- الثلاثاء مايو 25, 2010 3:02 pm
#27082
- أزمة مراكش الأولى عام ١٩٠٥مـ . - أزمة مراكش الثانية عام ١٩١١ مـ
- آزمة مراكش الأولى عام ١٩٠٥ :
كانت فرنسا قد اطمأنت إلى أن الوفاق الذي تم بينها وبين إنجلترا سوف يطلق يدها لإتمام مشروعاتها بضم مراكش إلى الإمبراطورية الأفريقية ، وكان «ديلكاسيه» وزير خارجية فرنسا قد سبق له أن فاوض أسبانيا بشأن تقسيم مراكش ، وقنعت أسبانيا بالاستيلاء علي الشريط الساحلي من مراكش الذي يوتجه الساحل الأسباني عن جبل طارق ، وهو إقليم الريف .
كذلك اتفقت فرنسا مع إيطاليا علي ألاتعارضها في نظير ألاتقف فرنسا في سبيلها إذا دخلت إيطاليا في حرب مع تركيا ، كي تنتزع منها طرابلس.
بقي أمام فرنسا معارضة ألمانيا التي كانت تهتم بمراكش ، وتعمل جاهدة على منع فرنسا من بسط سيطرتها عليها.
وبينما كان الإمبراطور فيليهلم الثاني في رحلته البحرية في مياة البحر الأبيض المتوسط ، إذا به يقطع رحلته ، وينزل في ميناء طنجه ، ويخطب خطبة خطيرة تناقلتها الصحف في العالم في الحال ، خاطب فيها سلطان مراكش، مؤكداً له أن ألمانيا تعتبره سلطاناً مستقلاً ، ثم أضيف قوله : « وإني آمل أن تحافظ مراكش فيظل هذا الاستقلال على سيسة البيت المفتوح لجميع الأمم على السواء ، فلا يكون لدولة فيها امتياز على أخرى ، فلا رحتكار ، ولا استعمار ، ولتكن السياسية التي تتبعها مراكش مع الدول أساسها المساواة المطلقة » .
وهكذا كانت كلمة الإمبراطور الألماني نذيراً بأن ألمانيا لاتعترف بما جاء في إتفاقية ١٩٠٤ ، وعلى الأخص فيما يختص بإطلاق يد فرنسا في مراكش ، ثم إقترح الإمبراطور بعد ذلك رسمياً ، عقد مؤتمر دولي يبحث مسألة مراكش ، إلا أن «ديلكاسيه» وزير الخارجية الفرنسي عارض ذلك الإقتراح مطمئناً إلى تأييد إنجلترا ، ومع ذلك لم تبد إنجلترا أي إعتراض علي عقد المؤتمر ، فقدم «ديلكاسيه» إستقالته .
وقد اعتبر قبول الدول عقد الؤتمر إنتصاراً سياسياً لألمانيا ، ودلالة في نفس الوقت على ضعف دول الوفاق في ذلك العام بالذات ، إذ كانت روسيا قد هزمت في حربها ضد اليابان ، وخرجت من الحرب عاجزه كل العجز عن أن تقوم بتقديم أي معونة لحليفاتها فرنسا ، ركانت إنجلترا في الوقت نفسه لاترغب في قيام الحرب من أجل مراكش ، أما فرنسا ذاتها فلم تكن من القوة والإستعداد بحيث تعتمد علي نفسها .
مؤتمر الجزيرة ١٩٠٦ :
وعقد المؤتمر في بلدة في أسبانيا بالقرب من جبل طارق ، اسمها الجزيرة ، وكانت ألمانيا تضمر لفرنسا إبعادها عن مراكش ، إلي جانب جس نبض الوفاق الودي الذي عقد بين إنجلترا وفرنسا ١٩٠٤، ولكن الذي حدث جاء عكس ما أرادت ، فقد وقفت إنجلتر إلى جانب حليفتها فرنسا ، كذلك أيدتها حليفتها روسيا ، وجارتها وشريكتها أسبانيا ، كذلك أيدتها إيطاليا لأنها كانت قد عقدت مع فرنسا معاهدة الحياد ، ولم يساند ألمانيا في المؤتمر غير خلفيتها النمسا.
ولم يقف انتصار فرنسا في هذا المؤتمر عند هذا الحد ، إذ تقرر إنشاء قوة بوليسية في مركش يعهد بتنظينها إلى فرنسا وأسبانيا ، كل في منطقة نفوذها ، وأن تعمل كل منهما على تنفيذ ماتراه من إصلاحات ، وتاسس بنك تشرف عليه الدول الأربعة : فرنسا وإنجلترا وأسبانيا وألمانيا ، وأن تدير فرنسا وحدها شؤون الجمارك في الجزء المجاور لبلاد الجزائر ، وتدير أسبانيا مايقع منها في منطقة الريف .
أما ألمانيا فقد خرجت من هذا المؤتمر فاشلة حانقة ، ولم تنجح السياسية التي رسمها المستشار الألماني «بيلوف» الذي حاول حل الوفاق الودي بين إنجلترا وفرنسا ، بما أشار به على الإمبراطور فيلهيلم الثاني من النزول في طنجة ، وتصريحه بأن ألمانيا لاتستطيع أن تحتمل اتفاق الدولتين على إطلاق يد فرنسا في مراكش .
فشل معاهدة «بجركو» يوليو ١٩٠٥:
وعلى يخت الإمبراطور الألماني الذي كان يرسو أمام بلدة «بجركو» على خليج فنلندة ، التقى الإمبراطور الألماني فيلهيلم الثاني ، وقيصر روسيا نقولا الثاني ، وكان فيلهيلم يعتقد أن خروج روسيا منهزمة أمام اليابان سيضطرها إلى التقرب من ألمانيا.
لذا أقنع القيصر الروسي بتوقيع إتفاق تتعهد فيه روسيا وألمانيا بأن تضع كل منهما جيشها وأسلحتها تحت تصرف الأخري رن تعرضت إحداهما لهجوم إحدى الدول الأوربية ، وألا تعقد إحداهما صلحاً منفرداً.
وظنت ألمانيا زنها كسبت روسيا وأبعدتها عن دول الوفاق ، إلا أن أملها قد خاب ، إذ ما لبث وزراء قيصر روسيا زن أفنعوه بأن يعلن إلغاء معاهدة «بجركو» ، ثم طلب وزارة الخارجية الروسية من سفيرها في برلين أن يبلغ الحكومة الألمانية استحالة تنفيذ تلك المعاهدة ، لتناقضها مع المعاهدة الروسية الفرنسية .
وقد اعترفت فرنسا لروسيا بجميلها هذا، فأقرضتها ماكانت تحتاج إليه من المال ، لإصلاح شؤونها الإقتصادية ، وانتهزت الفرصة للتقريب بين روسيا وإنجلترا ، وكان بينهم الإتفاق المعروف سنة ١٩٠٧ الإتفاق بشأن منطقة فارس ، أن يكون لروسيا نفوذ في الشمال ، ولإنجلترا نفوذ في الجنوب ، ومنطقة الوسط تكون محايدة .
- آزمة مراكش الثانية عام ١٩١١ :
ظهرت في جو السياسية الأوربية أزمة أخرى بسبب ازدياد التدخل الفرنسي في مراكش ، وذلك على أثر قيام حروب داخلية بسبب ثورة أحد الأمراء «علي مولاي عبدالحفيظ» سلطان مراكش ، وقد استنجد السلطان بفرنسا لترسل إليه نجدة فرنسية ، فانتهزت فرنسا الفرصة وأرسلت حملة حربية فرنسية إلى فاس ، وكان ذلك في ربيع ١٩١١.
ولما سمعت ألمانيا بإفاد تلك الحملة ، هاجت وأرسلت في يوليو ١٩١١ طراداً ألمانياً إلى أغادير على ساحل مراكش المواجه للمحيط الأطلنطي بحجة حماية المصالح الألمانية من عدوان العصابات المراكشية المسلحة ، ولكنها في الواقع تقصد من ذلك القيام بمظاهرة بحريه رداً علي أطماع فرنسا في مراكش .
وكانت لتلك المظاهرة الألمانية البحرية رد فعل عاجل في باريس ولندن وروما ، فظل شبح الحرب ماثلاً عدة أسابيع وقفت خلالها إنجلترا تؤيد فرنسا ، وألقى «لويد جورج» خطبة غير لائقة ، أنذر فيها الحكومة الألمانية بأن إنجلترا لن تقف ساكنه إن وقعت الحرب ، وأنها لن تتخلى عن حليفتها فرنسا.
وبعد مساومات اكتفت ألمانيا بأن ترضى بضم جزء صغير من الكونغو الفرنسي إلى أملاكها في أفريقيا ، في مقابل وضع مراكش تحت نفوذ فرنسا وحدها دون سائر الدول ، وبعد مضي عام واحد اتفقت فرنسا مع «مولاي عبدالحفيظ» على أن يقبل حماية فرنسا لمراكش ماعدا طنجه والمنطقة الأسبانية في ٣٠ مارس ١٩١٢ .
وبهذا إنتهت مشكلة مراكش وخرجت ألمانيا منهزمة انهزاماً سياسياً آخر ، معتقدة أن الحرب هي الميدان الوحيد الذي تستطيع أن تنتصر فيه ، وأصبحت مراكش تحت الحماية الفرنسية .
أزمتي مراكش
(( الأولى ١٩٠٥مـ / الثانية ١٩١١مـ ))
- أزمة مراكش الأولى عام ١٩٠٥مـ . - أزمة مراكش الثانية عام ١٩١١ مـ
- آزمة مراكش الأولى عام ١٩٠٥ :
كانت فرنسا قد اطمأنت إلى أن الوفاق الذي تم بينها وبين إنجلترا سوف يطلق يدها لإتمام مشروعاتها بضم مراكش إلى الإمبراطورية الأفريقية ، وكان «ديلكاسيه» وزير خارجية فرنسا قد سبق له أن فاوض أسبانيا بشأن تقسيم مراكش ، وقنعت أسبانيا بالاستيلاء علي الشريط الساحلي من مراكش الذي يوتجه الساحل الأسباني عن جبل طارق ، وهو إقليم الريف .
كذلك اتفقت فرنسا مع إيطاليا علي ألاتعارضها في نظير ألاتقف فرنسا في سبيلها إذا دخلت إيطاليا في حرب مع تركيا ، كي تنتزع منها طرابلس.
بقي أمام فرنسا معارضة ألمانيا التي كانت تهتم بمراكش ، وتعمل جاهدة على منع فرنسا من بسط سيطرتها عليها.
وبينما كان الإمبراطور فيليهلم الثاني في رحلته البحرية في مياة البحر الأبيض المتوسط ، إذا به يقطع رحلته ، وينزل في ميناء طنجه ، ويخطب خطبة خطيرة تناقلتها الصحف في العالم في الحال ، خاطب فيها سلطان مراكش، مؤكداً له أن ألمانيا تعتبره سلطاناً مستقلاً ، ثم أضيف قوله : « وإني آمل أن تحافظ مراكش فيظل هذا الاستقلال على سيسة البيت المفتوح لجميع الأمم على السواء ، فلا يكون لدولة فيها امتياز على أخرى ، فلا رحتكار ، ولا استعمار ، ولتكن السياسية التي تتبعها مراكش مع الدول أساسها المساواة المطلقة » .
وهكذا كانت كلمة الإمبراطور الألماني نذيراً بأن ألمانيا لاتعترف بما جاء في إتفاقية ١٩٠٤ ، وعلى الأخص فيما يختص بإطلاق يد فرنسا في مراكش ، ثم إقترح الإمبراطور بعد ذلك رسمياً ، عقد مؤتمر دولي يبحث مسألة مراكش ، إلا أن «ديلكاسيه» وزير الخارجية الفرنسي عارض ذلك الإقتراح مطمئناً إلى تأييد إنجلترا ، ومع ذلك لم تبد إنجلترا أي إعتراض علي عقد المؤتمر ، فقدم «ديلكاسيه» إستقالته .
وقد اعتبر قبول الدول عقد الؤتمر إنتصاراً سياسياً لألمانيا ، ودلالة في نفس الوقت على ضعف دول الوفاق في ذلك العام بالذات ، إذ كانت روسيا قد هزمت في حربها ضد اليابان ، وخرجت من الحرب عاجزه كل العجز عن أن تقوم بتقديم أي معونة لحليفاتها فرنسا ، ركانت إنجلترا في الوقت نفسه لاترغب في قيام الحرب من أجل مراكش ، أما فرنسا ذاتها فلم تكن من القوة والإستعداد بحيث تعتمد علي نفسها .
مؤتمر الجزيرة ١٩٠٦ :
وعقد المؤتمر في بلدة في أسبانيا بالقرب من جبل طارق ، اسمها الجزيرة ، وكانت ألمانيا تضمر لفرنسا إبعادها عن مراكش ، إلي جانب جس نبض الوفاق الودي الذي عقد بين إنجلترا وفرنسا ١٩٠٤، ولكن الذي حدث جاء عكس ما أرادت ، فقد وقفت إنجلتر إلى جانب حليفتها فرنسا ، كذلك أيدتها حليفتها روسيا ، وجارتها وشريكتها أسبانيا ، كذلك أيدتها إيطاليا لأنها كانت قد عقدت مع فرنسا معاهدة الحياد ، ولم يساند ألمانيا في المؤتمر غير خلفيتها النمسا.
ولم يقف انتصار فرنسا في هذا المؤتمر عند هذا الحد ، إذ تقرر إنشاء قوة بوليسية في مركش يعهد بتنظينها إلى فرنسا وأسبانيا ، كل في منطقة نفوذها ، وأن تعمل كل منهما على تنفيذ ماتراه من إصلاحات ، وتاسس بنك تشرف عليه الدول الأربعة : فرنسا وإنجلترا وأسبانيا وألمانيا ، وأن تدير فرنسا وحدها شؤون الجمارك في الجزء المجاور لبلاد الجزائر ، وتدير أسبانيا مايقع منها في منطقة الريف .
أما ألمانيا فقد خرجت من هذا المؤتمر فاشلة حانقة ، ولم تنجح السياسية التي رسمها المستشار الألماني «بيلوف» الذي حاول حل الوفاق الودي بين إنجلترا وفرنسا ، بما أشار به على الإمبراطور فيلهيلم الثاني من النزول في طنجة ، وتصريحه بأن ألمانيا لاتستطيع أن تحتمل اتفاق الدولتين على إطلاق يد فرنسا في مراكش .
فشل معاهدة «بجركو» يوليو ١٩٠٥:
وعلى يخت الإمبراطور الألماني الذي كان يرسو أمام بلدة «بجركو» على خليج فنلندة ، التقى الإمبراطور الألماني فيلهيلم الثاني ، وقيصر روسيا نقولا الثاني ، وكان فيلهيلم يعتقد أن خروج روسيا منهزمة أمام اليابان سيضطرها إلى التقرب من ألمانيا.
لذا أقنع القيصر الروسي بتوقيع إتفاق تتعهد فيه روسيا وألمانيا بأن تضع كل منهما جيشها وأسلحتها تحت تصرف الأخري رن تعرضت إحداهما لهجوم إحدى الدول الأوربية ، وألا تعقد إحداهما صلحاً منفرداً.
وظنت ألمانيا زنها كسبت روسيا وأبعدتها عن دول الوفاق ، إلا أن أملها قد خاب ، إذ ما لبث وزراء قيصر روسيا زن أفنعوه بأن يعلن إلغاء معاهدة «بجركو» ، ثم طلب وزارة الخارجية الروسية من سفيرها في برلين أن يبلغ الحكومة الألمانية استحالة تنفيذ تلك المعاهدة ، لتناقضها مع المعاهدة الروسية الفرنسية .
وقد اعترفت فرنسا لروسيا بجميلها هذا، فأقرضتها ماكانت تحتاج إليه من المال ، لإصلاح شؤونها الإقتصادية ، وانتهزت الفرصة للتقريب بين روسيا وإنجلترا ، وكان بينهم الإتفاق المعروف سنة ١٩٠٧ الإتفاق بشأن منطقة فارس ، أن يكون لروسيا نفوذ في الشمال ، ولإنجلترا نفوذ في الجنوب ، ومنطقة الوسط تكون محايدة .
- آزمة مراكش الثانية عام ١٩١١ :
ظهرت في جو السياسية الأوربية أزمة أخرى بسبب ازدياد التدخل الفرنسي في مراكش ، وذلك على أثر قيام حروب داخلية بسبب ثورة أحد الأمراء «علي مولاي عبدالحفيظ» سلطان مراكش ، وقد استنجد السلطان بفرنسا لترسل إليه نجدة فرنسية ، فانتهزت فرنسا الفرصة وأرسلت حملة حربية فرنسية إلى فاس ، وكان ذلك في ربيع ١٩١١.
ولما سمعت ألمانيا بإفاد تلك الحملة ، هاجت وأرسلت في يوليو ١٩١١ طراداً ألمانياً إلى أغادير على ساحل مراكش المواجه للمحيط الأطلنطي بحجة حماية المصالح الألمانية من عدوان العصابات المراكشية المسلحة ، ولكنها في الواقع تقصد من ذلك القيام بمظاهرة بحريه رداً علي أطماع فرنسا في مراكش .
وكانت لتلك المظاهرة الألمانية البحرية رد فعل عاجل في باريس ولندن وروما ، فظل شبح الحرب ماثلاً عدة أسابيع وقفت خلالها إنجلترا تؤيد فرنسا ، وألقى «لويد جورج» خطبة غير لائقة ، أنذر فيها الحكومة الألمانية بأن إنجلترا لن تقف ساكنه إن وقعت الحرب ، وأنها لن تتخلى عن حليفتها فرنسا.
وبعد مساومات اكتفت ألمانيا بأن ترضى بضم جزء صغير من الكونغو الفرنسي إلى أملاكها في أفريقيا ، في مقابل وضع مراكش تحت نفوذ فرنسا وحدها دون سائر الدول ، وبعد مضي عام واحد اتفقت فرنسا مع «مولاي عبدالحفيظ» على أن يقبل حماية فرنسا لمراكش ماعدا طنجه والمنطقة الأسبانية في ٣٠ مارس ١٩١٢ .
وبهذا إنتهت مشكلة مراكش وخرجت ألمانيا منهزمة انهزاماً سياسياً آخر ، معتقدة أن الحرب هي الميدان الوحيد الذي تستطيع أن تنتصر فيه ، وأصبحت مراكش تحت الحماية الفرنسية .