تعلمنا من خلال الثقافات التي كانت تطرح علينا سواء سياسية او اجتماعية تربوية, بان اعدائنا هم, الجهل والفقر والمرض, ولكن التطورات المتسارعة اوضحت بجلاء ان هناك اعداء اخرين اما بديل لتلك الاسماء القديمة من الاعداء او انها مضافة اليها ضمن قائمة الاعداء الكثيرين للاسلام والعروبة, فالدجل والنفاق والتهريج, هم اعداء لا يقلون خطورة عن ما قدم لنا من مفاهيم عن العداوة والاعداء اللذين يستهدفوننا في كل شيء, وعودة على السياسة التي لا يمكن ان نفارقها ومنذ عقود من الزمن, ظهر لنا بعض الاعلام العربي الذي هو اداة طيعة لتسويق الافكار الامريكية خاصة والاوربية عامة, واصبحنا عبيد لجهاز التلفاز الذي نجبر كل يوم بالجلوس امامه لساعات بسبب العنف في الشوارع والاسواق ودور السكن ومكان العمل, ومن اخباره وتحليلاته التي يدلي بها بعض السياسيين المأجورين نستمد تحليل الامور على ضوء ذلك ونعمل على اساسها احياننا كثيرة, ومن هنا تبدأ الكارثة, حيث ان الاستعمار كان ولايزال وسيبقى هو العدو العاقل المعروف الذي دائما وابدا يلبس لباس التقوى والعمران والسلام, من اجل السيطرة والاستحواذ والسرقة واستهداف كل القيم والعادات للشعوب المستعمرة والمحتلة بالقوة, وبما ان الناس دائما هم اعداء ما جهلوا وان هنالك شريحة كبيرة من المجتمع العراقي خاصة والعربي عامة غير واعية لما يجري بسبب تراكمات قديمة وغيرمحصنين لانهم لا يقرؤن ويمكن اختراقهم فكريا من خلال ذلك الاعلام الموجه,يعلنون هؤلاء المستعمرين باننا اصدقاءهم وجاءوا الينا محررين من الحكم( الاستبدادي!) وسيخلقون منا نموذجا راقيا في المنطقة, هكذا قال بوش وقادته السياسين والعسكرين, ولكنهم سيحطموننا من خلال هذه الصداقة لا بل سرقونا في وضح النهار, واستعملوا معنا عدة انواع من التجارب وكنا حقل جيد لاجراءها, فظهر لنا اخيرا وليس اخرا الخلاف المصطنع بين الجمهوريين والديمقراطين حول ادارة شوؤن الحرب في العراق وليس ادارة شوؤن الاعمار, وارجع الى ذلك الجهاز الخطير مرة اخرى وهو التلفاز الذي من خلاله يطرحون علينا بلا حياء ذلك الخلاف, انه خلاف على طريقة اكلنا وابتلاعنا وليس اختلاف على اخلاق وقيم سياسية حول سلوكهم في البلد, فالطرفين متفقين على التواجد في وادي الرافدين الى ما يشاء الله, ولكنهم مختلفون على تنفيذ ذلك, ويقال لنا من خلال الاعلام العربي المحايد والمهني كما يسمي نفسه بان هنالك تاثير من الراي العام الامريكي وهو قادر ان يفعل كل شيء لاحراج الحكومة الامريكية, وكان استغلال ذلك من الساسة الامريكان بجناحيهم الصقور والحمائم رائعا مستغلين سذاجة ذلك الذي يطلق عليه الراي العام الامريكي وحتى العربي هذا ان وجد رأي عام عربي, وهنا لابد من وجود زمن محدد لايقاف انتشار واستنفار العسكر لتقليل الخسائر المادية والمعنوية لبدأ مرحلة جديدة من مراحل الاحتلال لان فترة بوش الرئاسية بدأت تسير نحو النهاية, الا وهي استغلال ثروات البلاد بشركاتهم العملاقة وهذا هو الهدف الاقتصادي من الاستعمار,لذا عندما يطرح علينا هذا الخلاف الديمقراطي الجمهوري فان الغافلين وانا منهم في بلدنا البائس بؤس التاريخ العربي المعاصر يفرحون كثيرا بان ذلك الخلاف هو بداية الانشقاق في الصف الامريكي, وانها سوف تكون قاب قوسين او ادنى من السقوط والانسحاب المهزوم من العراق, عجبا ما هذا الهراء؟ هل الامريكان عندما خططوا منذ زمن لاحتلال هذا البلد وارسلوا الالاف من العسكر من اجل خلق الديمقراطية بعد ازالة (النظام الاستبدادي) كما يقولون؟ ثم يودعونا بالسلامة الى وطنهم لانهم رسل سلام ومحبة واعمار, انه لامر مضحك حقا, وهل من المعقول ان يُترك هذا الجيش الذي لديه مشروع الشرق الاوسط الجديد والكبير بدون تمويل كما نعتقد ونتمنى ويترك الساسة تلك الحسابات الكبيرة, وهنا جاء دور الديمقراطيين في الكونغرس ليطرحوا علينا هذه اللعبة الجديدة (الخلاف والاختلاف) مع الرئيس الامريكي ووضعوا ضوابط قاسية كما يدّعون لتمويل الجيش في العراق واهمها جدولة الانسحاب, وهنا اسأل من قال ان بوش لا يريد جدولة للانسحاب, انه يريد ذلك منذ اول يوم دخل فيه وقد يبدأ مثلا هذا الجدول غداً وينتهي بعد مائة عام ويسحب كل يوم عشرة جنود وعجلة عسكرية وهذا جدول انسحاب!, ويظهر جليا لنا دور الكتلة الديمقراطية المتشددة! امام دول وشعوب وقادة العالم الثالث (الثائرة) لكي يحفظ ماء وجه بوش امام ذلك الراي العام الامريكي العتيد كما يدعون, وهنا تتكرر علينا الافلام والخدع السينمائية التي نشاهدها في افلامهم وهي تطبق اليوم في مجال السياسة لان فشل بوش معناه سقوط امريكا كلها وكذلك الاقتصاد العالمي, اقول بتواضع اخوتي العراقيين والعرب باننا نعيش في عالم غريب كل شيء فيه ممكن, ولكني اعتقد ان امريكا في النهاية البعيدة وليست القريبة اذا بقيت هكذا ستكون على خطأ وستقدم الكثير من الخسائر لان العالم كله تقريبا يقول انها على خطأ, الا اللهم اذا كان بوش نبيا جديدا ولكن عهد الانبياء قد انتهى بخاتم الرسل سيدنا محمد (ص) واقول البعيد لانها لحد الان تمتلك القدرات الهائلة, واذا بقينا ننتظر نتائج الخلاف الديمقراطي الجمهوري من اجل الخلاص والحصول على الحرية والاستقلال والبناء والتجديد الذي يؤدي بالضرورة الى العدل والحق في المجتمع فلنذهب الى المقابر لنرى ذلك العدل فالموتى كلهم مدفونين في تربة واحدة وبدون فوارق بينهم, افهموا اخوتي وتعلموا قبل ان تفقدوا وطنكم فهنالك لا زالت فسحة من الزمن تكاد تنقضي, تعاملوا مع الحدث بالعقل والحكمة وتعلموا قراءة ما بين السطور والا فاننا سوف نفتش عن هذا الوطن في يوم قادم في مقابر التاريخ, عذرا للاطالة واريد ان اختم بسؤال يراودني دائما, هل اصحاب القرار الان في العراق من العراقيين قادرين ان يحققوا ما تريد تلك الشركات الامريكية العملاقة التي ارسلت ذلك الجيش الكبير في وقت لا زالت القوة العراقية من خلال الاشراف الوطنيين والعرب موجودة وتفرض نفسها بالسيف؟ والى متى يمكن للجيش ان يبقى مستنفرا ومستنزفا؟واعتقد ان امريكا في النهاية ستذهب مرغمه لاصحاب الراي والقدرة للخروج من المحنة ولسان حالها يقول لمن في السلطة الان:
اليك عني فاني لست ممن اذا اتقى عضاض الافاعي نام فوق العقارب
ملاحظة: نشرت في جريدة الوطن العدد33-السنة الرابعة-الأحد حزيران 2007