منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية

المشرف: رجاء الرشيد

By عبدالله المطيري 336
#67534
ينشغل الإعلام والعديد من السياسيين في العالم على الدوام بالمجتمع الدولي والالتزام بقراراته كلما ثارت قضية تبدو أنها حساسة بالنسبة لأهل الغرب. هناك انشغال كبير في مسألة الإرهاب وتنظير وفير حول إرادة المجتمع الدولي في محاربته وسحق كل من يؤيده. ينسحب هذا الانشغال الآن على برنامج إيران النووي، وعلى فوز حركة حماس وما يتعلق باعتراف الحركة ب "إسرائيل" والتخلي عن السلاح. يجري ترداد مقولات معينة حول كل قضية على اعتبار أن هناك إجماعاً دوليا عليهاً، ويتم سرد البينات وكأنها هي الحقيقة التي لا تعلوها حقيقة. أطراف كثيرة تتحدث عن إرادة المجتمع الدولي النافذة، وعن العقوبات التي يجب أن تلحق بمن لا يقر بها. فمن هو هذا المجتمع الدولي الذي يتم تصويره وكأنه القدر المحتوم؟

من المفترض نظرياً أن المجتمع الدولي هو كل الدول وكل شعوبها، وأن الجميع مشمول تحت عنوان هذا المجتمع. فعندما يقول أحد بأن هناك إجماعاً دولياً فإنه، من الناحية النظرية، يقول بأن كل الدول قد وافقت على قرار معين أو اتفقت على قضية معينة. لكن الأمر ليس كذلك من الناحية العملية. عملياً، لا يمكن الحديث عن مجتمع دولي وإنما عن طبقات في المجتمع الدولي منها من يقرر ويسم العالم بمجتمع دولي وفق هواه ومنها من لا يقرر ويكتفي بدور ثانوي أو إلحاقي. فيما يلي تصنيف لهذه الطبقية:

* أولاً: تشكل الولايات المتحدة و"إسرائيل" الطبقة الأولى في هذا العالم، وهما الأكثر نفوذاً؛ وفي كثير من الأحيان، تعتبر رغباتهما فوق كل الرغبات، ويُطلب من الدول المختلفة تبنيها والدفاع عنها على أنها الرغبات المعبرة عن الحق والإرادة الدولية. هذا صحيح في قضايا عدة مثل قضية فلسطين والبرنامج النووي الإيراني والمقاومة اللبنانية والفلسطينية والحرب على العراق.

* ثانياً: تؤلف الدول الأوروبية المساندة تلقائياً ل "إسرائيل" والولايات المتحدة الطبقة الثانية. هذه الدول هي بريطانيا وأستراليا وهولندا والدنمارك والنرويج وإيطاليا وكندا وألمانيا تحت قيادة أمريكا. هذه الدول لا تزاحم من أجل أن تكون من الطبقة الأولى، لكنها لا تتردد في الانضمام إن دعيت للمشاركة في اتخاذ القرار، ولا تجد حرجاً في تقديم الدعم للطبقة الأولى فيما إذا اتخذت قراراً أو اتبعت سياسة معينة. إنها ليست هامشية في مجتمع السادة لكنها ليست أصيلة.

* ثالثاً: طبقة الدول التي تزاحم من أجل أن تكون صاحبة قرار أو من الذين يصنعون القرار مثل فرنسا والهند والبرازيل. تنظر هذه الدول إلى نفسها باحترام كبير ولكن بطريقة غير متوازنة مع قدراتها. فرنسا هي أقوى هذه الدول وهي أقدرها، على الرغم من محدوديتها، على الحصول على نصيب من القرار الدولي. فمثلاً كان لفرنسا نصيب لا بأس به في قضايا مثل لبنان والكونغو. أما الهند والبرازيل فلا تجدان لنفسيهما مكاناً حتى الآن، ولا يُتوقع أن يكون لهما إلا إذا تطورت لديهما قوة من نوع ما تمكنهما من فرض ذاتيهما.

* رابعاً: الدول التي لديها قدرة على التأثير لكنها مترددة بسبب عدم توفر القوة الكافية للتحدي مثل روسيا والصين. هذه دول تملك قدرات عسكرية واقتصادية كبيرة جداً لكن ليس إلى الدرجة التي تستطيع معها إحداث توازن مع الولايات المتحدة الأمريكية.

* خامساً: هناك دول قوية أو كبيرة ولا طموح لديها وتفضل الهامشية مثل اليابان وإندونيسيا، وهي غالباً تتمشى مع السياسة الأمريكية دون ضجة أو احتجاج.

* سادساً: دول تابعة تطوع نفسها للآخرين وهي أغلب دول العالم. تندرج الدول العربية باستثناء سوريا تحت هذا البند.

* سابعاً: طبقة الدول المتمردة على السياسة الأمريكية وتشمل إيران وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا وبوليفيا، وجزئياً سوريا. هذه دول ترى أن أمريكا تحاول السيطرة على العالم وابتزازه، وتعمل على انتهاج سياسة مستقلة عنها.

* ثامناً: المنظمات التي تتبنى المقاومة مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والمقاومة العراقية. هذه تنظيمات صغيرة الحجم لكنها قادرة على صنع الحدث وإشغال العديد من الدول بأجهزتها السياسية والأمنية والعسكرية. إنها تشكل بؤر مقاومة جادة في مواجهة الولايات المتحدة و"إسرائيل".

من هذه الطبقية، نرى أن المجتمع الدولي هو أساسا أمريكا و"إسرائيل"، ويشمل بعض دول أوروبا الغربية وأستراليا وكندا إذا أردنا التوسيع. وإذا بالغنا بالتوسيع فإنه يشمل تلك الدول المزاحمة مثل فرنسا. يصعب إدراج بقية الدول ضمن المجتمع الدولي، وإنما من الممكن إدراجها ضمن أصناف من السائرين بالزفة أو الواقفين على الرصيف يستعطون.