منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#66534
توسع الدولة
إن معظم دول العالم وصلت إلى ماهي عليه من مساحة إلا بعدما إقتطعت أجزاء من الأراضي المجاورة لها وتسمى هذه العملية بعملية النمو وتستمر هذه العملية لعدة قرون ،وقد ظهرت عدة نظريات تناقش عملية نمو الدول وتطورها ومن أهمها:

النظرية الأولى
وقد ظهرت هذه النظرية في ألمانيا على يد الأستاذ فريدريك راتزل في عام 1896 وقد أثارت جدل كبيرا في الأوساط العلمية والسياسية وقد كانت هذه النظرية بمثابة الدليل للسياسة الألمانية التي جرت العالم لحربين عالميتين ،ويقول راتزل في هذه النظرية أن الدولة مثل الكائن الحي الذي يولد وينمو ويكبر وأن الأراضي التي تحتلها الدول لا تنمو الا بنمو الثقافة والعلم والحضارة،أي أن إنتشار سكان الدول المتقدمة بما يحملوه من ثقافة وعلم خارج حدود دولتهم هو الذي يؤدي إلى زيادة مساحتها،وعلى هذا الأساس قال راتزل أن النمو السكاني يجب أن يقابله نمو للدولة حتى لا تضيق الدولة بسكانها مما يضطرهم للهجرة وهذا ما حصل في ألمانيا، وبم أن السكان هم من يحتلون الأراضي التي تتوسع بها دولتهم فيشترط في هذا التوسع أن يتم ببطئ وذلك بإضافة أجزاء صغيرة من الأراضي إلى الدولة الأم حتى يتم إستيعابها وتفاعلها هي ومن عليها ،و قد كان راتزل يرى أن الحدود السياسية هي غلاف الدول وهي التي تبين مدى إتساعها ونموها وأنه يجب ضم الأراضي الغنية أو التي لها قيمة إقتصادية فقط وأن يكون التوسع فقط في حالة الإزدحام السكانى والحاجة الماسة للغذاء ، ومن هنا فإن هذه النظرية تؤكد على أن الدول التي لا تملك حضارة لا يمكن أن تنمو وتتوسع وأن مصير الدول الصغرى هو الإنقراض والإنضمام للدول الكبرى والقوية والتي لحكامها الإرادة والقوة الكافية لتحقيق أهدافها التوسعية،وإن لم تتوفر تلك الإرادة والقوة في الدول فإنها سوف تفقد مناطقها تدريجيا كما حصل مع الإمبراطوريات الكبرى مثل إمبراطورية النمسا والمجر والإمبراطورية العثمانية والبريطانية التي أصبحت كلها الأن دول صغرى.

النظرية الثانية
وقد ظهرت هذه النظرية في فرنسا على يد العالم المشهور جان جاك روسو الذي نظر لنمو الدولة من ناحيتين:
1-الإتساع الجغرافي. 2-الإزدحام السكاني.
ويقول روسو أن الرجال هم من يصنعون الدول وأن الأرض تمدهم بالغذاء وأن حجم الدولة يتوقف على النسبة بين سكانها ومساحتها ،فالحجم المثالي للدولة هو أن تكون أراضيها قادرة على إمداد سكانها بالمواد اللازمة وبذلك تكون وصلت إلى أقصى قوتها وتطورها،وإذا لم يكن هناك تناسب بين السكان والمساحة كأن تكون المساحة واسعة على السكان فسوف تظهر هنا مشكلة الدفاع عن الدولة هذا من جانب وقد تكون المساحة صغيرة على السكان فتظهر هنا مشكلة توفير متطلبات السكان مما يجعل الدولة تحت رحمة جيرانها الذين يمدونها بما ينقصها من مواد، وقد يؤدي هذا النقص في الموارد لعدونها على غيرها لتوفير متطلبات سكانها هذا إن إمتلكت القوة الكافية لذلك، أي أن الدولة المثالية في نظر روسو هي أن لا تكون كبيرة بحيث يصعب الدفاع عنها وأن لا تكون صغيرة بحيث تحتاج لمن يدافع عنها،وقد كتب روسو ذلك في وقت كان فيه النقاش دائرا فيما إذا من المستحسن أن تضم فرنسا إقليم سافوا ،وقد قال روسو في ذلك وكان هذا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أنه كلما كبرت الدولة قلة العلاقات الإجتماعية بين أفرادها وأصبح من الصعب إدارتها.
أما في القرن العشرين وبتطور وسائل الموصلات البرية والبحرية والجوية وتطور وسائل الإتصال السلكية واللاسلكية فإن حكم الدول الكبيرة لم يعد يشكل مشكلة بل بالعكس فقد أصبح حجم الدولة الكبير ومساحتها الشاسعة مقياسا هاما لقوتها وأهميتها لأنه بكبر المساحة تزيد الثروة الإقتصادية ومنه تزيد فرصة تنوع الإنتاج ومثال ذلك الولايات المتحدة الأمريكية،أما صغر مساحة الدول فيكون عائقا أمامها للتطور الإقتصادي والإجتماعي وهذا ما يجبر سكانها على الهجرة كما هو الحال في اليونان ولبنان حيث أن عدد اللبنانين خارج لبنان أضعاف ماهو داخله ولو أن كل أفراد الشعب اللبناني يعيشون داخل لبنان لما أعتبر لبنان دولة صغيرة ،ويجدر الإشارة هنا أن المساحة وحدها لا تكفي لتكامل قوة الدولة لأنه من الممكن أن تكون هذه المساحات الشاسعة في الدولة أراضي صحراوية قاحلة غير منتجة وتشكل عندها عقبة في مد شبكة المواصلات التي بدورها تعرقل عملية الدفاع عن الدولة.