منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By احمد العبدالعالي
#1761
العباسيون: ثاني السلالات من الخلفاء 750-1258 م.

المقر: منذ 762 في بغداد، 836-883 ثم 892 في سامراء.

يرجع أصل العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب عم محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. بمساعدة من أنصار الدعوة العلوية استطاع أبو العباس السفاح (749-754) و بطريقة دموية القضاء على الأمويين و مظاهر سلطتهم، قام هو وأخوه أبو جعفر المنصور (754-775) باتخاذ تدابير صارمة لتقوية السلطة العباسية، في عام 762 تم إنشاء مدينة بغداد. بلغت قوة الدولة أوجها وعرفت العلوم عصر ازدهار في عهد هارون الرشيد (786-809) الذي تولت وزارته أسرة البرامكة (حتى سنة 803) ثم في عهد ابنه عبد الله المأمون (813-833) الذي جعل من بغداد مركزاً للعلوم ورفع من مكانة المذهب المعتزلي حتى جعله مذهباً رسمياً للدولة.

منذ العام 800 م بدأت عدة مناطق تعلن استقلالها عن الدولة العباسية وتحولت إلى إمارات أو ممالك تحكمها سلالات متعددة. بعد مقتل المتوكل (847-861) بدأت قوة الدولة تتراجع، حتى أنه في النهاية وقع الخلفاء العباسيين تحت سيطرة العديد من السلالات ذات الطابع العسكري، البويهيون (945-1055)، السلاجقة (1055-1194) و شاهات خوارزم (1192-1220)، و حصرت سلطة الخلفاء رمزياً في الجانب الديني فقط. استطاع الخليفة الناصر (1180-1225) أن يعيد إلى الخلافة بعضا من سلطتها وأن يستقل بها بعض الشيء. آخر الخلفاء المستعصم (1242-1258) الذي رفض أن ينظم إلى معاهدة السلام التي عرضها عليه المغول ، فكان أن سقط ضحية للعاصفة المغولية. قامت بعد ذلك خلافة عباسية رمزية في القاهرة 1260-1517 تحت وصاية المماليك.


مقارنة بين دولة العباسيين ودولة الأمويين
جاء في أطلس تاريخ الإسلام (ص51): "إن الدولة العباسية لو تنبهت إلى حقيقة وظيفتها كدولة إسلامية، وهي نشر الإسلام لا مجرد المحافظة عليه كما وجدته، لو أنها قامت برسالتها وأدخلت كل الترك والمغول في الإسلام، لأدت للإسلام والحضارة الإنسانية أجَلَّ الخدمات، ولغيّرت صفحات التاريخ. وهكذا تكون الدولة العباسية قد خذلت الإسلام في الشرق والغرب. فهي في الشرق لم تتقدم وتُدخل كل الأتراك والمغول في الإسلام، كما تمكنت الدولة الأموية من إدخال الإيرانيين ومعظم الأتراك في الإسلام وفتحت أبواب الهند لهذا الدين. وفي الغرب قعدت الدولة العباسية عن فتح القسطنطينية. ولو أنها فعلت ذلك لدخل أجناس الصقالبة والخزر والبلغار الأتراك في الإسلام تبعاً لذلك، إذ لم تكن قد بقيت أمام هذه الأجناس العظيمة أية ديانة سماوية أخرى يدخلونها. وهنا ندرك الفرق الجسيم بين الدولة الأموية والدولة العباسية. فالأولى أوسعت للإسلام مكاناً في معظم أراضي الدولة البيزنطية، وأدخلت أجناس البربر جميعاً في الإسلام، ثم انتزعت شبه جزيرة أيبريا (الأندلس) من القوط الغربيين، ثم اقتحمت على الفرنجة والبرغنديين واللومبارد بلادهم بالإسلام، وحاولت ثلاث مرات الاستيلاء على القسطنطنية. أما العباسيون فلم يضيفوا -رغم طول عمر دولتهم- إلى عالم الإسلام إلا القليل، ومعظمه في شرقي آسيا الصغرى".


لمحات من التاريخ العباسي
تولت حكم الدولة العربية الإسلامية (750-1258). بدأت الدعوة العباسية عام 718 تحت زعامة محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثم ابنه إبراهيم الإمام الذي أسند إلى أبي مسلم الخراساني مهمة قيادة الدعوة في خراسان. أعلن أبو مسلم الثورة على الأمويين عام 747، بعد ثلاث سنوات انتصر العباسيون وأسروا مروان بن محمد ، آخر الخلفاء الأمويين. وقعت المعركة الفاصلة بين العباسيين والأمويين في على ضفة الزاب الكبير، وكانت الغلبة للعباسيين، الذين استهلوا عهدهم بملاحقة الأمويين وتعذيبهم، ففر منهم عبد الرحمن الداخل ليؤسس دولة أموية مستقلة في الأندلس. كان أول خلفائهم أبو العباس (الملقب بالسفاح)، خلفه أخوه أبو جعفر المنصور، الذي بنى مدينة بغداد في العراق ، ونقل إليها عاصمة الخلافة الإسلامية من دمشق ، وأخمد الثورات التي قامت ضد العباسيين في بلاد فارس.

احدث قيام الدولة العباسية تغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة في البلاد الإسلامية، فبينما اعتمد الأمويون على دعم القبائل العربية، فإن العباسيين استندوا إلى الدين وقربوا إليهم العلماء والفقهاء، وحققوا المساواة بين العرب والمسلمين الأعاجم (الموالي) الذين صاروا يتولون أعلى المناصب في الدولة، وصار للعناصر التركية والفارسية دور كبير في الجيش.

بلغت الدولة العباسية أوج ازدهارها في عهد الخليفة هارون الرشيد وابنه عبد الله المأمون . ففي عهدهما بلغت بغداد أوج عمرانها وسيطرتها على أجزاء الدولة المترامية من المغرب حتى حدود الصين. كما توغلت الجيوش العباسية في آسيا الصغرى واضطر الإمبراطور البيزنطي لدفع الجزية حتى عن شخصه. كانت خلافة المعتصم (842-847) نقطة تحول أخرى، فقد اعتمد بشكل كبير على العناصر التركية في الجيش، ونقل عاصمة الدولة إلى سامراء.

في نهاية القرن التاسع الميلادي، بدأ الخلفاء العباسيون يفقدون سيطرتهم على البلاد، مع تزايد نفوذ الموالي ونفوذ الولاة وحكام المدن والمناطق. وبدأت الدولة بالانهيار فانفصلت عنها عدة دويلات كالدولة الإخشيدية، والطولونية (مصر) و الفاطمية (شمال أفريقيا) والطاهرية (خراسان) والصفارية والزيدية العلوية (بلاد فارس وما وراء النهر). باتت سلطات الخليفة العباسي لا تتعدى حدود بغداد تقريباً، ووصلت إلى نهايتها عندما دخلت جيوش المغول بقيادة هولاكو بغداد، فأحرقتها ودمرتها وقتلت الخليفة المستعصم عام 1258.


قائمة الخلفاء
الحاكم الحياة الحكم
1 أبو العباس عبد الله السفاح 727-754 750-754
2 أبو جعفر عبد الله المنصور 714-775 754-775
3 أبو عبد الله محمد المهدي 746-812 775-786
4 أبو محمد موسى الهادي 766-787 786-787
5 أبو جعفر هارون الرشيد 766-809 787-809
6 أبو عبد الله محمد الامين 787-814 809-814
7 أبو العباس عبد الله المأمون 787-833 814-833
8 أبو إسحاق محمد المعتصم بالله 797-842 833-842
9 أبو جعفر هارون الواثق بالله 812-847 842-847
10 أبو الفضل جعفر المتوكل على الله 821-862 847-862
11 أبو جعفر محمد المنتصر بالله 837-862 862-862
12 أبو العباس أحمد المستعين بالله 836-866 862-866
13 أبو عبد الله محمد المعتز بالله 847-869 866-869
14 أبو إسحاق محمد المهتدي بالله ....-870 869-870
15 أبو العباس أحمد المعتمد على الله 844-893 870-893
16 أبو العباس أحمد المعتضد بالله 857-902 893-902
17 أبو أحمد علي المكتفي بالله 878-908 902-908
18 أبو الفضل جعفر المقتدر بالله 895-931 908-931
19 أبو منصور محمد القاهر بالله 899-951 931-934
20 أبو العباس محمد الراضي بالله 910-941 934-980
21 أبو إسحاق إبراهيم المتقي لله 908-968 941-943
22 أبو القاسم عبد الله المستكفي بالله 905-950 945-946
23 أبو القاسم الفضل المطيع لله 914-975 946-974
24 أبو بكر عبد الكريم الطائع بالله 932-1003 974-991
25 أبو العباس أحمد القادر بالله 948-1031 991-1031
26 أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله 1001-1075 1031-1075
27 أبو القاسم عبد الله المقتدي بأمر الله 1056-1094 1075-1094
28 أبو العباس أحمد المستظهر بالله 1078-1118 1094-1118
29 أبو المنصور الفضل المسترشد بالله 1092-1135 1118-1135
30 أبو جعفر منصور الراشد بالله 1109-1138 1135-1136
31 أبو عبد الله محمد المقتفي لأمر الله 1096-1160 1136-1160
32 أبو المظفر يوسف المستنجد بالله 1124-1171 1160-1171
33 أبو محمد الحسن المستضئ بأمر الله 1142-1180 1171-1180
34 أبو العباس أحمد الناصر لدين الله 1158-1225 1180-1225
35 أبو النصر محمد الظاهر بأمر الله 1176-1226 1225-1226
36 أبو جعفر منصور المسنتصر بالله 1192-1243 1226-1243
37 أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله 1213-1258 1243-1258


عوامل سقوط الخلافة العباسية
1-سيطرة نفوذ الأتراك والبويهيون والسلاجقة. 2-تولية العهد لاكثر من واحد 3-قريب العناصر غير العربية والاعتماد عليهم في الجيش والادارة. 4-ضعف الخلفاء وتهاونهم وعدم اهتمامهم باستقلال بعض الولاة لا سيما الاقاليم البعيدة. 5-ظهور الشعوبية ومحاولاتها المستمرة الخروج عن العرب والمسلمين. 6-منافسة العلويين للعباسين منذ تكوين الدولة حتى سقوطها. 7-تعرض العالم الاسلامي لخطرين : الخطر الصليبي من الغرب ، والخطر المغولي (التتار) من الشرق.


By احمد العبدالعالي
#1762
الطب والصيدله في العصر العباسي

ومن بين المجالات العلمية اللتي بزغت إبان العصر العباسي علمى الطب والصيدلة، ويرجع ذلك إلى الترجمة التى بلغت في العصر العباسى شأنًا عظميًا منذ خلافة أبى جعفر المنصور الذى كلف "جورجيس بن بختيشوع النسطورى" بتعريب كتب كثيرة في الطب عن الفارسية، وتوارثت أسرته بعد ذلك الترجمة والتأليف والتدريس. ويعتبر عهد الخليفة المأمون العصر الذهبى لازدهار حركة الترجمة والإنفاق عليها بسخاء، وقد برز في مجال الترجمة والتأليف "أبو يعقوب يوحنا بن ماسويه" الطبيب المسيحي الدمشقى، الذى عهد إليه الرشيد بترجمة الكثير من كتب الأطباء والحكماء مثل: "أبقراط"، و"جالينوس"، وغيرهما وخلف "يوحنا" تلميذه حنين بن إسحاق العبادي الملقب بشيخ تراجمة العصر العباسى. ولم يقتصر تأثير حركة الترجمة العلمية على إثراء المكتبات والمدارس بجل تراث القدماء، ولكن التأثير ظهر في صورة أهم من ذلك، وهى استيعاب القديم، والانطلاق بخطى سريعة إلى عهد جديد في التأليف الطبى. وبلغ التأليف بعد ذلك قمته كمًا وكيفًا بفضل عدد كبير من المبرزين في علوم الطب تميزوا بغزارة إنتاجهم، وعظمة ابتكاراتهم، وسلامة منهجهم وتفكيرهم.

وسنكتفى بضرب المثل من بين أعمال أشهر أربعة من الأطباء المسلمين هم: جالينوس العرب أبو بكر الرازى، وعميد الجراحة العربية أبو القاسم الزهراوى، والشيخ الرئيس ابن سينا الملقب بأرسطو الإسلام وأبقراطه، ونابغة عصره في الطب ابن النفيس. لقد قدم هؤلاء الرواد مع غيرهم خدمات جليلة للحضارة الإنسانية تتمثل في مؤلفاتهم القيمة التى نهلت منها أروبا في القرون الوسطى وظل معظهما يدرس في الجامعات الأوربية حتى عهد قريب الرازي اشتهر في الطب والكيمياء وجمع بينهما وبلغت مؤلفاته الطبية (56) كتابًا أشهرها: كتاب "الحاوى" ويقع في عشرة أجزاء يختص كل منها بطب عضو أو أكثر. وكتاب "المنصورى" وهو عشر مقالات في تشريح أعضاء الجسم كلها أهداها الرازى إلى المنصور بن إسحاق حوالى عام(293هـ). ورسالة "الجدرى والحصبة"، أول بحث في تاريخ الأمراض الوبائية. وكتاب "الحصى في الكلى والمثانة". وباقى كتب الرازى لا تقل أهمية عن كتبه المذكورة، فمثلا كتاب "برء ساعة" وفى كتب "إلى من لا يحضره الطبيب"، و"الطب الملوكى" و"فى قصص وحياة المرضى" اشتملت على موضوعات جديدة تشهد بعبقرية الرازى وإجادته وأمانته وأصالة منهجه العلمى في التأليف والبحث وظلت مكانته في القمة ووضعه المستشرقون والمشتغلون بتاريخ الطب أعظم طبيب أنجبته النهضة العلمية الإسلامية.

الزهراوي|أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي هو فخر الجراحة العربية، ويعتبر كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف" أكبر مؤلفاته وأشهرها؛ فهو موسوعة طبية تقع في ثلاثين جزءًا ومزودة بأكثر من مائتى شكل للأدوات والآلات الجراحية التى كان يستخدمها الزهراوى ومعظهما من ابتكاره، ولقد حظى هذا الكتاب باهتمام كبير لدى أطباء أوربا وترجم إلى اللاتينية بالبن ابن سينا|أبو على الحسين بن عبد الله بن سينا وهو الملقب بالشيخ الرئيس، والعالم الثالث للإنسانية بعد أرسطو والفارابى. ومؤلفاته تمتاز بالدقة والتعمق والسلاسة وحسن الترتيب، وهى كثيرة أشهرها "كتاب القانون" في الطب الذى فضله العرب على ما سبقه من مؤلفاته لأنه يجمع بين خلاصة الفكر اليونانى، ويمثل غاية ما وصلت إليه الحضارة العربية الإسلامية في مجال الطب. ويقع الكتاب في خمسة أجزاء تتناول علوم التشريح، ووظائف الأعضاء، وطبائع الأمراض، والصحة، والعلاج. وكتب ابن سينا في الطب ظلت المرجع العالمى لعدة قرون، واعتمدتها جامعات فرنسا وإيطاليا وبلجيكا أساسًا للتعليم حتى أواخر القرن الثامن عشر ابن النفيس

هو علاء الدين أبو الحسن على بن أبى الحزم القرشى المصرى، وكتب ابن النفيس في الطب عديدة ومتنوعة منها: كتاب في الرمد: وثان في الغذاء، وثالث في شرح فصول أبقراط، ورابع في مسائل "حنين بن إسحاق"، وخامس في تفاسير العلل والأسباب والأمراض، ومن أشهر أعمال ابن النفيس "موجز القانون"، وهو اختصار "القانون" لابن سينا وفى كتاب "شرح تشريح القانون" اهتم ابن النفيس بالقسم المتعلق بتشريح القلب والحنجرة والرئتين وتوصل إلى كشف الدورة الدموية الرئوية. وبالإضافة إلى هؤلاء الأقطاب يوجد عدد هائل من الأطباء المسلمين الذين نبغوا في مختلف مجالات الطب وتركوا بصماتهم المميزة في العديد من الابتكارات الأصيلة والمؤلفات الصافية التى اعتمد عليها الغرب. منهم: "زاد المسافر" لابن الجزار، و"تقويم الصحة" لابن بطلان، و"تقويم الأبدان" لابن جزلة، و "تذكرة الكحال" و"المنتخب في علاج أمراض العين" لعمار بن على الموصلى وغيرهم كثير.


منهج التأليف والبحث في علوم الطب والصيدلة
اتخذ الأطباء والصيادلة منهاجًا قائمًا على أساس علمى سليم يقوم على بيان أثر التغذية في الإسقام والإبراء، ومنهم من كان يعتمد في وصف العلاج على تنظيم الغذاء بدلاً من الاعتماد الكلى على الأدوية المفردة أو المركبة. فقال الرازى: "مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية، ومهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب"، بالإضافة إلى ذلك اتبع العلماء من صيادلة وأطباء منهجًا علميًا يقوم على التجربة والمشاهدة، وقد انعكست كل هذه الفلسفات في كل ما كتب عن علم العقاقير والعلاج بالأدوية سواءً ضمن التآليف الطبية أو في مصنفات مستقلة، الأمر الذى جعل هذه المصنفات تحظى باهتمام علماء الشرق والغرب.

وقد مر علم الصيدلة شأنه شأن العلوم الأخرى بمرحلة الترجمة ثم مرحلة التلخيص والشرح، وأخيرًا وصل إلى مرحلة الكشف والابتكار في العصر الذهبى للحضارة الإسلامية ابتداء من القرن العاشر الميلادى وحتى أواخر القرن الثالث عشر. فبالنسبة لمرحلة الترجمة فقد نقل حنين بن إسحاق كتاب "ذياسقوريذوس" عن "الأدوية المفردة" ونقل مرة أخرى أيام عبد الرحمن الثالث. وكذلك اهتم "حنين بن اسحاق" بترجمة مؤلفات "جالينوس" في الطب والصيدلة.

ثم جاءت بعد ذلك مرحلة التلخيص والشرح، وقد تميز بها القرن الثانى الهجرى، إذ وضع حنين بن اسحاق كتابًا في تدبير الناقهين وفى الأدوية المسهلة والأغذية ووضع يوحنا بن ماسويه كتاب "الأغذية" وصنف على بن الطبرى كتاب "منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير" وكان علي أستاذًا لأبى بكر الرازى والكندى الذى ألف كتابًا في "الغذاء والدواء" وكتاب "الأبخرة المصلحة للجو من الأوباء"، وكتاب "الأدوية المشفية من الروائح المؤذية"، وكتاب "كيفية إسهال الأدوية"، وكتاب "أشفية السموم" وكتاب في "الأقربازين" وكلها جاء ذكرها في كتاب "أخبار العلماء بأخبار الحكماء" للقفطى. ووصل التقدم إلى مرحلة النضوج الفكرى والعلمى والمقدرة على الابتكار واستخلاص النظريات السليمة بعد بحث ونقد وتجربة. فقد ظهر العديد من نوابغ الطب والصيدلة وأثروا المكتبة العربية والإسلامية بإنتاتجهم الغزير ودراساتهم الأصيلة، ومن ذلك على سبيل المثال:

1-كتاب "منافع الأغذية" لأبى بكر الرازى، ويتكون من (19) بابًا، يتحدث فيه عن منافع العديد من الأطعمة ويبين مضار هذه الأغذية والأحوال التى ينبغى فيها تناولها. وللرازي مؤلفات أخرى مثل: "سر الأسرار"، و"المرشد"، و"صيدلة الطب"، و"الحاوى"، وفيها يعرض لصفات الأدوية وألوانها وطعومها وروائحها ومعادنها.

2-كتاب "الملكى" أو "كامل الصناعة الطبية" لعلي بن العباس المجوسي، خصص الجزء الثانى منه للمداواة وطرق العلاج.

3-وهناك مؤلفات أخرى عديدة لا يتسع المجال لحصرها مثل: كتاب "التصريف" للزهراوي، وفيه تحدث عن الأدوية بأنواعها المختلفة وطبائعها ومثل: "نزهة النفوس والأفكار من معرفة النبات والأحجار والأشجار" لعبد الرحمن الداوودي الأندلسي، و"تذكرة أولى الألباب"، و"الجامع للعجب العجاب" لداوود الأنطاكي، و"الإفادة والاعتبار" للبغدادى، و"الجامع لصفات أشتات النبات" للإدريسي، و"الجامع في الأشربة والمعجونات" لابن زهر، و"الأدوية المفردة" لابن وافد، و"العقاقير" لماسويه المارديتي.

ويتضح من المؤلفات الطبية العديدة التى وصلتنا من تراث الحضارة العربية الإسلامية أن المنهج التجريبى في أدق تفاصيله المعروفة لنا حاليًا كان هو أسلوب المسلمين في ممارسة الطب وتدريسه. وينقسم الأطباء من هذه الزاوية إلى مجموعتين في رأى "سارتون".

الأولى: مجموعة الممارسين الذين اهتموا في المقام الأول بالمريض والتشخيص والعلاج معتمدين على المشاهدات والملاحظات، والفلسفة عندهم وسيلة لبلوغ هذه الغاية ويمثل ذلك أبوبكرالرازى. والفريق الثانى فريق المدرسين الذين درسوا الطب على أنه جزء من المعرفة لاغنى عنه، وسعيهم إلى استكمال المعرفة فمارسوه بأسلوب منطقى، لهذا أطلق عليهم "الفلاسفة الأطباء" ويمثلهم "ابن سينا". وجلى أن كلا الفريقين يتبع المنهج التجربيى.

ويؤكد "ابن سينا" على أهمية اتباع المنهج التجربيى والتريث قبل استخلاص النتائج فيقول: "علينا ألا نثق بنتائج تحليل البول إلا بشروط: أن يكون البول أول بول المريض، وألا يكون المريض قد شرب ماء بكثرة، ويحب على المريض ألا يقوم بحركات خاصة أو يتبع نظام على غير عادته، وكذلك البراز". وأسلوب الرازى لا يختلف هو الآخر عن أسلوب الطب الحديث الذى يتبعه الأطباء المعاصرون، فهو يرى أن الطبيب يحتاج في استدلال علل الأعضاء الباطنة إلى العلم بجواهرها أولاً، بأن تكون شوهدت بالتشريح، وإلى العلم بمواضعها من البدن، وإلى العلم بأفعالها، وإلى العلم بأعظامها، وإلى العلم بما تحتوى عليه "المورفولوجيا"، وإلى العلم بفضولها لأنه من لا يعرف ذلك لم يكن علاجه على صواب.

ومن ناحية أخرى أدرك أطباء العرب والمسلمين أن الطب السريرى، والتعرف على تاريخ المرض، وتسجيل الملاحظات الإكلينيكية، ونتائج الفحوص، والمعاينة، ومراقبة تغيراتها هى أمور لا يمكن الاستغناء عنها. وكان الرازى بارعًا في ذلك. كما كان الرازى هو أول من جرب تأثيرالعقاقير الجديدة على الحيوان وخصوصًا على القردة، وذلك لاستخلاص النتائج التى يستصوبها قبل أن يصف العلاج للإنسان. وإدراكًا من العرب والمسلمين في عصر النهضة لأهمية الطريقة العملية إلى جانب الدراسة النظرية في تعليم الطب؛ فإنهم أدخلوا نظام الامتحانات وإعطاء الإجازات بعد اكتشاف الخبرة من مخالطة المرضى في المستشفيات ومقارنة ما تلقوه نظريًا بما يشاهدونه عمليًا. وفى الحالات المرضية المستعصية أو العمليات الجراحية الكبيرة كان يستدعى عدد من الأطباء المتخصصين للتشاور على قرار "الكونسلتو". مآثر الحضارة الإسلامية في الطب والصيدلة:

كان العلماء المسلمون في مجال الطب القدح المعلى، سواءً في فن الترجمة والتأليف، أو في اتباع المنهج العلمى السليم، أو في السبق إلى العديد من الاكتشافات والاختراعات التى لا يزال العالم ينعم بثمارها وفوائدها حتى الآن. وسنكتفى بذكر بعض أهم الآثار والمآثر على سبيل المثال لا الحصر التى أثرت بصورة مباشرة فيما يسمى بعصر النهضة الأوربية وأصبحت الأساس العلمى الذى قام عليه الطب:

1- اتباع المنهج العلمى التجريبى سواءً في التأليف، أو في البحث والتطبيق حيث كانت تجرى الاختبارات على الأدوية قبل استعمالها لمعرفة طبائعها، ومدى صلاحيتها، وقوة تأثيرها، وآثارها الجانبية، وقوتها الشفائية. بجانب تغليف الأدوية المرة بغلاف من السكر أو عصير الفاكهة لكى يستسيغها المرضى كما فعل الرازى، أو تغليفها بالذهب والفضة المفيدين للقلب كما فعل ابن سينا.

2- الأخذ بنظام التخصص في الطب وعدم السماح بممارسته إلا بعد اجتياز امتحان في كتب التخصص المعروفة للتأكد من سعة ثقافة الطلاب النظرية والعملية في مجال تخصصهم. وكذلك اهتموا بالصيدلة كعلم مستقل له قواعده وفروعه ومنهاجه العلمى السليم القائم على المشاهدة والتجربة ووضعوا علم "الأقرباذين"، مع تنظيم مهنة الصيدلة وإخضاعها لنظام الحسبة لتفادى غش الأدوية والإتجار فيها واختيار نقيب للصيادلة.

3- الاهتمام بعلم التشريح والتشريح المقارن وجعل دراسته أساسًا لكل فروع الطب وممارسته ضرورية لفهم وظائف الأعضاء.

4-تقدم علم الجراحة ورفع شأنه بين فروع الطب بفضل العديد من الأطباء العرب والمسلمين الذين برعوا في إجراء العمليات الجراحية بآلات وأدوات مناسبة واستخدموا الأوتار الجلدية وأمعاء القطط والحيوانات الأخرى في تحنيط الجروح.

5- اكتشاف الدورة الدموية الصغرى على يد ابن النفيس الذى سجله في كتابه الشهير "شرح تشريح القانون". وتوصلوا في الصيدلة إلىعمل الترياق المؤلف من عشرات الأدوية، مثل ذلك "شراب الأصول" الذى ألفه موسى بن العازر في عهد المعز العلوي، ويذكر جمال القفطى أن الرشيد عندما أصيب بصداع ذات يوم شديد الحر وكاد الصداع يذهب بصره فأحضر له جميع الأطباء ولكنهم اختلفوا حوله فقام "أبو قريش عيسى الصيدلاني" ودعا بدهن بنفسج وماء ورد وخل خمر وجعلها في مضربة وضربها على راحته حتى اختلط الجميع ووضعها على رأسه حتى سكن الصداع وشفى. واكتشفوا العديد من العقاقير التى لا تزال تحتفظ بأسمائها العربية في اللغات الأجنبية مثل: الحناء، والحنظل، والكافور، والكركم، والكمون.

6- اكتشاف طفيلية "الإنكلستوما" على يد الشيخ الرئيس ابن سينا الذى وصفها بالتفصيل لأول مرة فىكتابه "القانون في الطب" وسماها الدودة المستديرة، وتحدث عن أعراض المرض إلى تسببه.

7- اكتشاف مرض الجدرى ووصف الأعرض التى تميز بينه وبين مريض الحصبة لتشابه الأطوار الأولى للمرضين، وقد سجل الرازى هذا الاكتشاف في رسالة هى الأولى من نوعها عن الجدرى والحصبة، وأشار إلى انتقالهما بالعدوى، وإلى التشوهات التى تحدث من جرائهما.

8- الاهتداء إلى الكثير من الأمراض الباطنية والجلدية والأمراض المعدية أو السارية كما سموها؛ فاكتشف ابن زهر سرطان المعدة، واكتشف ابن سينا داء الفيلاريا والجمرة الخبيثة المسببة للحمى الفارسية. واكتشف الطبرى الحشرات المسببة لداء الجرب، وعالجه "ابن زهر"، وأدرك الطبيب الأندلسي "ابن الخطيب" خطر العدوى بالطاعون الذى انتشر عام (1345م). ويرجع الفضل للأطباء المسلمين في أنهم حققوا نجاحات كبيرة في مجال التشخيص المقارن للأمراض المتشابهة في أعراضها مثل الجدرى والحصبة والتهاب الكبد والالتهاب الرئوى والبللوراوى، وحالات الروماتيزم' ومرض النقرس. واهتم علماء المسلمين بتحضير أدوية جديدة من أصول نباتية ومعدنية وحيوانية وابتكار المعالجة المعتمدة على الكيمياء الطبية ويعتبر الرازى أول من جعل الكيمياء في خدمة الطب فاستحضر الكثير من المركبات.

9- الاهتمام بطب الأمراض العصبية وأثر الوهم والعوامل النفسية في إحداث الأمراض العضوية. ويعتبر أبو بكر الرازي أول من وضع أصول هذا العلم وألف فيه كتابًا أسماه "الطب الروحانى". كذلك دراسة ابن سينا للنبض وحالاته دراسة وافية وبين أثر العوامل النفسية في اضطرابه، وتوسع في دراسة الأمراض العصبية والنفسية.

10- تحقيق اكتشافات عظيمة وتجديدات هامة في طب النساء والتوليد وطب الأطفال. فقد درس ابن سينا أحوال العقم وعرف أن حالة منها تنشأ من فقدان الوفاق النفسى والطبيعى بين الزوجين. وأبو القاسم الزهراوي أمير الجراحة أدخل آلات حديثة وعلاجات جديدة وطور طرق التوليد، وأوصى بولادة الحوض ولكنها نسبت لغيرة وعرفت بطريقة "فالشر". كما اهتم الأطباء المسلمون بطب الأطفال.

11- إقامة المستشفيات كدور لعلاج المرضى ومعاهد لتعليم الطب وألحقوا بها الصيدليات . ومن بين المستشفيات ما كان ثابتًا في المكان الذى أقيم عليه أو متنقلاً من مكان لآخر، وأول مستوصف في الإسلام هو الذى أمر الرسول عليه السلام بإنشائه أثناء معركة الخندق (5هـ) على هيئة خيمة، وتطورت المستشفيات في عهد العباسيين تطورًا كبيرًا وتزايد عددها في حواضر العالم الإسلامى.


انتقال الطب إلى أوربا
إن الطب في أوربا مدين لأطباء العرب والمسلمين في عصر النهضة الإسلامية، وذلك منذ القرن الحادى عشر الميلادى الخامس الهجرى، فقد جدوا في نقله والاستفادة منه كلما لاحت لهم الفرصة واتجهوا إلى ترجمة المراجع العلمية العربية منذ عهد مبكر .
صورة العضو الرمزية
By مثايل القحطاني
#1783
تشكر عالمووضوووع اخوي احمد:::::::::

تقبل مروري::::::::::::: :)
By احمد العبدالعالي
#1835
العفو اختي... جزيتي خيراً على الزيارة