منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
By سعود الخيال 704
#69702
الموضوع التاسع : الاستعمار الالماني شرق افريقيا
تستمد هذه الرسالة أهميتها فى أنها تتناول موضوعا غير مطروق من قبل باللغة العربية فإذا كانت المؤلفات العربية قد تناولت بشىء من الإسهاب تاريخ الاستعمار البريطانىوالفرنسىوالبلجيكىفى أفريقيا، فإنها لم تتعرض للاستعمار الألمانى إلا فى فصول سريعة غير تفصيلية وجاءت رسالة الدكتور سعد زغلول عبد ربه لتمثلا هذا الفراغ فى المكتبة العربية وتقدم عرضا تاريخيا شاملا لمستعمرة شرق أفريقيا الألمانية من النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومما يزيد من أهمية الرسالة اعتمادها على المراجع والوثائق الألمانية الأصلية، مثال ذلك وثائق الريشستاغالألمانى وشركة شرق أفريقيا الألمانية.
هذا إلى جانب بعض الوثائق والمصادر الإنجليزية والفرنسية.
ولكن يؤخذ على الرسالة إغفالها ذكر المراجع العربية التى صدرت حول هذا الموضوع.
ويقصد بشرق أفريقيا فى الرسالة المنطقة التى عرفت فيما بعد باسم تنجانيقا ورواندا وأورندى.
أما الإطار الزمنى للرسالة فيقع بين عامى 1884، 1918 فقد بدأ الاستعمار الألمانىفى سنة 1884 بمعاهدات كارل بيترز وصدور مرسوم الحماية الألمانية فى 17 فبراير 1885، وانتهى بانتهاء الحرب العالمية الأولى وإعلان الهدنة فى نوفمبر 1918 والرسالة تقع فى سبع فصول (250 صفحة حجم كبير) مضافا إليها جداول وإحصاءات البحث.
وخصص الفصل الأول للحديث عن مقدمة جغرافية وتاريخية للمنطقة، ثم بداية التدخل التجارىالألمانىفى شرق أفريقيا، ثم بداية الارتباط بين السياسة التجارية والسياسة الرسمية للدولة والأسباب للدولة والأسباب الداعية إلى دعم هذا النشاط من جانب الدولة الألمانية ويتعرض الكاتب فى هذا العدد لموقف المستشار الألمانى بسمارك من الفكرة الاستعمارية، وإحجامه عنها فى البداية لاعتقاده أن السياسة القارية هى السياسة الملائمة لألمانيا، ثم يناقش العوامل والأحداث التى أدت إلى اعتناق بسمارك للفكرة الاستعمار وتهيئة الرأى العام الألمانى للحصول على المستعمرات، والجمعيات الاستعمارية التى تكونت وكان أبرزها جمعية الاستعمار برئاسة كارل بيترز عام 1882.
وانتقل الكاتب بعد ذلك إلى مؤتمر برلين والمعاهدات التى عقدها كارل بيترزفى منطقة شرق أفريقيا وأخير يناقش الكاتب الاتفاقية الألمانية والبريطانية التى عقدت فى 29 أكتوبر 1886 لتقسيم شرق أفريقيا.
وتناول الكاتب فى الفصل الثانى العلاقات الدولية بين الدول الاستعمارية الكبرى فى المنطقة وهى بريطانيا وألمانيا وبلجيكا وتتبع تطور هذه العلاقات فى الدبلوماسية الدولية. وأوضح الكاتب الموضوعات التى أغفلتها الاتفاقية البريطانية الألمانية السابقة ومن أهمها إغفال تعيين الحدود الغربية لمنطقتى النفوذ البريطانية والألمانية مما ترك الباب مفتوحا لحدوث نزاع وتسابق استعمارى بين الدولتين فى المنطقة.
وتحدث الكاتب عن مركز أمين باشا فى مديرية خط الاستواء ومحاولات إنقاذه والدوافع الاستعمارية وراء هذه المحاولات.
وأخيرا وصل إلى عرض وتحليل الاتفاقية الألمانية البريطانية عام 1890، وأوضح الظروف الدولية لكل من ألمانيا وبريطانيا التىفى خلالها توقيع هذه الاتفاقية.
أما الفصل الثالث فقد خصصه الكاتب لنظام الحكم الألمانىفى المستعمرة وأوضح أولا كيف لم تتمكن شركة شرق أفريقيا الألمانية من إقامة نظام أدارى وقضائىفى شركة لانشغالها بالتوسع فى الداخل وتأسيس المحطات التجارية وعندما شرعت فى ذلك فوجئت بقيام إرهاصات الثورة الوطنية مما جعلها تتنازل للدولة الألمانية عن السلطة الإدارية وشرع مبعوث الرايخالألمانىفى إقامة نظام حكم مدنى ساده فى بعض الفترات تطبيق القانون العسكرى أثناء مواجهة الثورات الوطنية ويوضح الكاتب أنظمة الحكم المختلفة التى طبقت حسب اختلاف مناطق المستعمرة ومدى تأثر هذه الأنظمة إلى حد ما بالإرث العربىفى المنطقة والعادات والتقاليد الوطنية وفى الصفحات الباقية من الفصل الثالث تحدث الكاتب عن السلطات القضائية والقوانين والنظم المالية ونظم ملكية الأرض وغير هذا من العادات والتقاليد التى نظمت علاقات الأفريقيين.
وفى الفصل الرابع تحدث الكاتب عن الثورات الوطنية التى واجهت الحكم الألمانى مثل ثورات الوطنية التى واجهت الحكم الألمانى مثل ثورة بوشيرى (بن سالم) عام 1888 التى عجزت شركة شرق أفريقيا الألمانية عن مواجهتها فطلبت المساعدة من الحكومة الألمانية وتوالى قيام الثورات الوطنية وكان أبرزها على الإطلاق ثورة ماجىماجىالتى تعد من أخطر الثورات التى قامت فى المنطقة واستمرت حوالى ثلاث سنوات من 1905 إلى 1907 وشملت الجزء الجنوبىالشرقى من المستعمرة واشترك فيها عدد كبير من القبائل المسالمة ثم انتشرت بسرعة فى جميع أنحاء المستعمرة.
ولقد أفاض الكاتب عن الإجراءات المتنوعة التى قمع بواسطتها الألمان هذه الثورات.
وفى الفصل الخامس عرض شامل للأوضاع الاقتصادية والمواد الخام التى تنتجها المنطقة والنشاط الاقتصادىالألمانىفى التصدير والاستثمارات والزراعة.
أما الفصل السادس فهو خاص بالمواصلات والتعليم وبه بيانات عديدة عن إنشاء شبكة المواصلات التى غيرت وجه الحياة فى المستعمرة وكذلك بيانات عن المدارس ومستويات التعليم المختلفة.
والفصل السابع والأخير يتناول الفترة التى شهدت سقوط وانهيار الحكم الألمانى نتيجة للحرب العالمية الأولى ويشرح سير الحرب بين قوات والقادة من جنوب أفريقيا والقوات الألمانية المقيمة فى المستعمرة.
ويختم الكاتب الفصل بتقييم للحكم الألمانىفى شرق أفريقيا، فيذكر بعض الانتقادات التى وجهتها حكومة الانتداب البريطانية على تنجانيقا لنظام الحكم الألمانى مثل قلة عدد المواطنين الألمان الذين كان عددهم 79 مواطنا فى سنة 1914 بالنسبة لكبر مساحة المستعمرة الألمانية وكثرة سكانها واستخدام الألمان لبعض النظم الإسلامية والمحلية ومخالفة تلك النظم للعادات والتقاليد الوطنية ونظام العمل الإجبارىفى المستعمرة، وعدم وجود قانون وطنى أو محاكم وطنية ويتناول الكاتب هذه الانتقادات بالتحليل وشرح الظروف والملابسات التى أدت إلى تطبيق هذه النظم، يتناول بحياد علمى تام أهم مزايا الحكم الألمانىفى المنطقة ومرونة الإدارة المدنية وإتقان النظام القضائى والتقدم الاقتصادى للمنطقة وتحويل نظام الاقتصاد العربىالهندى القائم على الجمع إلى اقتصاد قائم على التصدير والزراعة الواسعة المطعمة بالزراعة الوطنية، وتحسين طرق المواصلات.
ويسجل الكاتب رأيه بإيجاز فى نهاية البحث بقوله أنه رغم المأخذ على الإدارة الألمانية فى شرق أفريقيا فإنها تعتبر ناجحة إذا ما وضعنا فى الاعتبار قصر مدة الحكم الألمانى وما صادفه من عقبات.
وفى ختام هذا العرض لا يسعنا إلا أن نهنئ الدكتور سعد زغلول عبد ربه بهذه الرسالة العلمية التىأماطت اللثام عن حقبة هامة فى تاريخ شرق أفريقيا، آملين أن تهتم الجهات الثقافية المسئولة بطبع هذه الرسالة حتى تعم فائدتها على أوسع نطاق.