لعلنا نتفق أن القطبين الأكثر أهمية في التكوين الاجتماعي هما الرجل والمرأة، فكلاهما يكاد يشكل نسبة تصل الى النصف في الغالب في تكون المجتمع، مع اختلاف الأدوار المناطة بكل منهما، بمعنى ينبغي أن يكون هذان الطرفان في حالة تعاون دائم من اجل البناء، وإنّ تلكؤ احدهما او غياب دوره بصورة تامة او بنسبة عالية، يعني زيادة الأعباء على الطرف الآخر.
وقد أفرزت هذه الحالة نوعا من الصراع بين الاثنين، ونوعا من نزعة التسلط على الآخر، ولأن الرجل يتمتع بقدرات جسمية تفوق قدرات المرأة، لذلك غالبا ما كانت تنطلق شكاوى النساء من ان الرجال يسلبون حقوقهن في الغالب من اجل تحقيق السيطرة التامة على المجتمع،
ان دور المرأة في المجتمع، اصبح قضية على مستوى عالي من الأهمية. فلا يمكن لأي مجتمع مهما كانت صفاتة وخصوصياتة التقليل من دورها، حيث ان قضيتها لا يمكن توصيفها على انها التماس مطالب او منحها بعض الحقوق، بل ان قضيتها هو تمكينها من اخذ دورها كاملا في بناء الوطن وتنميتة. نريد للمرأة مكانة منصفة في مجتمعنا، انها العمق الثقافي والحضاري لمرحلة توأطر لثقافة المشاركة الكاملة في الحياة العملية والاجتماعية والسياسية، فلا يمكن ان ندعوا للتقدم والتنمية والتحضر، والمرأة مسلوبة الارادة، وقابعة خلف جدران المنزل ، تنتظر ولى امرها لتبدو لة في غاية الاناقة والجاهزية . نريد لها دورا مميزا وفاعلا ومكملا لدور اخيها الرجل في عملية البناء والنهوض الحضاري والثقافي .اي ان نركز على تغيير نظرة وثقافة المجتمع تجاهها، وتطويرالرؤية في النظر للمرأة على انها جزء مكمل للرجل في بناء المجتمع الحديث المستند على اسس متينة من العلم والثقافة والابداع .
لقد يواجه دور المرأة في بناء المجتمع عدة اتجاهات وهي على النحو الأتي:
1ـ الاتجاه الاول الذي أفرزته ظروف التخلّف والوعي الحضاري غير السليم، وهو الاتجاه القائم على أساس الاستهانة بشخصيّة المرأة، وكبت إرادتها، وتغييب دورها الاجتماعي والإنساني إلى جنب الرّجل. وهو الاتجاه المتوارث من التقاليد والأعراف الناشئة عن الجهل بالإسلام وظروف التسلّط، واستعلاء الرّجل، والتخلّف الفكري .
2 ـ الاتجاه الثاني( المادي) : الذي تنادي به الحضارة المادية الغربية، وهو الاتجاه المنادي بالإباحة الجنسية الذي يقود الى تدمير العلاقات الأسرية، وتسليط الاضطهاد والظلم على المرأة بأسلوب وطريقة أخرى، تحت شعار (حقوق المرأة) و (الحقوق الجنسية) ... الخ ، والذي جعل المرأة ضحيّة الاستمتاع والاغتصاب الجنسي والأمراض الجنسية .
3 ـ الاتجاه الثالث( الإسلامي) : وهو الاتجاه الذي آمن بوحدة النوع الإنساني، ونظَّم العلاقة بين الرّجل والمرأة على أساس الاحترام والتعاون في بناء المجتمع حيث منحها حق التملك وفق ضوابط شرعية بعد ان كانت محرومة من هذا الحق، وكذلك حق التعليم وغيره، ثم هناك التوجيهات المباشرة لتحسين سلوك النساء والارتفاع بمستوى المرأة الأخلاقي والمعنوي من خلال تعاليم الدين الاسلامي الحنيف، فالتبرج على سبيل المثال كان اسلوبا تجميليا تتصف به الجاهلية، لذلك حث الاسلام المرأة على اهمية ان تبتعد عن مثل هذه السلوكيات التي تتجاوز على انسانيتها.
من هنا بدأ دور المرأة المسلمة بالبروز والتبلور وصار لها حيزا واضحا في النشاط الاجتماعي، ومع اننا نقر بوجود النزعة التسلطية لدى الرجل في تعامله مع المرأة، إلاّ ان الاسلام وضع البنود اللازمة لتنظيم علاقة الرجل بالمرأة وأسس لحقوق نسوية لايجوز التطاول عليها. وتنظيم العلاقات الجنسية لا على أساس إباحة جسد المرأة، والاستمتاع به، وهدم أسس الروابط الأسريّة، كما يحدث الآن في أوربا وأمريكا وروسيا والصين واليابان، وغيرها من بلدان العالم المتأثِّرة بتيّار الحضارة الماديّة، بل على أساس احترام انسانيّة المرأة، ومنحها حقّها كإنسان له خصائصه وحقوقه، ومقوّمات شخصيّته.
واخيراً اود القول ان اعداء المرأة ، يعيشون اليوم واقعا مرا وقاسيا كلما خطت المرأة خطوة الى الامام واصبحت تمتلك قرارها ، وارادة التعبير الحر عن نفسها . ان التيار الذي يحتقر المرأة، ويحاول الاستخفاف بمكانتها والحط من كرامتها، ويريد ان يلغي دورها بالمساهمة في بناء المجتمع المتحضر،اراهـ كمن يسير دون عصا يتوكأ عليها عاجزا عن السير الى الامام.
قال لقمان :
" إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيه أناس كثير ..
فلتكن سفينتك تقوى الله : )