منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#52296
مقدمة تاريخية عن نشوء اليسار المقاتل في ايطاليا:

1) كان ظهور خط الكفاح المسلح لليسار الثوري في ايطاليا عام 1968، بعد ان بدأ الطلبة الاحتجاج على مظاهر الفساد الحزبي، ولقد تنامى هذا الخط مع تحرك نقابات العمال، ما ادى الى مذبحة بياتسا فونتانا التي دبرها اليمين الايطالي ضد الطلاب والعمال اليساريين في 12 ديسمبر 1969، وفي اعقاب تلك المذبحة بدأ اليسار الثوري تنظيم نفسه واعدادها للصراع المسلح، حيث ظهرت منظمة أطلقت على نفسها اسم اكتوبر 1969، واتخذت لنفسها طريق المقاومة المسلحة، وضمت العديد من الشيوعيين كما ظهرت منظمة الألوية الحمراء في مواجهة الامبريالية العالمية التي تسعى للسيطرة الاقتصادية من خلال الشركات متعددة الجنسيات، والتفوق السياسي والعسكري للولايات المتحدة الأمريكية، ووفقا لذلك فان ايطاليا تدرج ضمن الدول الامبريالية، ولذلك أعلنت المنظمة ضرورة الكفاح ضد نظام الحكم الايطالي، ولتحقيق هذا الهدف انشيء الحزب المسلح Partito Armato

2) تشكلت منظمة الحكم الذاتي العمالي Autonomia Operaia عام 1973، ولها اتجاه يساري خالص، وتتميز بدرجة عالية من التنظيم، تتبع الخط العسكري للماركسية الجديدة، وهي عبارة عن عدة خلايا صغيرة متعددة ومتعاونة بهدف تكوين حزب مسلح فعال، وترى المنظمة ان كفاح الشعب وصراعه المسلح اداة ضرورية لا بد منها لتحقيق التحول الثوري.

3) وتتسم العمليات المسلحة للمنظمات اليسارية الثورية الايطالية بالرمزية، حيث توجه أنشطتها ضد رموز النظام السياسي والاقتصادي، كما انها تسعى لأن تكون عملياتها مثالا للشعب في كفاحه الثوري، ولذلك تقترن كل عملية ثورية باصدار اعلان تفصيلي عن الحادث واسبابه، ومنذ نهاية السبعينات شهد النضال المسلح لليسار الثوري في ايطاليا تحولا كبيرا، فقد اتخذ الطابع العسكري، واشتدت حدة العمليات وتناسى عددها ...........

منظمة الألوية الحمراء:

أنشئت هذه المنظمة ذات التوجهات الماركسية-اللينينية في مدينة ميلانو الإيطالية عام 1970م على يد الرفيق المناضل ريناتو كورسيو، و زوجته الرفيقة امناضلة مارغريتا كاغول، والرفيق المناضل ألبيرتو فرانسيشيني كتنظيم شيوعي سري مسلح. وقامت أساساً على أنقاض مجموعة »اليسار البروليتاري«. قامت هذه المنظمة بتنفيذ حوالي 75 عملية تصفية جسدية بين أعوام 1970 و 1988 ، و نظمت العديد من عمليات الخطف و الهجوم على البنوك.





الرفيق المناضل ريناتو كورسيو يهزء بسجانيه





علم منظمة الألوية الحمراء الإيطالية



وعلى غرار أغلب منظمات الثورة التي تنهج نهج النضال المسلح في اوربا ينطلق مناضلو «الألوية الحمراء» من قناعة مفادها ان الأحزاب اليسارية التقليدية قد خانت المبادئ الماركسية وتنكرت للطبقة العمالية من خلال تحالفها مع الأحزاب اليمينية التقليدية ومع رأس المال. ومن ثم فإن التصدي لها أصبح ضرورة قصوى حتى ولو كان ذلك بواسطة العنف الثوري المسلحً.

وتجسد عملية اختطاف رئيس الوزراء الايطالي "ألدو مورو" واغتياله في ظروف درامية هذا الطرح بقوة. ففي الثامن من شهر مارس من عام 1978م عمدت منظمة «الألوية الحمراء» إلى اختطاف مورو زعيم حزب «الديموقراطية المسيحية» بينما كان متوجهاً إلى مقر البرلمان الإيطالي للمشاركة في نقاش يسمح له بالحصول على ثقة البرلمانيين لتشكيل حكومة مع الحزب الشيوعي الايطالي (التحريفي) في إطار ما سمي آنذاك «الحل الوسط التاريخي» مما آثار حفيظة المنظمة الثورية والتي استطاعت بسهولة اختطاف ألدو مورو في وضح النهار في قلب العاصمة الإيطالية وقتل حراسه الخمسة .





الدو مورو اسيرا في قبضة مناضلي منظمة الألوية الحمراء


وإذا كانت قد نددت في بياناتها بتنكر الأحزاب اليسارية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي الايطالي للمبادئ الثورية الماركسية فإنها هددت بقتل الرهينة إذ لم يطلق سراح ناشطيها المعتقلين في السجون الإيطالية. وأمام رفض السلطات الإيطالية الاستجابة إلى هذا الطلب أقدمت المنظمة على نشر بيان يوم الخامس من شهر مايو من نفس العام تعلن منه تنفيذها للاعدام الثوري بألدو مورو. وقد عثر على جثة هذا الاخير في روما بعد أربعة أيام.

وأدت الخلافات في صفوف المنظمة إلى انقسامها عام 1986م إلى شطرين متنافسين سمي أحدهما «الحزب الشيوعي المقاتل» وسمي الآخر «الاتحاد الشيوعي المقاتل».

وفي عام 1988م دخلت منظمة «الألوية الحمراء» في تحالف مع تنظيم الجيش الأحمر الياباني. وقد أسهم هذا التحالف في إعادة الحيوية إلى نشاط المنظمة ودفعها إلى القيام بعمليات اغتيال طالت مثلاً عام 1989م نائباً في مجلس الشيوخ الإيطالي يدعى روبرتو روفيلي .

تعرضت منظمة الألوية الحمراء الى نكسة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي حيث ارتد عن نهجها الثوري بعض من عناصرها ومن بينهم عناصر من الكادر المتقدم للتنظيم. لكن جناحها المعروف ب"الحزب الشيوعي الايطالي المقاتل" نهظ بالمنظمة من هذه النكسة وتصدر النضال التحرري المسلح حيث اصبح يعرف ب"منظمة الألوية الحمراء الجديدة"

وفي مايو عام 1999م اغتالت المنظمة في روما البروفسور ماسيمو دانتونا الذي كان يدرس في الجامعة ويتولى في نفس الوقت منصب مستشار وزير العمل الإيطالي. وفي مارس عام 2002م عمدت المنظمة إلى اغتيال الباحث الاقتصادي ماركو بياجي الذي كان مستشاراً لأحد الوزراء في حكومة برلسكوني.

وفي عام 2003م وبالتحديد في الثاني من شهر مارس وقع تبادل لاطلاق النار بين قوات الأمن وعناصر من منظمة الألوية الحمراء قتل خلالها أحد العاملين في شرطة السكك الحديدية على رتل يربط بين مدينتي فلورنسا وروما بينما كان يطارد مجموعة منتمية للمنظمة من بين عناصرها الرفيق ماريو غاليس والرفيق ديتامونا ليوسي اللذين كانا متهمين بالمشاركة في اغتيال البروفسور ماسيمو دانتونا. وإذا كان الأول قد استشهد خلال العملية فإن الثاني قد ألقي عليه القبض.

وصحيح ان عدداً لا بأس به من المنتمين إلى المنظمة والذين اعتقلوا قد أسهموا من خلال اعترافاتهم والمعلومات التي قدموها للحكومة الإيطالية وقوات الأمن في تضييق الخناق على «الألوية الحمراء». زد على ذلك ان الذين أطلق سراحهم تخلوا عن الثورة وخانوا الشعب. ومع ذلك فإن هذه المنظمة الماركسية-اللينينية الحقيقية ووسائلها الثورية العنيفة لا تزال شبح مرعبا ترتعد منه فرائص النظام الرأسمالي في إيطاليا