يقول بعض الناس إن مسألة النظرة الناقصة للمرأة منطلقة من الفكر الإسلامي، لأن الله يقول: {الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، يعني أن الرجل هو القائم على شؤون المرأة، وأن المرأة ليس لها استقلال في حياتها.
ولكن هذا فهم خاطىء، لأن مسألة القوامة هي مسألة تتصل بحدود البيت الزوجي، والقوامة نوع من الإدارة، فالرجل هو الذي يتحمّل مسؤولية الحياة الزوجية بما أنه ينفق، وفرص الحياة للرجل أوسع من فرص المرأة، باعتبار الحمل والحضانة...
وأما خارج نطاق الحياة الزوجية، فليس للرجل سلطة على المرأة أياً كانت المرأة ابنةً أو أختاً.
وبعضهم يقول: نحن نفهم أنه جاء في كلام الإمام علي(ع): "أن النساء نواقص العقول، نواقص الحظوظ، نواقص الإيمان"، وربما نسب هذا الحديث للنبي(ص)، وعندما ندرس هذا النص، نجد أنه ليس انتقاصاً من المرأة ولو بنسبة واحد في المئة.
فلو صحت الرواية فما المقصود من نقص الإيمان؟ يعني هو القعود عن الصلاة أيام الحيض، والمرأة لا تصلي أيام الحيض، هذا من جهة إيمانها بأنه حرام، فهي لا تترك الصلاة لنقص في إيمانها، بل لأن الله أمرها بذلك، والرجال يتركون الصوم حال السفر، فهل ينقص إيمانهم بذلك؟ فنقصان الإيمان هو حالة في العقل والقلب والممارسة، من حيث ترك الواجب وفعل الحرام.
وأما نقصان الحظوظ من جهة أنّ للذكر مثل حظ الأنثيين، فنحن نقول كطرفة إنه لا بد للرجال من أن يطالبوا بالمساواة، لأن حصة المرأة في النهاية تكون أكثر من حصة الرجل، فعلى عاتق الرجل الإنفاق على البيت وعلى الزوجة وعلى الأولاد في حين تحتفظ المرأة لوحدها بنصيبها من الميراث.
وأما نقصان العقول، كشهادة امرأتين مقابل شهادة رجل، فنقول أولاً ما علاقة الشهادة بالعقل؟ فمفاد شهادة الرجل هو إما أن يكذب أو أن يصدق، ثم إن القرآن فصّل المسألة باعتبار أن هذا لا يمثل نقصاناً في المرأة، ولكنه احتياط للعدالة: {أن تضل إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى}، فإذا كانت المرأة صفراً فهل الصفر يكمّل صفراً؟ فإذا كانت هي ناقصة العقل والثانية ناقصة العقل، فكيف يكمِّل الناقص الناقص؟ هذا احتياط للعدالة، ومثالٌ على ذلك الشهادات في القضاء،حيث إنّ البيّنة يلزمها رجلان ولا يكفي رجل واحد، وفي الدعاوى أيضاً يلزمها رجلان عدلان، فهل عدم قبول شهادة رجلٍ واحد في هذه الأمور يجعل الرجل ناقصاً؟ إن هذا أيضاً احتياط للعدالة، وكما في الأمور التي جعل الله فيها أربعة شهود كمسألة الزنا، فهذا أيضاً نظام يحتاط للعدالة.
فالمرأة ليست ناقصة عقل، فهي كالرجل كاملة العقل، والدليل على ذلك أنّ الله حمّلها المسؤولية بالمستوى الذي حمّلها للرجل، ففي المحرمات {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}، فإذا كانت المرأة أنقص عقلاً من الرجل، فكيف يساويه بها، وأيضاً مثل: {السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}.
ا