منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بإبداعات الأعضاء

المشرف: حمد القباني

By تركي المحارب 36
#52880
كتآب: (صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث)
معلومات المؤلَّف:
صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث.
تأليف: جويا بلندل سعد
ترجمة: صخر الحاج حسين
مراجعة: زياد منى.
عن دار قدمس للنّشر والتّوزيع.
يقع في 201 صفحة من القطع المتوسّط.


على ظهرِ المُؤَلَّف:
يتعامل هذا العمل مع صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث بوصفه جانبًا من جوانب مسألة تعريف الذات الإيرانيّة بمصطلحات الآخر العربي. كما يقدّم لنا هذا العمل قراءة للنّصوص الأدبيّة يعالج من خلالها صورة العرب ودلالاتها في السياقين الأدبي والاجتماعي. ... . يُمهِّد الكتاب في مقدِّمته في الفصل الأول لنقاش مسألة تعريف الذات، ودور الأدب في هذه السيرورة ويرسم إيران بوصفها دولة مُتعدِّدة الإثنيات كما يرسم تخوم النزعة القوميّة الإيرانيّة في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويبحث أيضًا في موضوع العرب والإيرانيين.
أما في الفصلين الثاني "كتابات الرجال: آراء الرجال" والثالث "كتابات النِّساء: آراء النِّساء" فيؤسس للمسألة. ويعالجا الروايات الفارسيّة والقصص القصيرة والمقالات والقصائد التي كتبها كبار الكتّاب والكاتبات الإيرانيين في القرن العشرين بمصطلحات صورة العربي التي يبرزونها مع تأكيدهم أدب المرحلة البهلويّة بين عامي (1921و1979)
ويمضي فصل "رجل في الوسط" ليبحث في أعمال جلال آل أحمد ويدرسها دراسة تحليليّة منصفة وملهمة لكاتب بارز تعاطف مع النّزعة القوميّة الثقافيّة الفارسيّة الإيرانيّة ومع الإسلام.
ويُلخِّص الكتاب في الخاتمة النتائج التي توصّل إليها ويمضي ليقترح سبلًا أبعد في دراسة الهويّة الإيرانيّة من خلال تمرّد الأدب الفارسي وجموحه.



قبل البدء بالحديث عن هذا المُؤلّف، سأذكر نقطة مُهمة وهي اعتراضي على ذكر الآخر المعني هنا بالفارسي، إذ أن فارس هي إقليم من إيران، أي جزء من كل. والتسميّة الصحيحة "الأدب الإيراني" إذ أن إيران منذ القديم كان اسمها إيران، فقد كانت قديمًا تُسمّى "إيريانافيجا" أي موطن الآريين أو موطن العرق الآري، ثم صارت تُسمّى بلد إيران. وكان أول من أطلق اسم فارس على إيران هم الإغريق ثم العرب بعد ذلك. هنا نص من مُؤلَّف : "إيران منذ أقدم العصور حتى أواسط الألف الثالث قبل الميلاد"
استخدم تعبيري "فارس" و "إيران" للإشارة إلى منطقة جغرافيّة واحدة ولكنهما ليستا مترادفتين تمامًا، وتسمية إيران هي الأٌقدم فقد وردت في الأوستاك "إيريانافيجا" أي موطن الآريين؛ والإيرانيين، ثم تطوّرت التّسمية فصارت بلاد إيران. ... . الآري بمعناها الذي يفيد "نبيل أو سيّد" يبدو أنها تسمية عامة لهؤلاء الناس الذي يتحدثون اللغة الهندو أوروبيّة الشّرقيّة والذين جاءوا إلى هذه المنطقة الواقعة بين نهر الجانج والفرات عند نهاية الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد.
أما تعبير "فارس" فأول من أطلقه هم الإغريق، واستمد هذا الاسم من إقليم بارسا Parsa في الجزء الجنوبي الغربي من الهضبة، وحرف هذا الاسم عند الإغريق ليصبح برسيس Persis ثم أطلق عليها العرب فارس. وعلى الرغم من أن بارسا تكون إقليمًا واحدًا في أمبراطوريّة عظيمة، إلا أنها استمدت شهرتها من كونها مسقط رأس ملوك الهخشاميين الذين كونوا البيت الحاكم الفارسي وأُطلقت هذه التسمية بواسطة الإغريق على الإمبراطوريّة بشكل عام
... ومهما كان الأمر فإن فارس إحدى أقاليم إيران، واطلاقه هو من قبيل إطلاق الجزء على الكل.
"
العرب في الأدب الإيراني، تم تصويرهم بكمية تشوّه واستحقار فاقت ظني. الإيرانيّون لا يقيمون للعرب وزنًا لكونهم ساميّين ومتخلّفين بطبيعتهم كساميّين أولًا وبدو ثانيًا، وهم أيضًا يعبرون عن كراهيتهم للعرب لأنهم –بزعمهم- أفسدوا حضارة الأمة الإيرانيّة كما سلبوها من الساسانيّين الذين كان لإيران حين حكمهم مجدًا عظيمًا، يوجد تفاصيل أخرى فيما يتعلق برؤية العرب عند النساء وكون العرب والإسلام تحديدًا أنقذوا إيران من الاضطهاد الساساني.
سأُحاول حصر حديثي عن أهم المحاور التي توصّلت إليها حين قراءته دون اعتماد كلّي عليه، في النقاط التاليّة:

•كيف صارت إيران من معقل للزرادشتيّة مرورًا بالإسلام السّني ثم انتهت بإيران شبه شيعيّة اثني عشريّة بالكامل؟
•تعريف الذات والأمة الإيرانيّة بواسطة الآخر العربي "باعتبار العربي مقلوب الفرد الإيراني"
•العربي والإسلام السنّي مقابل الإيراني والإسلام الشيعي باعتبار الأخير من صميم الذات الإيرانيّة، وكونه إسلام مؤيرن أو مصطبغ بصبغة إيرانيّة "فارسيّة" في محاولة لإنكار أصول الإسلام العربيّة. آراء النِّساء وتناولهم للعرب والمسلمين في أعمالهم الأدبيّة.

•رجل في الوسط، لم تدفع –وسطيّته- نظرة الاستعلاء الآريّة واحتقار العربي عنه. أراء عديدة في السعودية تضمنت تشويهًا مُبالغًا فيه للشعب والحكومة والبيئة واستحقارًا من عدّة أوجه.


(1) تحويل الصفويّون لإيران إلى الإسلام الشيعي.
" لكن المسألة الحسّاسة التي أثارها دوراج تعود بنا إلى تعقيد آخر، وهو العلاقة بين العرب والإسلام، وبين الإسلام الشيعي والإيرانيّة. لقد تمّت أسلمة إيران وفي عيون بعض الإيرانيين، الإسلام في جوهرة عربيّ، لذا فهو غير إيراني. أما آخرون فيقولون إن الإسلام الشيعي هو إسلام مؤيرن (ص32) "

إيران بدأت باعتماد الإسلام الشيعي دينًا رسميًّا للبلاد حين وصل الصفويّون للحكم وفرضوا المذهب الاثني عشري –كانوا يعتنقونه-. قبل هذا كانت الجماعات الشيعيّة موجودة لكن العموم على المذهب السّني. الطريقة المُتّبعة للتحويل من الإسلام السنّي إلى الشّيعي كانت وحشية إذ شملت نفي وقتل وسلب ممتلكات ... إلخ. لم يُسعفني الوقت للوصول إلى مصادر متعدّدة، لذلك اعتمدت على ويكيبيديا، لمعلومات أكثر عن تحويل الصفويون إيران للمذهب الشيعي:
هنا و هنا


كان معظم الرّفض للدين الإسلامي في إيران من قبل مثقّفو وقوميّو الأمة لكونه دينًا عربيًّا خالصًا، نبيّه وقرآنه ورسالته كلّها عربيّة. نشأ في بلاد العرب وانتشر في العالم محتفظًا بصفته العربية لا الكونيّة خاصة كون الوحي باللغة العربية –عند هدايت وجوباك وآخرين- أما عند محمد جمال زاده فإن الرفض كان لبعض الممارسات الإسلاميّة العربيّة المُتشدّدة، لا الإسلام بنفسه. كانت الكتابات الأدبية للرجال الذين تمت دراستهم في هذا المؤلَّف معادية للإسلام مُمجِّدةً لإيران الزرادشتيّة، إيران ماقبل الإسلام، قبل المد الصفوي كانت القوميّة الإيرانية، في اللغة الفارسيّة والزرادشتيّة، وكل مايتعلق بإيران قبل الإسلام. بعد المد الصّفوي صارت القوميّة الإيرانية تُعرّف باللغة الفارسيّة والإسلام الشيعي كأساس فيها. يقول المفكر الإيراني دوراج : " عبر التاريخ كان على الإيرانيين أن يتكيفوا مع ثقافات الغزاة، ومنهم العرب، لكي يبقوا على قيد الحياة. ومع ذلك يشكل هذا جانباً واحداً من تطور الهوية الثقافية الإيرانية. أما البعد الآخر من هذا التطور فقد تجلى في السعي الحثيث لتشكيل هوية إيرانية مميزة. ومع أن المضمون الايديولوجي لهذه الهوية الجديدة قد تأثر، وبشدة، بثقافة المحتل، وباختيار المذهب الشيعي مقابل المذهب السني، فقد آثرت أقلية من الإيرانيين، أن تختار هوية إسلامية مميزة. وبعد التشيع الإجباري الذي بدأ عام ١٥٠١، دعمه وعي قومي في نهاية القرن التاسع عشر، تمكن التشيع من تثبيت موقعه أكثر في الحياة الثقافية الإيرانية، وبات جزءاً لا يتجزأ من الهوية القومية الإيرانية " (ص30-31)
إيران، من أجل أزمة الهويّة التي اعتقدوا أنها ضاعت على أيدي الغزاة خاصةً العرب، صارت تحيط نفسها بالغرباء وتحاول التّفرد بكونها أمة وقوميّة منفصلة متجاهلةً وجود الأقليات الأخرى. إذ أن المسلم لا يُعتبر إيراني نقي في الأعمال السابقة، كذلك الأقليات الأخرى حتى الناطقة بالفارسيّة مادامت لا تعتنق الزرادشتيّة.
(1) العربي كمعكوس للفرد الإيراني.
طيلة صفحات المؤلَّف أي نص أدبي يُذكر فيه العربي يتضمن النص ذاته ذكر للإيراني الراقي المُتعلّم النظيف، مقابل العربي البذيء الغبي المتعطّش للدماء، المتخلّف المُثير للاشمئزاز!
إذ يُذكر في أحد النصوص كيف أن للعرب لغة كريهة –ولا أدري بأي وقاحة كتبوا ماكتبوا عن اللغة العربيّة! هذا القدّيسة الرائعة- وكيف أن مفرادتها كريهة ومزعجة. وفي نص آخر يذكر أن للغة العربية رائحة كريهة!.
في الأعمال التي تمّت دراستها، تظهر وبشدّة أزمة الهويّة الإيرانية في قصص كثيرة منها وجود الإيراني الأوربي والعربي والإيراني ابن البلد والإيراني الأقل من إيرانيّة الآخر، وفيها محاولة خلع الهويّة عن شخوص وإلصاقها بالراقي والمتعلم والجيّد وحده، والحيرة في ماهيّة الإيراني بعد أن دمّر العرب حضارة إيران وإرثهم الثقافي. الإيراني الحالي المسلم، لا يُمكنه أن يكون إيراني حقيقي إما أنه ليس مسلم أو ليس إيراني، إذ أن العرق الآري لا يجب أن يستجيب لدين عرب ساميين حفاة.

(2) بعيدًا عن هدايت وجوباك وغيرهم، كيف كانت الكتابات النسائية؟
كتابات النساء التي تمّت مناقشتها في هذه الدراسة تصب كلها في محاولة التّوفيق بين الوضع الديني والقومي في تلك الفترة وأراه أكثر عقلانية –بالرغم من عدم استساغتي لأيرنة الإسلام من أساسه- إلا أنهن لم يتناولن الإسلام كجرم أو آداة اضطهاد كما قال الرجال.
في كتابات النساء، كان هنالك تعاطف مع العرب والمسلمين، وأيضًا توثيق لإيران ماقبل الإسلام وفيها لم يُعتبر الإسلام غازيًا متوحِّشًا، ولم تكن الدولة الساسانيّة جنّة إيران، بل على العكس تم تصوير الدولة الساسانيّة بآلة طغيان واضطهاد، والإسلام منقذًا بدخوله السلمي المُرحّب به سلفًا من قبل الشعب الإيراني. قصيدة رحلة سليمان والتي كتبتها سفر زاده لتشير إلى رؤيتها بأن الإسلام جُلب إلى إيران على يد سلمان الفارسي لأنه الحق، واستقبله الإيرانييون أيضًا لأنه الحق والخلاص، وتذكر أن الإسلام كوني يضم العرب والفرس والأفارقة أيضًا. سفرزاده مسلمة أولًا، إيرانيّة ثانيًا. أما سيمين دانش فشار، فهي التي حاولت أن تجرّد الإسلام عن أصوله العربيّة وتنسبه للإيرانيين، والميثولوجيا الإيرانية، والطقوس هي وجلال آل أحمد الذي سأتناوله في المحور التالي، هذا المُستفزّ.


(3) جلال آل أحمد.
جلال آل أحمد هذا الرجل الذي أسرف في ذكره للسعودية بالسوء، بعد رحلة حج قام بها. جلال آل أحمد في رأيي أنه أحتقر العرب كثيرًا ولم يكن في الوسط أبدًا، وإنصافه للإسلام الشيعي أراه من باب نصرته للأمة الإيرانية لا الإسلام ذاته.
يقول جلال آل أحمد بأن العرب محتقرون، وأن الإسلام الحق لم يظهر إلى في بلاد فارس لذلك هو إيراني، وماقبله كان جاهلية ونزعة قبليّة عند العرب. بمعنى أن الاسلام لم يصر دينًا حقيقيًا ولا حقًا إلا حين تلقفه الفرس وماقبله كان جهلًا، وكأن الفرس قاموا بتهذيبه!.
ويذكر أن الإسلام صنعة فارسيّة، لأنه بناء على مطالب أُناس مابين الفرات وسورية وحاجتهم للسلام، وأن النبي محمد عليه الصلاة والسلام قبل بعثته كان يتاجر هناك، وحين ظهر الإسلام ناصره الفرس لرغبتهم في الخلاص من الحروب، وجميعنا يعرف بعد هذا عن الحقيقة.
باعتقادي أن جلال يحمل الكراهية للمسلمين السّنة، لتسلطه على الوهابيين ومسلمي السعودية وتصويرهم ككومة غباء، ومقارنته لهم بالاثني عشرية وانتقاده تسلطهم في المدينة المنورة عند منعهم للاثني عشرية من ممارسة طقوسهم بالقرب من أضرحة أئمتهم هناك. ووصفه لهذا المنع بالقمع والتخلّف. جلال ينتقد العرب، يُمجد الإسلام المؤيرن ولغة القرآن باعتبار أنها غير مختصّة بالعرب، إنما مختصة بالقرآن.
جلال أفرد عمل كامل عن رحلة الحج التي نقد فيها السعودية نقدًا كثيرًا سأنقل منه اقتباسات جاعلة منها ختامًا لهذا الموضوع البسيط والذي أتمنى ألّا يكون سببًا للعزوف عن قراءة هذا المؤلَّف الذي فاجأني بالكثير من الأمور. المُؤلَّف يُعطي خيوط لبحث وآخر، كما أنه من المُنصف أن أذكر بأنه ليس ثريَّا ودسمًا كما توقّعت.
" إن الفقراء الذي يترعرعون كما الطفيليات على الحج والحجاج ويشتغلون حمّالين، هم نافعون للنظام السعودي المتخلّف ولتلك المؤسسة المتجذّرة وﻻ أظن أنهم سيتخذون خطوات في القريب للتخلص من فقرهم "
" مُشيرًا إلى نقص الأطباء وقلة الأسرة في المشافي في السعودية، رغم الدخل القومي من النفط وموسم الحج ... يستنتج أحمد «هذا لصحة العرب الجهلة الذين يحكمون هذا الركن من العالم باسم الإسلام» فيما بعد يصف طبيبًا مُرهقًا بالعمل وهذا مثال آخر على الحالة البدائية للوضع الصحي في العربية السعودية. ويؤكد أن الدخل الذي يأتي من النفط هو وسيلتكم الوحيدة لترتفعوا به ..."

" كان عربيًا من قبيلة عنزة، لم أكن أتصوّر بأن عنزيًا يمكن أن يكون كالبشر، وأنيقًأ جدًا " في حديث لجلال آل أحمد عن ضابط شاب في الجيش السعودي

" مرة أخرى نجد أن السبب لا يكمن في الحكومة السعودية التي يرفضها فقط، بل انه يجد صعوبة في قبول أي تعبير عن النزعة القوميّة في السعوديّة "

" إن نقد جلال للحكومة السعوديّة يكمن في أنه يريد تدويل مكة والمدينة وعرفات ومنى، ويديرها مجلس مشترك من الدول الإسلامية ويرفع يد السعودية عن هذه المدن ذلك أنه «كما يحدث الآن فإن الحج بات بربريّة ممكنة "


"أنا الرجل الشرقي اللاعربي، بعد أن هزمني ذاك العربي الوضيع عددًا من المرات، سعيد بوجود إسرائيل في الشّرق فوجودها يمكن أن يقطع أنابيب نفط أولئك الشيوخ ويزرع بذور الحق والعدالة في قلب كل عربي بدوي ويزعج حكوماتهم اللاشرعية والتي تجاوزها الزمن"

بعد حرب 67 : " يجب أن يثقل ضمير المفكر الإيراني بحقيقة أن النفط الإيراني يحترق في الدبّابات والطائرات التي تقتل إخوته العرب والمسلمين "


انتهى. .