منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#48912
وظيفة بلا راتب يتنافس عليها أصحاب المال
لندن ـ أ ب: انها وظيفة بلا راتب يرتدي أصحابها زيا خاصا ولهم شعور بالانتماء الى عضوية ناد خاص. فحتى في بريطانيا القرن الواحد والعشرين، حيث تشغل غالبية البارونات مواقعهن بالتعيين وليس بالميلاد، لا يزال شغل مقعد في مجلس اللوردات البريطاني محتفظا ببريقه. إذ ان كونراد بلاك، رجل الأعمال وصاحب الامبراطورية الاعلامية التي كانت تملك حوالي 400 صحيفة عام 1990، تخلى عن جنسيته الكندية من أجل الحصول على مقعد في مجلس اللوردات البريطاني. ويواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الآن ازمة بسبب مزاعم حول حصول بعض مؤيدي حزب العمال على مقاعدهم في المجلس مقابل تقديم قروض مالية هائلة. ويقول بيتر فيسي، وهو ناشط في حملة تدعو الى انتخاب أعضاء المجلس بدلا عن تعيينهم، ان مجلس اللوردات لا يزال يعتبر مؤسسة لها هيبتها الخاصة. وينظر البعض الى عضوية مجلس اللوردات البريطاني كونها اشبه بعضوية ناد خاص للنخبة يتوجب على العضو فيه ان يرتدي الشارة التي تحمل شعار المجلس، وهذه في حد ذاتها اشياء جاذبة للكثيرين. ويتألف مجلس اللوردات حاليا من اعضاء غير منتخبين وهم في غالبيتهم مجموعة من النواب والمحامين السابقين ورجال الأعمال المعروفين بدعمهم المالي للأحزاب. بعض هؤلاء يجري تعيينه من جانب الأحزاب السياسية وآخرون يشغلون مقاعدهم بالتعيين بواسطة لجنة من «الوجهاء والأعيان» وتجري ترقيتهم بواسطة الملكة إليزابيث الثانية. وعادة ما ينظر مجلس اللوردات في التشريعات التي يجيزها مجلس العموم المنتخب (البرلمان). وتدير المجلس للمرة الاولى امرأة هي البارونة هايمان، وهي مسؤولة عن إدارة المناقشات. إلا ان المجلس ظل على مدى قرون يتألف من أشخاص حصلوا على عضويتهم بالوراثة، وهو في واقع الأمر نخبة ارستقراطية يتذكرها كثيرون بالوصف الذي اطلقه على المجلس رئيس الوزراء السابق ديفيد لويد جورج، الذي وصف اعضاء مجلس اللوردات بأنهم «500 رجل جرى اختيارهم مصادفة من بين العاطلين». ويرى البعض ان النظام القديم أتى بمجلس (اللوردات) للنظر في القرارات ثانية بشيء من الهدوء لكنه غير خاضع للنظام الحزبي الصارم المفروض على النواب المنتخبين.

هناك ايضا منتقدون يرون ان أعضاء مجلس اللوردات بالوراثة، وهم في الغالب أكبر الأبناء في الاسر الأرستقراطية، لا يمثلون بريطانيا، كما ان الفهم السائد ان هذه الاسر لا قِبَل لها بالصعوبات التي يواجهها غالبية البريطانيين.

جاء حزب العمال الى السلطة عام 1997 وتعهد بإجراء إصلاحات على مجلس اللوردات الذي يعود تاريخه الى تسعة قرون خلت تقريبا على نحو يجعله مواكبا للتطورات والمتغيرات وبريطانيا تستشرف القرن الواحد والعشرين. شرعت حكومة حزب العمال بسرعة في الإصلاحات خلال فترتها الأولى بعد انتخابات عام 1997 وعزلت ما يزيد على 600 دوق وماركيز وايرل وبارون وفيكونت حصلوا على مقاعدهم بالوراثة، فيما سمحت لـ92 آخرين بالاحتفاظ بمقاعدهم وحددت الحكومة كيفية اختيار أعضاء المجلس مستقبلا. وعندما توفي واحد من هؤلاء جرى اختيار بديل له بالانتخاب وسط المستحقين للعضوية بحكم الوراثة. وفي وقت لاحق تقرر السماح للوردات الذين فقدوا مقاعدهم ضمن إجراءات الإصلاح بالاحتفاظ باللقب.

توقفت الاصلاحات خلال السنوات الاخيرة، وقال جاك سترو، زعيم مجلس العموم والمسؤول عن ملف اصلاحات مجلس اللوردات انه يريد ان يكون هناك مجلس لوردات «افضل تمثيلا وأكثر حداثة»، لكنه لم يوضح ما اذا كان يعني بتعليقه هذا ان يكون شغل اعضاء المجلس لمقاعدهم قائما على التعيين ام الانتخاب ام كلاهما. يبلغ عدد اعضاء مجلس اللوردات حاليا 741 جاء غالبيتهم بالتعيين عقب ترشيحهم بواسطة احزاب سياسية او من بواسطة لجنة مستقلة. ويحصل الأعضاء على لقب «لورد” وعلى الزي المميز للمجلس، لكنهم لا يستطيعون توريث أي منهما لأبنائهم. هناك ايضا عدد من كبار قضاة الاستئناف و26 من اساقفة الكنيسة الانجليزية. وهناك ايضا لقب البارون او البارونة، لكنهم لا يستطيعون ايضا توريثه للأبناء.

يمكن ترشيح مواطني بريطانيا او آيرلندا او دول رابطة الكومنويلث، على الرغم من ان الحكومة الكندية طبقت تشريعا نادرا سعيا منها لوقف قبول كونراد بلاك عضوية مجلس اللوردات البريطاني عام 2001، إلا ان بلاك تخلى عن جنسيته الكندية ليصبح «لورد بلاك»، وشأنه شأن اعضاء آخرين بالمجلس اختار بلاك لقبه بنفسه وألصق بلقبه اسم «كروسهاربر»، وهي المنطقة التي توجد بها مكاتب صحيفته «ديلي تلغراف». اللوردات لا يتقاضون رواتب وإنما يتسلمون بدلات لتغطية منصرفات المواصلات والمكاتب خلال فترة عمل البرلمان. على الرغم من الاصلاحات التي اجريت على المجلس منذ عام 1997، أي منذ وصول حزب العمال الى السلطة حتى الآن، لا يزال اعضاء المجلس من كبار السن، إذ يبلغ متوسط أعمار الأعضاء 68 عاما غالبيتهم من البيض والذكور، وتقل نسبة النساء في المجلس عن 20 بالمائة. ثلث اعضاء المجلس، فيما يشكل السياسيون السابقون اكثر من الأحزاب الثلاثة الرئيسية، العمال والمحافظون والديمقراطيون الأحرار، اكثر من ثلث أعضاء المجلس. ويتمتع كثيرون من اعضاء المجلس بنفوذ قوي، وكثيرون جرى تعيينهم لكي يتمكنوا من شغل مواقع وزارية. فاللورد ليفي، عضو المجلس الذي اعتقلته الشرطة هذا الاسبوع بغرض التحقيق حول الادعاءات ذات الصلة بقضية «التعيين في مجلس اللوردات مقابل القروض»، هو مبعوث توني بلير لمنطقة الشرق الاوسط ومن ابرز منظمي حملات التبرعات لحزب العمال ويقال انه رفيقه المفضل في رياضة التنس. لا يزال مستقبل تركيبة وصورة مجلس اللوردات غير واضحة. فالاصلاحيون مثل فيسي يفضلون ان يكون الوصول الى المجلس عن طريق الانتخاب، فيما يبدي معارضون للإصلاحات، مثل الفيكونت تورينغتون الذي فقد مقعده في إطار حملة الإصلاح، حسرة واضحة على الأيام السابقة، إذ يقول تورينغتون ان «مجلس اللوردات كان ناديا جيدا».