منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبد العزيز ناصر الصويغ،عبدالله العجلان

By صالح الشهراني20
#68630
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين.

لقد تعددت مصادر المؤرخين الذي كتبوا عن تاريخ المملكة العربية السعودية، فمن المؤرخين المحليين إلى المثقفين العرب إلى الرحالة الأجانب أو الوثائق البريطانية، فجاء تاريخ المملكة غزير المصادر ومتعدد المراجع.

ولكن الكتابة عن بداية علاقة بريطانيا بالمملكة العربية السعودية - وبالأخص قبل دخول الملك عبد العزيز إلى الإحساء - جاءت من جهة واحدة، ألا وهو الوثائق البريطانية.

وينبغي بادئ ذي بدء أن يكون تصنيف الوثائق البريطانية ضمن ماعرفه المحققون بالإسرائيليات والتي قٌسمت إلى ثلاثة أقسام :

1. ما كان موافقاً للمصادر التي عندنا فنقبله.

2. ما كان مخالفاً للمصادر التي عندنا فنرفضه.

3. ما لم يوافق ولا يخالف فلا بأس بالتحدث عنه.

الوثائق البريطانية :

ومن الكتابات في الوثائق البريطانية عن بداية علاقة بريطانيا بالمملكة العربية السعودية :

1. المصدر الأول : رسالة نائب ملك بريطانيا في الهند بتاريخ 20 مايو 1904م جاء فيها : (كما وصلتني رسالة من ابن سعود بتاريخ الثاني من مايو يحتج فيها على الغزو التركي ويطلب حماية بريطانيا العظمى له ولبلاده)[1].

2. المصدر الثاني : رسالة أوردها فيليب جريفز في كتابه عن السر برسي كوكس ذكر فيها : (فأرسل [أي ابن سعود] كتاباً للسر برسي كوكس بتاريخ 2 مايو 1904م يحتج على تدخل الأتراك وإرسالهم القوات المسلحة لمساعدة ابن رشيد)[2].

3. المصدر الثالث : رسالة جاء فيها (في أوائل السنة 1906م [1324ه] وصل إلى البحرين رسول من الأمير عبد العزيز إلى الكابتن بريدكس أخبره بأن الأمير أصبح يعتقد بأن في إمكانه طرد الأتراك من ولاية الأحساء، وأنه يرغب في أن يعقد محالفة مع الحكومة البريطانية، وأنه لا يرى مانعاً من قبول وكيل بريطاني في الأحساء أو القطيف)[3].

4. المصدر الرابع : ذكر "ترولر" ؟ أحد البريطانيين - : (وكان أول لقاء بين الملك عبد العزيز ومسؤول بريطاني لقاءه بشكسبير الوكيل السياسي في الكويت وذلك عام 1328ه. ثم لقيه مرة أخرى في العام التالي، حيث أوضح له رغبته في إخراج العثمانيين من الأحساء والقطيف لكونهما تابعتين لأسلافه، ومنفعتهما له عسكرياً وإقتصادياً. وتساءل عن إمكانية حماية بريطانيا له فيما لو حاول العثمانيون مهاجمته بحراً، وأبدى استعداده لقبول وكيل بريطاني عنده)[4].

5. المصدر الخامس : التقرير الذي أعده المكتب السياسي الملحق بالحملة الهندية بالبصرة في يناير 1917 وكتبه أ. ت. ويلسون حول علاقة بريطانيا وابن سعود، جاء فيه : (وفي عام 1911 [1329ه] اجتمع عبد العزيز بشكسبير .. وعبر له ابن سعود عن رغبته في أن يقيم علاقة رسمية مع بريطانيا) ثم استطرد التقرير (في حالة استرداد الأحساء فسيرحب بقبول وكيل بريطاني في إحدى موانىء الأقليم)[5].

نقد ما جاء في الوثائق البريطانية :

مما سبق يمكن تلخيصه في ثلاث ملاحظات :

أولاً : جاء في المصدر الأول والثاني أن الرسالة كُتبت في الثاني من مايو [17/02/1322ه] وأن الملك عبد العزيز يحتج فيها على الغزو التركي.

ثانياً : أن الملك عبد العزيز أخبر الإنجليز عن رغبته في احتلال الأحساء كما جاء في المصادر : 3، 4، 5.

ثالثاً : أن الملك عبد العزيز تقابل مع شكسبير كما جاء في المصدرين 4، 5.

نقد الملاحظة الأولى :

كانت أول مشاركة للقوات التركية في معركة البكيرية في شهر ربيع الثاني من عام (1322ه) الموافق يونيو من (1904م)، فكيف يحتج الملك في شهر صفر من عام (1322ه) الموافق الثاني من مايو؟!!! والقوات التركية - في الأصل - لم تبارح مكانها. ومن المضحك أن نص الرسالة جاء فيها : (كما وصلتني رسالة من ابن سعود بتاريخ الثاني من مايو). وهل يظن أحد أن الملك عبد العزيز يؤرخ رسائله بالتاريخ الميلادي؟!!.

نقد الملاحظة الثانية :

يرى أصحاب هذه المصادر : أن الملك عبد العزيز أخبر الإنجليز عن رغبته في احتلال الأحساء.

ومن المعروف عن الملك عبد العزيز - رحمه الله ؟ أنه يحتفظ بأسراره حتى أخر لحظة ليمنع من تسرب أسراره إلى غيره. بالإضافة إلى ما عُرف عنه من سرعة المباغته للعدو، ويبدو هذا واضحاً في السنوات الأولى من توحيد البلاد. ومما يؤكذ ذلك أن احتلال الأحساء كان مفاجئ للإنجليز أنفسهم كما عبر بذلك رئيس الخليج "برسي كوكس" قائلاً : (يبدو غريباً أن يندفع ابن سعود إلى هذا العمل الخطير، في نفس الوقت الذي تدور فيه المفاوضات التركية - البريطانية)[6].

كما يُلاحظ من هذه المصادر الثلاثة (3، 4، 5) أنها متفاوتة في ثلاث سنوات وهي : 1324ه ثم 1328ه ثم 1329ه، وهل يمكن أن يُخبر الملك عبد العزيز الإنجليز في خلال خمس سنوات أنه يرغب في دخول الإحساء؟!!

نقد الملاحظة الثالثة :

يرى أصحاب هذين المصدرين (4، 5) : أن الملك عبد العزيز تقابل مع شكسبير في عام (1329ه) الموافق (1911م). ولكن الرسالة التالية توضح أن بوادر علاقة الملك عبد العزيز ببريطانيا بدأت في عام (1331ه) تقريباً. فقد أرسل أمير الكويت رسالة إلى الملك عبد العزيز جاء فيها : (من مدة ثلاث أو أربع سنين نشير لهم ونشور عليهم [أي الإنجليز] ولا أخذنا منهم جواب، ومن بعد دخولك الإحساء رأينا أن يصير لنا ميدان بالكلام معهم وشافوا طول إقامتي هالسنة بالبصرة وأختصاري مع الوالي دفعات، وهم الله يسلمك تعرف ما يغباهم شيء واعين وسألوا مني، وبينت لهم أن الترك يسلك أمرهم مع عبد العزيز وسلوك عبد العزيز معهم حتى أنا أشور به عليه، لأنكم مبعدين عنه)[7].

إذاً فبداية اتصال الملك عبد العزيز ببريطانيا تمت عبر أمير الكويت بعد دخول الملك إلى الإحساء في عام (1331ه) الموافق (1913م)[8].

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.