منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#26808
كتابات المسلمين حول حقوق الإنسان في الإسلام بين التسييس والاحتفاء


سلام نجم الدين الشرابي


بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان أقام مركز الدراسات الجامعية للطالبات بعليشة في الرياض ندوة عن «حقوق الإنسان في الإسلام» توافقاً مع اليوم العربي لحقوق الإنسان.
شارك في الندوة الدكتور عبدالعزيز فوزان الفوزان «عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان»، والدكتور عبداللطيف بن سعيد الغامدي «عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان»، والدكتور صالح الخثلان «نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان»، وأدار الندوة الدكتور خالد بن محمد الشنيبر «عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود».
وأكد الدكتور عبدالعزيز فوزان الفوزان «عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان» في بداية حديثه أن علماء الشريعة اجتمعوا على أن المقصد من الشريعة الإسلامية هي تحقيق مصالح العباد، وحفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والعقل والعرض والمال)، مبيناً أن العالم المعاصر الذي يتحدث عن حقوق الإنسان يعتقد أن هذه القضية هي من مبتدعات العصر ومحاسنه، فيما أن الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في محكم كتابه أنه أرسل الأنبياء لأجل إقامة العدل والقسط بين الناس، وبهذا يحفظ حقوقهم ومصالحهم.
وذكر «الفوزان» خصائص حقوق الإنسان في الإسلام كتكريم الشريعة للإنسان، وبيّن مظاهر هذا التكريم، كما وضح أن الله جعل الحقوق الإنسانية ضرورات شرعية وواجبات شرعية لا يسع المسلم تركها أو التنازل عنها سواء كانت هذه الحقوق تتعلق به أو بغيره.
وأشار الفوزان إلى الاتفاقات الدولية بالقول: «إن المتأمل في النظريات والاتفاقيات الدولية يجد تركيزاً على حفظ بعض الضروريات ولم يستوعبها كلها، ولم تتسع مدارك واضعيها ليشملوها كلها، وأكثر ما حاموا حوله وسنوا له القوانين والتشريعات مقصور في الغالب على حفظ المال والنفس، أما الدين والعقل والعرض فلم يهتموا بها؛ بل سنوا ما يتنافى وحفظها كتشريع الإلحاد وجعل العلمانية منهج حياة، وإباحة الزنى بالتراضي، وإباحة ما حرم الله كالشذوذ وغيره».
وأكد الدكتور عبداللطيف بن سعيد الغامدي «عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان» على أن الإسلام أسس لحقوق الإنسان انطلاقاً من احترام الذات البشرية وتكريمها، وعدّد الحقوق الأساسية في الإسلام ومنها حق المساواة، موضحاً أنه لا بد من إجلاء الفهم الخاطئ للمزج بين مفهومين يتعلقان بالمساواة؛ المفهوم الأول في أصل الخلقة وابتداء الحياة مهما تعددت الجنسيات وتنوعت الألوان واللغات، والمساواة الأخرى فيما يكتسبه الأفراد في إطار الكسب الذاتي سواء علماً أو عملاً أو خُلقاً وهذا لا يمكن المساواة فيه، إذ لا يمكن المساواة بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، بين الذين يعملون والخاملون.
ومن الحقوق الأساسية في الإسلام التي ذكرها الغامدي حق الإنسان في العيش بأمان، وحق الكرامة
وبيّن الدكتور عبداللطيف الغامدي أن نهج الإسلام في حماية هذه المصالح نظامين:
1- النظام الوقائي: أكد الغامدي على أن أصل الإنسان سلامة الفطرة، وقد عني الإسلام بتزكية النفس وتربية الضمير الإنساني لإقامة مجتمع فاضل من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2- النظام العقابي: لكل جريمة ما يناسبها من العقاب، والعقوبة في الإسلام ليست للتشفي، وإنما هي للتقويم لمن لم ينفع معه الجانب الوقائي.
وأشار الدكتور صالح الخثلان «نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان» من خلال متابعته للمقالات والندوات والمحاضرات إلى أن المداولات في الوطن العربي عن موضوع حقوق الإنسان لها خاصيتان:
- خاصية احتفائية، وهي تتعلق بالكتابة من وجهة نظر شرعية.
- وخاصية اختزالية، وهي تتعلق بالجهات الليبرالية.
مبيناً أنه فيما يتعلق بالخاصية الاحتفائية نجد كتابات عن حقوق الإنسان من وجهة نظر شرعية تركز غالباً على المسائل التي تتعلق بحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، وتتحدث حول أسبقية الإسلام على المواثيق، مؤكداً على أن هذا لا جدال فيه والجميع يعرفه، فلماذا التكرار حوله، فيما لا نجد من يساهم في تفسير الفجوة الحاصلة بين الواقع في العالم الإسلامي وبين حقيقة أن الإسلام من أسس هذه الحقوق وقدم رؤية شاملة عنها.
وتساءل «الخثلان» لماذا أصبح واقع حقوق الإنسان في عالمنا الإسلامي بهذا الشكل؟ ولماذا لا نجد المساهمات في ردم الهوة بين الواقع والنظرية، لماذا لا نجد مساهمات من المفكرين الإسلاميين حول جدل عالمية وخصوصية حقوق الإنسان. هذا الحديث الذي يجري على مستوى عالمي وتحصل حوله نقاشات حادة.
أما فيما يتعلق بالخاصية الاختزالية يقول الدكتور صالح الخثلان أن الكتابات الليبرالية تميل لتسييس حقوق الإنسان، إذ تقتصر على جوانب محددة وهذه النظرة الاختزالية لها عيوبها، فأين تناول الحقوق المهمة مثل الضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وحق العمل.
وبيّن «الخثلان» أن هذه النزعة نحو تسييس حقوق الإنسان، أصبحت عائقاً أمام تطور حقوق الإنسان في العالم الإسلامي وتسببت في صدامات.
وأشار «الخثلان» إلى أهمية موقف المملكة العربية السعودية تجاه إعلان حقوق الإنسان، معتبرا إياها بوابة العالم الإسلامي، وأنها اتخذت أسلوب التحفظ على بعض البنود المخالفة للشريعة الإسلامية، خاصة بما يتعلق باتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأشار إلى أن التحفظ عام على هذه الاتفاقية، وهناك محاولات جادة –حسب تعبيره- لتجاوز التحفظ العام إلى وضع تحفظات محددة على ما هو غير مناسب في هذه الاتفاقية.
وفي رد للدكتور «فوزان» على موضوع الاحتفائية التي ذكرها الدكتور «الخثلان» بيّن أن هذا غير صحيح، وأكد على أن الساحة بحاجة إلى أضعاف ما هو موجود من كتابات ومحاضرات وندوات لسببين:
الأول: أنه لا تزال فئة كبيرة من المسلمين يعترضون على قضية حقوق الإنسان ويعتقدون أنها ابتداع من الغرب، لذلك فهم يرفضونها وقد اعترضوا على هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان.
السبب الثاني: عندما يشاهد غير المسلمين هذه الانتهاكات الحاصلة في عالمنا الإسلامي، يعتقدون أن هذا من الإسلام، فيظلمون الإسلام ظلماً شديداً، ولذلك يجب أن نكتب لنبين لهم أن كل ما دعوا له وما نادوا به من حقوق للإنسان قد سبقتهم فيها الشريعة الإسلامية وبشكل أعظم وأشمل.