بسم الرحمن الرحمن الرحيم
تطور السياسه الدوليه
د/احمد وهبان
الرقم الجامعي: 426106510
رقم المسلسل :4
الموضوع الخامس
مرحلة الحرب البارده الجديده عام (1979-1985)
شهدت السنوات الاخيره من عقد السبعينيات العديد من الاحداث التي كان من شانها تصعيد التوتر في العلاقات الامريكيه السوفيتيه, وقد كان من ابرز هذه الاحداث حدثان اولهما في قيام الاتحاد السوفيتي في نهايه عام 1977 بنشر عد من صواريخ س س 20 متوسطة المدى في اوروبا الشرقيه. الامر الذي اعتبرته
الولايات المتحده – تهديد خطيرا لميزان القوه في القاره الاوروبيه, اما الحدث الثاني الذي اسهم في تصعيد التوتر في العلاقات الامريكيه السوفيتيه في قيام الاتحاد السوفيتى- مع نهاية عام 1979- بالتدخل عسكريا في افغانستان بهدف دعم انقلاب شيوعى اندلع ضد النظام الافغاني الذي كان قائما انذاك مجرد تمهيد لعمليه كبيره نيوي السوفييت القيام بها بهدف الوصول الى منطقة الخليج العربي ,والسيطره على منابع البترول بتلك المنطقه على نحو يؤدي الى تحكمهم في عصب الحضاره الغربيه
ولمواجهة هذه التطورات الخطيره سعت الولايات المتحده الى اتخاذ العديد من الاجراءت.فإزاء قيام السوفييت بنشر الصواريخ المتوسطة المدى في شرق اوروبا اعلنت الولايات المتحده اعتزامها نشر صواريخ مناظرة في اوروبا الغربيه.وفي 12 ديسمبر 1979 وافق مجلس حلف شمال الاطلنطى على نشر الصواريخ الامريكيه فعلى اثر تدخل السوفييت في افغانستان طلب الرئيس الامريكي انذاك-جيمي كارتر- من الكونجرس رفض التصديق على اتفاقيه الحد من الاسلحه النوويه الثانيه (سولت 2)
وهي اتفاقيه كان قد تم التوقيع عليها في يونيو 1979 بين الرئيس كارتر والزعيم السوفيتي بريجنيف .ومن ناحيه اخرى اعلن الرئيس الامريكي-على اثر قيام السوفييت بالتدخل في الحبوب الى الاتحاد السوفيتي.كما طالبت الولايات المتحده حلفاءه الغربيين بأن يحذو حذوها ويتخذو اجراءت مماثله في مواجهة الاتحاد السوفيتي.
ولقد لقيت الولايات المتحده مسانده كامله من جانب بريطانيا اما دول غرب اوروبا فقد اتخذت موقفا متراخيا الى حد كبير ازاء الاتحاد السوفيتي ,فالدولتان الكبيرتان في حلف الاطلنطي- اي المانيا وفرنسا- كانتا لا تزالان مصرتين على انتهاج سياسات استقلالية ومن ثم فقد اثرت هاتان الدولتان تأمين مصالحها لدى الاتحاد السوفيتي.
وهكذا يتضح ان كل من المانيا الغربية وفرنسا كانت لا تزال حتى بداية عقد الثمانينيات تسير على نهجها الاستقلالي عن حلف الأطلنطي فيما يتعلق بسياستها الخارجية .
مهما يكن الأمر فإن عام 1980 قد شهد حدثاً جديداً أدى الى إحداث مزيد من التوتر في العلاقات الأمريكية السوفيتية وقد تولى ريجان رئاسة الولايات المتحدة ابتداً من 20 يناير 1981 حيث راح ريجان يتهم إدارة كارتر السابقة عليه بالضعف والتردد في مواجة الاتحاد السويفيتي .
فقد راح ريجان ينتقد سياسات الإنفراج بشدة حيث أكد انها سياسات ليس من شأنها الى أن تفيد السوفيت وحدهم وأكد ريجان عزمه على انتهاج سياسة متشددة تجاه السوفيت .
وإرتباطاً بما تقدم فقد شهدت السنوات الأولى من حكم الرئيس ريجان تصعيداً كبيراً للتوتر في العلاقات بين القطبين على نحو أطلق عليه المشتغلون بالعلاقات الدولية إصطلاح الحرب الباردة الجديدة ولعل من أبرز القضايا اللتي شهدتها هذه المرحلة مايلي :
أولاً: مشكلة خط أنابيب غاز سيبيريا:
مع بداية الثمانينيات كانت المفاوضات قد بدأت بين الإتحاد السوفيتي وعدد من غرب دول اوربا بشأن التوصل إلى اتفاق خاص بنقل الغاز الطبيعي السوفيتي من حقول يامال بسيبريا إلى هذه الدول .
وقد كان تنفيذ ذلك المشروع يعني أن يجري الإتحاد السوفيتي دخلً سنوياً يربو على العشرة مليارات دولار مما كان يمكن للسوفيت من إعطاء دفعات قوية لإقتصادهم على طريق التقدم والنمو ومن شأن ذلك المشروع يمكن الإتحاد السوفيتي من الحصول على التقنية الغربية المتقدمة .
وكان بمثابة الأمل الاوربيين في انعاش اقتصادياتهم اللتي كانت تعاني آنذاك من أثار الانكماش الاقتصادي وكل الاوربيون يطلقون على المشروع صفقة القرن .
وأيان كان الأمر فأن الولايات المتحدة قد هددت بفرض عقوبات على أي دولة تستمر في إتمام صفقة الغاز مع السوفيت ذلك فإن الدول الاوربية لم ترضخ للضغط الامريكي واعلنت انها ستمضي قدماً في اتمام الصفقة ففي 24 يونيو 1982 أكد المستشار الألماني هيلموت شميت رفض بلاده للمطالب الأمريكية .
أعلن وزير الخارجية الفرنسي أن فرنسا مستمرة في اتمام صفقة الغاز مع السوفيت .
ومن الغريب في هذا الصدد أن حكومة بريطانيا المعروفية بموالاتها للولايات المتحدة قد قامت في 3 اغسطس بإصدار أوامرها لأربع من شركاتها اللتي وقعت عقودها مع الإتحاد السوفيتي بأن تتجاهل الحضر الأمريكي وتحترم عقودها مع السوفيت وفي 12 اغسطس اتفق دول المجموعة الأوربية على توجيه احتجاج شديد اللهجة للولايات المتحدة لفرضها عقوبات على الشركات اللتي تبيع التكنلوجيا المتعلقة بخط الغاز الى الإتحاد السوفيتي .
وفي 14 نوفمبر 1982 أعلن ريجان رفع الحضر الذي كان قد فرضه على الشركات الغربية المساهمة في إنتاج وتصدير المعدات الفنية الخاصة بخط أنابيب غاز سيبيريا وبذا يكون الاوربيون قد نجحو في فرض إرادتهم على الولايات المتحدة لكي يحافظو بذلك على مصالحهم لدى الإتحاد السوفيتي .
وكذلك فإنه يتضح من خلال ما تقدم نجاح كل من ألمانيا الغربية وفرنسا في الحفاض على سياستها الإستقلالية وبمنأى عن الإذعان لإرادة الولايات المتحدة .
ثانياً: مشكلة نشر الصواريخ متوسطة المدى في أوروبا:
ظهرت هذه المشكلة في عام 1977 وذلك عندما قام الاتحاد السوفيتي بنشر حوالي مائة صاروخ متحرك متوسط المدى من طراز س س 20 في الدول التابعة له في شرق اوروبا هذه الصواريخ بالصواريخ الأورو إستراتيجية فقد أدى ذلك حسب أراء الخبراء العسكريين في الغرب إلى الإخلال بميزان القوة في أوروبا الوسطى ورجحان كفة السوفيت إلى حد كبير وإزاء هذا الوضع الخطير أعلنت الولايات المتحدة عن اعتزامها تطوير صواريخ مناظرة للصواريخ السوفيتية ونشرها في دول غرب اوروبا وفي اجتماع لمجلس حلف الشمال الأطلنطي في 12 ديسمبر 1979 وافقت الدول الغربية على نشر طرازيين جديدين من الصواريخ الأمريكية الأورو إستراتيجية المتوسطة المدى في خمس من الدول الاوربية وهي ألمانيا الغربية وبريطانيا وهولندا وبلجيكا وايطاليا وقرر مجلس الحلف بناء 464 صاروخ مجح من طراز كروز وذلك لنشرها في الدول الاوربية الخمس مع نهاية عام 1983 .
في دول غرب أوروبا تكون في تلك الدول رأي عام قوى معارض لنشر تلك الصواريخ حيث نشأت في دول غرب أوربا وبريطانيا جماعات عرفت بجماعات السلام أو الخضر كان هدفها الأول هو الدعوة إلى إلغاء عملية نشر الصواريخ متوسطة المدى في القارة الاوربية .
أما عن الاوربيين فقد كانوا يرون أن اية مفاوضات تجري مع السوفييت حول مشكلة الصواريخ النويية في اوربا لايمكن ان تتم الا في اطار مفاوضا سولت بإعتبارها الإطار الأشمل لعلاقات التسلح الإستراتيجي والتوازن العام بين الكتلتين .
وإزاء تلك الضغوطك الاوربية الشعبية الرسمية وبهدف تخفيفها قدم الرئيس الامريكي رونالد ريجان مشروعاً يتصل بمسألة الصواريخ الأورو استراتيجية عرف بالخيار صفر حيث عرض ريجان على السوفيت بمقتضى مشروعه هذا أن تصرف الولايات المتحدة النظر عن نشر صواريخ برشينج وركروز وعددها 572 صاروخ في أراضي بعض الدول الأوربية وإلغاء قرار حلف الأطلنطي الصادر في ديسمبر 1979 في هذا الصدد وذلك في مقابل قيام الاتحاد السوفيتي بتفكيك عدد مماثل من صوارخه من طراز س س 20 وطراز س س 4 و س س 5 ومن ثم ينخفض عدد الصواريخ المنصوبة على كلا جانبي أوروبا الغربي والشرقي إلى الصفر .
وبطبيعة الحال فقد رفض الإتحاد السوفيتي مشروع ريجان كما كان متوقعاً بيد أن الزعيم السوفيتي أندروبوف راح يقدم مشروعاً بديلاً عرف بالخيار صفر السوفيتي ففي 21 ديسمبر 1982 أعلن ادرو بوف أن الاتحاد السوفيتي على استعداد لأن يخفض عدد الصواريخ النووية اللتي يحتفض بها في النطاق الاوربي ليصبح ميساوياً لعدد الصواريخ اللتي بحوزة كل من فرنسا وبريطانيا وبهذا يكون توازن قوي بين الشرق الغرب كاملاً في مجال الصواريخ متوسطة المدى المنتشرة في اوربا .
وقد رفضت الولايات المتحدة مشروع اندروبوف ومضت قدماً في تنفيذ برنامجها الخاص بنشر صواريخ بيرشنج وكروز في الأراضي الأوربية .
وقد رد الإتحاد السوفيتي على عملية نشر الصواريخ الأمريكية .
غير أنه بحلول شهر مارس 1985 استجد أمر هام في الإتحاد السوفيتي كانت له أثار كبرى على النسق الدولي والعالمي برمة ومن ثم كان له اثره على العلاقات الأمريكية الأوربية وقد تمثل هذا الحدث في وصول ميخائيل جورباتشوف إلى الحكم في الإتحاد السوفيتي .
في 13 مارس 1985 وقد تميز الزعيم السوفيتي الجديد بتوجهاته المغايرة تماماً للتوجهات المتشددة لأسلافة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة أو مايتصل بالتطبيق الشيوعي في الداخل إنها السياسات الجورباتشوفية اللتي تمخضت عن أثار عظيمة الشأن على خريطة توزيع القوى الدولية .