منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص باستقبال أسئلة الطلاب
By مهـا بن سلمة
#31044


بسم الله الرحمن الرحيم تحية طيبه, وبعد :



العصبية في فكر ابن خلدون





عندما شرع ابن خلدون في كتابة التاريخ،

كان لديه سؤال جوهري شكّل فيما بعد أساس بحثه الاجتماعي وهو:
كيف تقوم الدولة وكيف تنهار؟ وكان ابن خلدون يعتقد بأن للدولة دورة حياة تشبه دورة حياة الإنسان،

وقد أقام نظريته هذه على أساس الآية 54 من سورة الروم
(الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير).

وبناء على هذه الآية وضع ابن خلدون لقيام الدولة وانهيارها أربعة أطوار:
1/ طور الظفر والاستيلاء على الحكم.
2/ طور الاستبداد والانفراد بالسلطة والتنكر للعصبة.
3/ طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك وفيه تسود الراحة والطمأنينة.
4/ وطور الهرم والانقراض بسبب الإسراف والتبذير.
وعلى الرغم من أنه وضع نظريته هذه بناء على مشاهداته لدول المغرب العربي إلا أنها أثبتت صدقها على كثير من دول العالم.

لفهم فكر ابن خلدون نحتاج إلى أن نفهم المصطلحات التي يستخدمها، وأهمها مفهوم «العصبية»،
إذ فهم كثير من المفكرين هذا المفهوم بطريقة خاطئة واعتقدوا أنه يقصد «التعصب» للقبيلة أو الطائفة، خاصة أنه قال ان العصبية تقوم إما على روابط الدم أو الدين.
غير أن ما يقصده ابن خلدون من مفهوم العصبية يعني تحديدا مفهوم «التضامن الاجتماعي» Solidarity بمفاهيم علم الاجتماع الحديث،
وهذا ما يؤكده المفكر الكبير محمد عابد الجابري في «معالم النظرية الخلدونية».

والعصبية بمعنى التضامن الاجتماعي تعطينا أهم مفاتيح فهم حركة المجتمع وقيام الدول وانهيارها، فالمجتمعات إما تقليدية تحكمها معايير المكانة الاجتماعية والحظوة، وهو ما نراه بقوة في المجتمعات الريفية أو البدوية، وإما مجتمعات حديثة تقوم على أساس القانون ومؤسسات المجتمع التي تنظم حياة البشر.


يقول محمد الجابرى فى كتابة النظرية الخلدونية

يمكن أعتبار التكتلات الحديثة بجميع صورها عصبية متى ما سعى منتسبوها لتحقيق أهداف معينة واضحة وجسد إنتمائهم للتكتل شعورا قويا بالتضامن للإنجاز يشتد وقت الخطر وينمو باطراد

كما أن ابن خلدون يرى أن العصبية إذا أقترنت بالدين لا يقف أمامها شىء …

يقول فى مقدمته فالصبغة الدينية تذهب التنافس والتحاسد الذى فى أهل العصبية (العرقية ) وتفرد الوجهه إلى الحق ويرى أنه لا بد للعصبية الدينية من عصبية أخرى

ثم يستنتج د جاسم السلطان فى كتابه فلسفة التاريخ هذا الإستنتاج الهام :

مؤدى نظرية العصبية أن الدين لا يستغنى عن جماعة أو تنظيم يطالب بتحقيقه ويدافع عنه فإن وجود جماعة تحمل هذه الفكرة الدينية وتتبناها يحقق مصلحتين :

وجود العصبية التى تتم بها المدافعة والجسم المادى (الجماعة ) الذى يدافع

وجود الفكرة (الدين ) التى تستجلب العصبية وتهذبها وتنقيها من الشوائب التى يفرزها التعصب حيث أن الدين يستثمر العصبية من سلبياتها ويستثمر إيجابياتها

حسب نظرية ابن خلدون فوجود الكتلة البشرية التى بينها رابطة و دين يفترض أن تكون قادرة على إحداث التحولات …..ولكن هنا يجب الحذر من عاملين إذا دخلا نفى قدرة المنظومة على إحداث التغيير ….وهذا هو الدرس الذى نعطيه للجماعه والحركة الإسلامية من نظرية العصبية لابن خلدون

حسب نظرية ابن خلدون يوجد عاملان إذا دخلا ألغيا دور العصبية :

1- الخضوع والإنقياد

المذلة والإنقياد كاسران لثوره العصبية وشدتها ….ويقول د جاسم السلطان …وجودهما سيؤدى إلى عجز عن المدافعة وهذا أولى أن يكون عاجزا عن المطالبة والمقاومة

2- الترف والنعيم

كلما ازداد انغماس أفراد العصبة فى النعيم ضعفت رابطتهم شيئا فشئا حتى تختفى

بمعنى أنه للجماعة أو حتى للأمة إذا أضيف إلى منظومة الخضوع والإنقياد منظومة تؤدى إلى الترف والنعيم والإنغماس فى الملذات والماديات والمنافع الدنيوية أنتهت قضيه المدافعة والمغالبة وفقدت العصبية معناها

عوامل تعزيز العصبية

1- وجود عصبية عامة تتعدى عصبية النسب إلى الإلتحام الجماعى أو الروحى
بسم الله الرحمن الرحيم
1- وقوع الدولة المراد إسقاطها فى طور الهرم ……يرى ابن خلدون ان هذا ليس حتميا أو نتيجة لا مفر منها فالدولة القائمة تهرم إذا كانت لحمتها قائمة على عصبة النسب إذ لا يمكنها أن تصمد طويلا أمام مطالبة عصبية قوية خاصة عندما تكون هذه العصبية معززة بدعوة دينية