منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص باستقبال أسئلة الطلاب
By محمد القاسم 34
#66424
تعتمد الوحدة السياسية للدول على مجموعة من المقومات البشرية المرتبطة بالتركيب السكاني فيها والتي تجمع بين السكان وتكون مشتركة بينهم مؤلفة بين مشاعرهم تجاه الأرض التي تكون الإطار البيئي لهم ويدخل في عداد هذه المقومات التجانس اللغوي والديني والحضاري والعرقي بما يكفل وحدة الفكر والمشاعر.
وقد ظهرت أهمية هذه المقومات في خلق دول كثيرة في العصور القديمة تجلى فيها الحرص على الروابط التي تزيد أهميتها ظروف البيئة الجغرافية الطبيعية ومن هذه الدول مصر التي أسهم النيل في إيجاد كيان طبيعي ترتكز عليه المقومات البشرية للدولة بها.
على أن دراسة التجانس السكاني تستتبع دراسة الجنس والتوزيع اللغوي والديني ثم تحديد دور كل من هذه العناصر في الكيان السياسي؛ ذلك لأن كثيرا من المشكلات السياسية المحلية والدولية ترجع في الغالب لتباين في التركيب السلالي أو الديني أو القومي.
والجنس اصطلاح علمي غير محدد يطلق على مجموعة من البشر لهم صفات طبيعية خاصة مثل لون البشرة، وملامح الوجه، وشكل الرأس، وغير ذلك من الصفات الظاهرة التي يتخذها علماء الأجناس أساسا لتصنيف السكان إلى أجناس وربما كان التقسيم المألوف إلى قوقازي ومغولي وزنجي هو أبسط تقسيم للسكان إلى أجناس رئيسية.
وقد سيطرت فكرة سيادة بعض الأجناس على أذهان بعض الساسة حيث أقاموا سياستهم على أساس بعض الخرافات الجنسية مثل خرافة التفوق الجنسي في ألمانيا النازية حيث كان هتلر من المؤمنين بأسطورة الجنس الآري، وما اشتملت عليه من تفوق النورديين على كل من عداهم من الناحيتين العقلية والبدنية وقد كان لهذا الاعتقاد نتائجه الخطيرة حيث يفسر الطريقة التي سار عليها الرايخ الثالث في معاملته للأجناس الأوروبية المنحطة في نظره وما أنزله بها من ألوان الاضطهاد والتعذيب. كذلك لم يترك قادة اليابان قبل هزيمتها في الحرب العالمية الثانية فرصة إلا وأكدوا فيها وجوب تقديس إمبراطورهم والرسالة المقدسة التي تقوم بها حكومته مما جعل الكثير من الجنود اليابانيين يؤمنون إيمانا راسخا بأنهم رسل الإمبراطور في إبلاغ رسالته إلى الباسفيك والشرق الأقصى.
كذلك أدى وجود الزنوج في الولايات المتحدة إلى خلق ما يعرف بالمشكلة العنصرية، ويأخذ التعصب ضد الزنوج في التضاؤل في أمريكا اللاتينية حيث يتمتع زنوج البرازيل بحقوق وامتيازات يحسدهم عليها زنوج الولايات المتحدة الذين يعانون من التفرقة العنصرية معاناة شديدة.
ولكن ينبغي الإشارة في هذا المجال إلى أن السلالة أو الجنس لا تعتبر عاملا حتميا للتجانس السكاني للدولة، ذلك لأن توزيع السلالة الواحدة قد يكون كبيرا بدرجة لا تسمح بنوع من التجانس المحلي القائم على مقومات أخرى حضارية كاللغة والدين وأسلوب الحياة بل إن السلالة الواحدة قد تضم سلالات فرعية تختلف دياناتها أو لغاتها وأسلوب حياتها كذلك فإن حركة السكان الدائبة والتي ازدادت في العصر الحديث أدت إلى اختلاط واسع وكبير انتفى معه الادعاء بالنقاء العنصري أو الجنس.