منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

By عبدالله الجردان 704
#68804
العميد او الزعيم عبدالكريم قاسم (1914 - 1963) رئيس الوزراء
والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع في العراق من 14
يوليو 1958 ولغاية 8 فبراير و قد رشح عام 1957 رئيسا للجنة
العليا للتنظيم. وبالتنسيق 1963 حيث اصبح اول حاكم عراقي
بعد الحكم الملكي . كان عضوا في تنظيم الضباط الوطن
ينمع شريكه في الثورة العقيد الركن عبدالسلام عارف قام
بالتخطيط و تنفيذ ثورة 14 يوليو / تموز 1958 التي أنهت
الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية العراقية. هو
عسكري عراقي عرف بوطنيته وحبه للطبقات الفقيرة
التي كان ينتمي لها. ومن اكثر الشخصيات التي حكمت
العراق اثارةً للجدل حيث اتهم بعدم فسحه المجال
للاخرين بالاسهام معه بالحكم واتهم من
قبل خصومه السياسيين بالتفرد بالحكم .


أحد ضباط الجيش العراقي الذين شاركوا في القتال بفلسطين ,
حكم العراق 4 سنوات و 6 أشهر و 15 يوماً ، تم أعدامه دون
تحقيق و من خلال محكمة صورية عاجلة في دار الأذاعة في
بغداد يوم 9 فبراير 1963. هناك جدل و تضارب حول الإرث
التاريخي لقاسم فالبعض يعتبره "نزيهاً و حريصاً على خدمة
الشعب العراقي لم يكن يضع لشخصه ولأهله وأقرباءه أي
أعتبار أو محسوبية أمام المسؤولية الوطنية" واتخاذه
سياسة التسامح ،والعفو عن المتآمرين الذين تآمروا
على الثورة ("سياسة عفا الله عما سلف") واصدر
الكثير من قرارات بأعفاء المحكومين بالأعدام
ولم يوقع على احكام إعدام في حياتة كلها

دارت حول شخصية قائد الثورة الزعيم عبد الكريم مفجر
أول جمهورية في تاريخ العراق الحديث نقاشات استغرقت
عشرات السنين. وهو أول قائد من أم وأب عراقيين يصبح
رئيسأ على العراق منذ مئات السنين ، لأن كل الذين
تعاقبوا على حكم العراق قبله كانوا من خارجه وليسوا
من أبنائه. ولا يزال إسم الزعيم عبد الكريم عالقأ بأذهان
وقلوب أغلبية العراقيين ، رغم مرور عشرات السنين على
غيابه ومحاولات التغييب المتواصلة من قبل
المناوئين له . ويعود ذلك لسببين رئيسيين هما :


1- الكاريزما التي يمتلكها الزعيم، والتي أدخلته لقلوب الملايين
من أبناء الشعب العراقي. أضافةً للأنجازات الإجتماعية
والإقتصادية التي مست فئات واسعة شعبية وريفية ، جعلتها
تشعر بأن الثورة حقاً ثورتها وأن عبد الكريم
خير من يمثلها ويحقق آمالها .
2- نزاهته وعفته ورحمته التي لم يستطع أعداؤه النيل منها
، لأن نزاهته قد أثبتت منذ الأيام الأولى بعد إنقلاب شباط / 1963 ،
وذلك بالتعرف على حسابه بالبنك وكان 860 فلسأ فقط ،
كما لم يكن له من الممتلكات سوى خزانة كتب تحتوي على
بعض الكتب بالأدب العربي والتاريخ والجغرافية ، وسرير حديدي
ومشجب للملابس وجعبة عصي . أما رحمته فإنه ترجمها
من خلال إيمانه بمبدأي ( الرحمة فوق القانون )
و ( عفا الله عما سلف) ترجمة فعلية بتعامله مع الذين
تآمروا عليه وحاولوا قتله على أساس ذلك و بطريقة مبالغ
بها أحياناً ربما أساءت لحرمة القضاء لصالح
المتهم أو المحكوم في أغلب الأحيان .
إن انتصار ثورة 14 تموزعام 1958 قد أحدث زلزالأ حقيقيأ
ليس داخل العراق فحسب، وإنما في المنطقة أيضأ.
وقد تألبت عليها قوى داخلية وخارجية لا يجمعها إلا
تضرر مصالحها الآنية والمستقبلية من قيام الثورة
واستمرارها. هذا رغم الانجازات الكثيرة التي حققتها
الثورة وخصوصأ لصالح الطبقات والفئات الاجتماعية الفقيرة والمحرومة.


عند دراسة الأسباب التي أدت لإجهاض ثورة 14 تموز1958،
لا بد من العودة للعوامل التي لعبت دوراً هاماً في نجاحها.
فبعد فشل العدوان الثلاثي (البريطاني-الفرنسي-الاسرائيلي)
على مصر عام 1956 وقيام الحكومة بحملة التنكيل والاعتقالات
التي طالت مئات الوطنيين من مختلف الأحزاب الذين انتفضوا
تضامناً مع اشقائهم المصريين تشكلت جبهة الاتحاد الوطني
من الأحزاب: الوطني-الديمقراطي والاستقلال والشيوعي
والبعث والحزب ا لديمقراطي الكردستاني
( الذي عقد إتفاقأ ثنائيأ مع الحزب الشيوعي )
كرد على سياسة نظام الحكم الخارجية والداخلية .
وبغض النظر عن الضرورات التي اقتضت تشكيل جبهة
الإتحاد الوطني. إلا ان مستوى الإنسجام بين أطرافها
كان غائبأ منذ لحظة نشوءها، لذلك فإن إنفراط
عقدها وتشتت أطرافها ، بل وتناحرها كان أمرأ متوقعأ.

اٍن جبهة الاتحاد الوطنى التى منحت حركة الضباط الاحرار
صفة الثورة الشعبية بسبب تحشيدها الشارع وتعبئتها
الجماهير من أجل دعم الجيش والوقوف بجانبه لم تستمر
فى تماسكها ذاك، اٍذ سرعان ما دبت الخلافات بين الاحزاب
المكونة لها، لتفقد الثورة واحدأ من أهم عناصر قوتها
واستمراريتها وتصاعدها. فالحزب الوطني الديمقراطي
بقيادة كامل الجادرجي الذي لعب دوراً هاماً في النضال
أبان العهد الملكي و ساهم بفعالية في تكوين جبهة
الإتحاد الوطني. إلا أن انخراطه بالعمل السياسي
بعد نجاح الثورة كان متردداً ومقتصراً على الدعوة
لتحقيق أحد أهم أهداف الثورة وهو حكم الشعب
الديمقراطي ، وكان ذلك هو المظهر الأساسي لنشاطه
السياسي ـ مذكرات كامل الجادرجي ) . أما المساهمة
الفاعلة من أجل إنجاح الثورة وتحقيق الشعار الذي
ناضل من أجله عشرات السنين وهو حكم الشعب
الديمقراطي فقد نأى بنفسه عنه، رغم العرض الذي
قُدم إليه ليصبح أول رئيس وزراء في حكومة 14 تموز .
كما قدم نفس العرض للشخص الثا لث بالحزب الوطني
الديمقراطي حسين جميل ، لكنه هو الآخر رفضه،
وربما بضغط من الجادرجي. إلا أ ن العديد من قادة
الحزب تسلموا مناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة
التي شكلت بعد 14 تموز مثل محمد حديد،هديب
حاج حمود وحسين جميل، إلا أن ذلك لم يخفف من
تشدد كامل الجادرجي ومطالبته المبدأية، لكنها غير
الواقعية حينئذٍ بتنحي العسكريين عن السلطة
وإنسحابهم الى الثكنات وإفساح المجال كاملأ
للمدنيين لتسلمها في ظروف داخلية وخارجية كانت
صعبة للغاية. و يعود سبب نفور الجادرجي من التعامل
مع العسكريين وبمقدمتهم الزعيم عبد الكريم قاسم
الى تجربة شخصية قاسية ومحبطة سابقة هي دعم
وإسناد إنقلاب بكر صدقي عام 1936 والإشتراك في
وزارته . إلا أنه وبعد أن تكشفت طبيعة بكر صدقي
الديكتاتورية وإستعماله القسوة البالغة في التعامل
مع التحركات والإنتفاضات التي تفجرت في عهده
تبددت الآمال المعقودة عليهم، مما أضطر كلأ من
الجادرجي وجعفر أبو التمن أن يقدما إستقالتهما
مع وزيرين آخرين من الحكومة ، وذلك ما مهد لسقوطها .
ويبدو أن تلك التجربة المريرة هي التي أقنعت الجادرجي
بعدم جدوى التعامل مع العسكر . كما أن هناك
سببأ آخر لعدم بروز نجم الجادرجي ـ المعارض
الأول للحكومات الملكية المتعاقبة بعد الثورة ـ
وحزبه الذي ناضل منذ بداية الثلاثينات ضد الحكومات
المتعاقبة، وهو عدم إستغلال وإستثمار الأجواء الجديدة
والحريات الكبيرة التي توفرت للأحزاب وكوادرها للنزول
الى الشارع والتعامل مع الجماهير وجهأ لوجه ،
كما فعلت الأحزاب الأخرى بل آثر الإرتكان الى
نفس الإسلوب السابق بإعتماد سياسة الصالونات
السياسية التي لم تكن تتناسب والمستجدات
التي أفرزتها الثورة. و ذلك ما أدى إلى تفكك
الحزب الوطني الديمقراطي تدريجيأ وبالتالي
إنشقاقه ونشوء الحزب الوطني التقدمي بقيادة
محمد حديد ومجموعة من كوادر الحزب الأساسيين
الذين دعموا الثورة وزعيمها حتى النهاية. أما الأحزاب
الأخرى في الجبهة وهما الحزب الشيوعي وحزب
البعث فإنهما وبعد إنتصار الثورة خاضا صراعأ حادأ
إبتدأ بحرب الشعارات الذي تغلغل الى الشارع والجامعة
ومرافق الحياة السياسية المختلفة وليس بعيدأ عن
العنف في أحيان غير قليلة ، وذلك عندما دعى حزب
البعث الى الوحدة الاندماجية الفورية مع الجمهورية
العربية المتحدة بعد إنتصار ثورة 14 تموز. الامر الذى
دعا الحزب الشيوعى (الذى كان يتمتع بمد جماهيرى
كاسح فى ذلك الوقت ) الى رفع شعار الاتحاد الفيدرالى
بمواجهة شعار الوحدة الفورية. والملاحظ أن ذلك الخلاف
لم يبق فى حدود الصراع الفكرى والعمل على كسب
الجماهير الى هذا الشعار أو ذاك بالطرق السلمية
أو الديمقراطية، بل أدى الى الاحتراب والتصعيد بين
التيارين القومى والشيوعى. فالتيار القومى وبالذات
حزب البعث غادر ركب الثورة وانتقل للتخطيط من أجل
انتزاع السلطة من أيدى حكومة عبد الكريم قاسم
مدعوماً بالآلة الدعائية والتحشيد الذي هيأته الجمهورية
العربية المتحدة والقوى الأجنبية تحت شعار الوحدة
الذي لم يتحقق رغم مرور أكثر من أربعين عاماً
على المطالبة به. وهكذا تتحل الأحزاب السياسية
العراقية على اختلافها وبدرجات متفاوتة المسؤولية
المباشرة عن عدم استقرار الأوضاع خلال حكم الزعيم
عبد الكريم قاسم ، كما أن القوى الخارجية ممثلةً
بشركات النفط المتضررة والمراكز الرأسمالية الغربية
الأمريكية والبريطانية خاصةً تتحمل هي الأخرى مسؤولية
مباشرة أيضاً في زعزعة الأوضاع الداخلية المحتدمة
سواء قبل التوقيع على قرار رقم 80 أو بعده.
أما عبد الكريم قاسم فانه يتحمل هو الاخر قسطاً
من المسؤولية، لكنه القسط الأقل في كل الأحوال،
لأنه حاول جاهداً ألا يكون تحت تأثير مباشر لأي من
القوى المتواجدة حينئذ على الساحة، فحافظ على
توازنه بصعوبة بالغة وجهد عظيم، فهو الوحيد الذي
كانت نواياه ومشاعره صادقة كل الصدق وموجهة من
أجل تحقيق مصالح الشعب العراقي بكافة إنتمائاته
القومية والإثنية والطائفية، دون تفريق بينها أو
تغليب لإحداها على الأخرى ... لقد بقي الزعيم
إنساناً يحمل كل معاني الانسانية، فلقد كان
طيب القلب، عفيفاً، نزيهأ و محباً للناس وخصوصاً
الفقراء منهم...لم يفرق بين أبناء الشعب العراقي
واعترف بحقوق الجميع منهم الأكراد والتركمان
والصابئة والاشوريين واليزيديين، كما انه ألغى
قانون اسقاط الجنسية عن اليهود العراقيين و....و.
يشهد الكاتب حنا بطاطو في كتابه القيم عن العراق
إن أبناء الشعب العراقي لم يمنحوا حبهم الأصيل
من أعماقهم لأي قائد في تاريخ العراق
الحديث مثلما منحوه له.


أخيرأ لابد لنا من تأمل آخر الكلمات التي نطق بها
الشهيد عبد الكريم قاسم قبيل استشهاده ودون
أن تتاح له الفرصة بمحاكمة عادلة يقول فيها كلمته
ويدافع عن نفسه، عندما قال:
{ إن التاريخ سيخلد إسمي، إنني قاومت الاستعمار
وانني بنيت للفقراء 35 ألف دار خلال عمر الثورة ،
وإنني ذاهب ولكن لا أدري ماذا سيحصل بعدي} ! .