منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By محمدالراشد3332
#68090
بدأت العلاقات السعودية اليمنية عام 1934 عقب الحرب السعودية اليمنية وتوقيع معاهدة بين عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد الدين المتوكل. وفقا لغريغوري غوس أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرمونت الأميركية، فإن السعودية لها هدفان رئيسيان في اليمن[1] :
منع أي شكل من أشكال الوحدة اليمنية لإنها قد تكون دافعاً لنقض معاهدة التي تمت عام 1934. وقد أثرت السعودية على قرارات الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) بشأن الوحدة من سبعينيات القرن العشرين.
تحاول السعودية منع أي قوة أجنبية من بناء قواعد تأثير لها في اليمن لإن من شأن ذلك أن يؤثر على الأحداث في اليمن وشبه الجزيرة العربية ككل وتفضل لو كانت كل الأنظمة في شبه الجزيرة ملكية وأن تكون علاقتها باليمن كعلاقتها بالإمارات الصغيرة على الخليج الفارسي.

العلاقات بين اليمن والسعودية ليست علاقة بين دولتين بالضروة، فالسعودية لم تكن يوما حليفاً للحكومة اليمنية بل مع مراكز قوى معينة على حساب السيادة وشرعية المؤسسات، بدفع الأموال لمساعدة القبائل على ابقاء أكبر قدر ممكن من الإستقلالية، تستطيع السعودية أن تؤمن المصالح التي تريد في اليمن وتؤثر على القرار السياسي في الجمهورية الضعيفة ومساعدة المشايخ على انشاء شبكات محسوبية واسعة خاصة بهم بعيدا عن تأثير الحكومة لعرقلة أي جهد منها لكسب ولاء قبائل أخرى[2] قبل الوحدة اليمنية عام 1990، عملت السعودية على زرع عملاء لها في شمال وجنوب اليمن لعرقلة الجمهوريات والأنظمة الجديدة التي ظهرت في ستينيات القرن العشرين، فشلت السعودية في جنوب اليمن ونجحت في شماله. وفشلت في منع قواعد التأثير مثل الإتحاد السوفييتي من التواجد بجنوب اليمن ولكنها نجحت في الشمال، فخرج الجيش المصري المساند للجمهوريين خلال ثورة 26 سبتمبر وتمكنت السعودية من منع علاقات مباشرة بين اليمن الشمالي والولايات المتحدة ولعبت دور الوسيط بينهما في أهم الإتفاقيات بين واشنطن وصنعاء[3] الملك عبد العزيز ملك السعودية، يشاع أنه أوصى أبنائه بإضعاف اليمن بأي وسيلة وبغض النظر عن صحة الإشاعة فإنها ركيزة العلاقة السعودية ـ اليمنية [4]

في عام 1937 طلب الملك عبد العزيز من الإمام يحيى أن يعيد النظر في إعتبار أحمد بن يحيى ولياً للعهد لإن ابن سعود لم يكن يثق في الإمام أحمد. فاستغل الإمام عبد الله الوزير الذي قاد الجانب اليمني خلال المفاوضات عام 1934 الوضع وطلب دعماً من ابن سعود ضد الإمام أحمد، فعبد الله الوزير مثله مثل كثير من الزيدية لا يؤمن بتوريث الإمامة وكان معارضا لتوريث الإمام يحيى ابنه أحمد، فقامت ثورة الدستور عام 1948 ولكن لطبيعة الإنقلاب الدستورية، تجاهل ابن سعود مشاعره اتجاه الإمام أحمد ودعمه لوجيستياً لإستعادة صنعاء وقمع ثورة الإمام الوزير وعمد عبد العزيز إلى تأخير وصول بعثة جامعة الدول العربية لـ"تقصي الحقائق" حتى يتمكن الإمام أحمد من قمع الثورة قبل وصولهم[5] مع ذلك كان الشك وعدم الثقة عاملا ملازما للعلاقات رغم دعم ابن سعود للإمام، فقام الأخير بعقد علاقات مع جمال عبد الناصر والإتحاد السوفييتي والصين وتلقى شحنات من الأسلحة عام 1956 من السوفييت. عبر السعوديين عن تحفظاتهم من تحركات الإمام أحمد للمعارض حينها عبد الرحمن الإرياني وتعهدوا بدعم الأخير للإطاحة بأحمد حميد الدين المتوكل شريطة أن يبقى النظام الملكي قائماً كما هو[6] ولكن آل سعود لم يقدموا على عمل ضد الإمام أحمد لإنهم كانوا يخشون البديل[7]

بعد تفكك الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية، أراد جمال عبد الناصر ضرب ماكان يصفه بالقوى الرجعية والمتخلفة المعارضة للوحدة العربية، فقد سخر الإمام أحمد حميد الدين من الوحدة العربية والإشتراكية في قصيدة هاجم فيها جمال عبد الناصر فعمل الأخير على دعم الضباط الأحرار اليمنيين في إنقلاب 26 سبتمبر 1962. أرسل جمال عبد الناصر ألف جندي مصري في أكتوبر 1962، كانت لفتة رمزية تظهر دعم القيادة المصرية للنظام الجمهوري الجديد ولكن عدد الجنود المصريين تزايد في 1963 بقيادة عبد الحكيم عامر. الوجود المصري أزعج آل سعود كثيراً، لإنه قوى مناعة نظام جمهوري ناشئ وضعيف في الجزيرة العربية، وأصبح بإمكان المصريين دعم الثورات في جنوب اليمن وربما داخل مملكة ال سعود نفسها[8]

شكل اعتراف الإدارة الأميركية برئاسة جون كينيدي بالجمهورية الناشئة في 17 نوفمبر 1962 صفعة قوية في وجه آل سعود، كان الأميركيون يريدون الحد من النفوذ السوفييتي في المنطقة وطلبوا إيقاف الدعم السعودي للقوات الملكية وأن ينسحب الجيش المصري من اليمن، بدا واضحاً من لهجة الإدارة الأميركية أنها تعتبر النظام الجمهوري الممثل الشرعي للشعب اليمني مطالبة بتحسينات داخلية في السعودية عوضا عن التدخل في اليمن[9] كان لتلك اللهجة من حليف السعودية الإستراتيجية والضامن الأقوى لأمن المملكة أثر بالغ على الأسرة السعودية المالكة وحاولت الولايات المتحدة طمأنة آل سعود بارسال طائرات للتحليق فوق المدن السعودية الكبرى ولكنها لم تقترب من الحدود اليمنية[10] الأحداث في اليمن أوجدت إنقساماً بين الأسرة السعودية الحاكمة فانشق مجموعة من الأمراء عُرفوا بـ"الأمراء الأحرار" مطالبين بتغييرات في بنية النظام السياسي الحاكم أبرزهم طلال بن عبد العزيز وبدر بن عبد العزيز بينما كان خالد بن عبد العزيز وفيصل بن عبد العزيز قد حسموا موقفهم بدعم الملكيين. كانت الحرب في اليمن من أبرز الأسباب التي دفعت الأسرة لعزل الملك سعود بن عبد العزيز[11]

رأى الملك فيصل بن عبد العزيز في بريطانيا حليفاً بديلاً عن الولايات المتحدة لإن البريطانيين كانوا معارضين للتواجد المصري بشمال اليمن لإن المصريين كانوا يدعمون الفصائل المناهضة لوجود الإنجليز في عدن[12] أرسل جون كينيدي مبعوثه الخاص إلى عدن في 1963 وهو ماشكل فرصة للبريطانيين لمحاولة تقديم إتحاد الجنوب العربي ككيان شرعي مستقل وليس مجرد صنيعة بريطانية ولكن محاولات البريطانيين وقعت على أذن أميركية صماء ودعم البريطانيون السعودية بالأسلحة والصواريخ الباليستية لمواجهة أي خطر محتمل من الجيش المصري والنظام الجمهوري الجديد في شمال اليمن[13] كان الموقف الأميركي مؤثراً وأدرك آل سعود أن النظام الملكي لن يعود إلى اليمن فاستغل فيصل الإنقسام بين الفصائل المؤيدة للجمهوريين وعمل على إستمالة القبائل و"القوى التقليدية" التي انضمت لثورة الجمهوريين، أبرز هولاء كان عبد الله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ حاشد الذي لم ينضم للجمهوريين الا انتقاماً لإعدام الإمام أحمد للشيخ حسين وحميد الأحمر وبيت الوزير ومحمد محمود الزبيري وكل القوى التي كانت تعرف عن نفسها بأنها "إسلامية لا ملكية ولا جمهورية" على حد تعبيرها [14] كانت تلك فرصة فيصل الذهبية لإختراق المربعات الجمهورية فعُزل عبد الله السلال وعُقدت مؤتمرات للقبائل كانت قد اختفت بداية الثورة وتولى عبد الرحمن الإرياني رئاسة البلاد ولم يعد من مبرر للسعودية لدعم بيت المتوكل فقد بقي النظام الجمهوري ولكن بعد صعود قوى تقليدية كانت أقوى دعائم المملكة المتوكلية اليمنية مثل عائلة الأحمر.

استمر عملاء السعودية بتلقي الأموال عن طريق "اللجنة الخاصة" وكان عبد الرحمن الإرياني متساهلاً وعمل هولاء على منع أي تقدم نحو الوحدة بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية[15] التي نالت إستقلالها عقب خروج الإنجليز عام 1967. وبلغ مقدار الأموال والرشاوي التي تُصرف على مسؤولين ومشايخ قبائل في شبكة كبيرة مرتبطة ارتباطا مباشراً بالسعودية قرابة ثلاث بليون ونصف دولار سنوياً وعدد هولاء يقدر بالآلاف داخل اليمن[16] أطاح المقدم إبراهيم الحمدي بالقاضي الإرياني وأستخدم القبائل طعما مرحلياً لإدراكه أنهم أصحاب القوة على أرض الواقع فعزل سنان أبو لحوم شيخ مشايخ بكيل وأقال أقاربه من الجيش اليمني فقد دأب مشايخ القبائل على الضغط على رؤوساء اليمن بتعيين أقاربهم في مناصب عليا في الجيش، سبب تحرك الحمدي ضد أبو لحوم كان لإيهام السعودية أنه حليف لها لإن سنان أبو لحوم على رأس فصيل قبلي لا تثق فيه السعودية، حتى لا تدعم السعودية الفصائل القبلية الأخرى. إلا أن عبد الله بن حسين الأحمر أدرك نوايا الحمدي وحاول حشود أنصاره بأرياف صنعاء للإطاحة بالرئيس الجديد ولكن السعودية لم تدعم الأحمر هذه المرة لإنها اعتقدت أن الحمدي يعمل لصالحها[17] شرع الحمدي بقصقصة أظافر اللاعبين القبليين ببطئ وبدأ يُخرج الجمهورية الجديدة من العباءة السعودية فعزم على التقارب مع اليمن الجنوبي وبحث الوحدة اليمنية وعقد أول قمة للدول المطلة على البحر الأحمر وصفقات سلاح مع فرنسا [18] [19] كلها كانت مظاهر "إستقلال خطيرة" على حد تعبير غريغوري غوس[20] أُغتيل الحمدي عام 1977 قبل يوم واحد من زيارته المرتقبة لعدن< وقيدت القضية ضد "مجهول" عقب تولي علي عبد الله صالح السلطة عام 1978.

وفق غريغوري غوس، مدرس العلاقات الدولية بجامعة فرمونت وفرد هاليداي وبرنارد هيكل برفسور دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون فإن السياسة السعودية تعمل على إضعاف الحكومة المركزية في اليمن بأي شكل كان وغالباً بالأموال [21] إذ تعتمد المملكة على مشايخ قبائل متنفذين لعرقلة مركزية الدولة فيقول غريغوري غوس، أن حكومة مركزية قوية تعني إنهاء استقلالية القبائل وتمكين الحكومة من تحسين أنظمة الدخل وبالتالي قطع الاعتماد الإقتصادي على السعودية وهو ما لا تريده الرياض رغم أن تصريحاتها توحي بعكس ذلك فبقاء أمر اليمن إقتصادياُ معلق بالرياض أضمن وسيلة للأسرة السعودية بعدم نجاح مشروع الجمهورية في الجزيرة العربية المتمثلة في اليمن وإبقائها ضعيفة ومفككة [22] في ثمانيات القرن العشرين، تزايد إنتاج النفط في اليمن بشكل بطئ وهو ماساعد على توفير الإحتياط الأجنبي اللازم من النقد قلل من إعتماد صنعاء على الرياض إقتصادياً وهو تطور لم يغب عن ناظر السعودية[23] بعد حرب الخليج الثانية بدأت السعودية بتحذير الشركات النفطية من التنقيب في محافظة الجوف بشمال اليمن بحجة أن المنطقة متنازع عليها[24]

عقب الوحدة اليمنية عام 1990، كانت العلاقات متوترة بين اليمن والسعودية لإن معاهدة الطائف التي وقعت عام 1934 نصت على ضم عسير وجيزان ونجران للسعودية حتى العام 1992 وبالفعل فقد طالبت الحكومة اليمنية باسترجاع الأراضي فور الوحدة اليمنية عام 1990[25] فاقم التوتر موقف اليمن "المحايد" من الغزو العراقي للكويت عام 1990[26] اتهمت حكومة علي عبد الله صالح "جهات أجنبية" عام 1992 و1993 بتدبير إغتيالات لمئات من السياسيين اليمنيين [27] ردا على ذلك قامت السعودية ببناء قاعدة عسكرية في عسير وبدأت مشروعا بثلاثة بلايين دولار لتسوير الحدود وضخ الإستثمارات في جيزان[28] ثم حاولوا عزل الحكومة اليمنية، كان اليمن قد وقع إتفاقا حدوديا مع سلطنة عمان فقامت السعودية بإثارة خلافها القديم مع السلطنة ضعطا على مسقط لإلغاء الإتفاقية مع صنعاء[29] قدمت السعودية الدعم للإنفصاليين خلال حرب صيف 1994[30] وقع علي عبد الله صالح على إتفاقية جدة عام 2000 ورسمت الحدود "رسميا" بموجبها.
أنشئت المملكة العربية السعودية سياج مكهرب على الحدود اليمنية السعودية في 2013 بمسافة 2,000 كيلو متر ويقول فرانك غاردنر مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية، الذي زار الحدود بين البلدين، إن الجزء الأول من الحاجز قد اكتمل بناؤه. [31] ،بحيث سيمتد من البحر الأحمر غربا وحتى حدود سلطة عمان شرقا، ويبلغ ارتفاع الجدار ثلاثة أمتار ومزود بأنظمة رصد إلكترونية.[32] واعتبرته الحكومة اليمنية مسبقاً بأنه مخالف لاتفاقية الحدود الموقعة في عام 2000 بين البلدين [33] والتي تضمنت تحديد منطقة الرعي بعشرين كيلو مترا بحيث يحق للرعاة من البلدين استخدام مناطق الرعي ومصادر المياه على جانبي هذا الجزء من خط الحدود استنادا إلى التقاليد والأعراف القبلية السائدة لمسافة لا تزيد عن عشرين كيلو مترا . و تضمنت انه لا يجوز لأي من الطرفين المتعاقدين حشد قواته المسلحة على مسافة تقل عن عشرين كيلو مترا على جانبي الحدود ويقتصر نشاط أي طرف في كل جانب على تسيير دوريات أمن متنقلة باسلحتهاالاعتيادية .

وقالت مصادر أمنية سعودية لبي بي سي إن الإجراء من شأنه حماية المملكة من تنامي ظاهرة العنف في اليمن ويهدف للحيلوية دون دخول يمنيين إلى السعودية بشكل غير شرعي، ووقف أي نشاط محتمل لتنظيم القاعدة.[