن ثم الابتعاد عن الفهم السياسي. وقد تهكم موشي دايان على ذلك عندما سأله الصحفيون الغربيون كيف تنفذ في حرب 67 خطة اعلنت عنها ونشرتها من قبل، ألا تخشى ان يكون العرب قد احتاطوا للامر؟ فأجاب بأن العرب لا يقرؤون . ان كثيرا من الحقائق السياسية تنشر بوسائل مختلفة ويمكن لأي متتبع مؤهل للفهم ان يعي ما يحدث في العالم بالرغم من التضليل، ولكن الاكتفاء بالاطلاع السطحي يجعل السياسيين وعامة الناس لا يفرقون بين القول المقصود به الدعاية و التضليل، والقول الذي يدل على الحقيقة.

6 ـ النظرة السطحية للمستعمرين وتتجلى بـ :

أ ـ الانخداع بالاساليب الاستعمارية الخبيثة كما انخدع العرب بشعار القومية العربية الذي رفعوه لهم لضرب الدولة العثمانية والاستيلاء على المنطقة، وكما انخدعوا باعلانات الحكم الوطني و الاستقلال وبالثورات التحررية، وكما انخدعوا باعلانات تأميم النفط، وكما انخدعوا بجون كنيدي وجيمي كارتر من حكام الولايات المتحدة مع ان سياسة اميركا لا تتغير بتغير الحكام.

ب ـ الاندفاع في تأييد استعمار مقابل استعمار آخر كاندفاع جمهرة الناس في تأييد المانيا النازية في الحرب الثانية مع ان المطامع الاستعمارية لالمانيا لا تختلف عن مطامع فرنسا وبريطانيا في ذلك الوقت . ويشبه ذلك اندفاعهم في تأييد روسيا في صراعها مع اميركا.. الخ...

جـ ـ الانخداع ببعض مظاهر الاستعمار الانسانية والتقدمية (..) والغفلة او التغاضي عن مشاريعه و مخططاته الرامية لفرض سيطرته الفكرية و السياسيةو العسكرية والاقتصادية كما ينخدع جمهرة الناس بشعار الديمقراطية و الحرية الرأسمالية وشعار العدالة الشيوعية و مؤسسات التبشير و الثقافة.. الخ .

7 ـ العيش بالنفس القصير، وفقدان ارادة العمل للهدف السياسي بالنفس الطويل، حيث لا يشعر الناس الا بحياتهم الآنية ومشاكلهم الفعليه، ويلتفون حول من يرفع لهم شعار الخروج منها دون النظر الى ما سيصلون اليه بعد سنوات. مما يجعل الستعمرين الكفار وعملاءهم يستغلون هذه الحالة ايما استغلال ، كما هو الحال في تعب الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بشكل خاص من الصراع مع اليهود.