منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#63811
إسرائيل تدخل على خط الأزمة السورية بشكل مباشر، جملة من المؤشرات والإجراءات التي اتخذتها الدولة العبرية في الأيام الأخيرة، تجعل منها لاعباً أساسياً معلناً في هذه الأزمة، ورغم أن هناك تفاوتاً في الآراء فيما إذا كانت إسرائيل ستبقى أفضل مع بقاء الأسد أو مع رحيله، فإن إسرائيل لم تلتزم الترقب والانتظار والعمل السري إزاء تلك الأزمة التي تتواصل بالقرب من حدودها الشمالية، ولم تنتظر طويلاً أمام القراءات المختلفة حول مصالحها من وجهة نظر المحلّلين والمراقبين، وبينما تقول إسرائيل إن إجراءاتها تلك هي استجابة لضرورة الحفاظ على أمنها إزاء احتمالات تسرب السلاح الكيماوي السوري إلى "حزب الله"، فإن هناك من يرى أن إسرائيل لم تعد تخشى من أية احتمالات تتعلق بالوضع في سورية، سواء بقي الأسد أم جاء من بعده من يجيء، معارضة مدنية أو معارضة إسلامية "النصرة" ذلك أن سورية لم تعد لها قائمة، خاصة في ظل انهيار قواها العسكرية والأمنية، وان الوضع القادم لسورية، يخدم المصالح الإسرائيلية في كل الأحوال، غير أنها ملزمة على وضع رتوش إضافية خشية من تداعيات محتملة يجب أن تحسب لها حسابات، خاصة فيما يتعلق بـ "حزب الله" اللبناني.
هكذا يمكن تفسير قيام إسرائيل بضرب مواقع حيوية واستراتيجية بالقرب من العاصمة دمشق وقوافل قيل إنها تنقل أسلحة مضادة للطائرات إلى "حزب الله"، وهو الأمر الذي لم تتسرع إسرائيل بالإعلان عنه إلاّ عبر تسريب سريع من قبل وزير الحرب الإسرائيلي باراك، وبينما كانت دمشق ما تصمت عادة إثر كل ضربة عسكرية إسرائيلية، سواء في دمشق أو في شمال شرقيها عندما ضربت إسرائيل ما قيل عن مراكز نووية قبل بضع سنوات، فإن دمشق، هذه المرة، سارعت على غير العادة بالإعلان عن الضربات الإسرائيلية، هذا الإعلان الذي تحاول دمشق من خلاله الإشارة وكأنما الحرب الدائرة الآن على كامل مساحتها، هي حرب إسرائيلية عليها، مباشرة أو غير مباشرة، وان نظام الأسد إذا ما سقط، فإنما تم ذلك بفعل العدوان الإسرائيلي وليس نتيجة لانتصار الثورة السورية.
إلاّ أن إسرائيل، رغم إدراكها أن أي نظام قادم لن يكون بوسعه إشعال حرب معها، حتى لو رغب في ذلك، نتيجة لاختلال ميزان القوى العسكري بشكل كبير لصالحها، فإنها لا تزال تخشى من تسرب قوى وجماعات إلى الحدود معها، الأمر الذي سيسبب إزعاجاً غير مرغوب فيه، خاصة إذا كانت هذه القوى تقوم على تعاون مع "حزب الله"، من هنا يتم الحديث الإسرائيلي عن إقامة منطقة عازلة بهدف منع الجماعات المتشددة من الاقتراب من الحدود في حالة انهيار نظام الأسد الذي منح هذه الحدود كل الهدوء والاستقرار الذي نعم فيه الشمال الإسرائيلي المتاخم للحدود مع سورية، ورغم ضم إسرائيل لهضبة الجولان السورية المحتلة، المنطقة العازلة هذه، شبيهة بما كان الأمر عليه مع حدود الدولة العبرية مع لبنان، وما هو قائم فعلاً مع قطاع غزة، كجزء من العقيدة العسكرية الإسرائيلية، إذ دائماً الحرب تقوم معها على أرض غيرها.
وتحسباً لكافة الاحتمالات، ولإشعار كافة القوى أنها أكثر استعداداً لأية مواجهة محتملة، قامت الدولة العبرية بإجراءين أساسيين، يتمثل الأول في توزيع الكمّامات الواقية من الاسلحة الكيماوية على سكان المستوطنات شمال فلسطين المحتلة، بينما تمثل الثاني في نصب منظومة "القبة الحديدية" في منطقة مرج ابن عامر في منطقة الناصرة، بعدما كان قد نصبت في وقت سابق منظومتين أخريين في خليج حيفا، ووسط الجليل الشمالي، تحسباً لأي سيناريو من المحتمل أن يشعل المنطقة، خاصة وأن المحلّلين العسكريين في إسرائيل يشيرون إلى ثلاثة سيناريوهات: الأول، قيام "حزب الله" بإطلاق عدد من الصواريخ، كما حدث خلال السنتين الأخيرتين، أما السيناريو الثاني، فيتضمن قصفا سورياً بالصواريخ، إلاّ أن هذا السيناريو أقل احتمالاً، أما السيناريو الثالث، فيتضمن تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، وهو احتمال قائم،