منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By محمد المليحان ٣٢
#66252
في المؤامرة الدولية الجديدة !

هل ما يعيشه العالم العربي كافة ومصر خاصة في الأعوام القليلة المنصرمة هو ضرب من ضروب المؤامرة الدولية الجديدة ؟
الشاهد أن ذكر كلمة مؤامرة في حد ذاته يثير كتيبة الليبراليين العرب الجدد ، واقرب السبل إليهم اتهامنا بأننا مصابين بهواجس الخوف وبارنوايا الخيال ، غير أننا لن نمل من القول بان المؤامرة موجودة في التاريخ وان لم يكن التاريخ كله مؤامرة ، والقول بان التاريخ فردوسا للأطهار لمن السذاجة السياسية بمكان ، حيث أن العالم ميدان واسع فسيح للتصارع والتشارع من اجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للدول الكبرى .
خذ إليك حقيقة مصطلح " الربيع العربي " الذي اصطكه الأمريكيون ونحن كالعادة تلقفناه ابتهاجا كعهدنا في السعي المحموم للحاق بركاب الغرب ، وكل ما يصدره لنا بدعاوى التحديث الحضاري ، حتى وان كانت ركائزنا الفكرية وهويتنا القومية ورؤانا الاجتماعية وجذورنا الثقافية لا تتماهي معه ...
هل كان الأمر برمته خدعة كبرى من قبل القوى الاستعمارية عمادها صفقات سرية بين قوى راديكالية بعينها في الداخل ونظيرتها الاستعمارية في الخارج ؟
المقطوع به أن قو و وأئمة الشر العالمي لا يستيقظون فجأة وعلى غير هدى ، فما نراه نحن متبلورا في الواقع ومتلبسا فعل المؤامرة ، هو في الحقيقة ليس أكثر من خطوط طول وعرض الاستراتيجيات الدولية والتي لا تصنع بالإلهام ولا توجهها النزوات أو تقودها الرغبات لدى الحاكم أو حاشيته كما في الأنظمة العالمثالثية ، بل هي أملاءات معطيات ديموغرافية ، ورؤى وتصورات لحقائق تاريخية ، وما لا يمكن تحقيقه بالاستراتيجيات المباشرة ، يتم إدراكه بالالتفاف من حول التضاريس ، وفي الحالتين يبقى الهدف واضحا عند أصحاب تلك الاستراتيجيات التي نراها نحن مؤامرات .
في العقد الثاني من القرن المنصرم وضعت القوى " الفرانكو – بريطانية " لبنات الثورة العربية التي انطلقت في مواجهة الدولة العثمانية ، والقصد والنية ما كانا أبدا تمتع شعوب تلك البلدان بالاستقلال التام أو بناء الدولة العربية العصرية ، والدليل أن أطبق " سايكس وبيكو " على رقبة العالم العربي ليقتسماه قسمة اللصوص كغنيمة للقوى صانعة القرار ومصدرة الأفكار في ذلك الوقت .
هل الربيع العربي ضرب من هذه الضروب ؟
لا يملك المرء جوابا شافيا وافيا حتى الساعة ، على أن الراوي يحدثنا اليوم كيف أن الجموع العربية التي خرجت ثائرة هادرة على أنظمتها السابقة تنادي بالعيش والحرية والكرامة الاجتماعية ، ها هي تعود الآن إلى حيث بدأت فلا استقرار حققت ولا ديمقراطية عززت ، ولا اقتصاد تقدم ، بل مزيد من التفكك الراسي والانحلال الأفقي عبر فقدان الأمن والأمان ، وشبه احتراب أهلي وطائفي ونقاشات سفسطائية، وتوجهات فكرية بيزنطية ، وكأننا في الأندلس وعلى أبوابها فرديناند وكاترينا ، وجميعها تصب في خانة صالح ومصالح حكام العالم الجدد الذين يعملون على اللعب بشعوب العالم كما بيادق الشطرنج على الرقعة الدولية .... هل من ترجمة عملية على الأرض لهذا التنظير الفكري ؟
يضيق المسطح المتاح عن الإشارة إلى ثلاث هيئات أو جهات لا يستبعد المرء أنها لعبت ولا تزال أدوارا على صعيد العالم العربي ، وربما الاسوا لم يأت بعد من قبلها .
أولاها تلك المعروفة بجماعة أل " ستاي بيهايند " وهي شبكات التدخل الأمريكي والتي نشأت حول العالم من قبل الأمريكيين بعد الحرب العالمية الثانية للقضاء على تأثيرات الحركية الشيوعية وهناك مصادر كثيرة أشارت إلى حقيقة هذه المجموعة.
أما الشكل الهيراركي للشبكة فيتضح من خلال مذكرة سرية دونت من قبل المدير الأول للمكتب الخاص بها وهي مقسمة إلى خمسة فرق عملية :
1- فرقة الحرب النفسية ( الصحف ، الإذاعة ، الشائعات )
2- فرقة الحرب السياسية ( دعم حركات المقاومة في الدول الشيوعية ، دعم التنظيمات في المنفى ، دعم التنظيمات المعادية للشيوعية في الدول الحرة ، التشجيع على التنقل إلى الصفوف السياسية الأخرى )
3- فرقة الحرب الاقتصادية ( منع استيراد الحاجيات الضرورية التحكم في الأسواق ، السوق السوداء ، التحكم في صرف العملة ، التزوير )
4- فرقة العمليات الوقائية المباشرة ( مساعدة الانفصاليين ، التخريب ، مناوأة التخريب ، القناصة ، التدمير )
5- فرق متعددة التخصص بعضها مغرقة في السرية وشديد الحرفية وعالي الإمكانيات اقرب ما يكون للأشباح بالفعل .
المشهد لا يتوقف عند الستاي بيهايند ، فهناك أحاديث أخرى ربما نتوقف معها لاحقا عبر قراءات مطولة عن هيئات مثل " هيئة الديمقراطية الأمريكية NED التي تحدث عنها جورج بوش الابن، واستخدم أذرعتها الخفية لإصابة العالم العربي في مقتل ، وهناك كذلك مؤسسة " ألبرت اينشتاين " ذات التاريخ الطويل مع الانقلابات الناعمة والتي يترأسها ويروج لها الفيلسوف الأمريكي جين شارب .
هل من قبيل المصادفة القدرية أم الموضوعية أن يكشف " ايرفاند ابراهميان " المؤرخ الرائد في إيران الحديثة هذه الأيام عن الدور الأمريكي في انقلاب عام 1953 الذي تم برعاية انجلو أمريكية وأطاح برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وهو ما أكدته وثائق أمريكية كشف عنها رسميا منذ أيام قلائل ؟









« منقول » ..