منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#68425
(العدل) هو القاعدة الأساسية في تنظيم علاقة المسلم بغيره، ويشمل ذلك العلاقات الدولية - كما سنرى. والعدل في هذا المجال - وكما تظهر نصوص القرآن والسنة - هو القيمة الأولى بين القيم الإسلامية، وفي القرآن ورد الأمر بالعدل والإشادة بالمتَّصفين به، والنهي عن الظلم والتشنيع على مرتكبيه في أكثر من 350 موضعاً. ويعبر عن العدل أحياناً بالقسط وإقامة الميزان أو بما يدل على هذا المعنى، كما يعبر عن الظلم بالبغي والعدوان والبخس والطغيان.والعدل في الإسلام قيمة مطلقة ذات ميزان واحد يلتزم به المسلم كواجب أساسي في المنشط والمكره، وفي حالة الصداقة والعداوة، في القول والعمل، وفي الفعل والترك. قال تعالى: (( يأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهدآء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )) (المائدة: 8).قال المفسرون: المعنى: لا يحملكم بغض قوم يقاتلونكم في الدين على أن لا تعدلوا في معاملتهم.ويشهد لهذا التفسير الآية الأخرى: (( ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) (المائدة: 2).ولم يكن أحد أعدى للمسلمين من الذين صدوهم عن المسجد الحرام وقاتلوهم وأخرجوهم من ديارهم. (انظر أيضاً الآية 135 من سورة النساء).والعدل مطلوب في القول والعمل: (( وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا )) (الأنعام: 152).العدل هو الحد الأدنى في معاملة المسلم لغيره، ولكن المسلم مدعو وراء العدل إلى درجات أعلى: فإذا كان العدل يتحقق بالمقابلة بالمثل، فالمسلم مدعو في القرآن والسنة إلى الصبر والعفو ومقابلة السيئة بالحسنة والبر والإحسان.قال تعالى: (( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور )) (آل عمران: 18).وقال تعالى: (( والذين إذآ أصابهم البغى هم ينتصرون (39) وجزاؤا سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (40) ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم (42) ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) (الشورى: 39-43).وقال تعالى: (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شئ قدير )) (البقرة: 109).وقال تعالى: (( ادفع بالتي هي أحسن السيئة )) (المؤمنون: 96).وقال تعالى: (( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبيمه عداوة كأنه ولي حميم (34) وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )) (فصلت: 34-35).وفي وصف عباد الرحمن قال تعالى: (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما )) (الفرقان: 63).