منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

#22657

صورة


موسوليني القائد العاشق بين حلم الإمبراطورية والنهاية الدرامية



اسم يثير الرعب كلما ورد ذكره قديما أو حديثا.رحل بجسده ولكن سيرته والجدل القائم حوله مازال حديثا للعالم.يذكره الجميع سواء عرف سيرته أم لم يتعقبها بالتفصيل والتحليل , حتى أن رجل الشارع العادي يطلق اسم موسوليني على الشخص الذي يتخوف منه لإظهار مدى الرعب والرهبة التي تسري في القلوب جراء ذكر اسم بنيتو موسوليني



والحديث عن موسوليني يطول, فكل جزء من حياته يحتاج مجلدات , فبداياته ووصوله لرئاسة الوزراء بايطاليا وبسط مذهب الفاشية على البلاد , ومغامراته العاطفية التي لا تعد تحتاج لكتب ومجلدات ,ليس هذا فحسب بل حتى نهايته كانت درامية ومعه عشيقته كلارا التي قضت أجمل أيام حياتها في أوج عظمته لكن الإعدام مع الدوتشي كان نهاية لقصة سيظل التاريخ يذكرها سنين وسنين وسيظل المحللون يكتشفون كل يوم الجديد في حياة رجل أثار ومازال يثير الجدل



وهنا في هذا المقال سنلقي الضوء على بعض النقاط في حياة الدوتشي التي كانت سببا في صناعة هذا الرجل وكانت أيضا سببا في نهايته ,فتعالوا معا نبدأ قصة موسوليني من البداية للنهاية



بنيتو موسوليني ولد لأسرة فقيرة من الفلاحين بمقاطعة رومانيا بايطاليا,وكان والده أليساندرو اشتراكيا وتم القبض عليه ودخل السجن 1902 بتهمة إثارة الشغب أثناء الانتخابات أما والدته روزا مالتوني كانت مدرسة كاثوليكية وكانت مسئولة عن البيت والعائل الرئيسي له لأن الأب كان مشغولا بالسياسة,وقامت الأم بتعليمه القراءة والكتابة والتحق بالتعليم في مدرسة داخلية لكنه كان كثير المشاكل فلقد كان يرمي رواد الكنيسة بالطوب وكان يسرق ودائم الشجار وطرد من المدرسة لأنه طعن زميلا له بالسكين في مؤخرته,وبالطبع ستتساءلون ما هذه العدوانية؟؟

ويرجع الباحثون السبب للفقر الشديد الذي كان يعاني منه موسوليني وحقده على الأغنياء بالإضافة لوالده الاشتراكي الثوري الذي سماه بنيتو نسبة لبنيتو خواريز الثائر المكسيكي,ولقد التحق موسوليني بعد الابتدائية بمعهد فني وظهرت عليه إمارات الذكاء وشدة الاستيعاب وكذلك اكتمل بنيانه الجسماني القوي وحصل على دبلوم المعلمين وكان يجيد الكتابة وظهرت بداياته الصحفية,ويجب التنويه أنه في فترة المعهد بدأت علاقاته النسائية في بيوت الدعارة مما سهل فرصة حصوله على المتعة بسهولة,وبذلك نرى أن كل ما جرى له في بداياته كان ينبئ بولادة ديكتاتور اسمه موسوليني



هناك محطة مهمة في تاريخ صناعة موسوليني ألا وهي سفره لسويسرا فلقد سافر ليعمل مدرسا هناك لكنه لم ينجح لإقامته علاقة مع زوجة كان زوجها بالخدمة العسكرية,وهناك اشتغل جرسون وعامل بناء وكان يكتب في مجلة اشتراكية للعمال هناك,وكان موسوليني قد تهرب من الخدمة العسكرية في ايطاليا.ولكن ما يهمنا هو أن هذه الرحلة أثقلت الشاب من حيث عناء الغربة والاختلاط مع الحركات الثورية وتفهم أساليب الدعاية التي جعلت منه مدرسة في الدعاية تعلم منها هتلر فيما بعد



عاد موسوليني لايطاليا وبدأ يكتب في أحد المجلات الاشتراكية,وتم سجنه وذهب لمدينة تورنتو التي حررتها ايطاليا من النمسا في الحرب العالمية الأولى ومن ثم ذهب لمدينة فورلي وفيها قابل زوجته رتشيلي ابنة عشيقة والده!!!!وفي مدينة فورلي دخل الحزب الاشتراكي وبدأ مرحلة جديدة ولكنه رجع وهاجمهم وانفصل من الحزب وكان وقتها يهاجم الحرب على ليبيا قبل أن يصبح أبشع محتل لليبيا وأقترف أفظع الجرائم,ولكنه عاد ثانية لرئاسة تحرير صحيفة الحزب وبدأ مرحلة أخرى



وبينما كان مع الحزب ضد دخول ايطاليا الحرب ضد الحلفاء إذا به يعود ثانية ودون الرجوع للحزب بتأييد الحرب مما أطاح به خارج الحزب وأصبح معزولا إلى أن انتهت الحرب وخلفت وراءها أزمات اقتصادية كبيرة لايطاليا ,وتوجه موسوليني للطبقة البرجوازية بعد ما كان يؤيد الطبقة الشعبية,ولا ندري ما سبب كمية التحولات الرهيبة في مذهب موسوليني؟من كاثوليكي لملحد,من اشتراكي لبرجوازي لديكتاتور,من رافض للحرب لمؤيد الحرب.

ثم كون موسوليني الفاشية كفرق مسلحة من المشاغبين وزحف بهم في تظاهرة كبرى نحو روما ولم تسيطر الحكومة على الوضع وهنا أعلن فيتوري مانويلي ملك ايطاليا موسوليني رئيسا لوزراء ايطاليا1922



ما سبق كون شخصية الدوتشي,جعلت منه الحياة شخصا قاسيا حادا يقاوم الصعوبات ولكنه يحمل شخصية أخرى وراء هذه الشخصية فلقد كان مولعا بأمه وتأثر كثيرا بفقدانها,كذلك علاقته بزوجته التي عانت منه كثيرا فكانت علاقته مع ليدا ثم بايدا وإنجيلا وكلارا مما أدى لعدم خلق جو أسري كان من المحتمل أن يؤثر في شخصية موسوليني



كلنا نعلم ما فعله موسوليني في ليبيا وكلنا نعلم احتلاله لأثيوبيا ولا داعي هنا لإعادة الحديث فيهما ولكن يجب معرفة السبب الرئيسي لتلك الحروب,فكما نعلم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى صارت أفريقيا وآسيا في أيدي فرنسا وبريطانيا وبالتالي ستصبح ايطاليا بين طرفي كماشة في البحر المتوسط فكان لزاما عليها احتلال ليبيا ليس هذا فحسب فتأمين البحر الأحمر كان واجبا على ايطاليا من براثن الانجليز والفرنساويين فكان احتلال أثيوبيا وبالطبع اريتريا التي كانت تحت سيطرتها مسبقا,هذا من الجانب السياسي أما من الجانب النفسي فموسوليني كان يعشق مكيافيللي وكتابه الشهير الأمير وقد استوقفته المقولة الشهيرة بالكتاب(ليست المحافظة على الدول بالكلام) وقام موسوليني بتفنيد الكتاب شرحه وتبني أفكاره فكانت النتيجة ما ظهر من سحق للمقاومة الليبية من أجل إعادة الإمبراطورية الرومانية في نظر موسوليني



ننتقل إلى نقطة الفاشية ,وهي مشتقة من كلمة فيسيز الايطالية التي تعني الصولجنات التي كانت تحمل في روما القديمة.وفي وقت موسوليني كانت تعني مجموعة من الاشتراكيين والثوريين وليس لها تعريف محدد ولكن فكرتها قائمة على القومية وخدمة الدولة ليس لجيل بعينه ولكن لجميع الأجيال وهي تقضي على هوية الفرد في سبيل الجماعة وهي تنشأ دائما في الأزمات حينما يكفر المجتمع بكل ما حوله فيبدأ بالبحث عن هوية أو فصيل يحميه فتنشأ القومية المتعصبة التي كان من أعلامها هتلر وموسوليني



ونصل إلى الختام في قصة الأسطورة التي لا تود أن تنتهي,فلقد حطت القوات الأمريكية والبريطانية على ميناء صقلية وزحفت على ايطاليا من جهة الجنوب ,وهنا طلب الملك من الدوتشي الاستقالة وعين بدلا منه بادوليو رئيسا للوزراء,وداخل سيارة إسعاف ذهب الدوتشي لمكان إقامته بايطاليا,ولكن الألمان عرفوا مكانه واختطفوه لمقابلة هتلر حيث كانت زوجة الدوتشي وأولاده هناك,وفي 21 ابريل1945 سقطت بولونيا في يد جبهة التحرير الشعبية المعادية لموسوليني,وفي 25 ابريل فر الدوتشي من ميلانو إلى كومو مدينة عشيقته كلارا ومنها إلى ميناجيو مدينة عشيقته إنجيلا,وحاول الفرار إلى الشمال وارتدى زيا ألمانيا ليتخفى واختبأ داخل الشاحنة ولكن الجنود تعرفوا عليه بسهولة هو وعشيقته كلارا وقامت الجبهة الشعبية بعمل محاكمة صورية وأقرت بإعدامه هو وعشيقته وتعليقه مقلوبا من قدميه لعادة ايطالية قديمة وهي تعليق المحتال في هكذا وضع



كانت هذه نهاية بنيتو موسوليني الذي فعلت به الدنيا ما فعلت فصنعت ديكتاتورا قاسيا سماه بعضهم بالوحش الدموي وخلقت منه رئيسا لوزراء ايطاليا ووزيرا في نفس الوقت لسبع وزارات,ولكنه كان يحلم بالإمبراطورية الرومانية القديمة,وإعادة ايطاليا إلى الصدارة ولكنه في حلمه حطم شعوبا ودول,وعمق جراح شعبه وشعوب أخرى كثيرة,وكان موسوليني رائدا في الدعاية فكانت له العديد من الصور التي تظهره بالزى العسكري في عظمة وكبرياء بالإضافة للصفات الجسمانية القوية التي جعلت منه عاشقا لا يشق له غبار وصفات عقلية جعلت منه حاكما في قبضته سبع وزارات,ولكن بعد هذا السلطان والجاه دارت الأيام ليتخفى الدوتشي في زى غير زيه ,يتخفى في شاحنة خائفا وهو من لا يعرف الخوف في حياته.ويجر إلى المحاكمة جرا ليحكم عليه بالإعدام وعلى عشيقته التي كتب عليها أن تدفع ثمن مرافقة أحد صناع التاريخ.إنني لأتخيل عيني موسوليني وهي تنظر للأمر بذهول بين حلم الإمبراطورية والنهاية الدرامية


بـــدور الـمـعـمـر 101

#24085
اشكرك يا اخت بدور على هذا الموضوع الرائع والطرح المميز وخاصة عن هذه الشخصية المثيرة للجدل دائما ....
تقبلي مروري وتحياتي ,,,