منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#66317
ارتبطت العلاقات اليابانية-الفلسطينية بتطوير العلاقات العربية-اليابانية، خاصة بعد تداعيات أزمة 1973.
غير أن اليابان قد حرصت بغية إرضاء الولايات المتحدة عدم إجراء أي اتصال مباشر مع المنظمة او الاعتراف بها حتى ازمة النفط عام 1973 وتبني اليابان استراتيجية جديدة، ممثلة في الأربع نقاط التي تبنتها حكومة رئيس الوزراء الياباني «نيكايدو» في الثاني والعشرين من نوفمبر من نفس عام ازمة النفط والتي مؤداها:
< انه غير المقبول كسب وإحتلال المناطق بالقوة.
< انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي والأقاليم التي أحتلت في حرب 1967م مع الإشارة بالتأكيد على هذه النقطة.
< احترام أمن ووحدة كل مناطق الدول في الأقليم اي اقليم الشرق الأوسط مع الحاجة لآلية ومصوغ دولي لضمان تلك النهاية.
< الاعتراف بالحقوق الفلسطينية واحترامها على أساس ميثاق الأمم المتحدة الداعي للسلام والعدل في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى اساس تبني الاستراتيجية الجديدة، صوتت اليابان عام 1974م لأول مرة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3210 الداعي لمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل للشعب الفلسطيني إلى المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة الخاصة بالقضية الفلسطينية، والذي على إثره تم الاعتراف الياباني بمنظمة التحرير رسمياً كممثل للشعب الفلسطيني استجابة للطلب العربي، هذا بالإضافة إلى موافقة السيد «ميكي» نائب رئيس الوزراء الياباني السابق عام 1975م على إنشاء مكتب إعلامي للمنظمة في طوكيو.
وبالإشارة إلى أثر العلاقات العربية - اليابانية على علاقات اليابان باسرائيل فثمة عاملين رئيسيين يؤثران في مسار تلك العلاقة حيث يتمثل العامل الأول في علاقات اليابان مع الولايات المتحدة كحليف رئيسي وصاحب مظلة الحماية للأمن القومي الياباني، خاصة فيما يتعلق بالشؤون الخارجية منها، والثاني يتمثل في علاقات اليابان بالدول العربية وحاجتها للنفط العربي.
فقد حرصت اليابان من ناحية على التوفيق في علاقاتها من خلال الآلية التي استخدمتها في سياستها ودبلوماسية التوازن التي من شأنها خلق حالة من عدم استعداد إسرائيل ومساندة المواقف الأمريكية فيما يتعلق بتنفيذ سياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية على رأسها، بينما في الناحية الثانية حاولت اليابان توثيق علاقاتها مع الدول العربية خاصة السياسية منها من خلال اتخاذها مواقف اكثر تعاطفاً مع الحقوق والقضايا العربية، علاوة على حصر علاقاتها بإسرائيل في الحدود التي لا تظهر انفتاحاً كاملاً عليها، الأمر الذي يجرنا إلى القول إن علاقة اليابان خلال فترة الحرب الباردة كانت كسياسة تجاه إسرائيل مجرد متغير تابع للعلاقات اليابانية- الأمريكية من ناحية والعلاقات العربية - اليابانية من ناحية ثانية.
ويبرر سياسة الاسترضاء اليابانية التي انتجتها خلال فترة مابعد نهاية الحرب العالمية الثانية وما قبل نهاية الحرب الباردة وجود تيارين مختلفين داخل مؤسسات صنع القرار، حيث يسيطر احد الاتجاهين المناخ المتعاطف مع الحليف الاستراتيجي «الولايات المتحدة»، بينما يسيطر على التيار الآخر مستعربو العواطف الذين يقفون مع الجانب والقضايا العربية، ومن هنا جاء وصف السياسة اليابانية حتى النصف الثاني من الثمانينات «بالتردد وعدم الوضوح».
وبالنظر إلى رؤى واتجاهات المجتمع الياباني فيما يتعلق بمعرفة وقوة طبيعة وحجم الأثر الذي تحدثه تلك الرؤى والاتجاهات المجتمعية في العلاقات العربية - اليابانية والعلاقات اليابانية- الإسرائيلية، يجد المتتبع والقارئ لما بين سطور سياسة اليابان الخارجية أن هناك ثلاثة اتجاهات او رؤى:
فالرؤية الأولى: يمثلها «البيروقراط» الذين فيهم المتخصصون في الشؤون العربية والذين يسمون ب«المستعربين» ومنهم من هو متخصص في الشؤون الأمريكية أيضاً.
والثانية: يمثلها مجمع الأعمال الياباني ويعبر عن ذلك المجمع اتحاد المنظمات الاقتصادية اليابانية المعروف باسم «الكيدنران» الذي يركز على مسألة الحفاظ على استمرار تدفق الطاقة وعلى ذلك الأساس يمارس ضغوطه على سياسة الحكومة اليابانية تجاه الشرق الأوسط.
اما الثالثة: فيمثلها الأكاديميون المتخصصون في الشرق الأوسط حيث أن دراساتهم وإبحاثهم وإفكارهم وآراءهم حول الشرق الأوسط تمثل خطوطاً عريضة وإرشادية لسياسة اليابان خاصة فيما يتعلق بالمستقبل.
ومع حرص اليابان خلال فترة سبعينات القرن الماضي على تكثيف اهتمامها ووجودها في منظمة الشرق الأوسط للحيلولة دون تكرار ازمة النفط 1973م، وبدفع من الحليف الرئيسي «واشنطن» لحليفاتها الغربية ومعها اليابان نحو التفاعل مع عملية السلام، فقد تفاعلت السياسة الخارجية اليابانية في إطار مساندة التوجه السلمي الذي يتناسب مع مساعيها وسياستها السلمية ابتداءً من جهودها التي بذلتها مع واشنطن في التوصل لاتفاق فض الاشتباك الأول بين مصر وإسرائيل عام 1974م، ثم اتفاق فض الاشتباك بين سوريا واسرائيل خلال نفس العام، ثم اتفاق فض الاشتباك الثاني بين مصر وإسرائيل عام 1975م، تم بعد ذلك اكتسبت جهود اليابان دفعه قوية مؤدية بزيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977م نوفمبر تلاها التوقيع على اتفاقيتي "كامب ديفيد" 1978م سبتمبر، ثم معاودة السلام المصرية - الإسرائيلية عام 1979مارس.
وعموماً يستطيع المتتبع لتاريخ السياسة الخارجية اليابانية تجاه قضية الصراع العربي- الإسرائيلي او تجاه قضية السلام معرفة ان دبلوماسية اليابان وسياستها الخارجية قد مرت بثلاث مراحل كان لكل مرحلة من تلك المراحل ظروفها السياسية ومناخها الإقليمي والدولي الذي أثر على صياغتها بصورة مباشرة او غير مباشرة، بحيث كانت سياسة «ردود الأفعال» هي المسيطرة في كل تلك المراحل التي هي:
< مرحلة ماقبل اكتوبر 1973م.
< مرحلة مابعد أكتوبر 1973م.
< مرحلة مابعد نهاية الحرب الباردة وحرب الخليج الثانية وحتى انعقاد قمة «كامب ديفيد» الثانية وانهيار عملية السلام عام 2000م.
ورغم سياسة «رد الفعل» التي تبنتها الدبلوماسية اليابانية خلال الثلاث مراحل إلا أن مواقفها التي عكست نفسها على اداء السلوك التصويتي في الأمم المتحدة على القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي قد اتسمت بقدر من التغير والتعاطف مع الجانب العربي.
فمن بين 49 قراراً للجمعية العامة صدرت خلال الفترة الممتدة بين 1973 - 1989م تحت بند مسألة فلسطين وبند الشرق الأوسط امتنعت اليابان على التصويت على 35 قراراً من بينها قرار (3379) الذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية رغم تصويت جميع الدول الصناعية الكبرى ضد هذا القرار.
لقد حاولت اليابان بعد نهاية الحرب الباردة ان توجد لنفسها مكان صاحب الدور الايجابي والمؤثر في منطقة الشرق الأوسط، حيث شاركت في المباحثات متعددة الأطراف لعملية السلام التي بدأت في مؤتمر موسكو عام 1992م، والمشاركة في الترتيبات السياسية والأمنية للمشاركة في قوات حفظ السلام «الاندوف» التابعة للأمم المتحدة، ومحاولتها لطرح مبادرة النقاط الأربع لتحقيق الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان،ناهيك عن استقبالها لقيادات السلطة الفلسطينية، فضلاً عن تقديمها الدعم السخي للسلطة التي وصلت إلى 600 مليون دولار أمريكي خلال الفترة 1994- 2001 م، وعند زيارة محمود عباس عام 2005 أعلنت انها سوف تقوم بتنفيذ مساعدة فورية للفلسطينيين بقيمة 100 مليون دولار.
لا شك أن اليابان بعد تسعينات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي قد حرصت على أن يكون لها دور في الشؤون السياسية والأمنية بشكل يتناسب ومكانتها الاقتصادية، وقد وجدت في قضية الصراع العربي - الإسرائيلي وفي القضية الفلسطينية بصورة خاصة قضية مواتية لممارسة ذلك الدور مع ملاحظة انها بعد مؤتمر مدريد 1991م، ومؤتمر موسكو 1992م اصبحت تركز بصورة قوية على مرجعيات عملية السلام وقرارات الأمم المتحدة أكثر من تركيزها على أي مساع ذاتية جديدة بصورة مباشرة ويبدو ان ذلك يتناسب والاتجاه الجديد والتي اخدتها قضية عملية السلام التي اصيبت بالترهل والجمود في اروقة الأنظمة العربية وتعالى نظام الكيان الإسرائيلي.