منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

By ياسر العيدي 33
#68036
كان والد هتلر - ألويس هتلر - مولوداً غير شرعي. وخلال السنوات التسع والثلاثين الأولى من عمره، حمل ألويس لقب عائلة والدته وهو تشيكلجروبر.
وفي عام 1876، حمل ألويس لقب زوج والدته يوهان جورج هيدلر. وكان يمكن كتابة الاسم بأكثر من طريقة كالآتي: Hiedler وHuetler وHuettler وHitler، وربما قد قام أحد الموظفين بتوحيد صيغته إلى Hitler. وقد يكون الاسم مشتقًا من "الشخص الذي يعيش في كوخ" (ألمانية فصحى: Hütte) أو من "الراعي" (ألمانية فصحى: hüten = يحرس) والذي تعني في الإنجليزية ينتبه أو قد يكون مشتقًا من الكلمة السلافية Hidlar وHidlarcek. (وفيما يتعلق بالنظريتين الأولى والثانية، فإن بعض اللهجات الألمانية قد يمكنها التمييز إلى درجة بسيطة أو لا يمكنها التمييز بين الصوتين ü- وi- عند النطق.
وقد استغلت الدعاية الخاصة بقوات الحلفاء اسم العائلة الأصلى لهتلر أثناء الحرب العالمية الثانية، فكانت طائراتهم تقوم بعملية إنزال جوي على المدن الألمانية لمنشورات تحمل عبارة "Heil Schicklgruber" تذكيرًا للألمان بنسب زعيمهم. وبالرغم من أن هتلر كان قد ولد وهو يحمل اسم هتلر قانونيًا، فإنه قد ارتبط أيضًا باسم هيدلر عن طريق جده لأمه يوحنا هيدلر.
أما الاسم "أدولف" فهو مشتق من الألمانية القديمة ويعني "الذئب النبيل" (ويتكون الاسم منِ Adel التي تعني النبالة، بالإضافة إلى كلمة ذئب). وهكذا، كان واحدًا من الألقاب التي أطلقها أدولف على نفسه الذئب (ألمانية: Wolf) أو السيد ذئب (ألمانية: Herr Wolf). وقد بدأ في استخدام هذه اللقب في أوائل العشرينات من القرن التاسع عشر وكان يناديه به المقربين منه فقط (حيث لقبه أفراد عائلة فاجنر باسم العم ذئب) حتى سقوط الرايخ الثالث.[13] وقد عكست الأسماء التي أطلقها على مقرات القيادة المختلفة له في كل أنحاء أوروبا القارية ذلك، فكانت أسماؤها وكر الذئب في بروسيا الشرقية، وWolfsschlucht في فرنسا، وWerwolf في أوكرانيا وغيرها من الأسماء التي كانت تشير إلى هذا اللقب. علاوةً على ذلك، عرف هتلر باسم "آدي" بين المقربين من عائلته وأقاربه.
وكان جد هتلر لأبيه على الأرجح واحدًا من الأخوين يوهان جورج هيدلر أو يوهان نيبوموك هيدلر. وسرت الشائعات بأن هتلر كان ينتسب إلى اليهود عن طريق واحد من أجداده؛ لأن جدته ماريا شيكلجروبر قد حملت عندما كانت تعمل كخادمة في أحد البيوت اليهودية. وأحدث المعنى الكامن في هذه الشائعات دويًا سياسيًا هائلاً حيث أن هتلر كان نصيراً متحمساً لإيديولجيات عنصرية ومعادية للسامية. وقد حاول خصومه جاهدين إثبات نسب هتلر إلى أصول يهودية أو تشيكية. وبالرغم من أن هذه الإشاعات لم تثبت صحتها أبدًا، فإنها كانت كافية بالنسبة لهتلر لكي يقوم بإخفاء أصوله. ووفقًا لما ذكره روبرت جي إل وايت في كتابه The Psychopathic God: Adolf Hitler، فقد منع هتلر بقوة القانون عمل المرأة الألمانية في البيوت اليهودية. وبعد ضم النمسا إلى ألمانيا، قام هتلر بتحويل المدينة التي عاش فيها والده إلى منطقه لتدريب المدفعية.
بدءاً من عام 1905، عاش هتلر حياة بوهيمية في فيينا على منحة حكومية لإعانة الأيتام ودعم مالي كانت والدته تقدمه له. وتم رفض قبوله مرتين في أكاديمية الفنون الجميلة في فيينا وذلك في عامي 1907 و1908 لأنه "غير مناسب لمجال الرسم" وأخبروه أن من الأفضل له توجيه قدراته إلى مجال الهندسة المعمارية.[14] وعكست مذكراته افتتانه بهذا الموضوع:
كان الهدف من رحلتي هو دراسة اللوحات الموجودة في صالة العرض في المتحف الذي كان يطلق عليه Court Museum، ولكنني نادراً ما كنت ألتفت إلى أي شيء آخر سوى المتحف نفسه. فمند الصباح وحتى وقت متأخر من الليل، كنت أتنقل بين المعروضات التي تجذب انتباهي، ولكن كانت المباني دائمًا هي التي تستولي على كامل انتباهي.[15]

وبعد نصيحة رئيس المدرسة له، اقتنع هو أيضًا أن هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكه ولكن كان ينقصه الإعداد الأكاديمي المناسب للالتحاق بمدرسة العمارة.
وفي غضون أيام قلائل، أدركت في أعماقي إنني يجب أن أصبح يومًا مهندسًا معماريًا. والحقيقة هي أن سلوكي هذا الطريق كان مسألة شاقة للغاية حيث إن إهمالي لإتمام دراستي في المدرسة الثانوية قد ألحق الضرر بي لأنه كان ضروريًا إلى حد بعيد. وكان لا يمكن أن التحق بالمدرسة المعمارية التابعة للأكاديمية دون أن أكون قد التحقت قبلها بمدرسة البناء الخاصة بالدراسة الفنية والتي كان الالتحاق بها يستلزم الحصول على شهادة المدرسة الثانوية. ولم أكن قد قمت بأية خطوة من هذه الخطوات. فبدا لي أن تحقيق حلمي في دنيا الفن مستحيلاً بالفعل.[15]

وفي 21 ديسمبر، 1907، توفيت والدة هتلر إثر إصابتها بسرطان الثدي عن عمر يناهز السبعة وأربعين عامًا. وبأمر من أحد المحاكم في لينز، أعطى هتلر نصيبه في الإعانة التي تمنحها الحكومة للأيتام لشقيقته باولا. وعندما كان في الحادية والعشرين من عمره، ورث هتلر أموالاً عن واحدة من عماته. وحاول هتلر أن يشق طريقه بجهد كرسام في فيينا حيث كان ينسخ المناظر الطبيعية الموجودة على البطاقات البريدية ويبيع لوحاته إلى التجار والسائحين وبعد أن تم رفضته أكاديمية الفنون للمرة الثانية، كان ماله كله قد نفذ. وفي عام 1909، عاش هتلر في مأوى للمشردين. ومع حلول عام 1910، كان هتلر قد استقر في منزل يسكن فيه الفقراء من العمال في Meldemannstraße.
وصرح هتلر أن اعتقاده في وجوب معاداة السامية ظهر لأول مرة في فيينا التي كان تعيش فيها جالية يهودية كبيرة تشتمل على اليهود الأرثوذكس الذين فروا من المذابح المنظمة التي تعرضوا لها في روسيا.[15] وعلى الرغم من ذلك، فقد ورد على لسان أحد أصدقاء طفولته وهو أوجست كوبيتسك أن ميول هتلر "المؤكدة في معاداة السامية" قد ظهرت قبل أن يغادر لينز في النمسا.[15] وفي هذه الفترة، كانت فيينا مرتعًا لانتشار روح التحيز الديني التقليدية، وكذلك للعنصرية التي ظهرت في القرن التاسع عشر. ومن الممكن أن يكون هتلر قد تأثر بكتابات لانز فون ليبنفيلس؛ واضع النظريات المعادي للسامية، وكذلك بآراء المجادلين من رجال السياسة أمثال: كارل لويجر مؤسس الحزب الاشتراكي المسيحي وعمدة فيينا بالإضافة إلى المؤلف الموسيقي ريتشارد فاجنر وجورج ريتر فون شونيرر وهو أحد زعماء حركة القومية الألمانية التي عرفت باسم بعيداً عن روما!؛ وهي الحركة التي ظهرت في أوروبا في القرن التاسع عشر والتي كانت تهدف إلى توحيد الشعوب التي تتحدث الألمانية في أوروبا. ويزعم هتلر في كتابه كفاحي أن تحوله عن فكرة معارضة معاداة السامية من منطلق ديني إلى تأييدها من منطلق عنصري جاء من احتكاكه باليهود الأرثوذكس وإذا كان هذا التفسير صحيحًا، فمن الواضح أن هتلر لم يكن يتصرف وفقًا لهذا المعتقد الجديد. فقد كان غالبًا ما ينزل ضيفًا على العشاء في منزل أحد النبلاء اليهود بالإضافة إلى قدرته الكبيرة على التفاعل مع التجار اليهود الذين كانوا يحاولون بيع لوحاته.[16]
وربما تأثر هتلر أيضًا بقراءته للدراسة التي قام بها مارتن لوثر والتي كان عنوانها "عن اليهود وأكاذيبهم" (بالإنجليزية: On the Jews and their Lies). وفي كتابه كفاحي يشير هتلر إلى مارتن لوثر باعتباره محاربًا عظيمًا ورجل دولة حقيقي ومصلح عظيم، وكذلك كان كل من فاجنر وفريدريك الكبير بالنسبة له.[17] وكتب فيلهلم روبك عقب واقعة الهولوكوست، قائلاً: "مما لا شك فيه أن مذهب مارتن لوثر كان له تأثير على التاريخ السياسي والروحي والاجتماعي في ألمانيا بطريقة - بعد التفكير المتأمل في كل جوانبها - يمكن وصفها بأنها كانت جزء من أقدار ألمانيا.
وزعم هتلر أن اليهود كانوا أعداءً للجنس الآري. كما ألقى على كاهل اليهود مسئولية الأزمة التي حدثت في النمسا. واستطاع الوقوف على صور محددة من الاشتراكية والبلشفية التي تزعمها العديد من القادة اليهود - كنوع من أنواع الحركات اليهودية - ليقوم بعمل دمج بين معاداة السامية وبين معاداة الماركسية. وفي وقت لاحق، ألقى هتلر باللوم في هزيمة الجيش الألماني أثناء الحرب العالمية الأولى على ثورات عام 1918 ومن ثم، أتهم اليهود بجريمة التسبب في ضياع أهداف ألمانيا الاستعمارية، وكذلك في التسبب في المشكلات الاقتصادية التي ترتبت على ذلك.
وعلى ضوء المشاهد المضطربة التي كانت تحدث في البرلمان في عهد الملكية النمساوية متعددة الجنسيات، قرر هتلر عدم صلاحية النظام البرلماني الديمقراطي للتطبيق. وبالرغم من ذلك - ووفقًا لما قاله أوجست كوبيتسك والذي شاركه الغرفة نفسها في وقت من الأوقات - أن هتلر كان مهتمًا بأعمال الأوبرا التي ألفها فاجنر أكثر من اهتمامه بآرائه السياسية.
واستلم هتلر الجزء الأخير من ممتلكات والده في مايو من عام 1913 لينتقل بعدها للعيش في ميونيخ. وكتب هتلر في كفاحي أنه كان يتوق دائمًا للحياة في مدينة ألمانية "حقيقية". وفي ميونيخ، أصبح هتلر أكثر اهتمامًا بفن المعمار؛ وذلك ما جاء على لسان هتلر وظهر في كتابات هوستن ستيوارت تشامبرلين. كما أن انتقاله إلى ميونيخ قد ساعده أيضًا على التهرب من أداء الخدمة العسكرية في النمسا لبعض الوقت بالرغم من أن الشرطة في ميونيخ (والتي كانت تعمل بالتعاون مع السلطات النمساوية) تمكنت في نهاية الأمر من إلقاء القبض عليه. وبعد فحصه جسديًا وتقدمه بالتماس يدل على ندمه على ما اقترفه، تقرر أنه غير لائق لأداء الخدمة العسكرية لانه على ما يبدو كان هزيلاً جداً وقتها وتم السماح له بالعودة إلى ميونيخ. ومع ذلك، وعندما دخلت ألمانيا الحرب العالمية الأولى في أغسطس من عام 1914، تقدم هتلر بالتماس لملك بافاريا لودفيج الثالث للسماح له بالخدمة في بالجيش. وبالفعل وافق الملك على التماسه، وتم تجنيد أدولف هتلر في الجيش البافاري.