منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By نواف الغفيلي 8
#67196
--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب التوتر الجزائري المغربي
تشهد هذه الأيام العلاقات الجزائرية المغربية توترا وتأزما حادا جديدا، وذلك بعد الكلمة التي ألقاها وزير العدل الجزائري الطيب لوح نيابة عن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في قمة أبوجا الأخيرة، حيث جاء في هذا الخطاب " الجزائر لازالت على موقفها والمتمثل في تصفية الإستعمار من الدول المستعمرة والتي منها الصحراء الغربية "وهو ما أثار حفيظة السلطات المغربية وأضطرها إلى استدعاء سفيرها بالجزائر، وفي المقابل صرح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة "أن الجزائر لن نسمح بمثل هذه التهجمات التي تشنها السلطات المغربية عليها" علما أن الصحافة الموجة في كيلا البلدين لا هم لها سواء صب الزيت على النار وإبراز مساوي وفضائح الطرف الآخر، كما شهدت الدار البيضاء المغربية خروج مجموعة من الشباب و قاموا بمحاصرة القنصلية الجزائرية إذ تمكن أحد هؤلاء الشباب(البلطجية) من اعتلاء سقف القنصليةالجزائرية وأنزل العلم الجزائري وقام بتدنيسه وتمزيقه، هذا حسب ما تناقلته بعض صفحات التواصل الإجتماعي وبعض الصحف الجزائرية، لكن قبل الخوض في تحليل أسرار هذه الأزمة لابد من طرح مجموعة من الأسئلة.
*لماذا برزت هذه المناوشات في الوقت الحالي ؟وبالضبط في الفاتح من نوفمبر الذي يمثل بالنسبة للجزائر يوما وطنيا؟
*ولماذا تتحامل الصحافة الجزائرية الموجه على المغرب والعكس بالعكس يفهم ؟
وفي المقابل
* لماذا لا ينظر الفرقاء إلى الروابط التي تجمع بين البلدين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الدين والعروبة والنسب، علما أن نسب العائلات القاطنة على الحدود سواء من الجانب الجزائري أو المغربي لها نفس النسب ونفس العادات ونفس التقاليد، وغيرها من الروابط التي لا داعي لذكرها في هذا المقام.
إن بروز المناوشات في الوقت الحالي، راجع إلى التراكمات السياسية والإقتصادية التي تتخبط فيها الدولتان المغربية والجزائرية،وهي ليست وليدة البارحة أكثرها يرجع إلى مرحلة ما بعد استقلال الدولة الجزائرية، حيث ظهرت مسألة الحدود الفاصلة بين الدولتين الجارتين، حيث كادت المشادة أن تعصف بالبلدين في ذلك الوقت، ومن منذ ذلك الحين والأزمات التي تقف في وجه لمِّ شمل الدول المغاربية وبالتالي تعطيل بناء إتحاد مغاربي متكامل أكثرُها راجع إلى خلافات بين المغرب والجزائر.
كما لا يجب أن نتغاضى عن الدور الحساس الذي تلعبه الصحراء الغربية والتي هي في نظر الجزائر مستعمرة ولابد من تصفية الإستعمار، في حين أن المغرب يرى أنها جزء لا يتجزأ من وحدته الترابية التي لا يمكن أن يتخلى عنها في أي حال من الأحوال، ومنه على سبيل المثال قيام الدولة المغربية في مطلع التسعينيات بفرض التأشير على الجزائريين لدخول الأراضي المغربية، وكان الرد من الجزائر سريعا وذلك بقيامها بغلق الحدود مع الرباط، مما أثَّر سلبا على التعامل بين البلدين، علما أن الحدود لا تزال مغلقة إلى اليوم، لكن رغم ذلك لم يتمكن الجانب الجزائري من السيطرة عليها بصفة نهائية حيث أن التهريب عبر الحدود بين الدولتين بلغ ذروته مؤخرا حيث يعمل المهربون على تهريب المواشي والمحروقات الجزائرية بكل الطرق في حين يعملون على جلب المخدرات المغربية التي تمثل في نظر السلطات الجزائرية السم القاتل، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التدابير والإمكانات الجزائرية المسخرة لمواجهة هذا النوع من الجريمة ،إلا أن هذه الجهود والتدابير الإمكانيات المتوفرة لم تتمكن من القضاء على الظاهرة، وذلك راجع إلى مجموعة من الظروف منها مثلا :الجهاز الأمني الجزائري أصبح مشتت القوى بين حفظ الأمن الداخلي وبين حراسة الحدود الجنوبية والشرقية نظرا للتوترات التي تعرفها هذه الدول هذه المنطقة (مالي، النيجر، ليبيا، وتونس) يضاف إلى ذلك خوفها المتزايد من تسلل شباب التيار الجهادي من الخارج وبالتالي تسريب الأسلحة خاصة الليبية المتناثرة على الحدود الجزائرية، كما تحشد قوة كبرى من قواتها على طول الشريط الغربي المتاخم دولة المغرب تحسبا لأي توتر أمني،
هذه العوامل وغيرها جعل الجزائر تلعب على عدة جبهات كما أن الحدود الشاسعة المترامية الأطراف تتطلب من الإمكانيات الكثير ليس في وسع الجزائر وأي دول في حجم الجزائر حراستها،وذلك على الرغم من الإمكانيات الهائلة التي تسخرها وتوفرها الجزائر.
لكن هل معنى ذلك أن المغرب استغل هذه الظرف وانتهز الفرصة مادمت القوة الأمنية الجزائرية مشتتة بين الجنوب والشرق والغرب ليستعرض عضلاته أم هي مسألة الصحراء الغربية التي تمثل امتدادا للتراب المغربية في نظر المملكة طبعا؟؟
في الحقيقة هذه القضية جوهرية في الصراع الجزائري المغربي، وذلك منذ بدايته تقريبا إلى يوم الناس هذا، بل ستستمر ما استمر التواجد المغربي في تلك الأرض، إلا إذا تمت عملية تقرير المصير للشعب الصحراوي الذي يعيش في نظر الجزائر تحت الإحتلال المغربي، وهي حقيقة بؤرة الصراع بين الدولتين، وهي المؤثر الرئيسي تقريبا في سُوء العلاقات بين الدولتين الجارتين لكن إذا نظرنا إلى عدد الدول التي تطالب بتصفية الإستعمار المغربي من الصحراء الغربية غير الجزائر طبعا فهي كثيرة، كما أن المغرب فرط في وحدته الترابية التي لا غبار عليها في الشمال لصالح الأسبان في كل من سبته ومليلة اللتين تعتبران جزء من التراب المغربية، وعلى كل حال فإن الصحراء الغربية سوف تبقى هي الوتر الحساس والمؤثر في العلاقة بين البلدين حتى ولو تمت التسوية القانونية للملف الصحراوي.
لكن من كل ما سبق.
هل يمكن أن يبرر الإعتداء المغربي على السفارة الجزائرية أم أن هذا الإعتداء يمثل رد فعل السلطات المغربية على ما جاء في قمة أبوجا أم هو هبة شعبية مستنكرة لما جاء في هذه القمة في مداخلة الوفد الجزائري؟؟لكن أين هي السلطات المغربية الموكل إليها حفظ و أمن سفرات الدول؟؟كيف تمكن المتظاهرون من دخول السفارة الجزائرية وتمكن أحدهم من الصعود إلى سقف البناية وانزال العلم الجزائري تمزيقه وربما حتى تدنيسه في اليوم الذي يمثل للجزائر الذكرى التاسعة والخمسين لإندلاع الثورة التحريرية المظفرة؟؟ هذه الأطروحات وغيرها تبين أن وراء ستار هذا المسرح شخصية قوية تقوم بتوزيع الادوار، هذا وحسب ما نقلته صحيفة الفجر الجزائرية يوم06/11/2013أن هذه الأحداث كان وراء افتعالها مستشار الملك المغربي والرئيس الفرنسي الأسبق السيد نيكولا ساركوزي، وحسب ما نقلته الصحيفة فإن ساركوزي يهدف بذلك إلى الإنتقام من الجزائر لعدم تدعيمها له خلال الحملة التي قادتها فرنسا لإسقاط نظام القذافي المنهار، في حين أن الجزائر ينص دستورها على أن مهام جيشها لا تتعدى حراسة الحدود، يضاف إلى ذلك وحسب ما نقلته هذه الصحيفة دائما عدم تدعيم الجالية الجزائرية المتواجدة في فرنسا لساركوزي خلال الإنتخابات التي أطاحت به، كل هذه العوامل وغيرها كانت وراء هذا الإستهداف، وأضافت الصحيفة أن هذه الخوروقات ضربت بالأعراف الدولية التعرف عليها عرض الحائط ،كما خرقت أواصر وروابط الأخوة والجوار وروابط الدين والتقاليد والتاريخ المشترك بين البلدين.
وفي الأخير رغم هذا ما قيل وكتب في الصحف وكل التعليقات الرسمية وغير الرسمية تبقى العلاقات المغربية الجزائرية المغربية تراوح مكانها مادمت قضية الصحراء الغربية لم تتم تسويتها، بل وحتى لو تمت تسويتها فسيكون لها أثر على العلاقة بين الدولتين الجارتين التين لم تتمكنا من إيجاد الحل لهذه للمشاكل، علما أن المشاكل لها علاقة بالمسيرين لدواليب الحكم في الدولتين.