منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By ماجد العتيبي 246
#67779
الأهمية الاستراتيجية التي يشكلها مضيق البوسفور الواقع ضمن الحدود التركية ليست وليدة اليوم بل تمتد لقرون‮.. ‬فأهمية هذا المضيق ترجع إلي حروب طروادة التي اندلعت عام ‮٣٩١١ ‬قبل الميلاد،‮ ‬وارتباطه بالكثير من الأحداث الأسطورية والملاحم اليونانية‮.. ‬وقد ازدادت الأهمية الاستراتيجية والتجارية لهذا الممر بازدهار مدينة بيزنطة ثم القسطنطينية ثم اسطنبول‮. ‬ومضيق البوسفور،‮ ‬الذي كان يطلق عليه اليونانيون قديما اسم‮ »‬ممر البقرة‮«‬،‮ ‬يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة،‮ ‬ويعتبر مع مضيق الدردنيل الحدود الجنوبية بين قارة آسيا وأوروبا،‮ ‬ويبلغ‮ ‬طوله ‮٠٣ ‬كم‮. ‬ويمثل المضيق صمام أمان لتركيا،‮ ‬التي يطلق عليها البعض دولة السلاطين،‮ ‬حيث تعتبر حركة السفن بالمضيق واحدة من أهم نقشاط الملاحة البحرية في العالم‮. ‬ولقد كان هناك العديد من الأطماع في هذه المنطقة لاسيما لروسيا،‮ ‬التي استطاعت أن تسيطر علي الساحل الشمالي للبحر الأسود،‮ ‬وكسرت الاحتكار التركي لهذا البحر،‮ ‬ولكن اتفاقية كوتشك كينارجي عام ‮٤٧٧١ ‬ضمنت لتركيا حق الملاحة في المضيق،‮ ‬وكان لهذا المضيق أهمية استراتيجية ايضا خلال الحرب العالمية الأولي،‮ ‬عندما تنبه الانجليز إلي المزايا التجارية والاستراتيجية،‮ ‬التي تتمتع بها تركيا نتيجة لتحكمها في مضيقي البوسفور والدردنيل‮. ‬وقد أصر المنتصرون في الحرب العالمية الأولي علي فتح هذه المضايق أمام جميع السفن،‮ ‬وعدم تحصينها مرة ثانية‮. ‬وقضت معاهدة‮ »‬سيفر‮« ٠٢٩١ ‬بضرورة نزع سلاح المضايق وبحر مرمرة والجزر الواقعة في مدخلهما من جهة الجنوب‮.‬
ولاشك أن منطقة البحر الأسود ومضيق البوسفور كانت جزءا من الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة‮.. ‬ففي أعقاب إعلان الادارة الأمريكية عن إلغاء اتفاقية للتعان النووي المدني مع روسيا عام ‮٨٠٠٢‬،‮ ‬علي خلفية حرب القوقاز،‮ ‬تفاقمت الأزمة بين الطرفين،‮ ‬حيث حاولت أمريكا فرض همينتها البحرية من أجل الحفاظ علي مصالحها الاستراتيجية‮. ‬وتدير الحكومة التركية مضيق البوسفور،‮ ‬من خلال الاشراف عليه وتحديد رسوم عملية عبور السفن‮. ‬وقد تبنت تركيا في الآونة الأخيرة خططا طموحة لتطوير مضيق البوسفور،‮ ‬بما في ذلك بناء جسر بتكلفة ‮٥٤.٢ ‬مليار دولار،‮ ‬وهو الثالث في المضيق،‮ ‬كجزء من مشروع طريق شمال مرمرة السريع الممتد بطول ‮٤١٤ ‬كم،‮ ‬والذي يتكلف ‮٥.٦ ‬مليار دولار،‮ ‬إلي جانب حفر نفق تحت البحر في المضيق بتكلفة ‮٢.١ ‬مليار دولار‮. ‬وسوف يستغرق بناء الجسر المعلق ثلاث سنوات للبناء،‮ ‬واستعانت الحكومة التركية بعدد من الشركات الخاصة الأجنبية للاستثمار في منطقة المضيق وجلب الاستثمارات التي من شأنها العمل علي تطوير وزيادة الخدمات في هذه المنطقة‮. ‬وأعطت الحكومة التركية حقوق امتياز تشغيل عدد من الجسور والطرق للقطاع الخاص من أجل جذب اهتمام المستثمرين المحليين والأجانب‮.