منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص باستقبال أسئلة الطلاب
By صالح العمري6
#19506
*الحــرب العــالمية الأولى *

لم تترك حرب سابقة آثارا بعيدة المدى مثلما حدث مع الحرب العالمية الأولى ( الحرب العظمى ) . وقد عجلت تلك الحرب بأفول نجم أوروبا كقوة كبرى بالمقارنة ببقية العالم ، ودمرت _ بنسبة كبيرة _ اقتصادها ، و مركزها الدولي ، وفتحت بابا لإنهاء استعمارها لشعوب وأراضي أجنبية ، ومهدت الطريق لبزوغ نجم روسيا و الولايات المتحدة ، طرفي القوة الهائلة و الأعظم فيما بعد ، وهما الدولتان اللتان سوف تحددان مصير أوروبا طوال القرن . كما أن هذه الحرب رفعت مقدار الخسائر البشرية بدرجة مفزعة ، وأدخلت ألوانا جديدة من الرعب لم تكن معهودة فيما مضى : إذ قتلت من الناس في سنواتها الأربع مايفوق عددا كل ضحايا الحروب التي وقعت في القرنين السابقين عليها بما فيها حروب الثورة الفرنسية ، والحروب النابليونية ، و الحرب الأهلية الأمريكية .

إن الحرب العظمى التي مرت تختلف عن كل الحروب القديمة : في القوة الهائلة للمتحاربين وأدواتهم المدمرة، المفزعة، كما أنها تختلف عن كل الحروب الحديثة في القسوة المطلقة التي صدر عنها القتال . لقد اجتمعت فيها كل ألوان الرعب من كل العصور، ليس فقط بالنسبة إلى الجيوش ، وإنما أيضا مع كل الشعوب التي انغمست فيها . وتصورت أشد الدول فطنة_ وبحق_ أن محض وجودها في الحياة عرضة للخطر ، وأن ألمانيا إذا تركت لجحيم التسيب ، أجادت دورها في الطليعة من إحداث الرعب ، فتبعتها خطوة بخطوة تلك الدول التي تعرضت لهجومها، تصب جام غضبها ونقمتها الخاتمة . إن كل انتهاك للإنسانية و للقانون الدولي ، قابله سريعا انتقام غالبا أقوى وأنكي ، وأكثر دواما وأوسع مدى . لم تفلح أية هدنة _ ولو جزئيا _ في التخفيف من حدة القسوة الصادرة من الجيوش. فالجرحى يموتون بين الخطوط ، والموتى يتعفنون فوق الأرض . وفي البحر ، أغرقت سفن التجارة وسفن المستشفيات ، وترك من عليها لمواجهة مصيرهم . فإذا حاولوا النجاة بالسباحة ؛ قتلوا . وبذلت كل الجهود لإجاعة شعوب بأكملها دون اعتبار أو نظر إلى سن أو جنس ، حتى تستلم وتخضع و تركع . وأبادت المدفعية مدنا وآثارا ومتاحف . وأسقطت القنابل من الجو بلا تميز ؛ ولفحت أنواع عديدة من الغازات السامة و خنقت الجنود ، وأطلقت النيران السائلة على أجسادهم ، أو أخمدت أنفاسهم ببطء بغمر رءوسهم في مياه البحر ، ولم تردع قسوة السلاح وعذاب الثأر والانتقام ، ماتملك الدول من إنسانية ورجولة . واتسع النطاق ، فأصبحت أوروبا وأجزاء واسعة من آسيا و أفريقيا ساحة واحدة للمعركة . وبعد سنوات من الصراع العنيف المخيف ، لم تنكسر الجيوش وتتمزق ، وإنما الشعوب و الدول . وعندما انتهى كل شيء ، كان التعذيب ومص الدماء هما الوسيلة الملائمة الوحيدة التي اقترفتها ثم أنكرتها على نفسها الدول المتحضرة ، العلمية، المسيحية .

الـــحـــــرب

سوف نلقي نظرة سريعة _ خاطفة لكنها كافية _ على ساحات القتال التي دارت فوقها معارك الحرب العالمية الأولى برا وبحرا وجوا ، دون دخول في التفاصيل الفنية العسكرية التي تستوجب أن يخصص لها حيز أكبر منفصل .

• الحـــلفــاء :
بريطانيا / فرنسا / روسيا / بلجيكا / الصرب/ اليونان/ رومانيا / مونتنجرو/ البرتغال / ايطاليا / اليابان / الولايات المتحدة .
• دول الوفاق (أو القوى المركزية ) :
النمسا – المجر / ألمانيا / بلغاريا / تركيا .
• ايطاليا :
دخلت الحرب إلى جانب الحلفاء في 26 أبريل 1915 وكانت معاركها ضد النمسا – المجر ، فلما هزمت جيوشها في موقعة كابوريتو ( 24 أكتوبر 1917 ) خرجت من الحرب .
• روســـيا :
أدى استياء الشعب الروسي من الدخول في الحرب الى سقوط القيصر ( مارس 1917 ) . واصلت الحكومة المؤقتة الاشتراك في الحرب . ولما تولى البلاشفة (الشيوعيون ) السلطة ( نوفمبر17 ) انسحبوا من المعارك ووقعوا معاهدة سلام مع ألمانيا (برست – ليتوفسك في مارس18) التي منحت مساحات شاسعة من روسيا .
• الـولايات المـتحدة :
انتعش الألمان بانتصارهم في الجبهة الشرقية ، وركزوا هجماتهم المكثفة على الجبهة الغربية ( من مارس الى يوليو 18 ) ، فلما وصلت الفرق الأمريكية وانضمت الى الحلفاء ، صار الهجوم شاملا و حاسما على جيوش ألمانيا ( في 26 سبتمبر ) . عندها اقتنعت ألمانيا أنها خسرت فطالبت بالسلام.
• النـــمســا – المــجر :
مع هزيمة ألمانيا انهارت إمبراطورية النمسا – المجر بعد هجوم مكثف من جانب الحلفاء .
• بــريــطانيــا :
كانت قواتها متوازنة : فالذي كان ينقص الجيش على البر ، عوضه الأسطول في البحر .
• فرنســـا :
لم تكن مستعدة جيدا – عسكريا- للحرب.لذا حققت انتصارات وتلقت هزائم .


كــلمة أخـــــيرة

هكذا انتهت المأساة التي روعت العالم ، وخربت و دمرت وسفكت دماء ، و قتلت – بلا مبرر معقول ولا ثمن – ملايين و ملايين من العسكريين و المدنيين . وهذا بعض ((الحصاد)) من البشر طبقا للإحصاءات الرسمية المعلنة :

• روسيا : معظم الضحايا كانوا من الفلاحين و المجندين الريفيين الذين راحوا ضحايا التحالف ، من بينهم 1,366,000 قتلوا في الجبهة الشرقية .
• بريطانيا و مستعمراتها المسكينة : 908000.
• ايطاليا : 462000 في معركة الألبين و حدها .
• الولايات المتحدة (في عام 1918) : 116708.
• رومانيا : 336000 .
• الصرب : 125000 .
• ألمانيا : من العسكريين فقط 1,809,000 (أكبر عدد قتلى من دول الحرب ) .
• النمسا – المجر : 1,290,000 .
• الدولة العثمانية ( تركيا ) : 325000 .