منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By سلمان عبدالله
#66306
يقصد بالنظام الدولي مجموعة الوحدات السياسية -سواء على مستوى الدولة أو ما هو أصغر أو أكبر- التي تتفاعل فيما بينها بصورة منتظمة ومتكررة لتصل إلى مرحلة الاعتماد المتبادل مما يجعل هذه الوحدات تعمل كأجزاء متكاملة في نسق معين.
وبالتالي فإن النظام الدولي يمثل حجم التفاعلات التي تقوم بها الدول والمنظمات الدولية والعوامل دون القومية مثل حركات التحرير والعوامل عبر القومية مثل الشركات المتعددة الجنسية وغيرها.

تطور النظام الدولي
لدراسة مدى تأثير أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 في النظام الدولي يجدر بنا أولاً أن نعطي نبذة موجزة عن مراحل تطور النظام الدولي في محاولة لتحديد خصائص هذه المراحل ورصد أهم التغيرات التي حدثت على هذا النظام لكي يكون تقييمنا موضوعياً ووضع تأثير أحداث 11 سبتمبر/أيلول في إطارها الصحيح، وستتم مناقشة أهم الوحدات الفاعلة في كل مرحلة ورصد أهم الظواهر التي نتجت عن تفاعل هذه الوحدات.


كانت الفكرة القومية هي الظاهرة الأساسية للنظام الدولي في الفترة بين 1648 و1914 فهي أساس قيام الدول وأساس الصراع بين المصالح القومية، ولم تكن الظواهر الأيديولوجية الأخرى قد ظهرت بعد مثل الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية وغيرها

المرحلة الأولى 1648 - 1914
تبدأ هذه المرحلة من معاهدة وستفاليا سنة 1648 والتي أنهت الحروب الدينية وأقامت النظام الدولي الحديث المبني على تعدد الدول القومية واستقلالها، كما أخذت بفكرة توازن القوى كوسيلة لتحقيق السلام وأعطت أهمية للبعثات الدبلوماسية، وتنتهي هذه المرحلة بنهاية الحرب العالمية الأولى.

كانت الدولة القومية هي العامل الوحيد في السياسة الدولية، ولم تعرف هذه المرحلة المنظمات الدولية ولا المؤسسات غير القومية مثل الشركات العالمية، وكانت قوة الدولة مرادفة لقوتها العسكرية، وكانت أوروبا تمثل مركز الثقل في هذا النظام. أما الولايات المتحدة الأميركية فكانت على أطراف هذا النظام ولم يكن لها دور فعال نتيجة سياسة العزلة التي اتبعتها.

كانت الفكرة القومية هي الظاهرة الأساسية في النظام الدولي فهي أساس قيام الدول وأساس الصراع بين المصالح القومية للدول، ولم تكن الظواهر الأيديولوجية الأخرى قد ظهرت بعد مثل الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية وغيرها.

المرحلة الثانية 1914 - 1989
تبدأ هذه المرحلة من الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وقد تميزت هذه المرحلة بتعدد أطراف النظام الدولي نتيجة استقلال عدد من دول العالم الثالث وظهور مجموعة كبيرة من الوحدات السياسية في المجتمع الدولي ومنها المنظمات الدولية والإقليمية وبروز الشركات العالمية وحركات التحرير، وقد اتجه النظام بعد الحرب العالمة الثانية نحو نظام الثنائية القطبية بين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وتوسعت قاعدة النظام الدولي ومراكز القوى خارج أوروبا.

وخلال هذه المرحلة ظهرت الأيدولوجية كإحدى أهم الظواهر في المجتمع الدولي وأخذ الانقسام داخل النظام الدولي يأخذ طابع الصراع الأيدولوجي بين المعسكر الشرقي الاشتراكي والمعسكر الغربي الرأسمالي، وتبع ذلك ظهور عدد من الظواهر مثل الحرب الباردة والتعايش السلمي والوفاق الدولي وغيرها.

المرحلة الثالثة 1989 - ...
تبدأ هذه المرحلة من نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي وحتى الآن، ويطلق عليها النظام الدولي الجديد وأخيراً العولمة، وتعود بدايات شيوع هذا المفهوم إلى حرب الخليج الثانية (1990) حيث بدأت الدعاية الأميركية بالترويج لهذا المفهوم رغم وجود محاولات سابقة في هذا المجال.
لقد اتجه النظام الدولي خلال هذه المرحلة نحو أحادية القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور الولايات المتحدة كقائدة للمعسكر الرأسمالي المنفردة بقيادة العالم وتمدد دورها وهيمنتها على الأمم المتحدة والشرعية الدولية. وقد شهدت هذه المرحلة زيادة عدد الدول نتيجة الانقسامات والانشقاقات التي حدثت في كثير من الدول، وفي الوقت نفسه يشير النظام خلال هذه المرحلة إلى أنماط تفاعلات جديدة تركز على الجوانب الثقافية والحضارية وتوزيع مصادر القوة والنفوذ بصورة جديدة تعطي دورا أكبر للمنظمات غير الحكومية، مما جعل البعض يطلق عليه اسم النظام العالمي الجديد بدلاً من النظام الدولي الجديد.

ارتبطت هذه المرحلة بمجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام قواعد القانون الدولي وإعلاء الشرعية الدولية وتسوية المنازعات بالطرق السلمية.

وشهدت السنوات الأخيرة من عقد التسعينيات شيوع مفهوم العولمة الذي ارتبط بأحداث الثورة الصناعية الثالثة والطفرة الهائلة في وسائل وتكنولوجيا الاتصال. ويشير مفهوم العولمة إلى جملة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمتد تفاعلاتها لتشمل معظم دول العالم، وهي تعبر عن مرحلة تاريخية جوهرها زيادة التداخل والترابط بين مناطق العالم مما أدى إلى تراجع أهمية الحدود وسيادة الدولة في ظل تعدد الظواهر التي تتخطى هذه الحدود.

وقد عكست هذه المرحلة تعدد وتنوع المشكلات والتحديات التي تواجه الدول خاصة في نصف الكرة الجنوبي وما رافقها من تنامي اتجاهات التطرف والصراعات الداخلية وظهور أنماط من التصادمات والاحتكاكات في النظام القيمي والفكري. ويرتبط مفهوم العولمة بهيمنة النشاط الاقتصادي الرأسمالي وتحول العالم إلى سوق استهلاكية كبرى لمنتجات الشركات الصناعية الكبرى. أما في المجال الثقافي فالأمر يظهر وكأنه انتصار لثقافة الشمال المتقدم على الجنوب المتخلف وفرض الذوق والثقافة الأميركية والغربية على العالم