منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

#22612
فن السياسة بين الماوردي والفكر المكيافيلي
ايس ثمة أدنا شك في أن الفكرة الأكثر شيوعا بصدد عالم السياسة بأنه عالم لا يعرف الاخلاقيات ولا يعترف إلا بالمصالح وبالتالي فإنه على كل حاكم يريد لسبطانه البقاء أن لا يشغل نفسه كثيرا بالمثل و القيم كمحدد لسلوكه السياسي وأن يلجأ في سبيل تدعيم حكمه إلى سائر الأفعال المتاحة حتى لو كانت منافية للأخلاق ومقرونة بالرذائل0
إن مرد هذه الفكرة ترجع إلى المفكر الإيطالي نيقولا مكيافيللي الذي يعتبره الكثير رائد فن السياسة 0 والسؤال المهم هل الفصل بين السياسة والأخلاق هي فكرة مقبولة في التصور الإسلامي أم لا ؟
أولا: إطلالة على قواعد فن الحكم في الفكر المكيافيللي:-
ولد مكيافيللي في مدينة فلورنسا الإيطالية عام 1468 وكان الوضع السياسي في تلك الفترة متأزم حيث كانت الانقسامات في الدولة والحروب كثيرة وقد أثرت هذه الحروب على فكر مكيافيللي
وقد أصبحت القوة والخديعة والحيلة مفاتيح النجاح في ذلك الوقت أما الصدق الإيمان فأصبحت وساوس صبيانية لا يكاد يعترف بها حتى المثقفين والمستنيرين في ذلك الوقت0
يقول مكيافيللي أنه على الأمير الناجح والراغب في دوام سلطانه أن لا يعبأ كثيرا بالفضائل لأن الغرض من السياسة هو الحفاظ على القوة السياسية وتدعيمها وهذا هو معيار السياسي الناجح من عدمه سواء كان طيبا أم قاسي في تعامله
ولمكيافيللي عدة مبادئ أخرى مثل إن يكون الأمير كريم وبخيلا في نفس الوقت وأن يكو ن محبوبا ومرعب يخافه الناس في نفس الوقت وأن لايقوم بالأفعال التي تورث الحقد عليه على المدى البعيد
وإن أكثر المبادئ وأشهرها لمكيافيللي وأن الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت هذه الوسيلة أخلاقية أم لا وهذا ما على الأمير فعله لمصلحة الدولة

ثانيا:فن الساسة في فكر الماوردي:-
إن الناظر في مصنفات الماوردي المختلفة سرعان ما يدرك أن موضوع فن السياسة قد أستأثر بجانب كبير من اهتمامه وحظي بنصيب وافر من عنايته إذ راح الشيخ يقدم للحاكم مجموعة من قواعد السلوك السياسي التي إذا ألتزم بها يستقيم له سلطانه السياسي ويدعم له أركان حكمه ويصلح حال الراعي و الرعية وقد أستمد قواعده من خبرته وتجاربه السياسية التي أستمدها من واقع عصره ومن الناحية الأخرى من قراءاته لكثير من أنظمة الحكم لحضارات أخرى مثل الإغريق والهند والصين والفرس وغيرها من الحضارات
ويبدأ الشيخ بنصح السلطان بالتمسك بناصية الأخلاق والفضائل باعتبارها درة تاجه وزينة صولجانه وأن يكون متبني لمكارم الأخلاق لأنه مرآة لشعبه
ويذهب الشيخ بعد ذلك بنصح الأمير بالتواضع وعدم الغرور لأن مقدار الأمراء والسلاطين وبما يقدمونه من أعمال ومنجزات لأوطانهم وشعوبهم
كما أن على الأمير أن ينتبه من المدح الأتي من المنافين الذين لا يريدون غير المال وأن يميز بين الناصح الأمين وبين المنافق لأنه إذا ركن المنافقين فإنه قد أعمى بصيرته وخسر الأمناء و الناصحين من أصحابه ومستشاريه وذلك بسبب التكبر والغرور ومدى تأثير المح فيه وبذلك قد يخسر أيضا ثقة شعبه فيه
و القاعدة التالية التي أوردها الماوردي هي ضبط اللسان فعلى السلطان الصمت وعدم التكلم إلا في الحالات المقتضبة لذلك وعم الإكثار في الحديث دونما حاجة وأن عليه أن يفكر في كلامه قبل أن ينطق به وأن يعرف معناه ومردداته لأنه لا يستطيع التراجع عنه بعد قوله وأنه سيكون محط الأنظار من الجميع
كما يتحدث الماوردي عن قاعدة أخرى مهمة بالنسبة للسلطان وهي كتمان السر وعدم إظهار مكنونات صدره للآخرين وأيضا ضبط إمارات الوجه لأنها تبين للأخريين مدى تأثرك بما قالوه أو ما تسمع من أنباء0