منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By عبدالعزيز الفواز 336
#67487
حياته :
ولد أبو نصر محمد بن طرفان أوزلع الفارابي فو وسيج قرب فاراب على نهر سيحون في بلاد الترك سنة 260هـ ، وسافر الى بغداد بصحبة والده الجندي الفقير ، حيث درس اللغة العربية على يد النحوي ابن سراج ودرس المنطق على يد ابي بشر ابن يونس كما تتلمذ على يد يوحنا ابن حيلان. وقد سافر الى دمشق وحلب وعاش في كنف سيف الدولة الحمداني.
وقد كانت الفترة التي عاشها الفارابي فترة فساد في الحكم العباسي ، وصراع وتطرف فكري ومذهبي وسياسي ، وطغيان الالحاد والزندقة في المجتمع الاسلامي وانتشار القلق والخوف والفوضى.
ولقد تميز الفارابي بغزارة الانتاج العلمي وان كان كثير من مؤلفاته ثد فقدت ، ومن اهم كتبه التي اخذت شهرتها في مجال العلوم السياسية ، آراء اهل المدينة الفاضلة ، السياسات المدنية ، وكتاب التوفيق بين افلاطون وارسطو او (( الجمع بين الحكيمين )).

مذهبه وفلسفته :
يعتبر الفارابي بحق من اوائل (( المتكلمين )) وهو اللقب الذي كان يطلق على الفلاسفة العرب والمسلمين وقد امتازت فلسفته باعتمادها على المنطق.
كما قام الفارابي بمحاولة التوفيق بين العقل و الوحي أي بين الفلسفة والدين ويعتبر الفارابي بذلك من اكبر الفلاسفة المسلمين الذين اوجدوا مذهبا فلسفيا متاكملا. ولذلك سمي بالمعلم الثاني على اعتبار ان ارسطو هو المعلم الاول.

نظرته للمجتمع ونشأة الدولة :
قام الفارابي بدراسة تركيب ونفسية الانسان وفطرته الاجتماعية ونظام الهيئة البشرية ، وقال بأن الانسان لايستطيع الوصول الى الكمال الا باجتماعات كبيرة بين الناس بحيث يقدم كل واحد للاخرين بعض ما يحتاجون في قوامهم.
ويرفض الفارابي المقولات الاخرى حول الاجتماع الانساني بسبب القهر وتسخير الاخرين او بسبب الاشتراك في مواردهم او المصاهرة او حتى بسبب الاشتراك في رئيس واحد يحميهم ويديرهم او الارتباط بالايمان والتحالف والتعاهد بين الجماعة.
وبعد ان يستعرض الفارابي اسس قيام الجماعة والروابط الاجتماعية يقسم الجماعات الى نوعين :
1- الجماعات الكاملة وتشمل : المعمورة ، الامة ، المدينة.
2- الاجتماعات غير الكاملة : وهي اجتماع اهل القرية واهل المحلة او الاجتماع في منزل غيره.
ويرى الفارابي بان الاجتماع الامثل الذي يحقق السعادة لاينقص عن اجتماع المدينة ، وقد لجأ الفارابي الى تصنيف الافراد وجماعات الناس الى طبقات بعضها فوق بعض في القوة او المال او الجاه ، ويقول بان الجماعات والافراد يتصارعون فيما بينهم ، ومن يغلب منهم هو الفائز وهو السعيد وذلك شيء في طباع الناس وهو العدل ، ويرى بان العدل هو التغالب ، وليس استبعاد القاهر للمقهور الا من العدل الطبيعي وهو الفضيلة ، ويقول بان المجتمع يحصل على سعادته من خلال تقسم العمل بداخله وهنا يبدوا تأثر الفارابي بافكار افلاطون عن العدالة وهو يرى بان المجتمع مترابط الاجزاء كالبدن تتكاتف و تتعاون اعضاؤه كلها لتتميم الحياة و حفظها ، وان السرور والالم الذي يحس به احد افراد المجتمع لابد ان يمتد الى الاخرين ، وينادي بتكامل المجتمع وتضامنه لحل مشكلاته الدنيوية وان الاعباء داخل المجتمع يجب ان تتوزع على افراده.

شكل الحكومة: المدينة الفاضلة :
يصنف الفارابي الدول بين ( مدن ) فاضلة واخرى جاهلة او فاسقةاو متبادلة او ضالة معتمدا على اساسين هما السعادة والرئاسة.
1- فالمدينة الفاضلة هي التي يسعى اهلها للسعاده الحقيقية المبنية على المعرفة والفضيلة ، ويعمل رئيسها لخيرها وسعادتها وسوف نقدم تفصيلا لرئاسة هذه الدولة فيما بعد.
2- اما اهالي المدن الاخرى ، الجاهلية و الفاسقة والمتبدلة و الضالة يخضعون لشهواتهم واراؤها وان المدينة الفاضلة مبنية على اسس معينة لا تتغير ولا تتبدل ولرئيسها شروط يجب التقيد بها بدقة، وهو يجعلها نقيضا للمدن الاخرى الجاهله والفاسقة و المتبدلة و الضالة ، وقد جعل ترتيب المدينة الفاضلة واعضاؤها على صورة مطابقة لترتيب الموجودات وتنها تستمد قوتها من القوى الروحانية والعقلانية السرمدية لان اكمل مدينة حسب رأي الفارابي هي مدينة الله ولذلك يجب ان تكون مراتب المدينة الفاضلة منظمة ومرتبة وفقا لنظام الكون الذي هو مدينة الله.

رئاسة الدولة الفاضلة :
ينظر الفارابي الى رئاسة الدولة الفاضلة على انها اسمى واشرف الاعمال وينظر الى مزقعها كموقع القلب من البدن ، ويعرف رئيس الدولة الفاضلة بأنه الرئيس الذي لا يقبل ان يكون فوقه رئيس اصلا وانه فوق الجميع وليس لكل انسان ان يصبح رئيسا ويرى بأن وظيفة رئيس المدينة الفاضلة لا تتوقف عند حد ادارة شؤون مدينته بل ان له رسالة اخلاقية سامية لانه مثال يحتذى به ، وبذلك يكون الفارابي يعلق امالا كبيرة على رئيس الدولة ودوره في اصلاح المجتمع ولربما كان الفارابي بذلك متأثرا بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين.

خصال رئيس المدينة الفاضلة :
يمتاز رئيس المدينة الفاضلة بخاصتين تميزانه عن غيره من الاشخاص.
1- الخاصة الاولى : تكون بالفطرة والطبع معدا لها ، وهي التي تعد الرئيس يكون رئيسا متميزا بصفات اصيلة في نفسه تميزه عن غيره.
2- الخاصية الثانية : تكون بالهيئة والملكة الارادية أي يمكن ان يتعلمها الانسان بعد مولده.
ولم يجد الفارابي غضاضة من ان يكون للدولة الفاضلة اكثر من رئيس حتى يمكن الجمع بين الفضائل السابقة في رئاسة دولته الفضائل السابقة في رئاسة دولته الفاضلة ، ويسلم الفارابي بصعوبة تحقيق هذه الشروط وندرة اجتماعها في شخص واحد ويرى بأن الدولة تقترب من الدولة الفاضلة بقدر توافر عدد من هذه الصفات في رئيسها.

وفي الختام يجدر بنا ان نلاحظ بأن فكرة الفارابي عن رئيس الدولة الفاضلة تختلف عن نظرة افلاطون الفيلسوف النزول من سماء التأملات الى عالم السياسة ليصبح حاكما فيلسوفا نجد الفارابي يطلب من رئيس مدينته الفاضلة الاندماج في العالم الروحي وان يحيا بروحه اكثر حياته بجسمه ، وعليه ان يكون قادرا على الاتصال بالعقل الفعال (( القوى الالهية )) ، ولديه القدرة على تهذيب ارواح مرؤوسيه ويصعد بهم الى مستوى النور والاشراق. وبالاحرى فان المدينة الفاضلة عند الفارابي قوامها سكان من الاولياء الصالحين ورئيسها نبي ، وهذا مجتمع لم يعرفه العالم الا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ولن يتكرر وجوده قط.