منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#69416
لا شكّ في ان إيران والولايات المتّحدة عازمتان على تحسين العلاقات بينهما. فالاجواء الإيجابية تحيط بالجولة الثانية من المحادثات الإيرانية - الأميركيّة. وتترك هذه الانفراجات أسئلة حول الأسباب التي أدّت إليها بعد عقد ونصف عقد من النزاع؟ وما أثر هذه التغييرات في روسيا؟
لدى طهران أسباب براغماتية (عملانية) لتليين موقفها. فالعقوبات الاقتصادية أرهقت الشعب، وهي تعوق التطور الإقتصادي والسياسي. وعلى سبيل المثل، تعوق العقوبات الاممية انضمام إيران إلى المنظمات الدوليّة مثل منظمة شنغهاي للتعاون. ويضاف إلى العقوبات الاممية عقوبات الاتحاد الاوروبي واميركا، فتحكم الطوق على ايران ولا تترك مجالاً واسعاً للمناورة. وسـاهم بلـوغ شـخصيّة محترمة مثل حسن روحاني موقع الحكم وتربعه محل محمود أحمدي نجاد المكروه، في تغيير الخطاب السائد.
ويريد الأميركيون الخروج من حلقة النزاع المزمن مع إيران. فالوضع في الشرق الأوسط في تغير مستمر. وعلى الولايات المتّحدة أن تتكيف مع الأوضاع الجديدة. ورقد تشرع العلاقة بإيران أبواب التواصل الاميركي مع العالم الإسلامي الشيعي. ومثل هذا الانفتاح يمنح واشنطن مجالاً أوسع للمناورة في منطقة تغدو أكثر اضطراباً مع مرور الوقت.
وترفع هذه المعطيات فرص التوصل إلى الاتفاق. لكن هذا لا يعني أن الطرفين مستعدان للتضحية بمواقفهما من أجل تسوية من غير خاسر. وتشارك روسيا مشاركة فعالة في المحادثات الجارية بين الطرفين. ولكن سيخسر الكرملين «الحظوة» التي يتمتع بها في إيران؟ فالأخيرة ترزح تحت العقوبات، ولا غنى لها عن روسيا كشريك لا بديل عنه. وثمة احتمال أن تتخلى الدولة المعزولة عن صداقة الدولة الكبرى (روسيا) لحظة زوال الخطر والعزلة، كما حدث في يوغوسلافيا في عهد ميلوسوفيتش وليبيا في عهد القذافي. وإذا كانت الشراكة الروسية - الايرانية قائمة حصراً على غياب البديل، فإنها عاجلاً أم آجلاً ستزول.

ويؤدي تخفيف الضغط عن إيران إلى ارتفاع مستوى المنافسة على السوق الإيرانية ما يؤثر سلباً في روسيا. ولكن لا مفر من المنافسة. وحري بموسكو اقتناص اللحظة السياسيّة ومواكبة الإنفتاح الإيراني للحفاظ على العلاقات الجيدة بإيران.

وخلطت الازمة السوريّة الاوراق في الشرق الأوسط. وأدّت صلابة الموقف الروسي إلى نتائج غير متوقعة. ووجد الكرملين نفسه في خندق واحد مع طهران لأسباب تجاوزت المصالح المشتركة. والحق أن بروز تحالف سنده ديني وجيوسياسي يمتد من موسكو الى طهران وبغداد ودمشق وصولاً إلى «حزب الله» جعل روسيا لاعباً إقليمياً قوياً. وهذا ما لم يكن في الحسبان قبل سنتين.
ولا تعني الانفراجات الاخيرة انّ إيران ستبرم حلفاً مع اميركا. وتحول دون ذلك دواعٍ سياسيّة وثقافية. والولايات المتّحدة غير مستعدة للدخول في هكذا تحالف ولا ترغب في إغضاب حلفائها الحاليين في المنطقة. لكن تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة سيساعد إيران على تحصين مواقعها الإقليمية.

وخلاصة القول إن قوة إيران في الشرق الأوسط ستكون عاملاً إيجابياً تستفيد منه روسيا التي تربطها علاقات وطيدة بالنظام الاسلامي في طهران. ولا يستهان بمكانة إيران في المشروع الروسي. فموسكو تسعى الى الاستدارة إلى الشرق، سواء على مستوى الاتحاد الجمركي أو في المجال الامني في آسيا الوسطى، وتوسيع منظمة شنغهاي للتعاون من غير أن نغفل الدور الكبير الذي تلعبه إيران في الساحة السوريّة.