منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By محمد العمر 13
#63955
لماذا قامت حرب القرم .؟

امتلك الروس حزمة من الأطماع التوسعية في أن تكون روسيا دولة كبرى على مسرح السياسة الأوربية والدولية،
أدرك الروس أن تحقيق هذه الأطماع المتشابكة لن يتم إلا بالقضاء على الدولة العثمانية، خاصة في منطقتي آسيا الوسطى والبلقان، والسعي إلى تقسيم الأملاك العثمانية بين الدول الكبرى، تمهيدا لوصول روسيا إلى المياه الدافئة،
وأدرك الروس أن ذلك لن يتحقق إلا بوجود قدر من التوافق بين روسيا والدول الأوربية الكبرى.
عرضت روسيا على بريطانيا باقتسام الدولة العثمانية أو على الأقل تقليم أطرافها.
كان من الطبيعي ان ترفض بريطانيا هذا العرض فهو لايتوافق مع سياستها التي تقضي بالمحافظة على الدولة العثمانية والحيلولة دون استيلاء الروس على البرفسور والمضائق
اهم التطورات التي ادت الى حرب القرم :

1- عندما رفضت بريطانيا للمشروع الروسي طلب القيصر نقولا الاول من السلطان العثماني عبد المجيد عقد معاهدة بين الدولتين تعترف بمقتضاها الدولة العثمانية لروسيا بحق حامية الرعايا الأرثوذكس في الدولة
2- طلب القيصر سحب الإمتيازات المعطاه للرهبان الكاثوليك
3-طلبت روسيا عقد تحالف دفاعي بين الدولتين
4- وافق السلطان العثماني على منح الارثوذوكس امتيازات معينة ولكن رفض الإعتراف بحق روسيا في حماية الإرثوذكس في الدولة او عقد تحالف دفاعي معها

وفي1 يوليو سنة 1853 قامت القوات الروسية بعبور نهر بروث واحتلال الأفلاق والبغدان وكانتا تتبعان السلطان العثماني اسميا و ان كانتا تحت النفوذ الروسي فعليا
وقد رد السلطان على ذالك بانذار القيصر بضرورة الجلاء عن الافلاق والبغدان ولما رفض القيصر بادر السلطان باعلان الحرب على روسيا في اكتوبر 1853
وفي مارس عام 1854 اعلنت فرنسا وبريطانيا الحرب على روسيا بعد ان دمرت الاسطول العثماني في مينا سينوب على البحر الأسود ورفضت الانذار الفرنسي البريطاني بضرورة الجلاء عن الافلاق و البغدان
مما اعتبرته الدولتان اشارة الى احتمال السيطرة الروسية على البحر الاسود
علاقات الدول وكل دولة و موقفها :
بريطانيا : كان من الطبيعي ان ترفض بريطانيا هذا العرض فهو لايتوافق مع سياستها التي تقضي بالمحافظة على الدولة العثمانية والحيلولة دون استيلاء الروس على البرفسور والمضائق
فرنسا: كانت تشعر بنها طرف رئيسي الصراع الروسي العثماني لان روسيا كانت ترين انهاء امتيازات الرهبان الكاثوليك و كانت ترغب في اخراج نفسها من القيود التي فرضها عليها مؤتمر فينا وفرصة لنتقام من روسيا واستعادة نفوذها الدولي
بروسيا : التزمت موقف الحياد من تلك الحرب فبروسيا لم تكن لها مصالح مباشرة في البلقان او الدولة العثمانية
النمسا : موقف النمسا الحيادي يبدو غريبا لان روسيا كانت قد ساعدت النمسا في عام 1849 على اخماد الحركة الاستقلالية المجرية
الواقع ان النمسا لم تكن راضية على احتلال روسيا للافلاق و البغدان الملاصقتين لحدودها خاصة انها كانت تحرض على حرية الملاحة في نهر الدانوب كذالك كانت النمسا تخشى من انيهار الدولة العثمانية لان في ذلك انتصار لمبدا القوميات وهي ماكانت تخشاه النمسى وذالك اتخذت النمسى موقف حيادي مؤقتا ريثما يتضح الموقف
نتائج حرب القرم :
طلب الكونت كافور رئيس وزراء سردينيا دخول الحرب بجانب بريطانيا وفرنسا
توفى القيصر نيقولا وخلفة اسكندر الثاني واخذ يجنح لسلام نظر لصعوبة موقفة
سقوط مينا سيباستيبول مما اضعف شوكة روسيا
هددت النمسا بدخول الحرب فارسلت الى روسيا انذار بقبول مشروع التسوية المتفق عليه
هزيمة روسيا التي وقعت معاهدة باريس سنة 1856

وتنص على الاتي :
1- تتعهد الدول الاوربية باخترام استقلال الدولة العثمانية مع مشاكتها في الاتفاق الاوربي
2- تتعهد روسيا باعادة جميع الاقاليم العثمانية التي استولت عليها الى الدولة العثمانية وتتعهد الدولة العثمانية وحلفائها باعادة مينا سيباستول والمدن الاخرى التي تم الاستيلاء عليها الى روسيا
3- ضم بساؤابيا الى الافلاق والبغدان (رومانيا )
4- تتمتع الافلاق والبغدان بالستقلال الذاتي في اطار السيادة العثمانية ولا يحق للسلطان العثماني التدخل عسكريا فيما دون موافقة الدول الكبرى
5- تظل صربيا تحت سيادة الدولة العثمانية مع تمتعها بالاستقلال الذاتي في اطار حكومة وطنية وعدم تدخل الدولة العثمانية في شئونها عسكريا من غير موافقة الدول البكرى
6- حياة البحر الاسود وفتحة امام التجارة الدولية لكل ادول دون استثناء ودون قيود وبتالي تزال الترسانات البحرية الروسية والعثمانية
واخيرا كان لمعاهدة باريس التي عقدتها الدولة العثمانية بعد حرب القرم التي استمرت حوالي 3 سنوات أهمية خاصة في التوازن على الساحة الدولية بين الدول الكبرى، فهي من المعاهدات التي صاغت الوجه السياسي لأوروبا خلال القرن التاسع عشر الميلادي، وكانت مدخلا مهما لتطوير القانون الدولي حيث كانت بداية الفصل بين العقائد الدينية والعلاقات الخارجية، وانتقلت بالقانون الدولي من الحيز الأوروبي الذي كان يعبر في الأساس عن مجموعة من الأعراف غير الملزمة لغير الأوروبيين إلى إشراك الدولة العثمانية في هذا القانون الدولي.
وتكمن أهمية هذه المعاهدة في أنها كشفت بجلاء أن المصالح هي التي تصنع الأحداث ومن ثم تصنع التاريخ، فالتحالفات لاتصاغ وفق العقائد الدينية بقدر ماتصاغ وفق المصالح التي تحققها تلك العقائد، ولذا كانت أطر التحالفات واسعة ومرنة وقابلة للتحرك مع تغير المصلحة، وتلك قصة طويلة دامية كشفتها بجلاء معاهدة باريس