منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص باستقبال أسئلة الطلاب
By محمد المنجي8/6
#30706



تحتل الهيئات التبشيرية المسيحية الدور الأول بين أولئك الذين يقومون بالدعاية المضادة للإسلام في البلدان الإسلامية ولهم في ذلك تاريخ طويل، فهم ومع بدء الدورة الاستعمارية لأوروبا، بدءوا هجومهم ضد الدول الإسلامية، حيث وصلت نشاطاتهم إلى ذروتها عندما تسلط المستعمرون على تلك الدول، ويتولى القيام بمثل هذا الدور ملايين من المبشرين، ويزداد عدد البعثات التبشيرية يوماً بعد آخر، ففي بلدان العالم الثالث وحدها ازداد عدد هذه البعثات من 2400 بعثة عام 1972 إلى 18000 بعثة عام 1993، فللبروتستانت وحدهم في أكثر من مائة دولة من دول العالم 000ر50 مبشر، وتنفق الولايات المتحدة وحدها سنوياً 700 مليون دولار لنفس الغرض، وعلى أثر هذه الدعاية ازداد عدد المسيحيين في جنوب آسيا 106 مليون شخص في عام 1980 إلى 134 مليون في عام 1993، وفي شرق آسيا ازداد عدد المسيحيين من 16 مليون شخص في عام 1890 إلى 75 مليون شخص في عام 1992، وعلى أثر هذه الدعايات صار الدين المسيحي والذي كان حتى بدايات القرن الحالي دين أمريكا وأوروبا، وكان يتمركز 8% من المسيحيين في هذه المناطق، صار يعتبر الآن ديناً عالمياً، حيث ينتشر 60% م أتباعه خارج أمريكا الشمالية وأوروبا.

وفي أفريقيا كان عدد المسيحيين لا يزيد حتى بداية القرن الحالي عن عشرة ملايين شخص، أما اليوم فقد وصل عددهم إلى 224 مليون نسمة، وتخطط المنظمات المسيحية العالمية حالياً لإيصال صوتها إلى 240 مليون من أولئك الذين لم تصلهم الدعاية المسيحية حتى الآن. وفي هذا السياق أعلن البابا جان بول الثاني أن عام 2000 تسود فيه المسيحية جميع سكان أفريقيا. إن الملفت للنظر أن أياً من الدول الإسلامية ليست في مأمن من الدعاية المسيحية. ففي الباكستان هناك بعثات تبشيرية من أمريكا وكندا تنشط كل على حدة، حيث تقوم بإرسال المطبوعات والبعثات التبشيرية إلى هناك، حيث يبلغ عددها 80 بعثة، ويعيش في الباكستان أربعة ملايين مسيحي، ويقوم هؤلاء المبشرين وبواسطة إمكانياتهم المالية بنشاطات وخدمات للفقراء في مجال التعليم والصحة لتهيئة الأرضية اللازمة لاستقطابهم، وفي أفريقيا هناك العديد من القساوسة الذين يعيشون ومنذ عشرات السنين في غاباتها وأدغالها بين القبائل البدائية لتنصيرهم، أو إن بعض المبشرين يتوغلون في مناطق لم يتسن حتى لحكومتها إلى اليوم أن ترسم لها الخرائط التي تبين مواقعها، أن هذه الأمور تستحق أن نقف عندها ونتأملها، فبالإضافة إلى المبشرين النشطين هناك أربع محطات بث إذاعية تدعو إلى الدين المسيحي، أحدها تعرف بـ (Trans World) وتبث برامجها بسبعين لغة ومحطة أخرى تعرف بـ (Vatican Radio) تبث برامجها بخمسين لغة، ولنفس الغرض يتم الآن تشغيل قناة تلفزيون عالمية. وبذلك تتمكن المسيحية من تغطية العالم كله بالبث التلفزيوني.

عندما ندقق في هذه القضايا يتبادر إلى الذهن سؤال وهو: هل هذه الدعاية الواسعة هي لترويج الدين المسيحي فقط ولا هدف آخر هناك، أم انّه ليست من المستبعد أن يكون هناك تحت ستار المسيحية من يحاول تمرير أهدافه الخاصة. إن دراسة هذا الموضوع توصلنا إلى أن المراكز المسيحية وعلى امتداد التاريخ كانت تسعى لتأمين مصالح التجار والمستثمرين أكثر مما تقوم بالتبشير منذ أيام الحروب الصليبية التي قامت ـ وباعتراف المؤرخين ـ بسبب تهديد المصالح التجارية لأوروبا خاصة «فينيسيا» و«جنوا» بعد سيطرة المسلمين على القدس وإغلاق الطرق التجارية بين أوروبا وشرق آسيا. لقد كان الظاهر من عمل المبشرين الذين ذهبوا إلى الهند وأفريقيا وأمريكا اللاتينية هو التبشير لكنهم جلبوا معهم المستعمرين إلى هناك. إذن بالاستناد إلى تلك الشواهد يمكن القول ببساطة انّه وعلى مدى التاريخ كانت المسيحية ومبشروها سنداً وعوناً وشريكاً للمستعمرين. وكانت تمهد أيضاً الأرضية المعنوية لنمو الرأسمالية وهيمنتها في تلك البلدان. إن قراءة المسيرة التاريخية للمسيحية من جانب وتكامل الرأسمالية، من جانب آخر تظهر بان الحركة الإصلاحية المسيحية هيأت كل ما كانت الرأسمالية تحتاجه في جميع مراحل تطورها وذلك عن طريق الدعاية الدينية، ولهذا فان الكنيسة تعتبر جزءاً من عملية نشوء الرأسمالية.

وفي وقت قريب وفي مرحلة خاصة من الحرب الباردة ولأجل مواجهة الشيوعية نلاحظ انتخاب «باب» للكاثوليك من بولونيا، وبمساعدته يتمكن «ليش فاليزا» قائد الحركة العمالية في بولونيا من الفوز، كذلك لا تتوانى المسيحية في سياستها من التعاون مع الصهيونية والقيام بمساعدتها. لقد كانت المسيحية في أحسن أنواعها ليست إلا ردود فعل دينية أمام التمييز الطبقي واللاّدينية وتجاهل العواطف الدينية في المجتمعات الغربية. إذن فان العدو الحقيقي للإسلام في الوقت الحاضر ليس المسيحية بل العدو الحقيقي للإسلام هو الرأسمالية، وبشكل عام هو الثقافة الغربية والمسماة بـ«الليبرالية»، وهذا لا يعني أبداً تجاهل المسيحية أو التغافل عن دورها أو التقليل من شأنها
By خالد حمزي 6
#31650
جزاك الله كل خير ..