منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#26732
أتاتورك .. اسم يقطر بالخيانة للشريعة والعمالة لأعداء الدين، فقد كان صاحب الجريمة الكبرى، والكارثة العظمى التي أطاحت بالخلافة الإسلامية، وأطفأت شمسها بعد سطوع غير منقطع لقرون عديدة.

مولده:

ولد مصطفى علي رضا في 19 مايو 1881م في مدينة سالونيك اليونانية، والتي كانت تابعة للدولة العثمانية وقتئذ، وحينما التحق بالمدرسة العسكرية أظهر نبوغًا دراسيًّا، دفع أحد أساتذته أن يطلق عليه اسم "كمال"، بينا اسم "أتاتورك" يعني أبو الأتراك، وقد أُطلق عليه أيضًا اسم الذئب الأغبر، وهو اسم على مسمى.

نشأته ومراحل حياته:

نشأ أتاتورك في بداية حياته في مدرسة من المدارس الدينية المنتشرة في أرجاء السلطنة العثمانية وقتئذ، ولكنه التحق بعدها بمدرسة أخرى، ثم بالمدرسة العسكرية العليا عام 1893م.

وفي عام 1905م تخرج مصطفى كمال في الكلية العسكرية في إسطنبول برتبة نقيب أركان حرب وأُرسل إلى دمشق حيث بدأ مع العديد من زملائه بإنشاء خلية سرية أطلق عليها اسم "الوطن والحرية" لمحاربة الخلافة الإسلامية متمثلة في السلطنة العثمانية.

ولكنه اختار في الوقت ذاته أسلوبًا ماكرًا لكسب قلوب الناس واستمالتهم إليه، فاجتهد في الحصول على الترقيات وأنواط الشرف وأوسمة النصر كقائد من قواد الجيش العثماني، وذلك أمام بطولاته في كافة أركان الامبراطورية العثمانية بما فيها ألبانيا وليبيا، كما خدم فترة قصيرة كضابط أركان حرب في سالونيك وإسطنبول وكملحق عسكري في صوفيا.

أتاتورك ومسيرة الخداع العسكري:

واجتهد أتاتورك في تكملة مسيرة الكذب والخداع، فعندما شُنَّت حملة الدردنيل عام 1915م، أصبح الكولونيل مصطفى كمال بطلًا وطنيًّا عندما حقق انتصارات متلاحقة وأخيرًا رد الغزاة ورُقِّي إلى رتبة جنرال عام 1916م وهو لا يبلغ من العمر سوى 35 سنة.

وفي نفس السنة قام بتحرير مقاطعتين رئيستين في شرق أنطاليا، وفي السنتين التاليتين خدم كقائد للعديد من الجيوش العثمانية في فلسطين وحلب وحقق نصرًا رئيسيًّا آخر عندما أوقف تقدم أعداء العثمانين عند حلب.

وفي 19 مايو 1919م، نزل مصطفى كمال في ميناء البحر الأسود سامسون لبدء حرب أسماها "حرب الاستقلال"، وهي في الحقيقة كانت المرة الأولى التي يسفر فيها أتاتورك عن وجهه الحقيقي، ويكشف النقاب عن مخططه الخبيث، حيث أعلن الحرب على الخلافة الإسلامية وفي تحدي لحكومة السلطان نظم جيش التحرير في الأناضول، ونتيجة لذلك وفي 23 ابريل 1920م تأسس مجلس الأمة الكبير وانتخب مصطفى كمال لرئاسته، وتم ترقيته إلى رتبة مارشال.

أتاتورك وإسقاط الخلافة:

واستطاع المارشال أتاتورك في صيف 1922م أن يطرد الجيوش البريطانية والفرنسية وجيوش الاحتلال الأخرى من الأراضي التركية، فاكسبته هذه الانتصارات ذيعًا وشهرة كبيرة ملأت آفاق الدول الإسلامية؛ لينظر له العالم الإسلامي على أنه البطل المسلم، لاسيما وأنه استعان زورًا وبهتانًا بالرموز الدينية وعلماء الدين في حشد الناس للقتال معه، وانهالت عليه برقيات التهاني من البلدان الإسلامية.

حتى أن رجلًا بحجم أمير الشعراء أحمد شوقي ليسطر قصيدة يصف فيها أتاتورك بأنه خالد الترك تيمنًا بخالد العرب وهو خالد بن الوليد رضي الله عنه وشتان ما بين الثرا والثريا، فقال في قصيدته (تكليل أنقرة وعزل الأستانة) أبياته المشهورة:

الله أكبر كم في الفتح من عجبِ يا خالد الترك جدد خالد العربِ

وهي الأبيات التي رجع عنها شوقي لما فوجئ بخالد الترك يبدد آمال الترك ويضيع أمجاد العرب وذلك حينما أسقط الخلافة الإسلامية، وأنشأ قائلًا:

الهنــدُ والهة، ومصر حزينة تبـكي عـليك بمدمع سحاحِ

والشام تسأل والعراق وفارسٌ أمَحا من الأرض الخلافة مـاحِ

وفي 1 نوفمبر 1922م، تَمَّ فصل الخلافة عن السلطة وألغيت السلطنة، وبذلك تكون قد قطعت روابط الإدارة في الدولة العثمانية، وتم قبول إدارة الجمهورية للبلاد في 13 أكتوبر 1923م، وانتخب أتاتورك أول رئيسًا للجمهورية.

وفي 3 مارس 1924م، وفي يوم لم يتمناه أي مسلم غيور على دينه، ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، والتي أسماها (هذا الورم من القرون الوسطى) [التاريخ العثماني في شعر أحمد شوقي، محمد أبو غدة، ص(110)]، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وكتب آخر فصول الخلافة الإسلامية، التي استمرت من عهد النبوة وحتى أواسط العقد الثاني من القرن العشرين.

جهوده في محاربة الشريعة:

لقد كانت كراهية أتاتورك للإسلام وشريعته واضحة حتى قبل أن يُسقط الخلافة رسميًّا، فكما يقول أرمسترونج: (ولقد طالما أوضح لأصدقائه أنه يرى وجوب اقتلاع الدين من تركيا) [المسألة الشرقية، محمود ثابت الشاذلي، ص(239)، نقلًا عن كتاب "الذئب الأغبر .. مصطفى كمال"، أرمسترونج، ص(195)].

وفي نفس السياق يقول جورح حداد: (كان التحديث بالنسبة له ـ أي أتاتورك ـ يعني أن يتم بتغريب وعلمنة المجتمع التركي وتحرير القطر من تأثير الإسلام والشرق ومن مظاهر الثقافة العربية) [المسألة الشرقية، محمود ثابت الشاذلي، ص(239)، نقلًا عن كتاب "الثورات والحكم العسكري في الشرق الأوسط"، ص(108)].

ونفَّذ مصطفى كمال أتاتورك مخططًا مرسومًا له في المعاهدات التي عُقدت مع الدول الغربية، فقد فرضت معاهدة لوزان سنة 1340هـ/1923م على تركيا شروطًا عُرفت بشروط "كرزون" الأربع، نسبة إلى رئيس الوفد الانجليزي في مؤتمر لوزان، وهي [تاريخ الدولة العثمانية، د.علي حسون، ص(287)]:

1- قطع كل صلة لتركيا بالإسلام.

2- إلغاء الخلافة الإسلامية إلغاءً تامًا.

3- إخراج الخليفة وأنصار الخلافة والإسلام من البلاد ومصادرة أموال الخليفة.

4- اتخاذ دستور مدني بدلًا من دستور تركيا القديم.

ومن ثم أقحمت تركيا في عمليات تغريب بشعة، شملت جميع مناحى الحياة بلا استثناء يذكر، أراد من خلالها أتاتورك أن يجعل تركيا العلمانية مثالًا يحتذي به الآخرون في التحرر والانفلات من شرع الله، وكان لذلك مظاهر عدة كما يلي:

1. المساجد والمؤسسات الدينية:

حيث أُلغيت وزارة الأوقاف سنة 1343هـ/1924م، وعُهد بشؤونها إلى وزارة المعارف، وفي عام 1344هـ/1925م أُغلقت المساجد وقَضت الحكومة في قسوة بالغة على كل تيار ديني وواجهت كل نقد ديني متهمة إياه بإثارة العنف والبلبلة والفوضى.

وفي عام (1350-1351هـ/1931-1932م) حُدد عدد المساجد ولم يسمح بغير مسجد واحد في كل دائرة من الأرض يبلغ محيطها 500 متر وأعلن أن الروح الإسلامية تعوق التقدم.

وتمادى مصطفى كمال في تهجمه على المساجد فخَفَّض عدد الواعظين الذين تدفع لهم الدولة أجورهم إلى ثلاثمائة واعظ، وأمرهم أن يفسحوا في خطبة الجمعة مجالًا واسعًا للتحدث عن الشؤون الزراعية والصناعية وسياسة الدولة وكَيْلِ المديح له.

وأغلق أشهر جامعين في إسطنبول، فحوَّل أولهما وهو مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وحوَّل ثانيهما وهو مسجد الفاتح إلى مستودع.

2. القوانين والتشريعات الإسلامية:

أما الشريعة الاسلامية فقد استبدلت وحل محلها قانون مدني أخذته حكومة تركيا عن القانون السويسري عام 1345هـ/1926م، وغيرت التقويم الهجري واستخدمت التقويم الجريجوري الغربي، فأصبح عام 1342هـ ملغيًّا في كل أنحاء تركيا وحل محله عام 1926م.

وفي دستور عام 1347هـ/1928م أغفل النص على أن تركيا دولة إسلامية، وغيَّر نص القَسَم الذي يُقسمه رجال الدولة عند توليهم لمناصبهم، فأصبحوا يقسمون بشرفهم على تأدية الواجب بدلًا من أن يحلفوا بالله كما كان عليه الأمر من قبل.

3. الحياة الاجتماعية:

وفي عام 1935م غيَّرت الحكومة العطلة الرسمية فلم يعد الجمعة، بل أصبحت العطلة الرسمية للدولة يوم الأحد، وأصبحت عطلة نهاية الأسبوع تبدأ منذ ظهر يوم السبت وتستمر حتى صباح يوم الاثنين.
وأمعنت حكومة مصطفى كمال في حركة التغريب فأصدرت قرارًا بإلغاء لبس الطربوش وأمرت بلبس القبعة تشبهًا بالدول الأوروبية [حاضر العالم الإسلامي، تأليف لوثروب سنودارد وتعليق شكيب أرسلان، ص(115)].
وأخذ أتاتورك ينفخ في الشعب التركي روح القومية، واستغل ما نادى به بعض المؤرخين من أن لغة السومريين أصحاب الحضارة القديمة في بلاد ما بين النهرين كانت ذات صلة باللغة التركية.

وعملت حكومته على الاهتمام بكل ماهو أوروبي فازدهرت الفنون واقيمت التماثيل لأتاتورك في ميادين المدن الكبرى كلها، وزاد الاهتمام بالرسم والموسيقى ووفد الى تركيا عدد كبير من الفنانين اغلبهم من فرنسا والنمسا.

وعملت حكومته على إلغاء حجاب المرأة وأمرت بالسفور، وألغي قوامة الرجل على المرأة وأطلق لها العنان باسم الحرية والمساواة، وشجع الحفلات الراقصة والمسارح المختلطة والرقص.

وأمر بترجمة القرآن الى اللغة التركية ففقد كل معانيه ومدلولاته، وأمر أن يكون الأذان باللغة التركية.


4. الحياة التعليمية والثقافية:


وأهملت الحكومة التعليم الديني في المدارس الخاصة، ثم تم إلغاءه بل أن كلية الشريعة في جامعة إستانبول بدأت تقلل من أعداد طلابها، ثم ما لبثت أن أُغلِقَت عام 1352هـ/1933م.

وفي عام 1348هـ/1929م بدأت الحكومة تفرض إجباريًّا استخدام الأحرف اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلًا من الأحرف العربية، وبدأت الصحف والكتب تصدر بالأحرف اللاتينية وحذفت من الكليات التعليم باللغة العربية واللغة الفارسية، وحُرِّمَ استعمال الحرف العربي لطبع المؤلفات التركية.

وأما الكتب التي سبق لمطابع إستانبول أن طبعتها في العهود السالفة، فقد صدرت إلى مصر، وفارس، والهند، وهكذا قطعت حكومة تركيا كل ما بين تركيا وماضيها الإسلامي من ناحية، وما بينها وبين المسلمين في سائر البلدان العربية والاسلامية من ناحية أخرى [حاضر العالم الإسلامي، تأليف لوثروب سنودارد وتعليق شكيب أرسلان، ص(115)].

عمل على تغيير المناهج الدراسية وأعيد كتابة التاريخ من أجل إبراز الماضي التركي القومي، وجرى تنقية اللغة التركية من الكلمات العربية والفارسية، وأستبدلت بكلمات أوروبية أو حثية قديمة.

وعود زائفة:

وتسربت تلك الأحلام الوردية التي طالما خدع بها الشعب التركي، وجاءت النتيجة واضحة صريحة، كما عبر عنها أرمسترونج فقال: (كان الفقر يعم كل مكان، والأيام الذهبية التي وعد الشعب بها بعد طرد الأعداء قد تمخضت عن أيام أسوأ من أيام السلطان عبد الحميد ذاته، فقد عز الطعام وتفاقم الغلاء وشحت النقود، بل شحت البضائع الضرورية واختفت من الأسواق وثقلت الضرائب وازداد جشع جباتها وجند الشباب جميعًا في الجيش برغم انتهاء الحرب، فانهارت البيوت والمزارع على أصحابها، وماتت الماشية لقلة العلف، وأتلف الجدب الحاصلات الزراعية، وصارت الحياة عبئًا لا يطاق بعد أن بلغت الفاقة والعوز حدًّا لم يسمع بمثله من قبل) [المسألة الشرقية، محمود ثابت الشاذلي، ص(242)، نقلًا عن كتاب "الذئب الأغبر .. مصطفى كمال"، أرمسترونج].

وفاته:

توفي في 10 نوفمبر 1938 بعد معاناة شديدة مع أمراض عدة أصابته، (حيث نشرت الوثيقة الطبية الخاصة به قبل وقاته والتي أعلنت أن مصطفى كمال أتاتورك قد أصيب في شبابه بمرض السيلان الذي لم يكن له علاج أكيد في ذلك الوقت، ثم أصيب بمرض عضال في الكلية سنة 1917م، لم يعرف ماهيته.

وكان يتعرض لآلام مبرحة مزمنة لا تطاق، كانت السبب في إدمانه على شرب الخمر؛ مما أدى إلى إصابته بتليف الكبد والتهاب في أعصابه الطرفية وتعرضه لحالات من الكآبة والانطواء، وتدهور في المستويات العليا في المخ) [المسألة الشرقية، محمود ثابت الشاذلي، ص(242)، نقلًا عن جريدة الوفد المصرية، بتاريخ 29 أغسطس 1985م].

ورحل أتاتورك عن الدنيا غير مأسوف عليه، فقد عاش خائنًا لدينه وأمته وعقيدته، ومات على ذلك، بعد أن أجرم في حق الأمة الجريمة الكبرى.

أهم المراجع:

1. العلمانية .. إمبراطورية النفاق، من مهَّد لها الطريق، د.عبد العزير مصطفى كامل.

2. الدولة العثمانية .. عوامل النهوض وأسباب السقوط، د.علي الصلابي.

3. المسألة الشرقية، محمود ثابت الشاذلي.

4. الذئب الأغبر، أرمسترونج.

5. حاضر العالم الإسلامي، تأليف لوثروب سنودارد وتعليق شكيب أرسلان.

6. تاريخ الدولة العثمانية، د.علي حسون.

7. الثورات والحكم العسكري في الشرق الأوسط، جورج حداد.

8. التاريخ العثماني في شعر أحمد شوقي، محمد أبو غدة.
#36444
حقيقة أن أتاتورك قد أضر بالإسلام في حياته وأثناء ملكه لتركيا ، ولا شك أن حربه للدين ومناصرته للعلمانية للتقرب من أورويا افسدت تاريخه البطولي في حروب الخلافة الأسلامية

يبقى السؤال : لماذا تركض تركيا دائما خلف اورويا ، واوروبا تدير ظهرها لهم ؟

أين كرامتك يا تركيا

وشكرا لك على هذا الموضوع