منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#67412
المفاوضات السرية مع إيران تهدد بأزمة جديدة في العلاقات الأميركية السعودية
طهران تلوح بالالتفاف على الاتفاق النووي وتعتبر أن بعض ما نشره البيت الأبيض حوله 'يتناقض مع نصه'.
العرب [نُشر في 27/11/2013، العدد: 9392، ص(1)]

مراقبون: السعودية لن تترك الساحة لإيران

لندن – بدأت مخلفات الاتفاق المبرم بين إيران ومجموعة 5 + 1 تلقي بظلالها على العلاقات السعودية الأميركية الخارجة لتوها من أزمة ناجمة عن رفض الرياض لأسلوب إدارة باراك أوباما للملف السوري.

وقالت مصادر مطّلعة إن الرياض لا تعارض الاتفاق الذي تم من حيث المبدأ، ولكنها مستاءة من الطريقة التي تم بها التوصل إليه، حيث قاد الأميركيون لقاءات سرية مع الإيرانيين استمرت لأشهر دون أن يحيطوا حلفاءهم في المنطقة بتفاصيل ما يجري.

وكشف نواف عبيد مستشار الأمير تركي الفيصل، والباحث في مركز الملك فيصل للدراسات بلندن أن العلاقات السعودية-الأميركية تعاني الآن من تصدع واضح، نتيجة إصرار الإدارة الأميركية على إحاطة التفاصيل التي تخللت المفاوضات مع إيران بسرية تامة، وهو ما دفع السعوديين إلى الشعور بالإهمال من جانب حليف رئيسي لهم.

وأشار عبيد إلى أن هذا الشعور لم ينجم عن الذهاب إلى المفاوضات مع الجانب الإيراني، فالأمير تركي وغيره لطالما دافعوا عن هذه الخطوة، ولكن الإشكالية هي "الطريقة التي جرت بها المفاوضات، وإخفاؤها عنا".

وتعهد بأن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، بينما تحاول طهران توسيع نفوذها في المنطقة، كما تفعل حاليا من خلال حزب الله في سوريا، مؤكدا "سنكون دائما هناك لإيقافهم، أينما كانوا".

وقال مراقبون إن دول الخليج، وخاصة السعودية، ترى أن الاتفاق لا يحد من قدرات إيران بقدر ما يعطيها فرصة إضافية كي توسع من أنشطتها في المنطقة والتدخل في شؤون دول الجوار.

ولفت المراقبون إلى أن الإعلام الإيراني يسوّق للاتفاق على أنه "نصر" لخيار "تصدير الثورة" الذي يبرر الوجود الإيراني في سوريا ولبنان واليمن والعراق، وأن ذلك من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة ومصالح الدول الكبرى بما في ذلك الأميركيون الذين يهرولون نحو التهدئة مع طهران مأخوذين بوعود "الاعتدال".

واعتبر هؤلاء أن تصريحات عبيد تعكس إصرارا من الرياض على عدم ترك الساحة لطهران رغم الود مع واشنطن، وأنها ستقود تحركا مضادا للتعريف بمخاطر الاتفاق الذي سيعمل الإيرانيون على تعويمه والتفصّي منه تحت أي مصوغ.

وبدأ التراجع الإيراني عن الاتفاق فعليا منذ الآن، حيث أعلنت الخارجية الإيرانية، الثلاثاء، أن بعض ما نشره البيت الأبيض الأميركي حول الاتفاق النووي "يتناقض مع نصه".

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، إن ما نشره البيت الأبيض عبر موقعه الإلكتروني تحت عنوان "بيان صحافي" عن اتفاق جنيف "يمثل تفسيرا أحادي الجانب للنص المتفق عليه بين إيران ومجموعة (5+1) حول البرنامج النووي الإيراني".

وأضافت "أن بعض الإيضاحات والمصطلحات الواردة في إعلان البيت الأبيض تتناقض مع نص الاتفاق".

يشار إلى أن الإيرانيين كثيرا ما يلعبون على التفاصيل والجزئيات للتنصل من الاتفاقيات، ويبررون ذلك بسوء الترجمة أو غياب الدقة في نقل تصريحات المسؤولين.

ورغم النفي الإيراني لوجود لقاءات سرية مع الأميركيين، فإن جهات أميركية وفرنسية أماطت اللثام عن ذلك، ما قد يوحي بوجود تفاصيل غير معلنة للاتفاق.

وصرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس أن باريس كانت على علم بوجود مباحثات سرية بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي منذ بدايتها، موضحا أن نظيره الأميركي جون كيري أبلغه بها.

وقال فابيوس في مقابلة مع إذاعة "فرانس كولتور" وصحيفة لوموند "كنا نعرف (جون كيري أبلغني) بأن هناك مفاوضات بين الأميركيين والإيرانيين. أنا أبلغت (…) فور بدئها".

وقالت مصادر دبلوماسية إن فابيوس أعرب عن غضبه الشديد، نتيجة اعتقاده أن الإيرانيين اطلعوا على ورقة الشروط الأميركية، من خلال المفاوضات السرية التي قادها بيل برنز مساعد وزير الخارجية الأميركي، قبل التشاور معه بشأنها.

وكان مسؤول أميركي كشف السبت عن وجود مفاوضات سرية بين الجانبين، موضحا أنها بدأت منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني في حزيران/ يونيو. لكن فابيوس أوضح أنه لم تجر مفاوضات سرية بين باريس وطهران.

واعتبر المراقبون أن إجراء لقاءات سرية لأشهر مع الإيرانيين يعطي انطباعا لدى حلفاء الولايات المتحدة بأنها لا تقرأ حسابا لمصالحهم، ما يهدد باهتزاز الثقة معهم مثل ما هو الحال مع السعودية التي بدأت تنوع علاقاتها العسكرية والاقتصادية وعدم اقتصارها على الشريك الأميركي.