منتديات الحوار الجامعية السياسية

تعريف بدول العالم المعاصر
By عبدالله سليمان ٣٣٦
#65768
تاريخ فينيقيا

صورة

كانت فينيقيا أول قوة تجارية في العالم القديم ومن أقدم الأمم المتحضرة. وباستثناء كونها جزءاً من أرض كنعان لا أحد يعرف بالتحديد متى تكونت حضارتها، إنما في العام 1500 قبل الميلاد كان لها تاريخ عريق ضارب في القدم، وكانت مدنها آنذاك كبيرة ومزدهرة.

قامت فينيقيا على الساحل الشرقي للبحر المتوسط وكانت حدودها تمتد لحوالي الثلاثمائة كيلومتر من الشمال إلى الجنوب. كانت تحدها من الشرق جبال لبنان مصدر الأرز الثمين إنما ليس هناك من معلومات دقيقة عن حدودها الفعلية. لكن تأثيرها فاق تأثير أية قوة أخرى معاصرة لها آنذاك.

من المؤكد أن الفينيقيين كانوا ذوي أصول سامية وقد تمكنوا من أن يصبحوا قوة بحرية عظمى في العالم القديم. فبضائعهم كانت تنقل بالبحر من وإلى أقصى أركان المعمورة المعروفة آنذاك. وكانت سفنهم تتجه إلى أي ميناء من موانئ المتوسط. وقد عبرت مضيق جبل طارق وأبحرت شمالاً إلى أن وصلت مناجم كورنوول البريطانية وعادت محملة بالصفيح.

يقال أن هناك أسطورة مفادها أن بحارة الشعوب القديمة وضعوا يافطة عند مضيق جبل طارق كتب عليها باللاتينية ما معناه (لا توجد أرض وراء هذه النقطة)، خوفاً من تعرض البحارة للوحوش الساكنة في أعماق البحر والتي كانت تصعد إلى السطح بين الحين والآخر لاصطياد ما تيسر من أقوات.



لكن الفينيقيين قاموا بمحو كلمة (لا) من تلك العبارة وأثبتوا أن هناك مجالات للإتجار ما وراء البحار.

لم يكن الفينيقيون يتمتعون بامتيازات طبيعية. فبلدهم كان عبارة عن شريط ضيق تكتنفه الجبال والرمال ويمتد على طول ساحل بحري مما اضطرهم للتوجه إلى البحر وتحدي المجهول.

لم يكونوا شعباً مقاتلاً إنما بنوا أسطولاً قوياً لحماية تجارتهم. سفنهم كانت تنقل الصفيح من بريطانيا، والمر واللبان والعطور والذهب واللؤلؤ من بلاد العرب، والفضة من أسبانيا، والعبيد والعاج والجلود من أفريقيا، والأقمشة القطنية من مصر والنحاس من قبرص وصبغة الأرجوان من طرطوس.

وقد عرفوا أيضاً بإدخال التحسينات على حروف الهجاء، وكانوا مهرة في فن العمارة وسكب المعادن والتعدين، وكذلك في صباغة الثياب وتلوين الزجاج.

استعمر الفينيقيون قبرص والساحل الجنوبي الشرقي لآسيا الصغرى وكذلك جنوب أسبانيا وصقلية وسردينيا والساحل الشمالي لأفريقيا. فتاجروا مع هذه المستعمرات وأصبحوا ناقلي البضائع من وإلى جميع موانئ العالم القديم.

وإذ حصروا نشاطهم في التجارة فقد ازدهروا، لكن الثراء الذي أحرزوه خلق فيهم الرغبة في الكماليات التي خلقت بدورها فيهم التهاون والخمول اللذين لعبا دوراً في ضعف فينيقيا وبالتالي القضاء عليها كقوة عظمى.
وكالآشوريين كان الفينيقيون يعبدون آلهة أو بالأحرى كائنات بشرية رفعوها إلى مصاف الآلهة. فعشتروت آلهة القمر كانت أيضاً آلهة الحب. أما بعل إله الشمس فكانوا يظنون أنه يبتهج بالتضحيات البشرية، ولذلك كانوا يضحون له الإبن البكر في أوقات الضيق والملمات.

لم يكن هناك من بعل واحد، إذ كان لكل مدينة بعلها أو إلهها المعبود الذي كان متكفلاً بخصوبة التربة (وربما من هنا عبارة على بعل، أي دون ري) ومتكفلاً أيضاً بحماية ورفاه المدينة.

عشتروت كانت بمثابة ومنزلة أفروديت وفينوس. وكانت عبادتها تقترن بطقوس تتميز بالعربدة والمجون وأحياناً بحرق الأطفال الرضع تقرباً منها وإرضاء لها.

المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود مسعود