منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By محمد المليحان ٣٢
#66259
من يثق في الأمريكيين بعد ؟

هل خداع بل وربما خيانة الإدارات الأمريكية والرئاسات المختلفة من جمهوريين أو ديمقراطيين لحلفاء واشنطن وثيقي ولصيقي الصلة بهم والذين قدموا لهم عبر عقود طوال خدمات لوجستية وسياسية مكنتهم من تحقيق أهداف واشنطن الإستراتيجية حول العالم شيء جديد ؟
بالقطع لا فتاريخ الولايات المتحدة الأمريكي السياسي ملئ حتى أخره بمثل تلك الخيانات الأدبية والأخلاقية ،وقد علق مؤخرا الرجل التسعيني وخزانة أسرار أمريكا الخارجية هنري كيسنجر على ما جرى من قبل إدارة اوباما تجاه الرئيس المصري السابق حسني مبارك بأنه " ما كان لأمريكا أن تتصرف على هذا النحو مع رجل كان حليفا صادقا وأمينا في علاقته معنا طوال سنوات".
ماذا عن مبارك والأمريكان في هذا الإطار ؟
عما قليل عما قليل تتضح الرؤية، وقد كان أول الغيث عبر سطور مهمة خطيرة وتكشف طريقة التفكير البراجماتية الأمريكية المعهودة وقد وردت في كتاب " الجيش والإخوان ... أسرار خلف الستار " لكاتبة ومؤلفه مصطفى بكري الكاتب المصري، والذي كان قريبا بشكل كبير من المجلس العسكري الذي أدار البلاد في الفترة الانتقالية .
السؤال الذي نطرحه متى قرر الأمريكان التخلي عن مبارك ولماذا ؟
تفيدنا صفحات الكتاب بأنه منذ العام 2004 كان مبارك يعرف بان واشنطن تسعى إلى إسقاطه بأية وسيلة وترى انه لم يعد مناسبا لطبيعة المرحلة الجديدة ومتطلباتها ، أي مرحلة محاولة المحافظين الجدد بسط هيمنتهم على العالم في سياق ما عرف بالقرن الأمريكي .
غير أن التحول الأكبر والأخطر هو ذاك الذي جرى في بدايات العام 2010 عندما رفع اللواء الراحل " عمر سليمان " مدير المخابرات العامة المصرية تقريرا لمبارك يتضمن الأسباب التي قدمتها الاستخبارات الأمريكية إلى الرئيس الامريكي باراك اوباما والتي تبرر فيها ضرورة إسقاط مبارك وتغيير نظام الحكم في مصر ... ماذا عن تلك الأسباب ؟
نحللها هنا وبتصرف عن ما جاء في كتاب " الجيش والأخوان " وفي أولها ومقدمتها أن خطيئة مبارك الكبرى من وجهة النظر الأمريكية هي انه رفض إقامة قواعد عسكرية للطيران الامريكي على البحر الأحمر ... لماذا كان الأمريكيون تواقين إلى هذه القاعدة وللدرجة التي تدفعهم للسعي في طريق إزاحة مبارك ؟
هناك عدة أسباب منها :
*مواجهة تنامي قوة جماعة الحوثيين في اليمن .
*مواجهة خطورة القرصنة الصومالية .
*حماية حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر .
*مواجهة ظاهرة السلفية الجهادية المحتملة في شمال السودان.
أما عن بقية المبررات التي قدمتها أل CIA لاوباما فتتجلى في أن مبارك رفض إرسال قوات مصرية إلى العراق لتحل محل القوات الأمريكية بعد انسحابها من العراق .
كما أن الرجل رفض بالفعل تقسيم السودان ورفض ممارسة الضغوطات على أبو مازن للذهاب إلى مائدة المفاوضات مع إسرائيل في ظل استمرار سياسة الاستيطان ودون شروط .
مبارك الذي قال له الأمريكان يجب الرحيل الآن يعني الآن كان أيضا يدفع ثمن رفضه لخطة أمريكية تستهدف إيجاد حماية دولة لقناة السويس حال تعرضه لأي مخاطر من تنظيم القاعدة ، ما يعني انه كان يحافظ على السيادة الإقليمية لتراب الوطن.
أما الخطيئة المميتة الأخرى التي ارتكبها نظام مبارك فهي محاولته وإصراره على جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية ، الأمر الذي كان يزعج إسرائيل ليل نهار ، هذا عطفا على رفضه خطة توسيع قطاع غزة ومنح الفلسطينيين 720 كم داخل سيناء لإقامة دولة فلسطينية عليها كما ورد في وثيقة " غيوروا ايلاند " والحصول على مساحة مقابلة لها في صحراء النقب .
هل توقفت خطط الأمريكيين عند التنظير فقط أم أخذت منحى عملياتي على الأرض لإزاحة مبارك ؟
في العام 2002 شهدت العاصمة القطرية الدوحة توقيع اتفاق بين د. يوسف القرضاوي الرمز الاخواني التاريخي الأشهر والسيد طارق رمضان الداعية الإسلامي الذي يعيش في سويسرا و حفيد مؤسس جماعة الإخوان الشيخ حسن البنا وذلك نيابة عن الإخوان المسلمين مع "مارك مولين"، و"مارتن أنديك" عن الإدارة الأمريكية، والذي يتضمن التزام جماعة الإخوان المسلمين باحترام اتفاقيات كامب ديفيد حال وصولها إلى السلطة المصرية .
هل استمرت المشاورات الأمريكية الاخوانية حتى بعد رحيل مبارك ؟
هذا ما كشفت عنه هيلاري كلينتون في 30 يونيو 2011 عن انعقاد اجتماع في اسطنبول في 27 مايو 2011 بحضور ستيفن كابس نائب مدير إل CIA واليزا مانينجهام بوللر عضو الاستخبارات الدولية، التي سبق أن عينت في منصب المدير العام لدائرة الأمن الداخلي في وكالة الاستخبارات البريطانية عام 2002 ، ود. كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين في الغرب ، ود . همام سعيد الذي انتخب مراقبا عاما لجماعة الإخوان في الأردن 2008 .
ما الذي جرى في ذلك الاتفاق ؟
جرى التزام جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل في مقابل تأكيد " ستيفن كابس " عن ثقة الإدارة الأمريكية في قيادة الإخوان المسلمين لمصر في الفترة المقبلة.
خلاصة القصة " أن المتغطي بالأمريكان عريان " فهل يصل الدرس للمخدوعين الجدد في الإدارة الأمريكية الحالية ؟








« منقول » ...