منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#65666
يدور موضوع هذه الرسالة حول دبلوماسية المؤتمرات فى عصر الأمم المتحدة، بوصفها إحدى الظواهر البارزة فى العلاقات الدولية المعاصرة إذ شهدت الفترة التى تلت الحرب العالمية الثانية نموا وتزايدا ملحوظين فى عقد المؤتمرات الدولية سواء على المستوى الإقليمى أو العالمى.

وقد أوضحت الاجتماعات الدولية ـ وبصفة خاصة ـ مؤتمرات القمة ـ هى الرد العملى والضرورى لمواجهة المشكلات العالمية التى تهدد البشرية كالتصحر والجفاف والجوع وتلوث البيئة وتعتبر دبلوماسية المؤتمرات إحدى الوسائل التى يعول عليها لفض المنازعات الدولية سلميا، خاصة بعد تزايد بؤر التوتر فى كثير من مناطق العالم.

وتكتسب المؤتمرات الدولية بحد ذاتها أهمية خاصة إذ أوضحت تضطلع اليوم بدور كبير فى تثبيت أركان النظام الدولى المعاصر من خلال تدوين وتطوير قواعد القانون الدولى فى شكل معاهدات واتفاقيات دولية، وإنشاء العديد من الأجهزة والمنظمات الدولية وتنقسم الدراسة إلى فصول أربعة يسبقها فصل تمهيدى وتعقبها خاتمة وملاحق ثلاثة وقد جاء الفصل التمهيدى تحت عنوان ـ التطور التاريخى للمؤتمرات الدولية ـ وكان القصد من استعراض التطور التاريخى هو الوقوف على نظام هذه المؤتمرات من الناحيتين التنظيمية والموضوعية، وقد خلص الباحث فى هذا الخصوص إلى أن حسم القضايا الأساسية فى إطار المؤتمرات الشاملة يتم أساسا من قبل الدول الكبرى وأن مشاركة الدول الصغرى كثيرا ما تكون صورية أو رمزية.

فما تقرر فى المؤتمر فيينا لعام 1815 كان باتفاق الدول الأربع الكبرى فى ذلك الحين وهى (بروسيا، بريطانيا، النمسا، روسيا) والشىء ذاته نجده كذلك بالنسبة لمؤتمر فرساى لعام 1919 إذ قسمت الموضوعات الرئيسية من قبل فرنسا، وإيطاليا، بريطانيا، الولايات المتحدة ولم يختلف الأمر كثيرا فى مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 إذ سبقت المؤتمر عدة اجتماعات فى يالتا وطهران وبوتسدام ودمبارتون أوكس ضمنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى وبريطانيا تم فيها الاتفاق على القواعد الأساسية التى تشكل نظام الأمم المتحدة.

ومن ثم فإن نتائج المؤتمرات الدولية وعلى وجه الخصوص مؤتمرات الصلح ليست سوى انعكاس لتوازن القوى القائم قبل وأثناء المؤتمر وهذا يعنى أن انعقاد المؤتمر الدولى للسلام فى الشرق الأوسط والذى تزايدت الدعوة إليه فى الآونة الأخيرة لن يكون فى صالح الطرف العربى ـ على الأقل فى الوقت الراهن ـ لأن نتائج المؤتمر ـ فيما لو انعقد ـ لن تكون سوى تقدير للواقع القائم أو لن تخرج كثيرا عنه ويتناول الفصل الأول:

تصنيف المؤتمرات الدولية فى محاولة من الباحث لتحديد قواعد الإجراءات التى تحكم كل نوع من أنواع المؤتمرات الدولية، وكذلك لتحديد العلاقة بين مستوى التمثيل فى المؤتمر وطبيعة الموضوعات محل البحث، وأيضا لتحديد العلاقة بين مستوى التمثيل ونتائج المؤتمر وقد عرض الباحث لنوعين من المؤتمرات فى عصر الأمم المتحدة الأول المؤتمرات الدورية التى تدعو إليها منظمة دولية قائمة، والثانى ما يسمى بالمؤتمرات المستقلة، والتى تتولى دولة أو أكثر الدعوة إليها وقد أوضحت المؤتمرات المستقلة هذه تلعب دورا حيويا فى دفع العلاقات الدولية من خلال مناقشة القضايا ذات الأهمية والتى قد تعجز المنظمات الدولية عن مناقشاتها، أو لا يتسنى لها بحثها على الوجه المناسب من ذلك على سبيل المثال مؤتمر باريس للتعاون الاقتصادى الدولى (1975 ـ 1977)، والذى نوقشت فيه قضايا الطاقة والمواد الأولية والتنمية.

فالمعلوم أن هذا المؤتمر قد عقد أساسا لمناقشة القضايا عن التعامل معها بصورة إيجابية غير أنه فى مقابل هذه الإيجابيات توجد بعض العيوب التى يمكن أن تؤخذ على هذا النوع من المؤتمرات، منها مثلا أن الدولة الداعية للمؤتمر قد تسعى للسيطرة على أعماله، كما قد يكون هناك نقص فى عملية الإعداد والتحضير التى قد تنعكس سلبيا على نتائجه، وفى حالة التوصل إلى نتائج قد لا يتسنى متابعة تنفيذها لعدم وجود جهاز دولى دائم يتولى القيام بهذه المهمة، ولعل تجربة مؤتمر باريس المشار إليه خير دليل على صحة هذا الاستنتاج، فما توصل إليه المؤتمر من نتائج متواضعة لصالح الدول النامية لم تجد طريقها إلى حيز التنفيذ.

وقد خلص الباحث فى هذا الفصل إلى وجود علاقة ارتباط بين مستوى التمثيل والالتزام بنتائج أعمال المؤتمر، فقد تحاول إحدى الدول تجنب بعض الالتزامات الدولية المحتملة من خلال تخفيض مستوى تمثيلها فى مؤتمر ما، كأن يوفد رئيس دولة ما وزير خارجيته أو ممثله الشخصى إلى مؤتمر يحضره رؤساء الدول أو الحكومات، كما هو الحال فى العديد من مؤتمرات القمة التى تعقد فى نطاق جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الأفريقية ويعالج الفصل الثانى:
الجوانب التنظيمية والفنية فى المؤتمرات الدولية أى الإطار الشكلى للمؤتمرات الدولية من تحديد لمكان الانعقاد، الدعوة، الإعداد، تشكيل الوفود، نظم اللجان، علانية الجلسات وسريتها، نظام الأسبقية، البت فى مسألة الاختصاص ونقاط النظام وهل توجد قواعد مستقرة فى مجال تنظيم وإدارة المؤتمرات الدولية ومن نتائج المعتبرة فى هذا الخصوص:

ـ لا توجد قيود على تشكيل وفود الدول إلى المؤتمرات الدولية، وهذا يعتبر فى واقع الأمر توكيدا لمبدأ سيادة الدولة فى المجال الخارجى غير أن هذا التشكيل يتحدد من واقع المر وفقا لمكانة الدولة ونفوذها السياسى والاقتصادى، وهذا يفضى إلى تحكم الدول الكبرى فى تصريف أعمال المؤتمرات الدولية فى حين لا يكون الأمر كذلك بالنسبة للدول المتخلفة التى لابد لكثير منها إيفاد الكوادر اللازمة لتمثيلها تمثيلا كافيا فى نشاط وأعمال المؤتمرات الدولية.

ـ هناك صعوبة تكتنف قرار مشروع نظام داخلى موحد لمؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة ومرجع ذلك فى حقيقة المر عدة اعتبارات:
فمن ناحية أولى، هناك اختلاف ظروف وطبيعة الموضوعات التى يبحثها كل مؤتمر، ومن ناحية ثانية، هناك الحقيقة التى تتعلق بالسلطة الكاملة لكل مؤتمر فى وضع قواعده الإجرائية وقبل هذا كله فإن حقوق السيادة للدول المشاركة لا تقبل الأحكام المسبقة ويناقش الفصل الثالث:
عملية صنع القرار فى المؤتمرات الدولية ويعرض الباحث فى هذا الفصل لموضوعات ثلاثة اختص كل منها بمبحث، الموضوع الأول ـ المراحل العادية لوضع مشروع قرار ـ الثانى ـ التصويت فى المؤتمرات الدولية ـ، الثالث ـ نظام توافق الآراء ـ، بوصفه أحد الأساليب الأكثر شيوعا فى المؤتمرات الشاملة، وقد أثبتت الدراسة أن قاعدة الإجماع كانت هى السائدة فى مؤتمرات مل قبل الحرب العالمية الأولى.

وهذا أمر طبيعى ومتوقع بالنظر إلى أن مبدأ السيادة المطلقة فى نطاق العلاقات الدولية وليس أدل على ذلك أن عهد العصبة قد أخذ بنفس القاعدة بل لازلنا نجد لها أثرا فى العديد من المنظمات الدولية التى قامت فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولعل ميثاق جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى دليلا على ذلك غير أن قاعدة الإجماع هذه لم تعمر طويلا خاصة فى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية وإن لم تلغ تماما فقد تراجعت قاعدة الإجماع لتفسح المجال أمام قاعدة الأغلبية بصورها وأشكالها المختلفة وعلى الرغم من المزايا العديدة التى يحققها نظام الأغلبية فى اتخاذ القرارات مقارنة بقاعدة الإجماع، إلا أنه سرعان ما دب الخلاف وحدثت المواجهة فى نطاق العديد من المؤتمرات الدولية بين مجموعة الدول القديمة وخاصة الكبرى منها وهى التى ساهمت فى وضع قواعد القانون الدولى التقليدى، وهى التى أضحت تمثل الأقلية فى نطاق المجتمع الدولى المعاصر.

وبين مجموعة الدول حديثة الاستقلال من جانب آخر ففى حين شعرت الدول الكبرى التى يهمها بالأساس المحافظة على الوضاع بأن قاعدة الأغلبية لا تتفق ومصالحها، طالبت الدول حديثة الاستقلال بالنظر إلى كثرتها العديدة بضرورة التمسك بهذه القاعدة، ونتيجة لذلك صار واضحا أن إقرار الاتفاقيات الجديدة بموجب قاعدة الأغلبية قد لا يحقق الهداف المنشودة من تلك الاتفاقيات التى ترتبت على كنف الدول الكبرى التزامات دولية لصالح القوى الجديدة طالما أن الدول الكبرى لم توافق على الاتفاقيات ابتداء وفى محاولة للخروج من هذا المأزق، أوجدت الممارسة العلمية ما يسمى بنظام توافق الآراء ويعنى هذا النظام بذل الجهد الممكنة خلال مرحلتى المناقشات والمفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق عام يحظى بقبول كافة الأطراف، ومن ثم فإن النص المعتمد هو فى حقيقة الأمر مزيج من المكاسب والتنازلات غير أن أعمال قاعدة توافق الآراء لا يمنع من استخدام الدول لحقها الأصيل فى طلب التصويت لتبدى موقفها علنا تجاه النصوص المقترحة، أو أن تبدى تحفظاتها على القرارات والاتفاقيات التى يعلن عنها فى ختام المؤتمر وقد خصص الباحث الفصل الرابع:

والأخير لدراسة الإطار الموضوعى للمؤتمرات الدولية ويعد بذلك المفاوضات الشاملة على أساس أن المفاوضات تجرى بين مجموعات أو كتل دولية وقد أبرزت ديناميكية ـ التفاوض الجماعى ـ فى النماذج محل البحث عددا من الخصائص أهمها:

ـ أن الدول الصناعية المتقدمة ليست لديها الرغبة فى تقديم تنازلات لصالح الدول النامية، وأبلغ دليل على ذلك ما توصل إليه مؤتمر باريس للتعاون الاقتصادى الدولى (1975 ـ 1977) من نتائج متواضعة، فضلا عن أن تلك النتائج لم تجد سبيلا إلى التنفيذ.

ـ ظهور الرغبة لدى الأطراف الأساسية لقبول ـ حلول وسط ـ وهذا ما نلمسه فى كثير من المؤتمرات الشاملة مثل مؤتمر الأمم المتحدة للدول الأقل نموا (باريس 1981) وقد ظهر هذا الاتجاه بصورة أكثر وضوحا فى مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار (1974 ـ 1982) حيث جاءت الاتفاقية التى أقرها المؤتمر محققة تقريبا لمطالب جميع الأطراف المشاركة فى المؤتمر.

ـ يقوم نظام المجموعات على أساس المصالح أكثر منه على ـ الأيديولوجية:
وقد برز فى مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار الذى تميز بوجود مجموعات تجمعها مصالح مشتركة بغض النظر عن انتماءات الأيديولوجية مثل مجموعة الدول الحسبية والدول الساحلية، والدول المتضررة جغرافيا.

ـ يلاحظ عزوف الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتى عن الاشتراك فى المفاوضات الشاملة التى تعنى بإقامة نظام اقتصادى دولى جديد بمقولة أن تردى الأوضاع فى الدول النامية ما هو إلا نتيجة للحقبة الاستعمارية، ومن ثم تتحمل تبعته الدول الغربية.